تسعة
الرئيسية » العلاقات » مشاكل العلاقة » كيف يسهم عتاب الأحبة في منع تطور الكثير من المشاكل؟

كيف يسهم عتاب الأحبة في منع تطور الكثير من المشاكل؟

قد تظن أن عتاب الأحبة دليل على عدم التفاهم أو أنه سيزيد المشكلات، لكن ما ستطالعه هنا سيثبت لك أن عتاب الأحبة أكبر علاج لحل المشكلات في العلاقات.

عتاب الأحبة

عتاب الأحبة أمر لابد منه لأن الخلافات بين المرتبطين تحدث بشكل معتاد ولا يمكن تفاديها، وإن حاولنا تفاديها هذا سيجعلنا نرتبك ونتوتر أكثر لذلك يجب من أجل تقليل الخلافات يجب أن نعلي من أهمية العتاب وقد يرى البعض أن العتاب شيء سيئ ولا جدوى منه بل ربما يعتقد البعض أنه يزيد من حدة الخلاف بل على العكس فهو يعمل على رأب الصدع والتئام الجرح، ولذلك سنتحدث في السطور التالية على أهمية عتاب الأحبة وكيف يمكن أن يمنع العتاب تطور المشكلات والخلافات بين الأحبة إلى ما لا يحمد عقباه ولا يرضي كلا الطرفين:

العتاب دليل على المحبة

لا ريب أن عتاب الأحبة دليل على محبتهم الجارفة وعاطفتهم الجياشة، فأن يبادر شخص بمعاتبتك فهذا يعني أنه متمسك بك إلى أقصى درجة أما الشخص الذي لا يحب ولا يكترث كثيرًا لأمرك فإنه ينتهز فرصة الخلاف الذي ينشأ كي يبتعد عنك ويتخذ من هذا الخلاف حجة كي يوافق تصرفه شعوره تجاهك ويبتعد عنك بالفعل لذلك لا تلم من يأتي ويعاتبك لأن هذا يعني أنه يحبك ومتمسك بك ويرغب فقط في التعبير عن شيء أغضبه ليس إلا ويجب أن يتسع صدرك لعتابه ولا تنهره أو تضايقه حتى لا يكره أن يأتي لك مرة أخرى ويعبر عن الأشياء التي تضايقه بالتالي يجب أن تستحثه وتدعمه حتى يعبر عما يجيش في صدره ويغضبه.

العتاب يصفي القلب

عتاب الأحبة يصفي القلوب تجاه شريكي العلاقة، فلنتخيل مثلا أن هناك شخصين في علاقة عاطفية شخص يقوم باستمرار بفعل تصرف يغضب الطرف الآخر بينما الطرف الآخر حتى لا يغضب هذا الشخص أو يعكر صفو العلاقة يقوم دائمًا بكبت مشاعره وإحساسه بالغضب هذا وقمعه ومحاولته عدم التعبير عنه باستمرار ولمدة طويلة، ماذا سيحدث مثلا بعد ستة أشهر من السكوت عن هذا التصرف الذي يقوم به هذا الشخص ولا يبالي لمشاعر الطرف الآخر؟ لا بد أنه سيشعر بمدى ظلمه في هذه العلاقة وأنه منكسر وهذا الشخص يتعمد مضايقته وإشعاره بالغضب، لكن إن تكلم، أليست سيصفو قلبه من ناحيته ولا يكن في صدره أي شيء تجاهه؟

العتاب يوضح الأخطاء

الإنسان أحيانا يقوم بأشياء كثيرة متهورة ورعناء دون أن يلقي لها بالا، دون أن يشعر بها أصلا، ولذلك قد يرتكب الإنسان العديد من الأخطاء دون أن يشعر أنه أخطأ أصلا، وطالما أن الشخص الذي أخطأ في حقه لم يتكلم فربما يشعر أنه لا يوجد ما أخطأ فيه فعليا، وأن هذا التصرف الأرعن طالما لم يجد له في نفس الشخص الموجه له أي أثر فهو تصرف عادي وربما يفعله باستمرار، إذا كيف يمكن أن يكون عتاب الأحبة هامًا في هذا الموقف؟ بالطبع العتاب هنا يكون هو المقياس الذي نقيس به التصرفات الرعناء من التصرفات المتزنة، الأشياء التي تغضب شريك العلاقة وبالتالي علينا أن نتجنبها والأشياء التي تسعده أو لا تترك في نفسه أثرا سيئًا فلا مشكلة في ممارستها، لذلك أهم وظيفة للعتاب أنه يضع يدك على أخطائك حتى تتمكن من تفاديها وعدم تكرارها مرة أخرى.

العتاب دليل نضج العلاقة

نعم لا شك في هذا العتاب دليل على نضج العلاقة ونضج أطرافها أيضًا، العلاقة التي بها القدر الأكبر من المصارحة والصدق والشفافية حتى وإن بدت بذلك تشوبها شوائب الخلافات والاختلافات ناضجة أكثر بكثير من علاقة مبنية على التعتيم والزيف والكذب حتى وإن بدت من الخارج متماسكة ومليئة بالعاطفة لأنها خالية من الخلافات، أن يتحمل شخصين أن يصارحا بعضهما بأخطائهما فهذا يدل على نضجهما وثقتهما غير المحدودة في بعضهما وفي علاقتهما بالتالي يمكن أن نقول أن هذين الشخصين يحبان بعضهما فعلا بالعاطفة وبالعقل بالتالي العلاقة تسير إلى مضمار متزن ويبشر بالخير، أما أن يكذب طرف في علاقة عاطفية أو كلا الطرفين من أجل عدم تعكير صفو العلاقة فهذا في الحقيقة لا يعكر صفوها بل يحملها ما لا تستطيع ولذلك نرى الكثير من العلاقات التي تراها هادئة ومستقرة تنضح بالعاطفة الجياشة والأحاسيس الفياضة وتجدها تنتهي فجأة، هل تعرف ما السبب؟ بالطبع إنه القمع المستمر لمشاعرهم الغاضبة والذي أدى إلى الانفجار في لحظة لم يصبح عتاب الأحبة فيها ذو فعالية.

العتاب يمنع توهم أشياء لا وجود لها

لنتخيل المشهد مرة في وجود عتاب الأحبة ومرة مع عدم وجود عتاب الأحبة، لنتخيل أن هناك طرفي علاقة عاطفية في محفل ما، وقام طرف في العلاقة بإلقاء مزحة على حبيبته ضحك لها الجميع وابتسمت لها هي ابتسامة صفراء ماكرة لم تبرز مشاعرها بالكامل وظنها هذا الشخص أنه إقرار لهذه المزحة وتصالح معها، ثم تبدلت ملامحها وتغير مزاجها وتعكر صفوها وهما راجعان سألها مرارا: ما بك؟ فقالت: لا شيء. وأبت أن تفصح عما يجول بداخلها، وعندما اختلت بنفسها أخذت تفكر في الأمر واهتدت إلى أن هذا الشخص لا ريب أنه ألقى بهذه المزحة كي يقلل من شأنها وأنها لم تكن بنية حسنة، وبعد ساعتين من التفكير ستعرف أنه لا يحبها، بل ستصبح على يقين من هذا، وربما ستهاتفه فسيكون نام ولا يرد فستفسر تصرفه هذا على مشاعره الحقيقية تجاهها وتجلي حقيقة أنه لا يحبها، حسنًا في الصباح ربما ستأخذ قرارًا بإنهاء هذه العلاقة، وهكذا، وربما بعد إبلاغه بقرارها لن تفصح له على الإطلاق السبب الحقيقي وراء هذا القرار، وربما تحت إلحاح وضغط سيستجيب بالفعل مما سيؤكد لها صحة ما اهتدت إليه بالفعل، هذا بالطبع بدون عتاب الأحبة في الأمر، لكن مع عتاب الأحبة كيف سيكون الوضع؟ الآتي: لقد ضايقتني بمزحتك هذه الليلة. سيرد عليها: أووه عزيزتي أعتذر، لم أكن أعرف أنها ستثير استيائك، أعدك أنني لن أتفوه بمثل هذه المزحات ثانية، إنني أحرص دائمًا على احترامك واحترام رغباتك. أليس بهذا ينتهي الأمر بسلام ولا يسمح لتكوين أي أوهام وأفكار غير صحيحة؟ من هنا تتجلى أهمية عتاب الأحبة.

العتاب ينهي الخلافات

مما لا شك فيه إن العتاب مهما طال فإنه سينهي الخلافات والفائدة الأهم التي يحققها عتاب الأحبة بالفعل هو أنه ينهي الخلاف تمامًا مثل أي عملية جراحية عندما تستأصل الألم، صحيح أن العملية الجراحية صعبة ولكنها تتعامل مع موضع المشكلة مباشرة، وهو الجزء التالف من الجسم، لا تعمل بنظام المسكنات لذلك التغاضي عن الألم سيجعل الحالة تتدهور أكثر وربما تتدهور إلى الوضع الذي لا تستقيم معه العملية الجراحية كذلك العتاب، ينهي المسألة منذ جذورها أما التغاضي والتجاهل لوجود خلاف أصلا قد يجعل الأمور تسوء أكثر وعند أبسط موقف يطفو على السطح المخزون الناتج عن قمع مشاعر الغضب والتغاضي عن وجود الخلافات.

العتاب إعلاء لقيمة الحوار والمناقشة

مثلما قلنا في السطور السابقة أن عتاب الأحبة دليل على نضج العلاقة وكيف أنها تقوم على أساس المصارحة والشفافية كذلك العتاب أصلا إعلاء لقيمة الحوار والنقاش بين الأطراف مما ينتج عنه إرساء للقيم الحضارية في التعامل بدون أي تصرفات همجية يكون فيها إجبار للطرف الآخر على الاقتناع برأي أو بصحة شيء ما لا يزعم هذا الطرف الآخر أنه كذلك، أو عن طريق الابتزاز العاطفي الذي يكون هناك سحق لمشاعر طرف لحساب طرف آخر بدعوى الحب وبقوة العاطفة، لذلك العتاب البنّاء يكون إعلاء لقيم الحوار والمناقشة ويقوم بصقل العلاقة العاطفية أكثر وأكثر بين طرفي العلاقة العاطفية.

كيف يكون عتاب الأحبة السليم؟

هل عتاب الأحبة يكون فعالا في جميع الحالات ويسهم بالفعل في عدم تطور المشاكل؟ الإجابة لا، عندما يكون العتاب بشكل سليم فقط يجعل الأشخاص قادرون على حل مشاكلهم ومداواة الجروح، أما أن يكون العتاب بشكل أرعن ومتهور وقتها قد يساعد العتاب على تطور المشكلات أكثر وزيادة حدة الخلافات وقد يفضي إلى انتهاء العلاقة بشكل تام بل وانتهائها بعدم احترام وبدون أي سبل حضارية، فكيف يكون العتاب السليم الذي يؤدي بالفعل لحل المشاكل؟

العتاب دون تجريح

أول وأهم قاعدة تخص عتاب الأحبة هو العتاب دون تجريح، النية الحقيقية للعتاب هي التعبير عما يغضبك، لا إلقاء الاتهامات والتجريح في هذا الشخص إدانته والاستمتاع بمنظره وهو مخطئ أمامك، لذلك يجب أن يقتصر العتاب فقط التعبير عن الاستياء من تصرف أو قول معين، مع التأكيد على رسوخ الحب والعاطفة الجياشة منك تجاه هذا الشخص.

اختيار الوقت المناسب

لكل شيءٍ وقته، ولكل مشكلة من المشاكل أولوية عن الأخرى، لذلك عتاب الأحبة يجب أن يأتي في الوقت المناسب؟ أي في الوقت الذي يمكن فيه أن تلقى الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه لا مزيدًا من العناد والاستخفاف بغضبك واستيائك، لذلك عليك اختيار الوقت المناسب للعتاب ولا يكون الشخص لديه مشكلة كبرى أو كارثة في حياته فتخبره أنك غاضب منه، وقتها بشكل تلقائي سيتم مقارنة ما أغضبك بالكارثة الكبرى وبالتالي لن يكون الأمر في صالحك.

عدم التكبر عن الاعتذار عن الخطأ

مثلما تأمل من عتاب الأحبة الاعتذار عن الخطأ بعد الاعتراف به مع الوعد بعدم تكراره عليك أنت أيضًا ألا تتكبر عن الاعتذار عن الخطأ والاعتراف به إذا ثبت أنك أخطأت أيضًا، لأن هذا هو ما يخلق الألفة والاحترام المتبادل القائم في العلاقة العاطفية بين أطرافها.

تحديد الخطأ بالضبط

يجب عند الإقدام على عتاب الأحبة ألا تترك الشخص لتذكر ما الذي أخطأ فيه لأن هذه من الأشياء المستفزة وقد يحدث أنه يحاول التذكر فلا يجد فتقوم بتذكيره فيشعر أن الخطأ لم يكن يستحق كل هذا العناء، فلن يكون هذا في صالحك كما أنه سيشعر أن دماغك صغيرة من أجل اهتمامك بهذه التفاهات، لكن الأفضل أن تحدد الخطأ بالضبط ولماذا ضايقك هذا الخطأ إن كنت جادًا بالفعل في عتابك.

قبول الاعتذار والتسامح

كما قلنا إن الغرض من العتاب هو الاعتراف بالخطأ من الشخص الذي تعاتبه ومن ثم الاعتذار عنه بالتالي إن كنت ستقدم على العتاب عليك أن يكون لديك قابلية للاعتذار والتسامح، هذا بالطبع منطقي وطبيعي أنه طالما عاتبت شخصًا فإنك ستقبل اعتذاره عن خطئه.

خاتمة

عتاب الأحبة من الأمور الهامة والتي يجب ألا يخلو منها أي علاقة والحقيقة أن أي علاقة لا ينبغي أن يسعى أطرافها أن تكون خالية من الأخطاء بل أن تكون العلاقة مبنية بالأساس على التصالح مع وجود الخطأ وإرساء التسامح فيها.

محمد رشوان

أضف تعليق

5 × 2 =