لهذا الموضوع قصة طريفة حيث أن امرأة من مدينة الإسماعيلية بمصر، قد توفى عنها زوجها وترك لها قطعة أرض من أجود الأراضي الزراعية وأغلاها، وحيث أنه لا خبرة لها في الزراعة، فقد استشارت أحد المختصين في مجال الزراعة، فعرض عليها أن تزرع قطعة الأرض أشجار الباولونيا المنتجة للخشب، موضحا لها أن هذه الأشجار ملائمة لجميع أنواع الأراضي، ويمكن ريها سواء من المياه الجوفية أو حتى مياه الصرف الصحي المعالجة، كما أنها تتحمل كل درجات الحرارة العالية والمنخفضة، ولن يتأثر الإنتاج بأي عوامل جوية، والأهم من ذلك أن أسعار هذا النوع الخشب عالية لأنه من أجود أنواع الأخشاب المقاومة للآفات والحشرات، ومقاومة للحرائق أيضا.
وقد استجابت السيدة لنصيحة الخبير الزراعي وكانت المفاجأة أن سعر إنتاج الخشب قد فاق سعر الأرض بأكثر من 5 أضعاف، وتحولت السيدة في خلال 6 سنوات هي فترة الزراعة للحصول على المحصول إلى واحدة من الأثرياء.
استكشف هذه المقالة
ما هي أشجار الباولونيا ؟ وإلى أي البلاد تعود أصولها؟
ترجع أشجار الباولونيا في الأصل إلى الصين حيث عرفت للمرة الأولى منذ آلاف السنين، وقد سميت بالإمبراطورة لتعدد فوائدها للمزارعين وللبيئة، وأيضا سميت بالأميرة نسبة للأميرة باولونيا ابنة قيصر روسيا بول الأول وهي الأميرة (أنا باولونيا،) وقد استخدمها الصينيون في صناعة العديد من احتياجاتهم المنزلية، وحتى منازلهم كانت مصنوعة من الخشب، وساعدهم على ذلك وفرة المتاح من أشجار الباولونيا، إضافة إلى المميزات الفريدة والعديدة للأخشاب المنتجة من هذه الشجرة، ثم عرفها اليابانيون، واستخدموها أيضا سواء في البناء حيث تصنع منها الأبواب والشبابيك، أو الصناعات العديدة وخصوصا في صناعة التماثيل الخشبية ولعب الأطفال المصنوعة من الأخشاب التي برعوا فيها في الماضي، ثم اشتد الاحتياج لأخشاب أشجار الباولونيا بعد الإجراءات الدولية الصارمة للحفاظ على البيئة ومنع قطع أشجار الغابات وتحويل كثير من مناطق الغابات إلى محميات طبيعية، ومن هنا ظهرت الحاجة لزراعة أشجار الباولونيا لسد الحاجة للأخشاب في معظم بلاد العالم.
دراسة جدوى شجر الباولونيا
تعتبر أشجار الباولونيا من الأشجار سريعة النمو حيث يصل معدل طولها خلال العام الأول إلى ما يعادل المتر كل شهر، ليصل بعد 5 سنوات إلى ما يقارب 20 مترا، وتكون عند ذلك قابلة للتقطيع والتصنيع. لو أضفنا إلى ذلك أن جذرها يضرب في الأرض حتى عمق قد يصل إلى عشرين مترا من أجل الوصول للماء الجوفية، فإنه يمكن تكرار جني المحصول كل 5 أو ست سنوات، اعتمادا على نفس الجذور دون الحاجة لإعادة الزراعة من البداية، وذلك بالطبع يعني توفير المزيد من الوقت والجهد والمال.
ولأن أشجار الباولونيا تتحمل درجات الحرارة المتباينة بين البرودة الشديدة والحرارة المرتفعة، ما بين -10، 45 درجة مئوية، لذلك يعتبر كل من المناخ الصحراوي ومنطقة البحر المتوسط ملائمان تماما للزراعة.
ويكفي أن نقول أن سعر المتر المربع من أخشاب أشجار الباولونيا قد تعدى ثمانية ألآف جنيها، لندرك عظم جدوى زراعة أشجار الباولونيا.
ولأن أشجار الباولونيا لا تنتج ثمرا للطعام، فلا خطر من ريها بالمياه المعالجة خلافا لباقي المزروعات التي تؤكل كالخضروات أو يؤكل ثمرها، والتي إن رويت بالمياه المعالجة تكون سببا في نقل الطفيليات والأمراض إلى الإنسان، ولأن جذورها تضرب في أعماق التربة للحصول على الماء فهي تعتبر أيضا موفرة في استهلاك المياه.
واستكمالا للجدوى الاقتصادية لأشجار الباولونيا، يفضل أن تزرع عادة في صفوف فتكون مصدات للرياح، وتكون المسافات بين الأشجار بيئة رطبة مناسبة لانتشار العشب، وبالتالي يكون غذاء للحيوانات والماشية، أيضا الأوراق المتساقطة من الأشجار تشكل غذاء للحيوانات غني بالبروتينات حيث تبلغ نسبة البروتين بها 18%، كما تصلح الأوراق كسماد طبيعي عالي الجودة.
أما أزهارها الجميلة فهي تعتبر بيئة مناسبة تماما لعمل المناحل واستخراج عسل من أجود الأنواع في العالم، وهكذا نكون قد استكملنا الجدوى الاقتصادية الممكن تحقيقها من زراعة أشجار الباولونيا.
أنواع أشجار الباولونيا
تنقسم أنواع أشجار الباولونيا إلى قسمين رئيسيين:
قسم الزينة
يتم استغلال أوراقها في إنتاج السماد الطبيعي وأيضا كأعلاف للحيوانات وأزهارها غذاء للنحل لإنتاج أفضل وأجود أنواع عسل النحل في العالم، ومن هذه الأشجار ما هو معوج الساق وتشكل غصونها وأزهارها شكلا هرميا بديعا وتبقى الساق رفيعة في كل الأحوال. ومن أشجار الزينة, كاتالبيفوليا، جونجتونج، البيفوليا، فوتينوفيلا، فارجيسى، كواكامى.
قسم الأخشاب
أما النوع الثاني فهو أشجار باولونيا المنتجة للأخشاب، فيوجد منها أنواع كثيرة، وأهم ثلاثة أنواع هم الونجاتا , تومينتوسا، فورتيونى، وهذه الأنواع من أشجار الباولونيا تنمو مستقيمة الساق، وتعطي إنتاجا وفيرا من أفضل أنواع الخشب، وهذه الأنواع من مميزاتها أيضا أنه بعد أول قطع للأخشاب بعد 5 أو ست سنوات، يمكن تكرار القطع كل 3 سنوات فقط، دون الحاجة إلى إعادة الزراعة من جديد، وذلك يعني وفرة كبيرة في المال وفي الوقت.
بذور أشجار الباولونيا
تعتبر دول أوروبا الشرقية المنطقة الأفضل للحصول على بذور أشجار الباولونيا عالية الجودة، وهي بذور دقيقة جدا ويتم استنباتها في ظل ظروف معينة، حيث يتم ذلك في بيوت زجاجية، ويتم وضعها في أصص الاستنبات، ثم يوضع داخلها بعض التربة المناسبة مع السماد العضوي، وتوضع البذور على السطح دون غطاء، وترش يدويا بالرشاش يوميا عند الحاجة حتى يتم الإنبات ويغطى الجميع بالبلاستيك للاحتفاظ بالرطوبة والحرارة اللازمة لعملية الإنبات وتكون في حدود 18 درجة مئوية، وتزود البيوت الزجاجية بإضاءة مستمرة بالفلورسنت.
زراعة أشجار الباولونيا
يتم تجهيز الحقل وإعداده لنقل الشتلات، وتحديد أماكن وضعها والمسافة بين كل شتلة وأخرى، وأنسب وقت لزراعة الشتلات الجديدة يكون في بداية فصل الصيف، ويمكن زراعة العديد من المحاصيل المتداخلة في المسافات بين الشتلات، حيث تحصل تلك المحاصيل على السماد اللازم لها من تحليل مخلفات زراعة الباولونيا. وحتى تنمو الأشجار بشكل مستقيم يتم قطع الفروع الجانبية والإبقاء على الجزع الرئيسي للشجرة.
أضرار شجرة الباولونيا
يرى البعض أن الدعاية الكبيرة التي حدثت لأشجار الباولونيا، ونظرا للعائد المادي الكبير الذي تحققه للمزارعين، فقد أدى ذلك لانتشارها بشكل كبير في معظم مناطق الوطن العربي، سواء في السواحل أو الصحاري، ويرجع ذلك لتكيفها مع كافة الأجواء، وقد أدى ذلك الانتشار الكبير لزراعة أشجار الباولونيا أن أثر على باقي المحاصيل الهامة خاصة الغذائية مثل أشجار النخيل والفواكه والخضروات، فزراعة أشجار الباولونيا تحقق لزارعيها الثراء السريع في مدة وجيزة، بينما تحتاج باقي المحاصيل للمزيد من الرعاية ولا تحقق ربحا يوازي أرباح أشجار الباولونيا، ومن هنا صدرت العديد من التحذيرات أن التوسع في زراعة أشجار الباولونيا دون خطة مسبقة ووفق معايير معينة من شأنه الإخلال بباقي المحاصيل مما سوف يتسبب في عجز فيها.
والحقيقة أن هذا الأمر عار تماما عن الصحة، حيث بلادنا العربية غنية بالصحراء الصالحة لزراعة هذا النوع من الأشجار، والتي من شأنها أن تحول تلك الصحراء القاحلة إلى واحات خضراء تخدم البيئة وتدر عوائد خيالية.
في النهاية نكون قد قدمنا دراسة كاملة عن أشجار الباولونيا والجدوى الاقتصادية لها.
أضف تعليق