تسعة
الرئيسية » هوايات وحرف » كيف تتم صناعة الفخار وما هي أوائل الشعوب التي صنعته؟

كيف تتم صناعة الفخار وما هي أوائل الشعوب التي صنعته؟

صناعة الفخار من أقدم الصناعات التي عرفها الإنسان، تطورت الصناعة عبر التاريخ وأصبحت تمثل جزءًا من ثقافات مختلفة، فكيف يتم صناعة طين الفخار وزخرفته وتشكيله؟ وما هي المنتجات الذي يمكن صناعتها من الفخار؟ هذا ما نتعرف عليها هنا.

صناعة الفخار

صناعة الفخار هي عملية يتم فيها تشكيل الطين وتحويله لعدد من الأشكال والمجسمات، وذلك بعد حرقه وتجفيفه، عرف البشر الفخار منذ القدم، وكان قديمًا يتم صناعته يدويًا وكان يتم تجفيفه في الشمس والهواء، ومع مرور الزمن تم عمل الأفران لحرق الطين، وذلك للتخلص من الماء الموجود في الطين كليًا، والفخار يتميز بعد الحرق بملمسه المميز، وهذا بسبب التخلص من الماء بشكل كامل، ومع مرور الوقت، تم تزيين القطع الفخارية وتلوينها باستخدام ألوان مختلفة، وكذلك تم زخرفته بالنباتات والطيور، وفي الغالب ما يتم استخدام الفخار في صناعة الأواني الفخارية التي تستخدم في المطبخ أو يتم تشكيل الفخار كقطع فنية يتم عملها بشكل فني مميز، ويوجد طرق عديدة لصناعة الفخار حيث يمكن صناعته يدويًا أو باستخدام عجلة الفخار، ومع اندثار هذه الصناعة في العصور الحديثة إلا أن هناك بعض الناس الذين يتخذوا من تشكيل الفخار هواية لهم، وفي هذه الموضوع نتحدث عن كيفية صناعة الطين الخاص بالفخار والطرق المستخدمة في صناعة الفخار ، وأيضًا المراحل التي يمر بها الفخار حتي يصبح على الشكل المطلوب.

كيفية صنع طين الفخار

الطين من المواد الترابية التي تتكون من جزيئات صغيرة جدًا، جزئيات أصغر من حبيبات الرمل، يتشكل الطين مع الزمن بفعل ضغط المياه فتتكسر المادة إلى أجزاء صغيرة للغاية، يتم استخراج الطين بعد ذلك واستخدامه في العديد من الصناعات المختلفة مثل صناعة الفخار وطوب البناء وأواني الطعام وغيرها من الصناعات الأخرى.

ويتكون الطين من عدد من المعادن هي الكولنيت والأتابولجيت والإليت والمونتموريللونيت، جميع هذه المعادن تحتوي على نسب مختلفة من السيلكا والألومنيا، وغالبًا ما يتواجد الماء في عمليات تشكيل الطين، وبعض أنواع الطين تحتوي على عناصر أخرى كالحديد والماغنسيوم والكالسيوم.

ويتكون الطين إما بطريقة مباشرة عن طريق عمليات تجوية الصخور فتتحول إلى جسيمات صغيرة تختلط بالماء لاحقًا فيتكون الطين، أما الطريقة الثانية، فالطين يتكون على هيئة طبقات بفعل عدة عوامل أخرى كسريان الماء.

والهدف من عملية صناعة الطين هو إزالة أكبر عدد ممكن من الشوائب الموجودة بالمادة، واستخراج كميات المياه الموجودة به، حتى يمكن بعد ذلك استخدامه في الصناعات المختلفة والعمل على تشكيله بكل سهولة، ويتم تصنيعه بطريقة بسيطة أو يمكن تصنيعه في المصانع، وفيما يلي سنشرح كيف تتم الطريقتين؟.

الطريقة الأولى، يتم إحضار عبوات ذات حجم متوسط وملئ ثلثها بالطين، ثم بعد ذلك يتم تكملة بقية العبوة بالماء، ثم يتم استخدام الأصابع لتفكيك الطين إلى قطع صغيرة، في الخطوة القادمة يتم تحريكه حتى تبدأ الرواسب في الطفو، من هنا يبدأ الخليط النظيف بالاستقرار بعيدًا عن الرواسب، بعد ذلك يتم التخلص من الماء، ويتم عمل هذه العملية مرات أخرى حتى يتم الحصول على أكبر كمية من الطين خالية من الرواسب، وتترك هذه العبوات لمدة لا تقل عن يوم كامل حتى تستقر كميات الطين الخالية من الطين في القاع ويتم التخلص من أكبر قدر ممكن من الرواسب، وبعد سكب الماء في عبوة أخرى بعناية شديدة يتم سكب الطين الموجود في قاع العبوة بعناية شديدة على قطع من القماش وتربط بشكل جيد حتى يتم التخلص من كميات الماء المتبقية، وتأخذ هذه العمليات يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر، ثم يتم فتح قطع القماش ويمكن بعدها استخدام الطين.

أما تصنيع الطين في المصانع فلا يختلف بأي شكل عن نفس مبادئ تصنيع الطين يدويًا، إذ يصل الطين المصنع على شكل مسحوق، يتم خلط هذا المسحوق مع الماء وتحريكه بصورة جيدة، ومن ثم يوضع في جهاز يقوم على ضغط الطين بين مرشحات تستخدم لطرد الماء، وفي النهاية ينتج كرة ضخمة من الطين الجاف الخالية تمامًا من أي مياه زائدة أو شوائب يتم وضعها بعد ذلك لتُقطع إلى أجزاء أصغر، ويمكن استخدام المادة النهائية في الصناعات المختلفة بعد ذلك، فالطين يستخدم في صناعة الفخار وصناعة الأواني الفخارية.

صناعة الفخار قديمًا

تعد صناعة الفخار من أقدم الحرف التي يرجع تاريخها إلى أزمنة بعيدة جدًا، ويؤكد المؤرخون أن عملية تشكيل الطين وتجفيفه في الشمس أو باستخدام النار عُرفت منذ العصور الحجرية، وتعتبر أعمال الفخار المعروفة في منطقة الأناضول هي أقدم أنواع الفخار المعروفة في الشرق الأوسط، والذي يعود إلى 6500 قبل الميلاد، وتم صناعة الفخار في مصر قديمًا في الألفية الخامسة قبل الميلاد، وفي أثناء الألفية الثانية قبل الميلاد بدء التعرف على الزخرفة في الأواني الفخارية وكذلك تم استخدام الألوان المختلفة في تزين الأواني وقطع الفخار، وفي الألف الأولى من قبل الميلاد تم استخدام النباتات والطيور والورود في تزين الفخار، وبداية ظهور هذا النوع كانت في شمال العراق، في مدينة نوزي القديمة.

بعد ذلك وفي العصور الآرامية، عادت صناعة الفخار إلى البساطة التي كانت تميزها في البداية، وتم إزالة الألوان والزخارف حتى الحقبة الهلنستية، بعد ذلك عادت الألوان لزخرفة المصنوعات الفخارية التي جسدت الأساطير، وفي سوريا وبلاد الرافدين كان الفخار المنتج يتميز بلونه القاتم، وكان يتم صناعته يدويًا، وكان يصنع من أفضل أنواع الطين، وأصبح الحرفيون ذو خبرة واسعة حتى تمكنوا من التحكم في شدة النار المستخدمة، وطوروا من أشكال الرسومات وأيضًا استحدثوا ألوانًا جديدة.

شعوب أمريكا القديمة كانت تعتمد على صناعة الفخار يدويًا، ثم بعد الانتهاء يتم تلوين المنتجات باستخدام أكاسيد المعادن، كذلك استخدموا الألوان النباتية، وكانت معظم المنتجات عبارة عن أواني أو تماثيل حيوانية أو بشرية.

مراحل صناعة الفخار

صناعة الفخار عبارة عن عدة خطوات يمكن تنفيذها باستخدام الطين للحصول على أي مصنوعات فخارية، في السطور المقبلة نشرح بأبسط الطرق مراحل صناعة المنتجات المصنوعة من الفخار:

  • أولاً، يتم إحضار كميات من الطين، ويتم القيام بتحريك هذا الطين باستخدام عصا كبيرة، تساعد عملية التحريك هذه في تفتيت الطين إلى قطع أصغير، وذلك حتى نحصل على كميات طين أصغر خالية من التكتلات، ولضمان جودة فخار أفضل، يتم نخل الطين باستخدام منخل له مسامات صغيرة.
  • ثم بعد ذلك يتم تجهيز أربعة برك، واحدة من البرك تكون على شكل دائرة والبرك لباقية تأخذ شكل المستطيل، ويربط بين هذه البرك فتحات أو قنوات تربط بينها، ويفضل أن يكون قطر البركة الدائرية حوالي 3 أمتار.
  • يتم إحضار كميات مختلفة من الطين الأحمر والأخضر والأبيض ووضعها في البركة الدائرية بنسب معينة، ثم بعد ذلك يتم غمر البركة بالماء وتترك لمدة لا تقل عن ساعتين.
  • في هذه الخطوة يتم خلط أنواع الطين المختلفة من قبل حرفيين مختصين بالصناعة، ويجب الاهتمام بإزالة معظم الشوائب في هذه المرحلة.
  • ثم بعد ذلك تستخدم أدوات خاصة لتصفية خليط الطين وضمان نقاء الخليط من أي شوائب أو ترسبات قد تكون عالقة بالخليط.
  • ثم توزع كمية خليط الطين من البرك الدائرية على البرك الثلاث الأخرى، مع تثبيت مصفاة على كل فتحة تصل بين بركة وأخرى.
  • بعد توزيع الطين على البرك الثلاثة، يترك الطين حتى يجف ويتماسك، وبعد ذلك يصبح صالحًا للاستخدام والتشكل واستخدامه في عمليات النحت، وفي النهاية يأخذ صُناع الفخار الكميات المطلوبة.

كيف يتم تشكيل الفخار؟

يوجد ثلاث طرق يمكن العمل بها لتشكيل كمية معينة من الطين وإنتاج أي نوع من المنتجات الفخارية، وسنوضح هذه الطرق:

  • الطريقة الأولي، هي الطريقة اليدوية، وأشهر طرق صناعة الفخار منذ القدم، وتعتبر الآن طريقة بدائية في مجال صناعة الفخار ، في هذه الطريقة تستخدم الأيدي في النحت وتشكيل طين الفخار، وبعد الانتهاء من التشكيل توضع المنتجات في أفران خاصة ليتم حرقها وتجفيفها، ثم تؤخذ ليتم تزينها وتلوينها.
  • الطريقة الثانية، استخدام القوالب الجاهزة، تعتبر طريقة سهلة لتشكيل الطين، حيث تعتمد فكرتها على صب الطين في القوالب ومن ثم حرقه وتجفيفه، وكذلك زخرفته وتلوينه بألوان مختلفة.
  • الطريقة الأخيرة، العجلة الدوارة، من أشهر أدوات تشكيل طين الفخار، يوضع عليها طين الفخار ثم تبدأ في الدوران، وبعد ذلك يأتي دور الصانع لتشكيلِ الطين والتحكم به، ويصنع من أشكال متعددة، ويتم بعد ذلك حرقه وتجفيفه أيضًا.

صناعة المنتجات الفخارية

تعد صناعة الفخار من أقدم الصناعات البشرية والتي اعتمد عليها الشعوب القديمة في صنع التماثيل والأواني وغيرها من الأشياء الأخري، والطين هو المادة الأساسية المستخدمة في الصناعة، ولكي نعرف كيف تخرج المنتجات الفخارية في شكلها النهائي يجب أن نتعرف على بعض المراحل الرئيسية التي يتم تطبيقها أثناء الصناعة:

خلط المواد الطينية

الخطوة الأولي في صناعة الفخار هي عملية خلط الطين، وتبدأ العملية بوضع الطين في خزان مناسب وغمر كميات الطين بالماء، تستمر هذه العملية حتى يصبح الطين صالح للاستعمال وقابل للتشكل، وبعد التخلص من الماء يتم ضغط الطين باستخدام فلاتر للتأكد من التخلص من الماء الموجود به كليًا، ثم يتم وضع الطين على طاحونة خاصة بصناعة الفخار، تحتوي هذه الطاحونة على أسطوانةِ خاصة يثبت عليه الطين المطلوب تشكيله، وتبدأ هذه الطاحونة في الدوران، وهنا يأتي دور صُناع الفخار في تشكيل الطين بالشكل المطلوب.

عمل التجويف

في هذه الخطوة يستخدم صُناع الفخار أيديهم لصنع تجويف الأواني الفخارية وتشكيل العمق المطلوب، وفي هذه الخطوة يمكن الاستعانة بأدوات خاصة تساعد في عمل هذا التجويف، وتعتمد هذه الخطوة على حركة الأسطوانة التي يجب أن تتزامن مع حركة الطين المثبت عليها، ويستمر الصانع في تشكيل الطين حتى يصل إلى عمق التجويف المطلوب، وفي بعض الأحيان تستخدم قوالب جاهزة تساعد في تشكيل التجويف بصورة أسرع وأسهل وتعطي نفس الناتج المطلوب.

صبّ الفخار

في هذه الخطوة يتم صب الفخار في قوالب من الجبس، والفائدة من هذه الخطوة أنها تزيد من متانة الفخار، وهذا لإن الجبس يقوم بامتصاص الماء الذي لم يجف بعد والمتبقي في طين الفخار، وفي أغلب الأحيان تكون هذه القوالب مزخرفة بأشكال معينة والتي تستخدم في تزيين الشكل الخارجي لقطع الفخار.

التزجيج

في هذه الخطوة يتم التأكد من جفاف الفخار نهائيًا، ومن ثم تكون القطعة جاهزة للتلوين أو الطلاء، ويتم استخدام لون واحد أو خليط من ألوان مختلفة لزيادة جمال القطعة، وفي معظم الأوقات يتم استخدام أسلوب رشّ الطلاء، إذ يمكن زخرفة القطعة باستخدام الألوان.

حرق الفخار

الحرق هو المرحلة الأخيرة في صناعة الفخار ، ويتم في هذه الخطوة استخدام أفران الفحم أو الأفران الكهربائية، والغرض من هذه الخطوة هو تعريض الفخار لأكبر درجة حرارة ممكنة حتى يتم تجفيفه كليًا، وتجفيف الطلاء الموجود على الفخار، ثم بعد ذلك تصبح القطع الفخارية جاهزة للاستخدام.

حسام سعيد

طالب بكلية الهندسة، أحب القراءة بمختلف أنواعها، وكذلك الكتابة الأدبية والعلمية.

أضف تعليق

اثنان × 5 =