يتطلب الارتباط النفسي بالرضيع إلى التعرف على كيفية التواصل مع الطفل من خلال تقوية الروابط بينك وبينه، فبعد أن كان جنينا في رحمك تشعرين بحركته ويشعر بصوتك وحركتك أصبح مولودًا يحتاج إلى العناية والإحساس بالأمان المستمر، ولأننا نحرص دائما على سلامة الصحة النفسية للطفل وللأم سوف نستعرض معك بعض الطرق التي من شأنها مساعدتك في الاندماج مع رضيعك والانسجام معه، قد تظنين أنها خطوات يصعب عليك تحقيقها خاصة إذا كنتِ أم للمرة الأولى فمثلما يحاول طفلك اكتشاف العالم المحيط به ستكتشفين أيضا طرق الارتباط النفسي بالرضيع، فبرغم أنها تحتاج إلى وقت للتعود إلى أنها ستظل الأقرب إلى قلبك مهما كبر طفلك، لذلك اتبعي النصائح التي سنخبرك بها الآن.
استكشف هذه المقالة
متى يبدأ تعلق الطفل بأمه؟
يبدأ الارتباط النفسي بالرضيع بداية من السنين الأولى في عمره لكنه يحاول الانفصال عنه أمه بين الشهر الرابع والخامس، وتلاحظ الأم ذلك حينما تحمل رضيعها وتجده يحاول الالتواء والابتعاد عنها حتى يكتشف العالم من حوله، وعند بلوغه الشهر الثامن يبدأ في المغامرة والابتعاد أكثر ليستكشف غرفته أو المكان الذي يجلس فيه ولكنه يظل معتمدًا على أمه بشدة فيحتاج إلى التشجيع والتحفيز العاطفي، وذلك عندما تلمس تجوله خلال مسافة صغيرة وهو يلتفت حوله بحثًا عنها للاطمئنان على تواجدها.
عندما يكون عمره ثمان عشر شهرًا يبدأ في الشعور بأنه شخص مستقل عن أمه ولكنه أمر مقلق بالنسبة لبعض الأمهات، حيث نلاحظ الكثير من الرضع أثناء تلك المرحلة مقاومة الابتعاد عن والتعلق بملابسها حيث أوضحت بعض الدراسات الحديثة في مجال الصحة النفسية للأطفال بأن رد فعلهم يوحي بأكثر من إيحاء، حيث إن الرضع الذين يتعلقون بوالدتهم باطمئنان يبكون أقل من غيرهم من الأطفال، بالإضافة إلى رغبتهم في استكشاف البيئة المحيطة بهم في تواجد أمهاتهم بينما الأطفال الرضع المتعلقين مع عدم الشعور بالطمأنينة يزداد بكائهم، وتقل رغبتهم في استكشاف ما حولهم حتى وإن حملتهم أمهاتهم، أما الأطفال الغير متعلقين لا يظهر عليهم تصرف مميز ناحية أمهاتهم.
مراحل الارتباط النفسي بالرضيع
كلما ازداد تواصل الأم وإحساسها بينها وبين طفلها كانت علاقة الارتباط النفسي بالرضيع أكثر طمأنينة وثقة حيث تمر الأم ورضيعها بعدة مراحل متطورة حسب عمره تعرفي عليهم معنا:
مرحلة ما قبل التعلق
تبدأ من الولادة حتى الست أسابيع الأولى وتظهر فيها بعض الإشارات الداخلية مثل البكاء والابتسام ومن اللافت للانتباه أن التركيز بعين الأم يساعد الوليد على توطيد علاقته من الأشخاص الآخرين، حيث يتمكن من تمييز صوت أمه ورائحتها لكنه يكون غير مرتبط بها، حيث إنه لا ينزعج من رعاية الأشخاص الآخرين له.
مرحلة بداية التعلق
وهذه المرحلة تبدأ من الأسبوع السادس حتى الشهر الثامن حيث يتكون الشعور بالتعلق وهنا يستطيع التعرف على الأشخاص المألوفين والأشخاص الغرباء، كما أنه يتفهم أن كل سلوكياته وتصرفاته تؤثر على تصرفات من حوله لذلك في تلك الفترة لا يمانع الطفل في الانفصال عن أمه، على الرغم من قدرته على التعرف عليها بوضوح.
مرحلة التعلق الواضح
تبدأ هذه المرحلة ما بين الشهر الثامن حتى عمر السنتين وفي هذه الفترة تلمس الأم التعلق النفسي بالرضيع بقوة، حيث ينزعج الطفل بشدة عند مغادرة أمه ويبدأ في التوتر والبكاء.
مرحلة خلق علاقة مزدوجة
تبدأ تلك الفترة من عمر عامين فيما فوق وهنا تحدث العديد من التطورات للطفل سواء على مستوى الإدراك والفهم والنطق والحركة، ما يجعل الطفل يتفهم بصورة أكبر وأوضح
نظرية التعلق في علم النفس
تتحدث هذه النظرية عن أن الارتباط النفسي بالرضيع والتعلق بالأم هو أنواع سوف نناقشها فيما يلي:
التعلق الآمن
وهنا يرى الرضيع أمه وكأنها مصدر الأمان الذي ينطلق من خلاله للتعرف على البيئة المحيطة به واستكشاف العالم من حوله عندما تغادره، وتنفصل عنها قد يبكي أولا يعبر عن ذلك.
التعلق غير الآمن
وهنا يبدو الرضيع غير متجاوب خلال تواجد أمه وإذا غادرته لا يظهر تصرفًا مميزًا نحوها، بل من الممكن أن بتصرف مع الشخص الغريب كما مع والدته.
التعلق المقاوم
يشعر الطفل بالتعلق الشديد بأمه لكن لا يستطيع استكشاف ما حوله في حضورها وحينما تعود بعد الانفصال عنه يعبر عن ذلك بالغضب الشديد والمقاومة حتى من الممكن أن يعتدي عليها بالضرب، وفي هذه النظرية يصعب تهدئته حتى وإن حملته لا يتوقف عن البكاء
التعلق العشوائي
وهنا يظهر الطفل شعوره بالتناقض والحيرة في ارتباطه بأمه فلا يحدق بها حينما تحمله ولا يظهر سعادته عندما يراها، بل يبكي بصورة مبالغة وغير متوقعة حتى بعد محاولة تهدئته.
أسباب المبالغة في الارتباط النفسي بالرضيع
تتمحور هذه الأسباب على قلق الطفل المستمر من انفصاله عن والدته واعتماده الكامل عليها، فعلى سبيل المثال عند سفر أحد الأبوين لمدة طويلة أو عند الانتقال من مسكن لآخر في فترة الطفولة المبكرة، بالإضافة إلى إفراط الأبوين في رعاية الطفل والقلق عليه ما يتسبب في انتقال هذا الشعور إليه.
علاج الإفراط في الارتباط النفسي بالرضيع
يجب السيطرة على قلق الانفصال عن طريق الاعتماد على خطة علاجية للأبوين والطفل معًا، ينبغي إلزام الطفل بسلوكيات معينة بغرض الحد من الإحساس بالخوف الذي يشعر به بشكل تدريجي على سبيل المثال عند ذهاب الرضيع إلى الحضانة أو المدرسة، ينصح بأن يذهب معه أحد أبويه لبعض الوقت ثم يبدأ في تركه يعتمد على ذاته وتزيد تلك الفترات، حتى يصل إلى يوم كامل بمفرده.
نصائح لزيادة الارتباط النفسي بالرضيع
- ينصح أن تلامسي جلد رضيعك بصورة مستمر فيما يطلق عليه ملامسة الجلد للجلد، حيث إن هذه الطريقة تعمل على تنظيم مستوى دقات قلب الطفل وتنظيم تنفسه كذلك.
- اهتمي به واستجيبي لبكائه خاصة في الثلاث شهور الأولى من عمره، حيث إنه يحتاج إلى الشعور بحضورك حوله فقومي بحمله وأشعريه بالاهتمام واستجيبي لندائه وبكائه وتحديدًا في أول ثلاثة أشهر من عمره، فهو فقط يريد أن يشعر بحضورك حوله قومي بحمله وتهدئته.
- حاولي قدر الإمكان إشعاره بالأمان من خلال الرضاعة الطبيعية أو الصناعية باستعمال قنينات الحليب، حتىتوطدي علاقتك به وتزيد الروابط بينك وبينه.
- ساعديه في حفظ ملامح وجهك، فذلك ما يستطيع عمله في الأشهر الأولى فقط احمليه واجعليه ينظر في المرآة معك، وكرري ذلك عدة مرات فهي وسيلة جيدة للتقرب منه.
- حتى تقوي من الارتباط النفسي بالرضيع يمكنكِ عمل سلوك خاص بك أو صنع شفرة خاصة لكِ وله حتى يستطيع التعرف عليك وسط الأشخاص الآخرين، على سبيل المثال احمليه بشكل معين أو ملامسة أنفك لوجه أو داعبيه بصورة مختلفة عن الآخرين.
- تحدثي إليه خاصة في الشهور الأولى فذلك يساعده على تمييز صوتك بين الجموع، فيصبح مألوفًا بالنسبة له مع الوقت.
في النهاية تذكري دائما عزيزتي الأم أن طفلك الرضيع يرغب في الشعور المستمر بحنانك واهتمامك، فحاولي قدر المستطاع تلبية ندائه وبكاءه ومداعبته والابتسام في وجهه البريء حتى تحافظي على سلامته النفسي، فلا تظني أنه لا يشعر أويتفهم من حوله.
أضف تعليق