تسعة
الرئيسية » سفر » كيف تؤنس نفسك في الغربة بحيث لا تتأثر بها سلبياً؟

كيف تؤنس نفسك في الغربة بحيث لا تتأثر بها سلبياً؟

تجربة الغربة من التجارب التي قد تكون مفيدة للبعض وقاسية للكثيرين لأن وجودك بمفردك في مكان لا تعرف فيه إلا قله قليله ليس بالأمر الهين، بل يجب أن يُمهد ويُعد لهذا القرار جيداً،لأن الغربة لها أوجاعها ومزاياها وعيوبها واضررها، هذا ما سنتحدث عنه بالتفصيل هنا.

الغربة

الغربة بمعناها الشائع بين الناس هي البقاء بعيداً عن الوطن والأهل…إلخ. قد يحمل مفهوم الغربة معناً سلبياً للبعض و معنى إيجابي للبعض الآخر. فتشمل الغربة سفر الزوج أو أحد الأبناء للدراسة أو العمل أو العلاج … إلخ، وقد تشمل أغتراب أسرة بأكملها معاً في دولة ما، دولة أوربية مثلاً، وهذا لا يكون امرأً سيئاً، على العكس قد يعتبره الكثيرين شئ ممتع لأن الأسرة كلها تعيش معاً فلا تخشي أضرار الغربة الكثيرة، وفي نفس الوقت يمكن أن يستفيدوا من. مميزات الدولة التي يعيشون فيها، ولأن الجماعة بأكملها يمكن أن تقاوم أي شعور سئ أيضاً.

وللغربة عدة أشكال وأسباب، فقد يغترب الشخص بمفرده في منحة دراسية أو بهدف العمل لفترة ما ثم يعود لأرض الوطن، أو يسافر لأداء مهمة منوط بها. وبأي حال من الأحوال فإن أي مغترب غالبا ما يتأثر بسكنه وحيداً ومكوثه بعيداً عن أهله لفترة طويلة، خاصة وإن كان الاغتراب في دولة أجنبية، وفي هذه الحالة سيكون الوضع أقسى وأصعب.

لذلك يجب على أي مغترب أن يراعي عدة أشياء أثناء إقامته وحيداً، منها المكان الذي يقيم فيه، فعند السفر إلى المكان الجديد، يجب أن تحرص على أن تقيم في مكان قريب من الناس في وسط المدينة، ولا تنس مصلحتك من المكان، فإذا كان سبب اغترابك هو الدراسة فيجب أن تكون قريباً من جامعتك، وقريبا من الأماكن التي تقدم خدمات للطلبة مثل المكتبات أو مراكز البحث أو أي مكان قد تحتاجه وأنت طالب، وإن كان غرضك من السفر هو العمل، فكن قريباً من كل ما قد تحتاجه، والأفضل دائماً أن تعيش وسط مكان ملئ بالناس، يمكنك أن تستنجد بهم إذا حدث أمر طارئ، لأن ذلك سيجعل حياتك في الغربة أسهل وأيسر، يمكن أن يستفاد أي مغترب من تجربته، ويستثمرها ويجعلها تجربة مثيرة، مهما كان الغرض المسافر من أجله، وعلى الصعيد الآخر، قد تكون تجربة الغربة والسفر تجربة سيئة ويخرج منها المغترب محبطاً، ومتأثراً بشكل سلبي، وذلك قد يكون لعدة أسباب منها عدم التخطيط المسبق والوعي بتفاصيل أكثر عن الدولة التي سيغترب فيها، مثل طباع أهلها وكيفية المعيشة بها. هنا أعرض بعض النصائح التي يمكنها أن تساعدك لتخفف من أضرار الغربة وتنعم بقدر من السلام الداخلي، وتضعها في حسبانك إن كنت تنوي السفر ولم تستعد بعد:

استكشف المدينة وتعرف على أماكنها بشكل كافي

عندما تغادر مدينتك أو دولتك، وتقيم في مكان جديد، لا تلتزم مكاناً معينا وتحصر خروجك على قضاء حاجة معينة ثم العودة إلى المنزل، بل يجب عليك تصفح المكان واستكشافه جيداً، يجب أن تعرف أين يقع مركز الشرطة وأين المستشفى كأماكن بديهية من الضروري لأي شخص معرفتها.

ابحث عن مناسبات هامة لحضورها

حتى لا تنغمس في الروتين اليومي كأي مغترب، يجب أن تكتسب ثقافات جديدة منها أن تتعلم أن تندمج في بلدك الجديد، تعامل معه على أنه بيت حديث ويجب أن تعرف كل شئ فيه، إن كنت في بلد عربي فتعرف على المناسبات المختلفة التي تقام فيه، سواء كانت احتفالات وطنية أو مناسبات اجتماعية..إلخ، حاول أن تندمج وتتعرف أكثر على المكان لأن هذا يقربك من التلاحم والتعود على حياتك الجديدة في الغربة.

احمل معك كتاب دائماً

سيرد إلى ذهن البعض أن هذه النصيحة لمحبي القراءة فقط، ولكن هذا ليس صحيحاً، فحمل الكتب واقتنائها غير مرتبط بمحبي القراءة فحسب، بل يمكن لأي شخص أن يحمل كتاباً أو مجلة يتصفحها في أوقات الانتظار، مثل أوقات ركوب المواصلات، أو انتظار الطبيب..إلخ. فقط اختر كتاباً سهلاٌ خفيفاً، يناسب بعض ميولك حتى لا تشعر بالملل.

أنضم لنادٍ ما

أن قسمت وقتك في البلد التي ستعيش فيها ووجدت أن لديك وقت فراغ فيمكنك أن تفعل عدة أشياء منها أن تنضم لنادي ما، كأن تشترك في نادي رياضي أو نادي صيفي، أو نادي قراءة… إلخ. حسب اهتمامك وميولك يمكن أن تختار النادي الذي يوافق أهواءك، وذلك يعتبر ترويح عن النفس في إطار معقول.

اكسر الحواجز بينك وبين الناس وكون صداقات

أن كنت طالب أو عامل يمكنك التقرب من أصدقاء الدراسة أو العمل، تعرف عليهم واستمع لهم، ابتعد عما يضايقهم واحترم مشاعرهم،حتى لا تكون أي انطباع سلبي عنك، يمكنك مثلاً أن تدعوهم على العشاء في منزلك حتى تكسر حاجز الخوف والحرج بينهم.

تطوع إن أمكنك ذلك

بعد أن ترتب جدولك اليومي في الغربة، إن وجدت أن لديك وقتاً طويلاً لا تعرف كيف ستقضيه أو في ماذا ستنفقه، يمكنك أن تتطوع في أحد المؤسسات الخيرية أو بعض الأنشطة المفيدة، التي ستعد أستثمار لوقتك بشكل أيحابي، ومساعدة للآخرين في الوقت نفسه.

لا يوجد بلد خال من مكان للتطوع فيه، فقط اختر المجال المناسب لك لتتطوع فيه وتأكد أن تطوعك هذا لن يهدر وقتك أو يؤثر سلبياً عليك.

تحكم في ميزانيتك

لأي سبب كنت مغترب، بالطبع أنت تحمل مالاً معك، سواء كنت مغترباً للعمل أو للدراسة، فإن كنت مسافراً للعمل فيجب عليك أن تدخر جزءاً لأسرتك،إن كان هذا سبب سفرك الرئيسي، فيجب أن تحدد جدولاً لمصاريفك الشهرية حتى لا تجد نفسك قد أفلست فجأة، وهذا أمر ملح إن كنت ممن لا يجيدون التنظيم في هذا الأمور. حدد نقوداً لمصاريفك اليومية مثل المواصلات والطعام..إلخ، وحدد جزءا احتياطيا ً لأي سبب طارئ، لأنك وحيد يجب أن تضع في حسبانك اعتباراً لكل شئ.

ركز على السبب الذي اغتربت لأجله

إن كان سبب اغترابك هو الدراسة فلا تجعل أي شئ في الغربة يلهيك ويخمد روحك، يجب أن تنتظم في دراستك أو عملك، وكما أسلفت أن اشتركت في بعض الأنشطة الجديدة مثل التطوع أو الانضمام لنادي ما، فلا تجعل ذلك يؤثر عليك سلباً، ولا تقوم بأي نشاط من شأنه التأثير على ما سافرت لأجله.

تواصل مع عائلتك دائماً

التواصل مع العائلة أمر ضروري ومهم في السفر أو الحضر.

لا تكن قاسيا على نفسك في الغربة

بعض الناس يقسون على أنفسهم في الغربة، خاصة إن لم ينجحوا في الهدف المسافرين لأجله، وهذا بالطبع شئ خاطئ، فيجب أن تعلم أن خطوة السفر بحد ذاتها هي خطوة إيجابية وجريئة، خاصة إن كنت وحيداً، فالسفر بمفردك واغترابك هي خطوة تحسب لك، لأنك تعلم كل ما أنت مقبل عليه من عناء وتعب ورغم ذلك أقبلت، ولا يوجد الكثير من الناس يقومون بفعل ذلك، وهذا أول شئ يجب أن تفتخر بنفسك لشأنه، رتب أمورك وموازينك، وحاول أكثر من مرة، ولا تستسلم إلا بعد أن تغلق جميع الأبواب في وجهك،لأن فرصة السفر لا تعوض بسهولة.

ربي حيواناً أليفاً

إن كنت من محبي الحيوانات فإن اقتناء حيواناً أليفاً للعيش معك سيشعرك بالونس، ويقلل من حدة شعورك بالوحدة، خاصة أن كنت تقيم بمفردك، اختر حيوانا تستطيع أن تعتني به ولا تحمل همه كثيراً وانت خارج المنزل، يمكنك أن تربي قط أو كلب أو سلحفاء، وإن كنت من محبي الطيور يمكنك أن تربي عصافير،أو أن تأتي بحوض سمك أياٌ كان ما ستربيه فإنه سيكون أنيساً لك وسيجعلك تشعر أن هناك شيئاً يستحق جزءاً من وقتك وبحاجة لاهتمامك.

تمسك بهواية ما في الغربة

من أهم الأشياء التي يجب أن يتذكرها أي من عاش في الغربة، لأن الهواية للبعض شئ مرتبط بالروح، ولا غني عنه لكثير من الناس، وأصحاب الشغف هم من يقدرون ذلك، إن كنت من مُحبي الرسم فخذ أدوات الرسم الخاصة بك في السفر، وإن كنت من محبي القراءة أو الصيد أو الشطرنج..إلخ فاصطحب أدواتك معك أينما سافرت، لأن ذلك سيؤثر على حماسك ونشاطك، لأن من يحب هوايته بصدق لا يمكنه الاستغناء عنها.

تواصل مع الناس عبر الفيس بوك وتابع أخبار بلدك

يعتبر الفيس بوك أيضًا حلا بديلاً، فعندما تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بك وتشعر بأنك قريب من أصدقائك وأقاربك سيختلف الأمر كثيراً، قم بمحادثتهم والتفاعل معهم، ذلك من شأنه التأثير على شعورك في الغربة بشكل إيجابي.

تقرب مع من يجمع بينكم شيئ مشترك

اقترب ممن يشاركونك بعض الأشياء، إن كنت في دولة أجنبية تعرف على العرب وتقرب منهم، وإن كنت في دولة عربية ابحث عن خريجين جامعتك، أو سكان منطقتك الأصلية، إن لم تجد ذلك فتقرب ممن تري أن بينكم اهتمامات مشتركة، مثل الزميل الدراسي المجتهد أو صديق العمل الطموح، ابحث دائماً عن شئ يمكن أن يكون حلقة وصل بينك وبين أي شخص تمكنك من الارتياح والتواصل الدائم.

إن كنت انطوائيا يمكنك مشاهدة مسلسل ما

إن لم ترق لك كثير من الحلول في هذه المقالة لأنك لست من هواة الخروج كثيراً من المنزل، فيمكنك الالتزام ببعض الأنشطة المنزلية، مثل متابعة مسلسل ما أو الطهي أو الأشغال اليدوية، كل ذلك يجنبك الاحتكاك بالناس ويشغل وقتك بطريقة هادئة، وتحديداً متابعة المسلسل حيث سيشوقك لمعرفة إحداثه اكثر فاكثر، ويدخلك في عالم من التفاصيل والتوقعات.

تمسك بهويتك وتقاليدك ولا تتأثر بكل ما ترى في الغربة

هذه النصيحة موجهة تحديداً للمغتربين في البلاد الأجنبية، فالعرب ينبهرون بكل ما يرون في البلاد الغربية، من حرية وتقدم واختلاط، فيرغب البعض بالإندماج في هذه الثقافة والتعامل بها، منكراً ثقافته وأصله العربي وهذا سلوك خاطئ. ناتج عن الاستهواء والتذبذب القيمي والثقافي، فقبل السفر إلى أي دولة وبخاصة الغربية منها يجب أن تتعرف على هذه الدولة، وعاداتها وتقاليد أهلها، حتي تكون صورة وخلفية جيدة تقدر معها على التحكم في كل ما ستري هناك.

تجربة الغربة تجربة مثيرة لها أضرارها ومميزاتها، حاول أن تستفيد من كل تجربة بحياتك، اجعل سفرك، بجانب غرضك الرئيسي للسفر، تجربة تثري بها معرفتك وخبراتك بالحياة، لا تكتفي بتنفيذ ما أنت مغترب لأجله، بل اجعلها فرصة للتعرف على ثقافات وشعوب جديدة، زر أماكن لم تراها من قبل واصنع ذكري جميلة وعلاقات طيبة خلال فترة السفر، وعندما تنتهي مهمة السفر الخاصة بك، ستُدرك في النهاية انك جنيت أستفادة طيبة.

وفاء خيري

قارئة نهمة محبة للأدب وشغوفة بالكتابة والتدوين، أرغب في إثراء المحتوي العربي على الإنترنت للأفضل.

أضف تعليق

أربعة عشر − 8 =