المقامات الموسيقية هي سلالم موسيقية تتكون من حروف متتالية بطرق مختلفة ما ينتج نغمة مميزة لكل مقام بحيث يُشَكِّل هذا التتالي طابعًا خاصًا لكل مقام. وهناك العديد من المقامات التي تعود إلى جذور مختلفة مثل الفارسية والعربية والتركية والأندلسية حيث تتميز كل عائلة بنمط وطابع مميز يعكس شخصية الثقافة التي أنتجتها. وعلى مدار تاريخ الموسيقى نشأت وتفرعت العديد من المقامات إلا أن ثمة قواعد ثابتة تُمَيِّز تلك المقامات من أهمها أن كل مقام يتكون من جنسين يُطلَق على أحدهما جنس الأصل والآخر جنس الفرع بحيث يشكل كلاهما الطابع المميز للمقام. ويمكن أيضًا تمييز المقام من درجة الركوز التي يبدأ بها السلم الموسيقي الخاص به؛ حيث يتكون المقام من ثمان نغمات توجد بينها سبع مسافات أو أبعاد صوتية؛ ومن هنا تتمايز الأصوات ويُكْتَسَب الطابع. وفي هذا المقال نتناول بالتفصيل شرح المقامات الموسيقية وأنواعها وتاريخها.
استكشف هذه المقالة
المقامات الموسيقية الشرقية
تشتهر الموسيقى العربية بكثرة المقامات الموسيقية بها حيث تتنوع النغمات بأساليب محددة ما يُكسب الموسيقى الشرقية طابعها المميز التي تتعرف عليه الآذان بسهولة، وفي السطور التالية نتناول أشهر المقامات الشرقية.
مقام نهاوند
يُعَد هذا المقام هو الأكثر شيوعًا واستخدامًا في الموسيقى الشرقية؛ حيث يصلح لمعظم النغمات سواء المرحة أو الحزينة. ويرتكز هذا المقام على درجة الدو. ويناسب هذا المقام الألحان ذات الطابع العاطفي المرهف أو الحزينة، بيد أنه يُضفي لمسة طرب ووقع راقص ومحبب للآذان؛ ويرجع ذلك إلى خلو سلمه الموسيقي من بُعد الربع تون الذي يميز الألحان الحزينة ذات القفلات الحارة المحببة للمستمع الشرقي.
مقام بياتي
يمتاز هذا المقام بحالة السلطنة وإعلاء الحالة المزاجية لدى المستمعين. وتتميز طبيعة هذا المقام بالاتساع بحيث يمكن استيعاب الألحان ذات المزاج المتقلب والتي تمزج بين الطرب والشجن والهدوء ما يضع المستمع في حالة من الحلم والاسترخاء والنشوة. ويرتكز هذا المقام على درجة الري.
مقام صبا
يُعَد هذا المقام منفردًا بطابعه الحزين الباكي حيث يمكن تمييزه بسهولة من خلال حالة البؤس الشديد الذي يبعثه في النفس. ويُعزَى ذلك إلى تركيبته الموسيقية الغنية بمسافة ربع تون التي تكسر النغمة وتضيف لها طابعًا حزينًا للغاية. ويرتكز هذا المقام على درجة الري، وتتنوع أجناسه بحيث يمكن التعبير عن هذا المقام بأكثر من طريقة إلا أن الحزن يظل طابعه الأوحد.
المقامات السبع
لا شك أن الموسيقى بشكل عام لديها العديد من المقامات الموسيقية يصعب حصرها، لذلك اتفق الموسيقيون على حصر المقامات الأساسية في سبع مقامات فقط يمكن الانطلاق منها بعد ذلك إلى فروعها وهذه المقامات هي:
- مقام نهاوند
- مقام بياتي
- مقام حجاز
- مقام كرد
- مقام صبا
- مقام سيكا
- مقام عجم
المقامات الموسيقية التركية
تُعَد الموسيقى التركية من أشهر وأعرق الموسيقات على مستوى العالم بل أنها ملهمة لمعظم الثقافات الموسيقية الأخرى سواء من حيث الآلات الموسيقية أو التكنيك الموسيقي. وفي النقاط التالية نشرح بعض المقامات الموسيقية التي تميز الموسيقى التركية عن غيرها:
مقام الحجاز التركي
على الرغم من أن هذا المقام له جذور عربية إلا أن الثقافة الموسيقية التركية استوعبته وأضافت إليه الطابع الموسيقي التركي. ويتميز هذا المقام بطابع الأسى والحزن ويشيع استخدامه في تلاوة القرآن الكريم والأذان. وهو من المقامات الرحبة لذلك يستعين به الكثير من الملحنين في أعمالهم.
مقام الكرد
يُعَد من أسهل السلالم الموسيقية، ومن ثم اكتسب روحًا معاصرة ودخل في العديد من الألحان في الآونة الأخيرة. ويرتكز هذا المقام على درجة الري. ويشيع استخدامه في الموسيقى التركية وهو الذي يعطيها هذا الطابع الآسر الذي تلتقطه الآذان فورًا وتحدد هويتها بسهولة.
المقامات الموسيقية على العود
تعتبر آلة العود من أشهر الآلات الشرقية وأعرقها، وبالإضافة إلى ذلك تتوفر في العود إمكانية عزف النغمات ذات الربع تون والتي تميز الموسيقى الشرقية والتركية ولا تدخل في الموسيقى الغربية، وبالتالي يمكن حصر المقامات الموسيقية على العود في أشهر المقامات الشرقية وهي على النحو التالي:
مقام السيكا
يعد هذا المقام من أشهر المقامات الشرقية المستخدمة بشكل شائع لا سيما أنه ذو طابع عاطفي حاد وبالتالي يتم استخدامه في الكثير من الأغاني العاطفية الشرقية. ويمكن لآلة العود أن تعبر عنه بطريقة رشيقة وجذابة بفضل الربع تون الذي يميز هذا المقام والذي يمكن أداؤه بسهولة على آلة العود بفضل تركيبته الوترية التي تسهل الانتقال المقامي على السلم الموسيقي. ويرتكز هذا المقام على درجة مي وهي الدرجة الثالثة في السلم الموسيقي.
مقام العجم
يُعَد من المقامات الشرقية الأساسية الشائعة الاستخدام، وقد أُطلِقَ عليه هذا الاسم نظرًا للروح الغربية التي تسيطر على نغماته على الرغم من كونه مقامًا شرقيًا. ويرتكز هذا المقام على درجة الدو، وهو مقام طبيعي ذو أبعاد طبيعية، وبالتالي يتم أداؤه وعزفه على آلة العود بسهولة لا سيما من جانب المبتدئين بسبب سهولة وبساطة الانتقالات المقامية به على السلم الموسيقي. وتتوالي الحروف الموسيقية في هذا المقام بطريقة طبيعية وسلسلة ما يسهل تعلمه بدون أي تعقيدات.
المقامات الموسيقية في القرآن
تُستخدم المقامات الموسيقية في تلاوة القرآن الكريم وإنشاد التواشيح الدينية وإقامة الأذان، وفي هذه الحالة يتم الأداء من خلال الصوت البشري بدلاً من الآلة الموسيقية، ولا بد للمقرئ أن يكون دارسًا لعلم المقامات حتى يستطيع أن يعبر صوتيًا بطريقة سليمة تخلو من النشاز. ولا شك أن هناك بعض العناصر الإضافية التي يجب الانتباه إليها في هذه الحالة الاستثنائية وهي سلامة مخارج الألفاظ لدى المقرئ وإتقانه لأحكام التجويد العامة والقدرة على إطالة النفس وتقسيمه وتنغيمه وإيقافه بطريقة سليمة بحيث تصدر النغمة الصوتية على نحو صحيح وغير مضطرب. ومن أشهر المقامات المستخدمة في الأداء الصوتي بشكل عام هو مقام الراست.
مقام الراست: يعد هذا المقام من أشهر المقامات الموسيقية المستخدمة في تلاوة القرآن الكريم حيث يتميز باستقامة النغمات وفخامتها بما يليق بالتلاوة القرآنية وما فيها من تبجيل وتعظيم. ويساعد هذا المقام وطبيعته المميزة على تدبر الآيات لا سيما آيات التشريع أو السور القصصية حيث يسهل التجسيد الصوتي للتحولات الدرامية والقصصية ما يساعد المستمع على التركيز في التلاوة. ويرتكز المقام على درجة الدو، وهو من المقامات التي تتميز بالربع تون ما يمنحها طابعًا شرقيًا خالصًا حيث تفضل الذائقة الشرقية بشكل عام هذا النوع من النغم.
وهكذا تعرفنا على ماهية المقامات الموسيقية وأصولها وجذورها وكيف يتم توظيف طبيعتها في اللحن وفقًا لرأي ورغبة الملحن؛ حيث يختار الملحن المقام المناسب للحنه من حيث المرح والحزن والشجن والعاطفة. وتعرفنا كذلك على الأنواع المختلفة للمقامات مثل الشرقية والتركية وكيفية أداء هذه المقامات على آلة العود ومن خلال الصوت البشري أيضًا في حالة التلاوات الدينية. وفي النهاية فإن المقامات تعد واحدة من العلوم الأساسية في مجال الموسيقية ولا بد لأي موسيقار أن يتبحر في هذا العلم.
أضف تعليق