تتنوع معدلات قراءة الكتب عالميًا وتختلف باختلاف الاهتمامات والأنشطة في جميع المجتمعات، ومع ذلك فإن القراءة تعد من أهم سمات الحياة الأساسية في المجتمعات المتفتحة والمتطورة، لذلك تحرص جميع الدول على غرس حب القراءة في مواطنيها منذ سن الطفولة، وتعمل على توفير البرامج والمجالس والمكتبات للقراء، وتقوم عدة دول كاليابان والصين بعمليات ترجمة واسعة للعديد من الكتب التي تنشر في جميع أنحاء العلماء لإبقاء مواطنيها على دراية بكل ما يصل إليها العالم من حولهم، ومعدلات القراءة في الوطن العربي تمثل تهديدًا كبيرًا للحياة المستقبلية للمواطن العربي، حيث تصل معدلات القراءة في الوطن العربي لمستويات ضعيفة جدًا مقارنة بأوروبا وأمريكا وذلك لعدة أسباب نذكرها في هذا الموضوع، ونوضح كيف يمكن حلها، وكذلك نذكر بعض الأرقام الخاصة بمعدلات القراءة اليومية والعالمية.
استكشف هذه المقالة
معدل قراءة الكتب عند العرب
تشير إحصاءات معدلات قراءة الكتب عند العرب إلى تدهور كبير في الواقع الفكري والثقافي للفرد العربي، وتعتبر هذه المعدلات الضئيلة مشكلة كبيرة وذلك عند مقارنتها بالإحصاءات الخاصة بمعدلات قراءة الأفراد الأوروبيين أو في أي مكان آخر.
وتشير تلك الإحصاءات إلى أن معدل قراءة الكتب عند المواطن العربي لا يتعدى ربع صفحة للفرد الواحد في السنة، وهي نتائج تم الوصول إليها بعد متابعة لجنة تهتم بشئون النشر وتتبع هذه اللجنة المجلس الأعلى للثقافة الموجود بمصر.
ومن الملاحظ أن هذا المعدل يأخذ في الهبوط سنويًا، فحسب التقارير التي تصدر من منظمة اليونسكو، كان معدل قراءة الفرد العربي في عام 2003 هو كتاب لكل 80 عربيًا، على عكس تمامًا معدلات قراءة الكتب للفرد الأوروبي والذي يصل إلى 35 كتابًا سنويًا، ومع أن الفارق كبير جدًا بين المعدلين إلا أن الفارق الآن يعتبر فارق كارثي ودليل واضح على الهوة الثقافية الموجودة بين المواطن العربي والأوروبي.
وأشارت تقارير منظمة الفكر العربي الصادرة عام 2011 إلي أن العربي يقرأ بمعدل يصل إلى 6 دقائق في السنة، وهو معدل يعبر عن مدى التأخر الثقافي والعلمي الذي يعيشه المواطن العربي، ومع اختلاف الأدوات التي يلجأ إليها المواطن العربي للبحث، فجميع الإحصاءات تؤكد مدى سوء المعدلات الخاصة بالقراءة في الوطن العربي، سواء أن كان ذلك بالدقيقة أو بالصفحة أو حتى بالكتاب، وهو ما يزيد من الفجوة الثقافية بين العربي وغيره من البشر الذي يعيشون في مجتمعات تحافظ على القراءة كنوع من الروتين اليومي وتقدر مدى أهميتها المجتمعية.
وبعض الدراسات التي أجريت تشير إلى عدد من النتائج الخاص بالقراءة في عدد من الدول العربية، حيث يقضي المغاربة والمصريون حوالي 45 دقيقة يوميًا في قراءة الصحف، ويصل الوقت إلى 35 دقيقة في تونس، و30 دقيقة في لبنان، وهو ما يوضح الاختلاف في بين الوقت التي يقضيها العرب في قراءة الصحف والوقت الذي يقضونه في إطلاع الكتب.
إنتاج الوطن العربي من الكتب
في عام 1991، كان إنتاج الوطن العربي من الكتب قد وصل إلى تقريبًا 6500 كتاب في ذلك العام، وهو رقم صغير مقارنة بعدد الكتب التي أنتجت في أمريكا الشمالية في ذلك العام والذي بلغ حوالي 100 ألف كتاب، وكذلك عدد الكتب الذي أنتج في أمريكا اللاتينية والذي كان حوالي 42 ألف كتاب.
وحسب التقارير التي تصدر من منظمة اليونسكو فإن عدد الكتب الثقافية التي يتم طباعتها ونشرها في الوطن العربي لا يتعدى 5000 كتاب في السنة، على عكس ما يتم إصداره في العام الواحد في أمريكا والذي يصل عدد إلى 300 ألف كتاب.
ويعتمد انتشار الكتب كذلك على المواطن، فعدد الكتب التي يتم عمل طبعات متعددة منها قليل جدًا، فالكتاب يتم طباعة ألف أو بالكثير 5 آلاف نسخة منه، وفي الغرب يتجاوز الرقم الخمسين ألف للكتاب الواحد أو حتى زيادة عن هذا الرقم، دليل آخر على تدهور معدلات قراءة الكتب عند العرب.
أسباب انخفاض معدلات قراءة الكتب وبعض الحلول
يوجد في الوطن العربي العديد من الأسباب الواضحة التي تفسر تدهور وانحدار معدلات قراءة الكتب بهذا الشكل، ومن أهمها الأمية العالية الموجودة في مناطق كثيرة بالوطن العربي، وتأتي أيضًا الأزمات والصعوبات الاقتصادية كسبب واضح لبعد المواطن العربي عن القراءة، فالصعوبات الاقتصادية لا تسمح للمواطن العربي بالراحة في معظم الأحيان والحصول على بعض الوقت للقراءة، أو حتى المال الكافي لشراء الكتب، ومن الأسباب أيضًا المهمة، هو عدم تشجيع الأسرة على القراءة وجعلها جزءًا مهما من الحياة، وقلة انتشار الكتب كذلك تبعد الفرد عن الاهتمام بها وبمحتواها الفكري والثقافي وهو شيء مفقود من مناهج التربية والدراسة أيضًا.
وكذلك هناك أسباب أخرى لانخفاض معدلات قراءة الكتب في الوطن العربي ظهرت مع تطور التكنولوجيا ودخول الإنترنت في المجتمعات العربية، فالوقت الذي يقضيه المواطن العربي على مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي كبير جدًا، على عكس الوقت الذي يقضيه في قراءة الكتب، وأيضًا يقضي المواطن العربي ساعات طويلة أمام التليفزيون والقنوات الفضائية.
ولحل هذه المشكلة الكبيرة يجب على الحكومات بمساعدة الوزارات كوزارة الشباب والتعليم والأهم وزارة الثقافة العمل على وضع خطط محكمة تجعل من القراءة جزءًا لا يتجزأ من حياة المواطن، وابتكار برامج ومناهج تعليمية متطورة تساعد على تنمية الفكر لدى الطلاب وتشجيعهم على القراءة باستمرار، والاهتمام بالأسر والبرامج التربوية التي من شأنها جعل القراءة من هوايات الأطفال المحببة، وعمل المنافسات والبرامج لتشجيع الشباب على القراءة، للقضاء على أزمة معدلات قراءة الكتب السيئة وتنمية الوطن العربي عن طريق الثقافة والعلم.
معدل القراءة اليومي
يواجه معظم الناس مشاكل بخصوص الوقت المتاح للقراءة، ومع ذلك فإن معظم البشر يقرؤن بسرعة 200 كلمة في الدقيقة، وهي سرعة أكبر حتى من سرعتهم أثناء التحدث، وتختلف معدلات القراءة من شخص لآخر، كما يختلف المعدل بالنسبة للمكان، ومع ذلك فإن بعض الناس يمكنهم إنجاز بعض الكتب في مدة صغيرة على حسب نوع الكتاب، فالكتب الأدبية يمكن إتمام قراءتها بسرعة بالنسبة لبعض الأشخاص والبعض يستغرق فيها وقت أطول من اللازم، وعادة ما تحتاج الكتب العلمية إلى وقت أطول لصعوبتها في أغلب الأحيان على عامة الناس.
ويوجد حول العالم محبي للقراءة يصل معدل القراءة اليومي لديهم لكتاب يوميًا، وهو معدل عالي جدًا بالنسبة للمعدلات المتوسطة في العالم، ومع ذلك يمكن لجميع البشر زيادة قدرتهم على تحسين طريقة قراءتهم وزيادة سرعتهم كذلك في القراءة.
معدل قراءة الفرد الياباني
اليابان هي ثالث أكبر اقتصاد عالمي، وحقق البلد نموًا كبيرًا اقتصاديًا وثقافيًا بعد الدمار الكبير الذي خرجت به البلاد من الحرب العالمية الثانية.
ونسبة التعليم في اليابان كبيرة جدًا مقارنة بمعظم الدول في العالم، حيث تصل إلى 99 في المائة من الشعب، وكان للكتاب دورًا كبيرًا في وصول نسبة التعليم لمثل هذا الرقم، فالفرد الياباني يهتم بما تنشره مؤسسات النشر اليابانية دائمًا، ويصل عدد من تنشره هذه المؤسسات إلى ما يقارب 350 ألف عنوان جديد سنويًا، والمعروف عن اليابان تصدرها لقائمة أعلى الدول في معدلات قراءة الكتب عالميًا، إذ يصل معدل قراءة الكتب للفرد الواحد في اليابان أسبوعيًا إلى تقريبًا 4 ساعات.
وقد ساعد في ذلك خطط الحكومة الاستراتيجية لتشجيع الأطفال على القراءة وكذلك دعم المكتبات بقوة، المكتبات المدرسية خصوصًا والمكتبات المجانية.
وتمتلك اليابان حركة ترجمة واسعة تصل إلى 200 كتاب سنويًا وتهتم الكتب بأدب الأطفال، كما تهتم اليابان بإرسال بعثات لمعارض الكتاب المتنوعة حول العالم لبحث ودراسة المنشورات بها واختيار المناسب منها للترجمة للغة اليابانية، وبذلك تهدف الحكومة لتربية أطفال تعرف جميع المعلومات التي يحصل عليها الأطفال في جميع أنحاء العالم.
ويرجع ارتفاع معدلات قراءة الكتب لدى الفرد الياباني إلى خطط الحكومة التي اعتمدتها منذ عام 1947، بعد أن أعلنت الدولة قانون التعليم الإلزامي للأطفال الذي يلتزم بأن يكون أول أسبوع دراسي هو للقراءة فقط، ومع بداية الخمسينيات أصدرت الحكمة قانونًا تنظيميًا لتشجيع جميع الطلاب على القراءة.
كما قامت الدولة بإنشاء مجالس للقراءة، وتم إنشاء الهيئة اليابانية العامة لكتب الشباب، وأصبحت الكتب الموجودة بالمكتبات المدرسية والعامة متاحة للإعارة مجانًا.
وفي عام 2003، شهدت البلاد بداية مهرجان الكل يقرأ، والتي وفرت فيه الحكومة أساتذة ومعلمين لمساعدة جميع الراغبين في القراءة، وفي 2008، قام مجلس الوزراء بإصدار قانونًا بتوزيع الكتب مجانًا على الأطفال والطلاب بجميع المدارس والجامعات.
معدل قراءة الكتب في العالم
تختلف معدلات قراءة الكتب في العالم من مكان لآخر، وذلك لعدة أسباب، بعض الدول لديها برامج ومناهج تطبيقية تساهم بقوة في تشجيع المواطنين وتربية الأطفال والطلاب على القراءة كجزء مهم من الحياة وغرس الاهتمام الدائم بالمعرفة.
وتشير معدلات القراءة بين الدول إلى الفجوات الثقافية بين المناطق والبلاد ومدى تأثير القراءة على الفرد والمجتمعات.
في عام 2007، بلغ عدد الكتب المنشورة في الوطن العربي حوالي 27 ألف كتاب، يمثل 65 في المائة منها كتبًا تهتم بالأدب والأديان ونسبة حوالي 15 في المائة تهتم بالعلوم، بهذه الأرقام فإن هناك كتاب واحد يصدر لكل 12 ألف مواطن عربي، وهذا دليل واضح على ضعف معدلات القراءة، على عكس تمامًا الأرقام بالنسبة للأفراد في مناطق أخرى تزداد فيها معدلات قراءة الكتب، ففي بريطانيا يصدر كتاب لكل 500 شخص، ويصدر في ألمانيا كتاب لكل 900 شخص، وهذا يدل أن معدل القراءة في الوطن العربي يساوي 4 في المائة من معدل قراءة الفرد في بريطانيا.
ويزداد عدد القراء في الدول التي تعمل على الترجمة بشكل مستمر، فاليابان تقوم بترجمة 30 مليون صفحة في السنة، وعدد الترجمات العربية تصل إلى خمس ما يتم ترجمته في اليونان سنويًا.
وتتمتع دول كأمريكا بنسبة قراء جيدة، حيث تقوم الدول بإصدار حوال 85 ألف كتاب سنويًا، وهو ما يشير إلى مدى ارتباط القراءة بوعي الشعوب.
وتكشف بعض الدراسات إلى أن الفرد الأوروبي يصل معدل قراءته للكتب في السنة إلى 35 كتاب، وكما ذكرنا سبقًا يقرأ 80 فردًا عربيًا كتابًا واحدًا سنويًا، بينما يقرأ المواطن البريطاني 7 كتب سنويًا، والمواطن الأمريكي 11 كتابًا سنويًا.
ومعدل نشر الكتب في العالم العربي يمثل 1 في المائة فقط، أي أن هناك 30 كتابًا لكل مليون عربي، ولكن هذا المعدل يختلف اختلافًا كبيرًا مقارنة بمعدلات نشر الكتب في أوروبا والذي يصل إلى 584 لكل مليون، وفي أمريكا يصل المعدل إلى 212 لكل مليون.
أضف تعليق