في العصر الحديث، تغير مفهوم الإدمان بشكل أوسع ليضم عدد من الأشكال المختلفة للمخدرات، فمع التقدم العلمي السريع للتكنولوجيا، وبداية دخول الإنترنت في حياة كل البشر، أصبح هناك هوس بالحياة الإلكترونية على شبكة الإنترنت، وتنوعت أشكال مواقع التواصل، وهذا ما بينته بعض الدراسات أنه نوع جديد من الإدمان، وكذلك ظهر ما يسمى بالمخدرات الرقمية، وهي مخدرات مختلفة جدًا في الشكل وطريقة التعاطي عن المخدرات التقليدية، ومع ذلك، لها أضرار كبيرة جدًا مثل المخدرات العادية، فالمخدراتِ تشوه عقل الفرد وتدمر جميع مجالات حياته، وفي هذا الموضوع نتحدث عن تعريف الإدمان، وما هي الأشكال الجديدة التي غيرت من مفهوم الإدمان، والأسباب وراء انجراف بعض الأشخاص في حياة الإدمان، وكيف يمكن الوقاية من ذلك؟.
استكشف هذه المقالة
تعريف الإدمان لغة واصطلاحًا
في اللغة الإدمان هو اسم من الفعل دَمِن، ودَمِن على شيء أي لزم عليه، وبالتالي فإن إدمان الشيء كالمخدرات أو الشراب هو الإدامة عليه وعدم الإقلاع عنه، وإدمانُ الشيء أيضًا هو المواظبة على فعله، أما الإدمان اصطلاحًا، هو تكرار عمل فعل معين نتيجة اضطراب في السلوك، ويقوم الفرد بعمل وتكرار هذا الشيء حتى يشعر بحالة معينة دون النظر إلى العواقب والآثار السلبية وراء ذلك، حتى إذا كانت هذه العواقب لن تؤثر عليه وحده بل على جميع المحيطين به، ويفسر العلماء طبيعة هذا الفرد بأنه حالة من الصعب السيطرة عليها، لأن الفرد على الأغلب يُدمن على الشراب أو المخدرات، أو غيرها كلعب القمار، والإدمان أي أن كان شكله في أي مجتمع يعتمد على عدد من العوامل الاجتماعية والوراثية والبيولوجية.
أنواع الإدمان
الإدمان في العادة يأخذ شكلين، الشكل الأول، هو إدمان المخدرات، كالماريغوانا والخمر والكوكايين، ويعتبر نسبة كبيرة من الأطباء التدخين كذلك نوع من أنواع الإدمان، وذلك بسبب احتواء السجائر على مادة النيكوتين.
الشكل الثاني من أشكال الإدمان، هو إدمان يرتبط بسلوك الفرد نفسه، وفي هذا النوع لا يستطيع الفرد السيطرة على نفسه لأن هذا النوع يوصف بالسلوكِ القهري، فالفرد في العادة لا يستطيع مقاومتها بسبب ما يحدث من تغييرات كيميائية في دماغ الفرد، ومثال على ذلك، إدمان بعض الأشخاص على الحب، وهذا النوع يتطلب دعم عاطفي دائمًا، وقد يصل الإدمان إلى حالة من الهوس، ويعتبر الهوس بالإنترنتِ والألعاب الإلكترونية إدمانًا حديثًا ظهر في القرن الحادي والعشرين ليغيرِ من مفهوم الإدمان التقليدي.
أسباب الإدمان
يوجد عدد من العوامل التي قد تقود بعض الأشخاص إلى الإدمان بكل سهولة، ومع اختلاف مفهوم الإدمان عند البعض، وحتى في المجتمعات والثقافات المختلفة إلا أن هناك بعض من العوامل التي يتشارك فيها جميع من يقود الإدمان حياتهم، ونذكر منها:
- الصداقة السيئة، في أغلب الأوقات، وعلى أساس ما بينته بعض الدراسات والملاحظات، فإن أكثر من نصف المدمنين يرجع سبب إدمانهم إلى الصحبة السيئة.
- المشاكل الاجتماعية، قد يكون سبب الإدمان هو صدمة نفسية في بعض الأحيان، وذلك بسبب حدث غير متوقع في حياة أحد الأشخاص المقربين كالموت مثلاً، أو حتى النزاعات وطلاق الوالدين.
- سوء المعاملة، عندما يتعرض أحد الأشخاص لسوء معاملة في البيت أو في المدرسة أو بشكل أكبر في المجتمع، قد يكون هذا سببًا كبيرًا في إدمانه المخدرات أو غيرها من المواد الضارة.
- الحالة الشخصية، في بعض الأحيان يكون من السهولة جدًا على بعض الأشخاص الانخراط في إدمان شيء ما، وذلك لأنهم يتمتعون بشخصية إدمانية، ولا يستطيعون السيطرة على أنفسهم بالشكل المناسب.
- الظروف المادية الجيدة، قد يكون توافر الأموال لشخص ما عاملاً كبيرًا في المساعدة على شراء أي شيء يريده، وفي الغالب يحدث ذلك عند غياب انتباه الأهل والمدرسة كذلك.
أضرار الإدمان
يتسبب الإدمان في عدة مخاطر كبيرة تؤثر على حياة الفرد وجميع من حوله، وتنقسم هذه المخاطر إلى ثلاثة أقسام:
- القسم الأول، مخاطر على الصعيد الشخصي، معظم المدمنين يعانون من اضطرابات نفسية وأمراض عقلية مختلفة، منها الاكتئاب والقلق، وكذلك يتسبب الإدمان في أمراض جسدية نتيجة استخدام أدوات ملوثة، والتي تسبب أمراض ضعف المناعة كالإيدز، وقد يتحول الأمر إلى تصرفات طائشة مثل الإقبال على الانتحار وذلك للشعور بالفشل واليأس دائمًا.
- القسم الثاني، أضرار على الصعيد المالي، المواد المخدرة دائمًا ذات سعر عالىٍ لأنها غير قانونية، لذلك يعتبر الإدمان سببًا كبيرًا في خسارة الأموال والفقر وذلك بسبب حاجة المدمن المستمرة لشراء المخدر.
- القسم الثالث والأخير، مخاطر على الصعيد الاجتماعي، نتيجة الاضطرابات التي تعيش عليها شخصية المدمن، يؤدي ذلك لخسارته أهله وجميع من يعرفه، وذلك بسبب النزاعات المتكررة، ويقود الإدمان صاحبه كذلك للقيام بأعمال غير قانونية، إذ يتحول إلى شخص سلبي يقوم بالسرقة والقتل والنهب من أجل المال.
مفهوم الإدمان على المخدرات
يتغير مفهوم الإدمان من جيل إلى جيل، وذلك لعدة أسباب، منها تطور التكنولوجيا، فمع هذا التطور ظهرت أنواع جديدة من المخدرات غيرت مفهوم الإدمان القديم بشكل كبير، ومع ذلك، فإدمانِ المخدرات هو أمر شائع في العالم كله، و مفهوم الإدمان على المخدرات يختلف كثيرًا عن أي شكل من أشكال الإدمان الأخرى، إذ أصبح العالم الذي نعيش فيه مليء بالسلبيات، ومع تطور المفاهيم الاجتماعية الاقتصادية، لم يتغير شكل الإدمان على المخدرات في العالم، رغم اختلاف الدول الثقافات، ولم يعد الإدمان يعرف سنًا، ويعتبر الإدمان من أكبر المخاطر التي تهدد حياة الإنسان بشكل كبير، في بعض الأحيان يقود الإدمان حياة الإنسان إلى الموت.
ولوضع تعريف يوضح مفهوم الإدمان على المخدرات بشكل مباشر، فإدمانِ المخدرات هو تعاطي المواد المخدرة المختلفة كالماريغوانا والهيروين والكوكايين وحبوب الهلوسة، وهذا للانفصال عن الواقع والغياب عن الوعي لفترة من الزمن، لكي يعيش الإنسان سعادة وهمية بعد أن يترك الإدمان عقله ضعيفًا ومشوهًا.
الآثار السلبية للمخدرات
الآثار الصحية، تعمل المخدرات على إتلاف خلايا الجهاز العصبي، وتضعف التفكير بشكل كبير، وكذلك تُضعف قدرة الإنسان على الاستجابة والفهم، وتتسبب أيضًا في ضعف الرؤية، وظهور خطوط غامقة تحت العين، وتتسبب المخدرات كذلك في مشاكل في الجهاز الهضمي واضطرابات بشكل مستمر في البطن، ومن أخطر الأضرار الصحية التي تتسبب فيها المخدرات، هي إضعاف حركة عضلة القلب، وهذا ما يؤدي إلى صعوبة في التنفس بشكل كبير، وبشكل عام المخدرات تؤثر على الشخص وتصيبهُ بالضعف.
الآثار الاجتماعية، كما ذكرنا في مخاطر الإدمان عامة، فإن إدمان المخدرات لا يجلب سوء الفساد الاجتماعي، حيث تؤدي إلى تدمير العلاقات الاجتماعية، وذلك لرغبةِ المدمن في الوجود بالقرب من أصدقائه المدمنين، ويلجأ الناس للهرب من المدمنين خوفًا منهم ولسمعتهم السيئة، ومن الأضرار الاجتماعية كذلك، الابتعاد عن التعليم والدراسة والعمل، فيتحولِ الشخص إلى عالةِ ليس لها أي قيمة في المجتمع.
الآثار النفسية، عند التعاطي يشعر المدمن بالنشوة والسعادة، ومع زوال المفعول يعود مجددًا للشعور بالاكتئاب والحزن، لأن حل المشاكل في نظره لا يكون إلا بالتعاطي مرة أخرى.
مفهوم الإدمان الإلكتروني
مفهوم الإدمان الإلكتروني أو إدمان الإنترنت أو الألعاب الإلكترونية مفهوم ظهر حديثًا مع تطور وسائل الترفيه التكنولوجية، الشخص المدمن يقضي وقتًا طويلاً جدًا على الإنترنت أو في اللعب، وهذا ما يغير من مفهوم الإدمان التقليدي، وهذا النوع من الإدمان يتعارض تمامًا مع حياة الشخص اليومية، ويبدأ في نسيان الواجبات الوظائف المسئول عنها، والإدمان الإلكتروني يقضي كذلك على حياة الشخص المدمن الذي يجعل من الإنترنت هو عالم المدمن، فيبدأ بالانفصال عن العائلة والأصدقاء، وهذا ما يخلق له القلق والتوتر الدائمين.
أصبح مفهوم الإدمان الإلكتروني مفهومًا ومشكلة عالمية، تتم الآن دراستها للعمل على إيجاد وسائل لعلاجها، والدول التي تقوم بهذه الدراسات مثل الصين وكوريا تعتبر الإدمان الإلكتروني مرضًا خطيرًا يتسبب في أضرار كبيرة كالمخدرات تمامًا، تمنع الإنسان من العيش حياة طبيعية.
أسباب الإدمان الإلكتروني
بمقارنة الإدمان الإلكتروني بأنواعِ الإدمان الأخرى يمكن فهم هذا الإدمان أيضًا، حيث يستخدم مدمنو الإنترنت هذه الشبكة لشعورهم بالسيطرة على حياتهم، وأنهم طبيعيون مثل بقية البشر الذين يستخدمون الإنترنت، وبهذه يتكون لديهم شعور بالسعادة عن طريق الإنترنت، وهذا يقودهم للتخلي عن العلاقات الاجتماعية الطبيعية في الواقع، ويستبدلونها بالعلاقات الافتراضية على الإنترنت.
والطبيعة التكوينية للإدمان على الإنترنت مثل طبيعية إدمان المواد المخدرة كما ذكرنا، حيث أن هناك معاناة واضحة من المدمنين على الإنترنت للتفوقِ في حياتهم الإلكترونية، ومع الفشل، يبدأ شعورهم بالإحباط بالظهور، مما يضطرهم للتعمق أكثر في هذه الشبكة التي لا تنتهي.
ما هي المخدرات الرقمية؟
المخدرات الرقمية أو كما تعرف بـ iDoser، هي نوع مخدرات حديث، يعد من أهم الأمثلة على تغيير مفهوم الإدمان في العصر الحديث، وهذا النوع من المخدرات له شكل مختلف تمامًا، وطريقة تعاطي حديثة للغاية، فهذا المخدر يدخل إلى الجسم عن طريق الأذن، وهذه المخدرات الرقمية هي عبارة عن مقطع صوت أو نغمة قصيرة، ويتم سماع هذه النغمة باستخدام سماعات، ويتوقف تأثير هذه المخدرات على الترددات التي ترسل إلى الأذن، حيث يتم إرسال ترددات بمستوى معين للأذن اليمنى وبدرجةِ أقل ترددات أخرى للأذن اليسرى.
ويرجع بداية ظهور هذا النوع من المخدرات إلى عام 1839، إذ تم اكتشافها على يد الفيزيائي الألماني هينريش دوف، وتم تسمية هذه الطريقة في البداية بنقر الأذنين، وفي سبعينيات القرن الماضي تم استخدامها كطريقة لعلاج بعض الحالات النفسية، وتعد هذه الطريقة طريقة تعاطي إلكتروني، إذ تحفز الدماغ على إفراز منشطات للمزاج إلكترونيًا.
ويوجد على شبكة الإنترنت عدد من المواقع المسؤولة عن بيع هذه النوع من المخدرات، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي التي تعد أكبر سوق موجود لبيعِ هذه المخدرات.
الوقاية من المخدرات
قد تكون الأسباب وراء تعاطي المخدرات خارجة عن سيطرة المدمن، أو من الممكن أن يكون المدمن ضعيف الشخصية غير قادر على السيطرة على حياته، وأحيانًا، يكون السبب نزاعات اجتماعية واضطرابات نفسية، لذلك يجب دائمًا الوقاية من خطر الانجراف وراء المخدرات والتوعية بخطورتها، وهذه بعض الطرق للوقاية من المخدرات:
- يجب الاهتمام بتربية الأطفال ومراقبة سلوكياتهم وتصرفاتهم، والعمل على توجيههم لعمل الخير دائمًا.
- اختيار أنسب الطرق عند النقاش والتعامل، لأن سوء المعاملة وضعف الاتصال بين الأهل والفرد يجعله يبحث عن هذا الاهتمام في الخارج، وعندها يتسبب رفاق السوء في تدمير حياته.
- عمل الأسرة والمدرسة على التوعية بخطورة المخدرات، والأضرار الكبيرة التي تسببها للأشخاص.
- وعلى الحكومات سنّ ووضع القوانين التي تجرم هذه المواد، وتدريب فرق جاهزة للتعامل مع المواقع المسؤولة عن ترويج هذه المخدرات.
أضف تعليق