ما مدى تأثير الحوض الضيق على الولادة الطبيعية وكيف يمكن توسيعه؟ سؤال يشغل الكثير من النساء خلال أشهر الحمل الأخيرة؛ فالحوض هو من المناطق العظمية مُتعددة الفوائد في جسم الإنسان، فمن خلال موقعه ما بين البطن والأطراف السفلية في نهايات العمود الفقري وعظامه الستة يقوم بالتحكم في حركة الجسم أثناء الوقوف والجلوس، التحكم في عمليات الإخراج، احتواء الأعضاء التناسلية وبعض أعضاء الجهاز البولي والهضمي. ولأسباب فسيولوجية تكوينية ولاختلاف الوظيفة بين الرجل والمرأة، يأتي حوض المرأة أكبر اتساعًا من الرجل.
ولكن ماذا إن كانت المرأة تُعاني من ضيق اتساع منطقة الحوض لديها أثناء الحمل؟ للإجابة عن هذا السؤال والتعرف على قياسات الحوض الطبيعية للمرأة الحامل ومقاس الحوض المناسب للولادة الطبيعية.. تابعي معنا الأسطر القادمة.
استكشف هذه المقالة
طريقة قياس الحوض للحامل
وهو إجراء غير روتيني قد يلجأ إليه الطبيب النسائي أثناء الفحص الدوري للمرأة الحامل عند شكه في حجم الحوض لديها خاصةً خلال شهور حملها الأخيرة، أو بهدف التأكد والاطمئنان من عدم معاناة الحامل من الحوض الضيق أو في بداية الحمل لفحص عنق الرحم عند اقتران الحمل بمضاعفات أو وجود تاريخ سابق من تأخر الإنجاب أو الولادات المُبكرة. ويتم قياس الأبعاد الأربعة لحوض الحامل “3 أبعاد أفقية وآخر رأسي” يدويًا من قِبل الطبيب بعدما تراجع الاعتماد على قياسات الأشعة السينية أو المقطعية تجنبًا لمخاطر تعرض الحامل والجنين للإشعاع الصادر عن الأجهزة.
والفيصل في الأمر هو عملية الولادة ذاتها، فبمرور الوقت وحتى قبل وأثناء الولادة الطبيعية تحدث تغيّرات لأبعاد عظام الحوض هي التي تُحدّد هل أبعاده مناسبة أو مُتسعة كفاية لمرور رأس الطفل من خلالها، أم أن المرأة تُعاني من الحوض الضيق غير المناسب للولادة الطبيعية الآمنة. وإلى جانب أبعاد حوض الأم أثناء الولادة هناك عوامل أخرى تتحكم أيضًا في يسر وسهولة وأمان عملية الولادة مثل: حجم رأس الطفل ووضعيته داخل الرحم هل هي صحيحة أم غير مُنضبطة.
مقاس الحوض المناسب للولادة الطبيعية
تؤدي عظام ومفاصل الحوض دورًا حيويًا في حفظ الأعضاء التناسلية للمرأة من رحم ومبايض وقناة فالوب داخل تجويفها، وأثناء حمل المرأة فإنها تحمي الرحم بما يحمل داخله من آثار الصدمات أو تحركات الحامل أثناء أدائها للأعمال المنزلية أو النوم أو أية نشاطات أخرى طيلة فترة الحمل، ويُعد تجويف الحوض أيضًا هو القناة التي يمر من خلالها الصغير إلى هذا العالم الدنيوي. قبل الحمل تتراوح المسافة بين عظمتي الحوض لدى الفتاة أو المرأة بين 4: 5 ملي متر لتتسع خلال فترة الحمل بمعدل 2: 3 مليمترات أخرى؛ للتكيُّف مع اتساع وزيادة حجم الرحم تماشيًا مع حجم الجنين الذي ينمو ويزداد وزنه. وتحدث هذه الزيادة بفعل هرمون الريلاكسين المُرخي لأربطة الحوض ليساعدها على الاتساع لدى المرأة الحامل.
لذا وبحساب الزيادة بين اتساع حوض الفتاة أو المرأة غير الحامل واتساعه عند الحامل سنجد أن حجم الحوض المناسب لولادة طبيعية آمنة يتراوح بين 6: 8 مليمترات تقريبًا يُضاف إلى ذلك أبعاد رأس الجنين نفسه مُقارنةً مع أبعاد الحوض ووضعية الجنين داخل الرحم هل مضبوطة أم معكوسة أم إنه في وضعٍ مائل؛ ففي بعض الحالات يكون اتساع الحوض مُناسبًا لمرور رأس الطفل وفقًا لهذه التقديرات، ولكن إن كانت رأس الجنين أكبر فتصعب عملية نزول الرأس بصورة طبيعية. وقد يكون تقدير الطبيب أن الحامل تُعاني من الحوض الضيق ولكن أبعاد رأس الجنين تتماشى مع حجم عظام الحوض لديها، فتتم الولادة بصورة طبيعية بدون مشاكل.
كيف اعرف أن حوضي ضيق؟
يُمكنك خلال مُتابعتك الدورية للحمل مع طبيبتك النسائية أن تطلبي منها إجراء الفحص اليدوي لمنطقة الحوض لديكِ لقياس اتساعها والتأكد من أنك لا تُعاني من الحوض الضيق، كما تُعد حركة الجنين المفرطة ووضعياته العرضية والمائلة ورؤية وجهه بوضوح قُرب الحوض الضيق من خلال كشف الموجات فوق الصوتية الدوري من علامات ضيق الحوض عند المرأة، مع خروج سائل الجنين قبل أوانه وظهور أعراض لدى الحامل مثل ضيق التنفس وعدم انتظام ضربات القلب والشعور بالتعب أكثر من الحمل الطبيعي المُقترن باتساع حوض مناسب للحامل. ويتم الفحص اليدوي لحوض الحامل من خلال الاستلقاء على الظهر مع ثني الساقين ومُباعدتهما عن بعضهما البعض مع ضرورة أن تكون مثانة الحامل خالية من البول، وباستخدام كشاف صغير والإصبع الوسطى تتأكد الطبيبة النسائية عن طريق اللمس الداخلي من مدى لين أو تمدد عنق الرحم للخلف أو الوسط مما يُنبئ بقُرب موعد الولادة، وكذلك التنبؤ بالمسافة بين عظمتي الحوض ومدى ملائمتهما لاستقبال رأس الجنين لحظة المخاض.
أسباب ضيق الحوض للحامل
ترجع ظاهرة الحوض الضيق للحامل إلى عدة أسباب غالبًا ما ترتبط بفترة الطفولة أو المراهقة مثل نقص النمو بسبب أمراض مزمنة أصابت المرأة في طفولتها أو خلال فترة مراهقتها، إصابة المرأة في طفولتها بلين وهشاشة العظام التي تطورت إلى كساح تتسبب في تشوه عظام الأطراف السفلية بما في ذلك عظام الحوض، إصابة المرأة في طفولتها بمرض “سل العظام” وتحديدًا حينما يصيب المرض عظام العمود الفقري مرورًا بالحوض والفخذين، تعرض المرأة في أي مرحلة عمرية لكسر في عظام الحوض نتيجة لحادث أو إصابة أو سقطة مع عدم التئام الكسر بالشكل السليم، ويظهر ذلك في صورة عرج متفاوت الدرجة.
مخاطر الحوض الضيق لدى الحامل
حينما تكون الحامل تُعاني من الحوض الضيق ولم يحدث اتساعًا خلال فترة الحمل بما يلاءم أبعاد رأس الجنين تستحيل الولادة الطبيعية، فرأس الجنين لن ينزل في تجويف الحوض لضيقه بل سيظل جسد الجنين عالقًا أعلى عنق الرحم حتى مع فوات موعد الولادة. وفي حال نزول جزء من رأس الجنين في تجويف الحوض وانحشارها فإن هذا يُهدده بالاختناق والموت كما يُهدد حياة الأم بسبب ارتفاع احتمالات تمزُّق الرحم، لذا فإن الولادة الجراحية في حال صغر حجم الحوض الشديد أمرًا حتميًا، أما الحوض الضيق باعتدال أو بدرجة خفيفة فيُمكن معه الولادة الطبيعية حسب حجم رأس الجنين ومرونتها في المرور من الحوض الضيق، وكذلك وضعية الجنين داخل الرحم.
توسيع الحوض الضيق
هُناك بعض التمارين التي يُمكن على الحامل تطبيقها بدايةً من شهرها التاسع للعمل على توسيع الحوض الضيق مثل المشي لمدة ثُلث ساعة مع ضرب الأرجل في الأرض كخُطى العسكري، صعود ونزول السلم عدة مرات خلال اليوم، (ابدأي بمرة واحدة ثم زيدي عدد المرات بالتدريج)، فإن لذلك دوره في دعم حركة الطفل نحو الأسفل في اتجاه الحوض، الجلوس في وضع القرفصاء والنهوض بمساعدة أحدهم بدايةً من خمس مرات يوميًا تزيد بالتدريج. الجلوس على الكرة المطاطية الضخمة التي تُعرف مجازًا بكرة الولادة وفتح الحوض عن آخره قدر استطاعتك، مع الحركة بالكرة في وضع دائري وأنتِ جالسة عليها، يُمكنك طلب المساعدة من أحدهم إن كانت الحركة صعبة عليكِ، يساعد تمرين الكرة في توسيع عظام الحوض قُبيل الولادة بنسبة تصل إلى 30%. تمرين الكرسي بوضع قدم أعلى كرسي والثانية على الأرض مع الحركة للأمام والخلف أو لليمين واليسار للعمل على توسيع الحوض الضيق، يمكنك طلب المُساعدة من أحدهم.
وختامًا عزيزتي، لا تقلقي فلن يُصيبك أو يُصيب جنينك أي أذى بسبب الحوض الضيق لديكِ، فإن عجزتِ عن توسيعه بالطرق الطبيعية فهناك خيار الولادة القيصرية لإنقاذ حياة صغيرك وخروجه بسلام، وتبقى كلمة طبيبكِ المُتابع لحالة حملكِ هي الأخيرة، فهو وحدة مَن يُقرر إن كان حوضك ضيق أم مناسب، وما تحتاجين سواء ولادة طبيعية أم القيصرية، لذلك عليكِ استشارة الطبيب ومتابعة حملك.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق