يعتاد الطفل على الرضاعة من ثدي أمه منذ ولادته، مما يجعله مرتبطا بها بشكل كبير، فوضع الرضاعة واحتضان الأم لوليدها يشعره بالأمان والراحة، ومع ذلك هناك وقت لابد أن يتم فيه فطام الطفل سواء كانت الرضاعة طبيعية من ثدي الأم، أو كانت صناعية من القنينة، ولابد من تهيئة الطفل للفطام ، لأن هذه المرحلة هي التي تعده لمرحلة الغذاء الطبيعي وظهور أسنانه ومرحلة تذوق الأطعمة والتعرف عليها.
وقد قرر الأطباء أن يتم ذلك بعد تمام استكمال العام الأول من العمر، وأن تبدأ تهيئة الطفل للفطام بشكل تدريجي حتى يتقبله الطفل بأقل قدر من القلق والإزعاج، على أن تبدأ الأم منذ الشهر الرابع استبدال جزء من الرضعة مرة أو مرتين في اليوم بأحد العصائر الطبيعية المخففة، واعتبارا من الشهر السادس عليها أن تبدأ بإضافة بعض الأغذية اللينة والفواكه إلى طعامه أيضا باستبدال جزء من الرضعة بالبطاطس المسلوقة والمهروسة، أو جزء من صفار البيض المسلوق، أو موزة مهروسة أيضا، فذلك سوف يساعدها بشكل كبير عندما تأتي مرحلة الفطام.
استكشف هذه المقالة
تهيئة الطفل للفطام من الرضاعة الطبيعية
بداية لابد من إدراك أن إنجاب الطفل والعناية به ليست بالأمر الهين، ولابد للأبوين الاستعداد بشكل كامل لهذه المرحلة، وأن يدركا أن عليهما الإلمام بالكثير من المعلومات عن تربية الأبناء والعناية بهم خصوصا في الفترة الأولى من الإنجاب، والتي تحتاج من الطرفين إلى عناية فائقة بالمولود، والتدرب على كيفية حمله واستحمامه وتغذيته بالشكل الصحيح والملائم لمراحل نموه المختلفة، والتكفل بأن ينشأ في بيئة سوية عمادها الحب والحنان، وأنه طفل مرغوب فيه وقرة أعين أبوية، حيث أن كل تلك الأمور تحفر داخله أما مشاعر إيجابية فينشأ إنسانا سويا، أو مشاعر سلبية فينشأ كارها للحياة ناقما على المحيطين به.
ولابد أن يدرك الأب أنه شريك كامل في تحمل مسئولية الطفل في هذه المرحلة المبكرة من عمره، وألا يترك الحمل كاملا على زوجته، حيث تكون ما زالت تعاني من متاعب الولادة، وتحتاج هي شخصيا لمن يرعاها، فيجب أن يكون إيجابيا معها ويمد يد المساعدة في كافة الأمور التي تخص الطفل، مثل حمله لبعض الوقت، أو غسيل ملابسه، أو أعداد الرضعة له، أو أن يتولى رعايته لبعض الوقت حتى تحصل الأم على قسط من الراحة، وهكذا في كل ما يخص المولود من متابعة مواعيد التطعيم والالتزام بتلك المواعيد، ومرافقة الزوجة في المراجعة الدورية مع الطبيب الذي يتابع الطفل والالتزام بتعليمات الطبيب وعدم الإنصات لنصائح المحيطين، فكل طفل له ظروفه الخاصة، والملائم لطفل ما ليس بالضرورة أن يكون ملائما لكل طفل.
وتكون فترة الحمل ملائمة وكافية تماما لاستعداد الأبوين لهذه المرحلة، سواء بقراءة الكتب المتخصصة في رعاية المواليد، ومشاهدة الفيديوهات المختلفة، ومنها الكثير الذي يعني بهذه المرحلة، ويقدم النصائح المفيدة للأبوين لكي يجتازا هذه المرحلة بنجاح دون قلق أو توتر.
أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل حديث الولادة
ونحن نتكلم عن تهيئة الطفل للفطام، لابد لنا من التركيز على أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل، وألا تقل هذه الفترة بحال عن عام كامل.
والرضاعة الطبيعية تكسب الطفل مناعة ضد كثير من الأمراض، وتقوي علاقة الطفل بأمه واستشعاره حنانها، وتجنبه الشعور بالقلق وعدم الأمان، حيث أنه لابد من الأخذ في الاعتبار أن الطفل يتأثر نفسيا منذ مراحل عمره المبكرة، ويختزن داخله مشاعر تظهر آثارها مستقبلا في فترات العمر المختلفة، ويجب الانتباه إلى أنه لا شيء يتساوى مع حليب الأم وفوائده التي لا تقدر بثمن، ويجب على الأم أن تشبع طفلها من حليبها بقدر الإمكان، فهو أكبر حامي له من الأمراض العضوية والنفسية، ويحافظ على اتزانه النفسي، وأيضا يكسبه مناعة فائقة خصوصا في الأشهر الأولى من العمر بعد خروجه إلى الحياة وكان محصنا في رحم أمه من كافة الأمراض والأخطار، فلا يجب أن تحرم الأم وليدها من تلك المناعة التي وفرها الله تعالى له في حليب الأم. وحتى إن تعذرت الرضاعة الطبيعية لأي سبب كان، فعليها استخلاص الحليب من ثديها وإرضاعه للطفل بأي وسيلة أخرى.
مراحل تهيئة الطفل للفطام
من المفضل أن تبدأ عملية الفطام تدريجيا حتى تعتاد معدة الصغير على الأنواع الجديدة من الطعام، ويجب على الأم ألا تتسرع في هذه المرحلة، وألا تنتقل من مرحلة إلى أخرى إلا بعد اجتياز المرحلة السابقة بنجاح حتى لا تصيبه بارتباك في عملية الهضم فتسبب إزعاجا ومشاكل للطفل، وتبدأ الأم في التمهيد لمرحلة الفطام منذ الشهر الرابع، وذلك بإدخال بعض العصائر الطازجة والمخففة بعض الشيء إلى طعامه، أيضا ممكن إضافة المهلبية والزبادي الخالي الدسم إلى طعام الصغير في هذه المرحلة بشكل تدريجي. واعتبارا من الشهر السادس يمكن استبدال جزء من الرضعة بالأرز المطحون الممزوج باللبن، أو البسكويت باللبن أو الموز المهروس، والأطعمة اللينة على نفس الشاكلة، وفي كل الأحوال لابد من متابعة رد فعل ذلك على الصغير، وإذا لاحظت أي تغيرات سلبية أو ظهور حساسية مثلا عليه، أو تلبك معوي وتغير في إخراج الصغير عليها أن تعرضه فورا على الطبيب، ويفضل الالتزام بنصائحه منذ بداية رحلة الفطام.
وبعد إتمام الطفل لعامه الأول لابد من تهيئة الطفل للفطام بشكل تدريجي، لا يجب التوقف عن الرضاعة الطبيعية بشكل نهائي، كل ما في الأمر هو تهيئة الطفل إلى تقبل طعام جديد إلى جانب الرضاعة الطبيعية، وتجنب المنع الفوري للرضاعة لأنها قد يؤذيه نفسيا وصحيا، فقد يمتنع الطفل عن الرضاعة تماما مما يعرض حياته للخطر، وعلى ذلك لابد من تهيئة الطفل للفطام بوضع استراتيجية لذلك في خطوات متدرجة، ليجتاز الطفل هذه المرحلة بنجاح نوجزها في النقاط التالية:
- اعتبارا من الشهر السادس يفضل عدم إكمال الرضعة الطبيعية، واستكمالها بالحليب الصناعي من القنينة حتى يتعود عليها.
- أيضا اعتبارا من الشهر السادس يتم إضافة الطعام اللين إلى غذاء الطفل مثل الفواكه المهروسة مثل الموز، وأيضا الخضروات المسلوقة والمهروسة مثل البطاطس والكوسة، وأيضا الزبادي خالي الدسم والمهلبية، واعتبارا من الشهر الثامن يمكن إضافة اللحوم والدجاج المسلوق والتام النضج أيضا بشكل تدريجي مع الملاحظة المستمرة لنجاح عملية الهضم بدون مشاكل، وعدم التسرع في إدخال أصناف جديدة لغذاء الطفل.
- يلاحظ عند بلوغ الطفل عامه الأول أنه أصبح على درجة من الإدراك والتمييز، والتعرف على الأشياء، لذلك سوف يكون مناسبا جدا تقديم الطعام له في أدوات طعام ملونة مثل الأكواب والأطباق لتشد اهتمامه وتشجعه على تناول الطعام.
- التفنن في صنع طعام مناسب للطفل بشكل جميل متنوع ليكون حافزا له على تناوله.
- من المفيد أن يتواجد صغار من عمره وقت تناول الطعام يمكن أن يشغلوه ويحفزوه على الأكل.
- قد تستخدم بعض الأمهات أساليب قديمة تساعدها على تهيئة الطفل للفطام مثل دهن حلمة الثدي بعصير الليمون، مما يتسبب في إزعاج الطفل وقت الرضاعة، وقد يكون سببا في الامتناع النهائي عن الرضاعة، ولكن ينصح ألا تكرر الأم المحاولة إن فشلت في المرة الأولى.
- استخدام الألعاب المسلية وذات الألوان المبهرة من أجل تشجيع الطفل على الطعام.
- تقليل عدد الرضعات الطبيعية واستبدالها بالأطعمة اللينة بالتدريج.
- يجب أن تتحلى الأم بالصبر خلال هذه الفترة، وأن تتوقع انزعاج الطفل وتغير مزاجه خصوصا قبل النوم وقد اعتاد أن ينام على ثدي أمه، ويمكن لكي تساعده على التخلص من هذه العادة أن تقوم بتدليكه بزيوت الأطفال المعطرة المهدئة، أو أن تغني له أو تقص عليه قصة قصيرة.
تهيئة الطفل للفطام عن الرضاعة الصناعية
من المؤكد أن الرضاعة الطبيعية هي الأكثر فائدة لصحة الأم والطفل معا، وقد تناولنا هذا الأمر في بداية المقال، ويجب على الأم أن تبذل قصارى جهدها لكي ترضع المولود رضاعة طبيعية، ولكن هناك بعض الحالات والأسباب التي ربما تمنع الأم من إرضاع صغيرها رضاعة طبيعية، وتضطر إلى استخدام قنينة الرضاعة والألبان الصناعية، ومن أسباب اضطرار الأم إلى إرضاع الصغير رضاعة صناعية، أن تكون مريضة بمرض يعوقها عن ذلك، أو أن يكون اللبن في ثديها قليلا وغير مشبع للصغير فتستكمل ذلك بالرضاعة الصناعية، أو أن يمنعها ارتباطها بالعمل من الرضاعة الطبيعية.
وعلى الرغم من أن قوانين العمل في معظم البلاد تمنح المرأة العاملة ساعة لإرضاع الصغير، ورغم ذلك لا تتوافق المواعيد وتضطر الأم للاستعانة بالرضاعة الصناعية، فإن اضطرت الأم إلى ذلك عليها استشارة طبيب الأطفال المتابع للطفل عن النوع المناسب استخدامه، وأيضا الجرعات المناسبة وعدد مرات الرضاعة، وعليها أن تواظب على المتابعة مع الطبيب حيث أن تلك الجرعات تتغير مع تغير عمر الطفل، فما يناسبه من نوع الحليب ومقداره في الشهور الأولى سوف حتما يتغير في الشهور التالية، ومن الضروري أن يتابع الطبيب وزن الطفل أولا بأول حيث هناك معدل طبيعي للوزن إن قل عنه أو زاد يكون ذلك مؤشرا إما لضعف الطفل، أو إصابته بالتخمة، فيتم ضبط عدد الرضعات وكثافتها حسب رأي الطبيب. أيضا لابد أن تتخلى الأم عن فكرة أن الطفل كلما زاد وزنه فذلك يشعرها بالسعادة والمباهاة بينما يمثل ذلك اعتلالا في صحة الصغير ولا بد من تدارك الأمر والوصول إلى الوزن الطبيعي المناسب لعمره.
وفي كل الأحوال لابد من الاستعداد لفطام الطفل مع نهاية عامه الأول، وتهيئة الطفل للفطام باتباع بعض الأساليب البسيطة التي تساعد على اجتياز هذه المرحلة بنجاح، ومنها:
- يمكن للأم واعتبارا من الشهر الرابع استبدال جزء من رضعة الصغير بنوع من العصائر المفيدة للطفل، واعتبارا من الشهر السادس يمكن إدخال الأكلات اللينة إلى طعام الطفل مثل بسكويت مهروس في اللبن، أو أرز مطحون ناعم باللبن، أو بطاطس مسلوقة ومهروسة.. إلى آخر هذه الأصناف المعروفة.
- استخدام الموسيقى والأغاني الخفيفة المحببة للطفل أثناء تناوله الطعام من الممكن أن يساعد في إلهائه ويسهل تقبله لأنواع الطعام الجديدة.
- تلهية الصغير ببعض الألعاب المحببة له أثناء تناول الطعام.
- في مرحلة تهيئة الطفل للفطام يستحسن تعويد الطفل على أن يتذوق الخضروات والفواكه على أن تعد له بصورة مناسبة، وتقدم له بشكل جذاب فهي مصدر غني بالفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الطفل في مرحلة التكوين الأولى.
- في كل الأحوال يجب أن تهتم الأم بنظافة أدوات الأكل الخاصة بالطفل ونظافة طعامه بشكل خاص، وتعقيمها كلما أتيح لها ذلك، وأيضا نظافة المكان الذي يعيش فيه وأن يكون مشمس وجيد التهوية من أجل الحفاظ على صحته.
- استخدام أدوات خاصة بأكل الطفل في هذه المرحلة مثل الأكواب المغطاة وطرفها يشبه طرف زجاجة الرضاعة، ثم التدرج في استخدام الكوب شيئا فشيئا وتعويده أيضا عندما يتجاوز السنة على استخدام ملعقة صغيرة من مادة صحية ولا تؤذي الطفل.
- عدم الضغط على الطفل وإجباره على تناول الطعام حتى لا يتعود على العناد وكراهية الأكل، حاولي استخدام كافة الطرق وتهيئة الجو المناسب من أجل جعل تناول الطعام من الخبرات السعيدة في حياته.
- عند تهيئة الطفل للفطام، لا بأس من الاستعانة ببعض أفراد العائلة لاجتياز هذه المرحلة الدقيقة من عمر الطفل مثل الأم أو الأخت إن كان ذلك متاحا، فسوف يخفف ذلك من معاناة الأم بالتأكيد خصوصا إذا كانت مشاغل الأب كبيرة وإمكانية متابعة زوجته ووليده في هذه المرحلة تعتبر صعبة وغير متاحة، فسوف يخفف ذلك من متاعب الأم بالتأكيد شريطة أن تتابع غذائه بنفسها، وحتى لا تتدخل تجارب الآخرين التي قد لا تناسب الصغير فتفسد الأمر كله.
- يجب أن تكون الأم حريصة عند أخذ نصائح من الأم أو الجيران فيما يختص بفطام الصغير، فإن ما يلائم طفلا قد لا يلائم الأخر، وقد تتسبب بعض النصائح الخاطئة في مشاكل للطفل يصعب حلها، والأفضل في كل الأحوال عرض أي مشكلة تواجه الأم على الطبيب المختص الذي يتابع الطفل، مع الالتزام بمواعيد التطعيمات المقررة للطفل في مواعيدها.
- وفي كل الأحوال في فترة تهيئة الطفل للفطام لابد أن تتحلى الأم بالصبر في التعامل مع الصغير، وتدرك أنه أثناء فترة النمو يمر بتغيرات كثيرة تثير قلقه وإزعاجه، ومن الطبيعي أن يسبب الكثير من المشاكل، وأن تعي تماما أن ردود أفعالها الغاضبة، أو تأنيبه في هذه المرحلة من العمر من الممكن أن تترك في نفسيته آثارا سلبية تنعكس عليه في المستقبل.
تهيئة الطفل للفطام في فترة التسنين
تعتبر فترة التسنين من أصعب الفترات التي تمر على الصغير وأمه أيضا، فالطفل أثناء هذه الفترة يكون متعكر المزاج، يشعر بآلام لا يستطيع التعبير عنها سوى بالبكاء، وكثيرا ما ترتفع درجة حرارته، وتضعف مقاومته للأمراض.
وهذه الفترة يصعب تحديدها بدقة، فقد يبدأ التسنين مبكرا من الشهر السادس مثلا، وقد يتأخر حتى بعد تمام السنة الأولى، وعلى الأم مراعاة ذلك بكل دقة، ويستحسن ألا تبدأ فترة الفطام أثناء تسنين الطفل، ومن المناسب أن تبدأ مشوار الفطام قبل التسنين، ولا بأس من استكمالها أثناء التسنين فتكون قد قطعت فترة لا بأس بها يمكن فيها تهيئة الطفل للفطام بسهولة وبدون التعرض لمشاكل، ولا بأس من استشارة الطبيب في الوقت المناسب الذي يمكنها أن تبدأ فيه مرحلة فطام الصغير.
هكذا نكون قد تعرفنا على خطوات تهيئة الطفل للفطام سواء بالنسبة للرضاعة الطبيعية أو الرضاعة الصناعية، وقدمنا للأم أفضل النصائح التي تساعدها في إتمام هذه المهمة الشاقة بأقل قدر من المتاعب لها أو لطفلها، والوقت المناسب الذي يمكنها أن تبدأ فيه رحلة الفطام، مع المحافظة على صحة الطفل النفسية والبدنية، أيضا تناولنا دور الأب في رعاية المولود، ومشاركة الزوجة في تحمل الأعباء، وألا يكتفي بالتذمر من بكاء الطفل بل يجب أن يبحث معها عن الأسباب ويساعدها في حل تلك المشاكل، والاهتمام بأن يرافقها في زياراتها الدورية للطبيب المتابع للطفل للاطمئنان على مراحل نموه وإن كانت تسير في الاتجاه السليم وأن يبادر بمساعدتها في الأمور المنزلية كلما سمحت ظروفه حتى تجتاز هذه المرحلة الصعبة والدقيقة من حياتها وحياة المولود بنجاح.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق