انتشرت لعبة سبينر في الفترة الأخيرة بشكل كبير في أنحاء الوطن العربي وأصبحت متداولة بين الأطفال والكبار، فعلى الرغم من أن لعبة سبينر تعتبر لعبة عادية كباقي الألعاب لها فوائدها ولها أضرارها، إلا أنها أثارت جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها البعض بأنها لعبة ذات فائدة من الناحية النفسية لما تسببه من تهدئة للأعصاب وإزالة التوتر وفق ما يروج لها صانعيها، إلا أن بعض الخبراء حذر من خطورتها على الأطفال لما تسببه من أضرار نفسية وجسدية لهم. فقد يتساءل البعض كيف لهذه اللعبة أن تسبب كل هذا الجدل. وماهي المتعة من اللعب بلعبة سبينر لدى الأطفال ولماذا ينجذبون إليها على الرغم من أنها مجرد لعبة معدنية ليس لها أي نوع من أنواع المتعة أو تنمية المهارات الفكرية والبدنية.
استكشف هذه المقالة
لعبة سبينر
لعبة سبينر أو كما يطلق عليها بالإنجليزية Fidget spinners، لعبة مصنوعة من عدة خامات وأشكال وألوان، وهي مصممة خصيصا لتعمل على إزالة التوتر والقلق لدى من يلعب بها، وقد يستخدمها الأطباء لمساعدة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة على تخفيف التوتر وتهدئة الأعصاب وامتصاص الغضب.
لعبة سبينر عبارة عن أداة صغيرة الحجم، مصنوعة إما من النحاس أو الألمنيوم أو البلاستيك، تتكون من ثلاثة أجنحة أو محاور دائرية تشبه شكل المروحة، فتلك الأجنحة يتم استخدامها لدوران اللعبة وهي تحتوي على مواد مضادة للأكسدة تساعد على تقليل التوتر، ولها غلاف معدني للحماية. حيث يضع المستخدم أصابعه في المحاور الدائرية ثم يبدأ بتدويرها ذهاباً وإياباً. تكمن متعة اللعبة لدى الطفل هو مدى قدرته على إبقائها تدور لأطول فترة ممكنة.
لعبة سبينر الأصلية
لم تكن لعبة سبينر وليدة اللحظة بل أنها صُنعت منذ فترة من الزمن ليست بسيطة، حيث كانت البدايات في عام 1997 عندما قامت الأمريكية كاثرين هيتنجر وهي مهندسة كيميائية، بابتكار لعبة سبينر بهدف مساعدة ابنتها الصغيرة خاصة أن هيتنجر تعاني من مرض الوهن العضلي ولا تستطيع مشاركة ابنتها في اللعب. وقد جاءت فكرة اختراع اللعبة عندما كانت تشاهد أطفالا صغاراً يلقون الحجارة على المارين في الشارع، فبدأت بالتفكير بابتكار لعبة تُشغل الأطفال وتخفف من التوتر والاضطراب وبالتالي التقليل من حالات العنف لديهم، فكانت لعبة سبينر باكورة تفكيرها وبحثها المتواصل الذي توصلت إليه.
سجلت هيتنجر براءة اختراع للعبة في عام 1997 وقامت بتصنيع نسخ جديدة من اللعبة الدوارة سبينر لمدة ثمان سنوات، إلا أنها لم تستطع تجديد براءة الاختراع بسبب عدم امتلاكها رسوم التجديد التي تبلغ 400 دولار، فسحب منها حق براءة الاختراع في عام 2005، فانتقلت الملكية الفكرية للعبة سبينر إلى شركة هاسبرو العملاقة، التي قامت باختبار تصميم اللعبة، وبدأت في إنتاجها وتطويرها. والجدير بالذكر أنه على الرغم من انتشار اللعبة في السنوات الأخيرة وحصولها على أعلى نسبة مبيعات، إلا أن هذه الأرباح لم تجنِ منها هيتنجر دولاراً واحداً، بسبب فقدها لأحقية براءة الاختراع.
لعبة سبينر المضيئة
منذ انطلاق لعبة سبينر ونجاحها في الأسواق تهافت التجار لتصنيعها وبيعها حتى أن هناك مشاهير بدأ بتجارتها كالممثلة الأمريكية كيم كارديشيان، وبدأ الموردون بتطوير اللعبة فطُرح منها أجيالا جديدة مختلفة الأشكال والألوان والميزات، حي تم إضافة أضواء ليد على اللعبة ومكبرات صوت لمزيد من الجاذبية للطفل، كما تم إضافة اتصال بلوتوث للاستماع إلى الموسيقى والاستمتاع بالألوان المضيئة البراقة التي تُضاء أثناء اللعب بها.
جدل حول مخاطر لعبة سبينر وفوائدها
اختلف أخصائيو الطب النفسي والباحثون في الرأي حول فوائد لعبة سبينر وأضرارها، فالبعض يرى أن الهدف الأساسي من استخدام اللعبة هو مساعدة مرضى نقص الانتباه وفرط النشاط الحركي ومرضى التوحد، حيث تساعد على زيادة نسبة التركيز لدى أطفال التوحد، وفي رأي آخر لعالم النفس في جامعة سنترال بفلوريدا “مارك رابورت” أنه تكمن فائدة لعبة سبينر لمرضى التوحد وفرط الحركة تكمن في أنها تلهيهم عن التوتر والعصبية، فينشغلون باللعب بها كما أشار إلى أنه لا يوجد فكرة داعمة بأن استخدام لعبة سبينر تساعد على جلب الانتباه والتركيز.
وقد أشاد أولياء أمور مدرسة ابتدائية في شيكاغو متخصصة بذوي الاحتياجات الخاصة إلى أن اللعبة أدت بنتائج مذهلة لدى الأطفال المصابين بالتوحد، فمن وجهة نظرهم بأننا حققت العديد من الفوائد على الرغم من نفي مديرة المدرسة ذاتها لهذا القول حيث أكدت بأن لعبة سبينر ماهي إلا لعبة عادية للتسلية فقط ولا يوجد أي فائدة لها لذوي الاحتياجات الخاصة.
ومن جانب آخر فقد أرسلت إحدى المدارس الثانوية في ولاية مانشستر رسائل نصية تحذر خلالها من شراء أو استخدام لعبة سبينر، وقد ذكرت المدرسة في رسالتها بأن اللعبة تعمل على إلهاء الطلبة أثناء سير العملية التعليمية مما يؤثر على مستواهم الدراسي ومستقبلهم، وهذا يعني بأن اللعبة تسبب الإدمان لدى مستخدمها، فمع كثرة الاستخدام سيخلق للاعب نوع من التعلق للعبة وفقد السيطرة على التحكم بها والتوقف عنها، مما يؤدي إلى عدم قدرته الاستغناء عن اللعبة خاصة إذا يشاركه فيها مجموعة من المنافسين.
ولا تتوقف مخاطر لعبة سبينر عند هذا الحد، فبعكس ما يدعي مروجو اللعبة فهي تؤدي إلى تشتيت الانتباه وعدم القدرة على التركيز بأمور أخرى سوى في اللعبة وكيفية دورانها.
وقد أظهرت العديد من الدراسات والأبحاث بأنه لا يوجد دليل فعلي على أن لعبة سبينر تساعد أطفال التوحد، ولا يوجد دراسة تثبت فائدتها حتى تاريخنا هذا، فمعظم العلماء يجمعون على أنها لعبة بغرض التسلية فقط والإفراط بها يؤدي إلى عواقب وخيمة كالتشتيت وزيادة القلق والتوتر وعدم التركيز.
المخاطر الجسدية
حذر الأطباء من الاستخدام المتواصل للعبة سبينر بعد المؤثرات التي تمت إضافتها في نسخها الحديثة، فعلى الرغم من التكنولوجيا التي تُصنع منها اللعبة إلا أنها بحاجة إلى تعديلات لإبعاد الخطر الجسيم عن مستخدمها، فاللعبة على سبيل المثال تتمكن من التقاط النار بسهولة وتذوب مما تسبب حروق وجروح خطيرة، كما أن المؤثرات الضوئية التي تحتوي عليها من الممكن أن تؤدي إلى أذى العين وربما فقدان البصر.
مواقع التواصل الاجتماعي
أثارت لعبة سبينر ضجة كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي وصلت إلى حد الهوس بها، فمروجو اللعبة ومطوروها أمثال شركة كيك ستارتر التي ربحت أكثر من ست ملايين دولار أمريكي من خلال التسويق لمنتج سبينر عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن أصبحت من أكثر الألعاب شعبية في وقتنا الحالي، وقد أظهرت تقارير مؤشرات البحث في جوجل وغيره من محركات البحث الأخرى بأن لعبة سبينر حصلت على أكثر عدد من عمليات البحث منافسة في ذلك كل من الرئيسي الأمريكي دونالد ترامب والممثلة العالمية كيم كارديشيان. وعلى الرغم من انتشار صفحات المواقع المحذرة من شراء لعبة سبينر وتداولها لما تسببه من مخاطر جسدية ونفسية للأطفال والكبار معا، إلا أنه في سياق آخر نجد بأن إعلانات المتاجرة باللعبة تملأ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات المتاجر الإلكترونية، حيث وصل سعر لعبة سبينر في موقع أمازون للتسويق الإلكتروني الشهير إلى أكثر من 460 دولا خاصة بعد تطوير اللعبة وإضافة المؤثرات الصوتية والضوئية لها والإمكانيات التكنولوجية فيها.
خاتمة
إذا، بعد طرح كافة الآراء حول جدلية لعبة سبينر ما بين الفائدة والضرر ستُرجح كفة ضررها عن فائدتها، ويمكننا القول بأن لعبة سبينر هي مجرد لعبة عادية للتسلية فقط ويُحذر من استخدامها المفرط حتى لا تؤدي إلى الإدمان والتسبب في عواقب نفسية وجسدية وبالأخص للأطفال دون سن الخامسة.
أضف تعليق