من أشد اللحظات التي تمر على الإنسان هي لحظات الوداع ، لذلك وأنها تمر ثقيلة ومؤثرة فعلا، وسواء كانت لحظات الوداع لأشخاص أم لأماكن فإنها عادة لابد أن تذرف من عينك الدموع فكيف يمكننا التعامل مع لحظات الوداع وتخطيها خصوصًا أن الفراق أمر حتمي لا مفر منه؟ في هذا المقال حديثنا سيكون عن لحظات الوداع صعوبتها وكيفية تجاوزها
استكشف هذه المقالة
لماذا لحظات الوداع صعبة؟
تنبع صعوبة لحظات الوداع من الإخلال بالنظام الكوني بالنسبة لحياتك الصغيرة لأنه من منظورك الضيق أن حياتك الصغيرة الشخصية هذه هي الكون بأكمله وأي اختلال بها هو اختلال في الكون بأكمله والحقيقة أن وداع الشخص الذي اعتدت على وجوده في حياتك بمثابة إخلال بنظامك لأنك اعتدت على وجوده واعتدت على الحديث معه واعتددت على لقائه بالتالي سيترك هذا الشخص فراغا في حياتك لن يملأه أحد غيره وكيف يملأه غيره وهو الذي ملأ حياتك بالأحاديث والمواقف والضحكات والذكرى الطيبة لذلك يمكن أن نقول أن أسوأ ما يغلف لحظات الوداع هي الاعتياد وكيف ستكمل حياتك دون هذا الشخص بعد أن اعتدت على وجوده، حتى وإن كان هذا الفراق مؤقتا.
لحظات الوداع للمسافر
لابد من أننا تعرضنا يوما لتوديع شخص عزيز علينا متوجه للسفر إلى مكان آخر وتتصاعد صعوبة لحظات الوداع كلما كانت المدة كبيرة والمكان الذي يسافر إليه هذا الشخص بعيدًا، ولكن بالطبع لابد من السفر إلى مكان آخر سواء للعمل أو الدراسة أما السفر للسياحة أو غيرها فهي تكون فترات بسيطة وهي غير معنية منا بالحديث عنها لأنها إن طالت أو قصرت فلن تزيد عن شهر في المتوسط وربما أقل من ذلك لكننا سنتحدث عن الذين يسافرون لفترات طويلة قد تصل إلى سنوات وهذه هي التي تكون لحظات الوداع فيها صعبة.
المسافر الذي توصله للمطار
لتهوين لحظات الوداع على الشخص الذي توصله للمطار، قم بفحص محتويات سفره والتأكد من كل أوراقه كاملة والتأكيد على حجز الطائرة والاهتمام بتأمين إجراءات السفر العادية واهتم بالحقائب والتأكد من وجودها كاملة أو عدم تبديلها مع أحد آخر ولا تتطرق في الحديث إلى أي شيء له علاقة بافتقادك له ولا تدع الدموع تنهمر واشغل نفسك بأي شيء له علاقة بإجراءات السفر وأخبره أنك ستطمئن عليه باستمرار وحتى اللحظة الأخيرة تظاهر برباطة الجأش والثبات حتى لا تجعله هو نفسه مهموما وهو مسافر خصوصًا إن كان يسافر للمرة الأولى فهو أغلب الظن يكون متأثرا ومأخوذا فوق ما تتخيل ولا يريد أن تزيد الأمر عليه أكثر خصوصًا في الأوقات الأخيرة له قبل السفر.
المسافر الذي تسلم عليه قبل وداعه
المسافر الذي تذهب وتسلم عليه احرص على ألا تطول مدة زيارتك واحرص على ألا تجعل الأمر صعبا عليه وإن كان يمكن أن تذهب بشكل اعتيادي وتقول له أنك ستحاول أن تأتِ له مرة أخرى قبل أن يسافر مباشرة بشرط ألا يكون هناك فترة قبل السفر أكثر من يومين فهذا أفضل بكثير، وأذكر أن مرة كان صديقي الذي نلتقي بشكل يومي ونجلس في المقهى كان مسافرا إلى دولة أخرى وسيظل هناك لفترة طويلة على الأقل ثلاث سنوات، وما كان مني إلا أن ذهبت إليه في اليوم الذي يسبق يوم سفره مباشرة وسلمت عليه وجلست معه ثم تظاهرت بأنني سأذهب إلى دورة المياه أو ما شابه ثم هربت ومشيت، خاصة وأنني نظرت إليه طويلا قبل المغادرة وكان منشغلا مع أشخاص آخرين جالسين معه وإن ذهبت لأسلم عليه لن أضمن وقتها تمالك أعصابي وربما كنت انهرت في بكاء عنيف، لذلك فضلت أن أذهب بعيدا وأفهمه بعدها الأمر وهو قال لي أن هذا هو أفضل حل لتلافي لحظات الوداع المؤثرة والمؤلمة لأنه لم يكن سيتمالك أعصابه بدوره.
المسافر الذي يذهب إلى هجرة
هذا الشخص يفضل أن تكون لحظات الوداع بينكما تأخذ حقها، هناك احتمالين لشخص يذهب إلى هجرة أنه سيعجبه الحال هناك وسيستوطن وربما لن يأتي إلى موطنه الأصلي مرة أخرى، والاحتمال الآخر أنه لن يستطيع التأقلم وسيرد عائدا بعدها بفترة بسيطة لأحضان الوطن مهما كان قاسيا أو باردًا، لكن الاحتمال الأول رغم ذلك يبقى قويا وله وجاهته لذلك عليك أن تحتضنه جيدا ولا تقول له أي شيء لأن أي كلمة في هذه اللحظة ستقال ستفقد معناها بالتالي عليك أن تحتضنه فحسب.
لحظات الوداع للعلاقة المنتهية
في لحظات الوداع القاسية لعلاقة منتهية عليك أن تتحلى بالثبات وتتحاشى الانهيار أو الانفعال الزائد الذي قد يوصلك للانهيار، وإن خوّل إليك الحديث وقتها فعليك بفعل شيئين لا ثالث لهما:
ذكر محاسن العلاقة والتغاضي عن المساوئ
عليك ألا تذكر عند لحظات الوداع مع الحبيب المنفصل عنه للتو الأمور السيئة أو تحاول تبادل الاتهامات أو تحميله المسئولية، دع الوادع يأتي سلسا وبسيطا، لأن هذا ليس وقت عتاب أو لوم بل وقت أن يخرج كل شخص خفيفا بما فيه بالتالي عليك أن تذكر الأمور الحسنة والأشياء الإيجابية التي تعلمتها والآثار الطيبة التي تركتها هذه العلاقة فيك ومدى تأثيرها عليك بالإيجاب.
خالص الأمنيات بالسعادة
عليك أن تتمنى خالص الأمنيات السعيدة عند لحظات الوداع مع الشخص المنفصل عنه ولا تدع يذهب وهو يشعر أن لديك ضغائن تجاهه بل دعه يذهب وهو موقن تماما أن الأمر انتهى وتم تسويته وعليك أن تشد على يده وهو ذاهب وتتمنى له حظا موفقا في حياته وتشكره على تلك الفترة التي قضيتها برفقته، وتمضي دون أي محاولة لإثارة التعاطف أو استنزاف الدموع.
لحظات الوداع للأحبة الراحلين
للأسف هذه هي أصعب لحظات الوداع مطلقًا، هذا الشخص الذي لن تراه ثانية أبدا وسيواري جسده التراب ولن يكون هناك أي تواصل من أي نوع بينك وبينه، وأعتقد أن لحظات الوداع من هذا النوع يجب أن تترك فيها الأمر لعواطفك ولا تكبت حزنك بل تظهره ولا تخجل منه، ولكن ليكن في علمك أن هذه سنة الحياة وعزاؤنا الوحيد أننا كلنا ذاهبون يوما إلى نفس المكان وربما نلتقي في مكان أسعد وأفضل وأنظف بلا أحقاد أو فراق مرة أخرى، بلا حروب أو كوارث أو مجاعات أو صراعات.
وداع الأماكن والأوطان
أشهد أن في كل مرة أسافر فيها لأي مكان حتى ولو لفترة بسيطة وأترك فيها منزلي أنظر لحجرتي كأنها آخر مرة أراها فيها، وأنظر لسريري كأني لن أنام عليه مرة أخرى، أنظر لجدران المنزل وأقاوم الخروج من المنزل بثبات قدر الإمكان، فما بالك بشخص يترك وطنه وأهله وبلده تماما وربما يذهب إلى مكان ليس فيه أحد يعرفه على الإطلاق ولا حتى يتكلمون لغته، لكن ما يعينك أن الإنسان يعتاد ويتأقلم ويبدو الأمر في أوله صعب ولكن الاعتياد سيتغلب على هذه الحالة في النهاية
خاتمة
لحظات الوداع من أشد وأصعب اللحظات على الإنسان سواء المودِع أو المودَع.. في كل الحالات الأمر صعب وشاق فحاول أن تمرر هذه اللحظات بأقل أضرار ممكنة.