يُعتبر اضطراب الكلام من أهم الأعراض التي قد تظهر على الطفل في بداية حياته فتجعله غير قادر على نطق بعض الكلمات أو حتى غير مُلم بها، بمعنى أنه قد يحذفها نهائيًا، ولقد كان اضطراب الكلام حتى وقت قريب يُعتبر كالعاهة التي يهرب الوالدين منها ويُصابون بالأسى حيال طفلهم الذي يُعانى منها، لكن مع الوعي والفهم أصبح الجميع يُدرك أن الطفل مضطرب الكلام يُمكن معالجته وإعادة الأمور معه إلى نصابها الصحيح، وأكبر دليل على ذلك هو وجود بعض المراكز الطبية المُقامة خصيصًا من أجل ذلك الغرض، وهو معالجة اضطراب الكلام، لكن لنفترض أن الأم هي كل شيء في هذا الصدد وأن عليها أن تكتشف وجود اضطراب الكلام في طفلها وتشرع كذلك في معالجته، فكيف يُمكنها إذًا القيام بذلك على أكمل وجه؟ هذا هو السؤال الذي سنحاول الإجابة عليه سويًا في السطور القادمة.
استكشف هذه المقالة
اضطراب الكلام
إذا ما أردنا وضع تعريفًا منطقيًا لشيء مثل اضطراب الكلام فيُمكننا القول إنه صعوبة أو مشكلة كبيرة في إخراج بعض الأصوات من الفم، أو النطق بالمعنى الأدق، تلك العيوب أو المشاكل من الممكن جدًا أن تحدث في الحروف المتحركة أو الحروف الساكنة، في بعض الأصوات دون الأخرى، في حروف معينة من الكلمة، وفي كلمة معينة في الجملة، لكن في كل الأحوال تظهر مشكلة النطق الجلية، ويُصبح من الصعب مماثلة الشخص مضطرب الكلام لذلك الذي لا يُعاني منه، والأدهى أن المجتمع في بعض الأحيان يجعل من الأشخاص مضطربي الكلام موضع سخرية، وهذه هي الكارثة الكبرى.
اضطراب الكلام مشكلة أصيلة في الإنسان وليست مجرد شيء حديث نتج بعد أن تلوث الهواء أو أي شيء من هذا القبيل، بل يُمكننا القول إن الإنسان الأول لم يكن يعرف الكلام وإنما فقط يتعامل مع الآخرين بالإشارات، لكن هذا بالطبع ليس أمرًا يقينًا بدليل أن أول بشري، وهو سيدنا آدم، قد ثبت بالدليل القاطع أنه كان يتكلم بصورة طبيعية، حتى ولو كانت اللغات مختلفة فإن البشر قد عرفوا الكلام وتناقلوه منذ قديم الأزل، ولنعد مرة أخرى إلى اضطراب الكلام، وبالطبع أهم شيء يشغل كل أم أن تعرف الأسباب التي قد تجعل طفلها يُعاني من أمر غير بسيط مثل اضطراب الكلام.
أسباب اضطراب الكلام
طبعًا من المهم جدًا أن نعرف الأسباب الحقيقية التي تؤدي لحدوث ما هو واقع لنا، وإذا كنا نتحدث عن أطفالنا بشكل خاص فإن الأمر يُصبح أكثر أهمية وجدارة بالبحث، والواقع أن الأطباء الذين بحثوا في الأمر تواصلوا إلا أنه ثمة عدة أسباب من المحتمل أنها تتسبب في اضطراب الكلام، أهمها مثلًا الإعاقة الطبية.
الإعاقة الطبية
السبب الرئيسي في حدوث اضطراب الكلام بالنسبة للأطفال هو أن يكون ثمة إعاقة طبية يُعانون منها، تلك الإعاقة قد تكون شلل دماغي يُفقد المريض القدرة على الحركة أو النطق، وقد تكون وجود خلل في سقف الصمم أو الحلق، فقد تكون العظام الموجودة فيه غير مكتملة، مما يؤدي في النهاية إلى فقدان القدرة على النطق بصورة طبيعية.
مشاكل الأسنان
نبتعد عن الحلق والأشياء التي تتعلق به ونتناول شيء آخر يُسهم في عملية الكلام ويُعتبر كذلك سببًا من أسباب اضطراب الكلام في حالة حدوثه، وذلك الشيء هو مجموعة الأسنان الموجودة في الفم، فأحيانًا وجود عيب في الأسنان قد يؤدي إلى اضطراب الكلام بشكل كبير، وهذا أمر يُمكن كذلك علاجه.
التعلم بأسلوب خاطئ
أيضًا من ضمن الأسباب التي قد تجعل الطفل يُعاني من اضطراب الكلام أن يكون قد تعلم ذلك الكلام بأسلوب خاطئ، فالإنسان في الأصل ما هو إلا تجميع لما يتعلمه من الناس والمجتمع بشكل عام، وعندما يتم تعليمه بشكل خاطئ من البديهي جدًا أن يخرج ويتكلم بصورة خاطئة، أو بمعنى أدق، يخرج ويتكلم بنفس الكيفية التي تعلم بها، الأصعب من كل ذلك أن تعلم الشيء الخاطئ في الصغر من الصعب جدًا تقويمه في الكبر، حيث أن العادة تقتل الفطرة السليمة.
وجود مشاكل نفسية
قد لا يكون الطفل الذي يُعاني من اضطراب الكلام لا يشتكي من أي ألم أو أي شيء جسدي، وإنما تحدث له صدمة نفسية بمقدار معين تؤدي في النهاية إلى إفقاده القدرة على الكلام أو جعله مضطربًا في بعض الحروف، وطبعًا نحن نرى ذلك الأمر يحدث بكثرة في الأفلام والمسلسلات والروايات، حيث أن البطل بعد أن يتعرض لصدمة من الصدمات يبدو وكأنه قد فقد النطق فجأة أو أصبح غير قادر على الكلام بطلاقة مثل الماضي.
خلل وظيفة النطق
فلنفترض مثلًا أن كل شيء طبيعي وليس هناك أي عيب في الأسنان أو إعاقة طبية أو نفسية، ففي هذه الحالة أيضًا من الممكن أن يكون الأمر مجرد خلال في وظيفة النطق، كما أن هناك وظيفة السمع ووظيفة الشم فهناك كذلك وظيفة النطق، وتلك الوظيفة من الوارد جدًا أن يحدث بها أي خلل بصورة تلقائية فينتج عنه في النهاية عجز بالنطق.
كيفية اكتشاف اضطراب الكلام
في الحقيقة، كل ما يشغل أي أم أن تعرف منذ وقت مبكر على طفلها يُعاني من اضطراب الكلام أم لا، فهذا الأمر ربما يُفيد جدًا عند العلاج، لكن في بعض الأحيان قد يكون التعرف بسبب التجهز من أجل التعامل، فالواقع أنه لأمر صادم جدًا أن تكتشف أن لديك طفل يُعاني من اضطراب في التحدث، ربما يسبب هذا شلل في التفكير يؤدي إلى عدم القدرة على التعامل الصحيح مع الطفل، ومن أهم طرق الاكتشاف تلك المتابعة.
متابعة الطفل في سن مبكر
أهم شيء يجب على الأمهات والآباء، وكل القريبين عمومًا، فعله من أجل اكتشاف وجود خطأ في عملية النطق لدى الأطفال أن تتم المتابعة بالشكل الصحيح المستمر، فمثلًا، فيما يتعلق بالسن، فمنذ مرور السنة الأولى يكون من المنطقي أن يتلفظ الطفل بكلمات مثل بابا أو ماما، وإذا لم يفعل ذلك فعلى الأم أن تُصعد من وتيرة القلق، وبعد ذلك بستة أشهر، أي عندما يكون الطفل يبلغ حوالي سن ونصف، فإن عدم نطقه يعني وجود مشكلة بيقين لا شك به، وهنا يجب التدخل والذهاب إلى الأطباء من أجل إنقاذ ما يُمكن إنقاذه، وطبعًا هذا لم يكن ليحدث لو لم تكن هناك متابعة حقيقية.
رصد الاستجابة للمثيرات حوله
كل ما يتواجد حول الطفل يُمكن اعتباره من المثيرات، ومثال على ذلك الراديو والتلفاز والأشخاص الذين يتحدثون حوله، وطبعًا كل هؤلاء من المفترض أن يُحدثوا تأثيرًا إيجابيا على الطفل ويجعلوه يتحرك للنطق، وإذا لم يفعل، وخاصةً بعد مرور السنة والنصف، فهذا يعني أيضًا وجود مشكلة، لأن النطق في الأصل يأتي من هذه الطرق، وبالتأكيد سوف تجد الأم صعوبة في متابعة ذلك لكنه أمر ضروري للتأكد من وجود اضطراب الكلام.
زيارة الطبيب كل ثلاثة أشهر
هناك أطباء شبه مُتخصصين في أمور الأطفال الغير مرئية، وعلى رأسها اضطراب الكلام، فمنذ بلوغ الطفل عامه الأول يجب أن تجعل الأم موعدًا ثابتًا تقوم فيه بزيارة الطبيب لمتابعة الطفل واكتشاف ما يُمكن اكتشافه من أجل تحديد طريقة للعلاج، فأحيانًا قد يكون اضطراب الكلام قابل للشفاء إذا كان في مراحله الأولى التي لم تطور إلى خرس.
أشكال اضطراب الكلام
لكي تعرف الأم كل شيء يتعلق بصحة طفلها عليها أن تعرف جيدًا أشكال الاضطرابات التي يُعاني منها حتى تكون قادرة على التصرف وفي حالة تأهب شبه دائمة، فعلى رأس تلك الاضطرابات الكلامية أو مشاكل النطق الإبدال، بمعنى أن يتم نطق حرف مكان حرف آخر، وليس كلمة مكان كلمة لأن هذا يُعد كارثة أخرى، وأيضًا هناك التفويت، بمعنى أن يكون مخرج الحرف غير منضبط فيؤدي في النهاية إلى خروج الكلمة بصورة غير معتادة من الأشخاص العاديين، كما أنه ثمة الإضافة، وهي عكس الحذف، وتعنى أن يقوم الشخص بإضافة بعض الحروف إلى الكلمة دون أن يكون ذلك مطلوبًا، وعمومًا فإن مشكلة اضطراب الكلام تُعد واحدة من أسهل المشاكل التي يُمكن اكتشافها ومعرفة أشكالها في الطفل، لكن يا تُرى، كيف يمكن علاج هذه المشكلة بالطريقة التي تضمن الشفاء أو على الأقل تحقيق أقل الأضرار الممكنة.
علاج اضطراب الكلام
آخر طوق نجاة للأم بعد اكتشاف تلك المشكلة الخطيرة في أطفالها أن تبحث عن طريقة يُمكن من خلالها العلاج، أو حتى تحسين الوضع إلى الحد الذي لا يكون الطفل معه أشبه بالأبكم، والواقع أن طرق العلاج المعنية بهذا الأمر كثيرة، على رأسها مثلًا الابتعاد عن ترديد الكلمات الخاطئة.
الابتعاد ترديد الكلمات الخاطئة
بعض الكلمات تضحك الحاضرين، وهي تلك التي يكون فيها الحرف مكان حرف آخر، فهنا يجد الآباء مادة خصبة للضحك عندما يجعلوا الأطفال ينطقون الكلمة بطريقة خاطئة، ثم يرددونها أمامهم بدعوى أنها كلمات مرحة، لكن الحقيقة أن ما يحدث بسبب ذلك هو الحفظ الخاطئ الذي يكون من الصعب تصحيحه، ولهذا فإن أول علاج يمكن من خلاله التقليل من احتمالية حدوث اضطراب الكلام أن يتم الابتعاد تمامًا عن ترديد الكلمات الخاطئة أمام الأطفال.
استقدام مصحح أو مدرب نطق
مع انتشار مشكلة اضطراب الكلام بشكل كبير أصبح هناك حل مُتبع الآن باستقدام مصحح أو مدرب نطق يقوم بتولي تدريب الأطفال منذ عامين، وهو الوقت الذي يكون فيه الجميع متيقنًا من الطفل يُعاني من اضطراب الكلام أم لا، ومهمة ذلك المدرب تكمن في تدريبه للطفل باستخدام الطرق والأساليب الحديثة التي يقوم بدراستها خلال فترة التعلم، وعادة ما يتولى تلك المهمة طبيب أو خريج كليات الطب، لكونه الأقرب للتعامل مع الأطفال.
إجراء تمارين المساعدة على النطق
أيضًا يمكن علاج الطفل من مشاكل النطق المحتملة عن طريق إجراء بعض التمارين التي يكون الكلام فيها مصحوبًا بالتمارين، تخيلوا مثلًا أن كل طفل له درس يومي يتم من خلاله تدريبه على النطق، بالتأكيد سيكون الأمر جيدًا ومفيدًا بالنسبة له، والواقع أن بعض المُتحضرين يفعلون ذلك الأمر الآن.
خلق جو كلامي للطفل
من أهم طرق معالجة اضطراب الكلام أن يتم خلق جو كلامي مناسب للطفل، وبالمناسبة، الجميع يفعل ذلك دون انتباه منه، فمثلًا التحدث أمام الأطفال أو تشغيل التلفاز أو الراديو، كل هذه الأشياء تُعرف باسم الجو الكلامي للأطفال، وهذا الجو إن صار بصورة طبيعية فسوف يؤدي إلى تحسين النطق وعلاج اضطرابه إن حدث.
أضف تعليق