المركز الثقافي المصري، أو دار الأوبرا المصرية صرح حضاري عظيم تم افتتاحه في العاشر من أكتوبر سنة 1988 في احتفال كبير، وتم إقامتها من منحة يابانية خصصت لهذا الغرض، حيث تم بناؤها على الطراز الإسلامي. والواقع أن مبنى دار الأوبرا المشيد على أرض الجزيرة بالقاهرة، هو ليس المبنى الأصلي لدار الأوبرا المصرية، ولكن المبنى الأصلي كان قد تم بناؤه في عهد الخديوي إسماعيل على الطراز الإيطالي بحي الأزبكية، وكان اسمها دار الأوبرا الخديوية، قام بتصميمها وأشرف على بنائها المهندسان الإيطاليان روس وأفوسكاني، وذلك في عام 1869 تزامنا مع احتفالات الدولة المصرية بافتتاح قناة السويس، وتم بناء دار الأوبرا الخديوية في ستة أشهر، وكان مقررا أن تفتتح بأوبرا مصرية هي أوبرا عايدة التي وضع موسيقاها فيردي الموسيقار الإيطالي الشهير، لكن الظروف لم تسمح بالانتهاء من الأوبرا في الموعد المحدد، لذلك تم عرض أوبرا ريجوليتو بدلا منها.
استكشف هذه المقالة
افتتاح دار الأوبرا المصرية القديمة
وقد تم إقامة احتفال أسطوري بمناسبة افتتاح قناة السويس وافتتاح دار الأوبرا حضره عدد كبير من الشخصيات العالمية وزعماء العالم منهم الإمبراطورة أوجيني وكانت زوجة نابليون الثالث، كما حضر الاحتفال كل من ملك النمسا، وولي عهد بروسيا، وظل هذا الاحتفال حديث العالم ووكالات الأنباء والصحافة العالمية لفترة طويلة.
ومما يدعو للأسف أن تعرض مبنى دار الأوبرا المصرية لحريق هائل أتى على المبنى ومحتوياته بالكامل، ضاعت فيه كافة المقتنيات التاريخية، من ملابس ومعدات وخلافه، وقد حدث هذا الحريق في الثامن والعشرين من شهر أكتوبر عام 1971، منهيا بذلك وجود دار الأوبرا التي اتسمت بالفخامة والرقي، والتي شهدت على مدار 102 عاما أبرز الأعمال الأوبرالية في العالم وزارتها أعرق فرق البالية والأوبرات العالمية، وكانت في حكم المعالم الأثرية في البلاد، مما أثار حزن المصريين وخصوصا المعنيين بأمور الفن والثقافة.
بناء دار أوبرا جديدة
وكان من المحتم أن يتم بناء دار أوبرا جديدة بديلا للسابقة المحترقة، وبالفعل تقدمت هيئة التعاون الدولي اليابانية لوزارة الثقافة المصرية بمنحة للمساهمة في بناء مبنى جديد بديل هو دار الأوبرا المصرية، وتم اختيار الجزء الجنوبي من أرض الجزيرة بالقاهرة للبناء عليه، وتم الاتفاق بين الجهة المانحة في اليابان ووزارة الثقافة المصرية على أن يكون البناء على الطراز الإسلامي ليتوافق مع مجموعة المباني المحيطة به وكلها ذات طابع إسلامي.
وتم بالفعل البناء على مساحة بلغت 13855 م2 بحيث بلغت مساحة المباني 22772 م2، وبارتفاع بلغ 42 مترا. وحيث اشتهرت منطقة الجزيرة بقربها من نهر النيل، ووفرة الحدائق حولها، فقد كان المكان مناسبا تماما لإقامة هذا الصرح الفني الكبير. وقد بدأ العمل في بناء دار الأوبرا المصرية الجديدة في مارس عام 1985، وانتهى في مارس من عام 1988 من خلال التعاون المشترك بين مصر واليابان.
افتتاح دار الأوبرا المصرية الجديدة
وفي أكتوبر عام 1988 وضمن احتفالات نصر أكتوبر، قام الرئيس الأسبق حسني مبارك، بمشاركة الشقيق الأصغر لصاحب السمو إمبراطور اليابان الأمير توموهيتو أوف ميكاسا بافتتاح دار الأوبرا المصرية الجديدة، حيث شاركت اليابان في الاحتفالية بعرض الكابوكي الياباني الشهير الذي يضم 50 عضوا، إضافة إلى فنانين عالميين من جميع أنحاء العالم في مجالات البالية والأوبرا والموسيقى.
وتضم دار الأوبرا المصرية ثلاثة مسارح هم: المسرح الكبير، وهو المسرح الرئيسي ويحتوي على 1200 مقعد، والمسرح الصغير ويحتوي على 500 مقعد، إضافة إلى المسرح المكشوف والذي يضم 600 مقعد.
دور دار الأوبرا المصرية في نهضة الحركة الثقافية والفنية في مصر
يختلف دور دار الأوبرا المصرية عن دور باقي البيوت الفنية والمسارح، حيث أنها تهتم بالدرجة الأولى بنوعية الفن الذي يقدم للجماهير، فلا يقدم على مسارحها المختلفة سوى الأعمال العالمية العريقة، ذات المستوى الفني الرفيع، فتكون بذلك نافذة الجماهير للتواصل مع الفن العالمي، والتعرف على كل ما هو راق من المستجدات على الساحة الفنية العالمية، إضافة إلى الأعمال الفنية المصرية للمراكز الثقافية والفنية المصرية، حيث لا يقتصر دور دار الأوبرا المصرية على عرض الأعمال الفنية المتميزة فقط، بل يتعدى ذلك لاحتضانها لعدد من الفرق الفنية حيث تنتمي إليها فرقة باليه أوبرا القاهرة، وأوركسترا القاهرة السيمفوني، إضافة إلى فرقة الرقص المسرحي الحديث، والفرقة القومية للموسيقى العربية.
أيضا تتبنى دار الأوبرا المصرية العديد من الفاعليات الفنية المختلفة، مثل معارض الفن التشكيلي، والصالونات الثقافية، والمهرجانات الفنية الموسيقية للهواة.
ومن أنشطة دار الأوبرا المصرية أيضا استضافة الفرق العالمية لعرض أفضل وأشهر أعمالها على مسارح دار الأوبرا، خصوصا بعدما تم ضم مسرح السيد درويش بالإسكندرية ليكون امتدادا لدار الأوبرا الأم في القاهرة، وأيضا دار الأوبرا في البحيرة بمدينة دمنهور، كل ذلك من أجل المزيد من الانتشار لأنشطة وفاعليات دار الأوبرا المصرية ليس فقط لجمهور القاهرة، ولكن وفق خطة مدروسة للتوسع أيضا في الأقاليم فيزيد الوعي بالفن الراقي داخل قطاع أوسع من قطاعات المجتمع المختلفة.
وبالتأكيد فإن الأعمال الفنية المصرية والعربية المتميزة لها نصيب من عروض دار الأوبرا المصرية وتلاقي إقبالا جماهيريا كبيرا، خصوصا لو أدركنا أن تذاكر الدخول تعتبر أسعارها رمزية، وذلك لتحقيق أكبر انتشار بين طبقات الشعب المختلفة، ونشر الوعي الأوبرالي على أوسع نطاق ممكن.
مراكز ثقافية تابعة لدار الأوبرا المصرية
تضم دار الأوبرا المصرية عددا من المراكز الثقافية الهامة، والتي تعتبر مراكز إشعاع فني وثقافي يهمنا أن نتعرف عليها وهي:
- المسرح الكبير الذي يضم 1200 مقعد، والمخصص للأعمال الأوبرالية والغنائية الضخمة، وعادة ما تكون تلك الاحتفالات رسمية وذات تأمين عالي.
- المسرح المكشوف والذي يضم 600 مقعد، وقد تم تخصيصه للعروض الشبابية الصيفية، ويتم عليه عرض الأعمال العالمية والمحلية.
- المسرح الصغير ويضم 500 مقعد، وهو مخصص لإقامة الأمسيات الثقافية والفنية، ويعرض عليه الأعمال الغير رسمية.
- المتحف المصري الحديث، وهو أكبر متحف لعرض الآثار المصرية القديمة، ويوجد به أكير المجموعات الفنية خلال تاريخ مصر القديم.
- مكتبة الأوبرا الموسيقية، وتضم تسجيلات الأعمال الأوبرالية العالمية الشهيرة، ومعلومات موثقة مستفيضة عن الموسيقيين العالميين الذين أبدعوا هذه الموسيقى، كما تضم قاعة للعروض الفنية.
- مركز الأبداع الفني وهو تابع لوزارة الثقافة المصرية، ويتم من خلاله عمل العديد من الورش الفنية في مجالات الكتابة والإخراج والمونتاج وباقي أقسام الفنون المختلفة، إضافة إلى ورش في الفن التشكيلي والسينمائي.
- مركز الهناجر للفنون، وهو أيضا يهتم بالعناية بالمواهب الحديدة ويقدم لها الدعم والخبرات المختلفة، وملحق به مسرح صغير ودار عرض للمبتدئين.
- أيضا ملحق بدار الأوبرا المصرية مقر نقابة الفنانين التشكيليين.
- وأخيرا قصر الفنون، وهو عبارة عن مركز ثقافي ومعرضا كبيرا لكافة الأعمال التشكيلية، ويضم مكتبة ضخمة مختصة بالفن التشكيلي.
وفي النهاية نكون قد تعرفنا على دار الأوبرا المصرية في عهديها القديم والحديث، ودورها كمركز إشعاع ثقافي وفني.
أضف تعليق