هل حضرت صلاة الجنازة من قبل؟ من الطبيعي أن نسمع كل يومٍ عن حالة وفاة جديدة، -رحمنا الله جميعًا-، فالموت سنة الحياة، ولا أحد يستطيع أن يوقفه. وربما لم تتعرض من قبل لموقفٍ تُجبر فيه على حضور صلاة الجنازة ، وأنت لا تعرف كيف تصليها، كأن تحضر لصلاة ما في المسجد، فيقوم الإمام بعد الانتهاء من الصلاة ليخبر الحاضرين أنه سيُصلي الآن على أخيكم فلان صلاة جنازة، فأنت الآن في مأزق، لأنك لا تعلم عن ماذا يتحدث! لذا فإننا في هذا المقال سنتحدث أكثر عن صلاة الجنازة ، حتى نتجنب مثل هذه المواقف، عسى الله يرزقنا الثواب وإياكم، بإذن الله!
استكشف هذه المقالة
ما هي الصلاة؟
الصلاة، مأخوذة من الصلة، وهي ما يصل العبد بربه، سواءً كانت بمعنى الدعاء، وهو المعنى اللغوي لها، أو كانت الصلاة المفروضة، والتي هي ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهذا هو المعنى الاصطلاحي له، والصلوات الخمس هي: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء. ولم يزد الله علينا أكثر من ذلك تخفيفًا لنا، وليست الصلوات الخمس فقط التي يمكننا أن نمارس عبادة الصلاة من خلالها، فهناك صلاة التطوع، وهي أي صلاة زادت على الصلوات المفروضة، مثل: الضحى، والشفع والوتر، وصلاة الجمعة، وصلاة العيدين، وصلاة الاستسقاء، وصلاة الاستخارة، وصلاة الحاجة، أو صلاة الجنازة .
ما أصل كلمة الجنازة؟
لفظ الجنازة بتصريفاته المختلفة من الفعل والمصدر، بمعنى: الستر، والجنازة، بفتح الجيم وكسرها، وهي: الميت، وهي مفرد الجنائز، وقيل أن الجنازة بالفتح: هي الميت على السرير، فإن لم يكن على السرير، فهو: نعش، أما الجنازة بكسر الجيم، فهي: الميت بسريره، وقيل إن جاءت بالكسر فهي تعني: السرير، أو ما يثقل على الناس، فيصيبهم الغم لأجله، وإن جاءت بالفتح، فهي تعني: الميت. ولكن في لسان العامة، فإن الجنازة تُطلق على المراسم التي يمر بها دفن الميت عامةً.
صلاة الجنازة
الموت حقيقة حتمية، لا يمكن لأحد الفرار منها، سواءً بتأخير، أو تقديم، فلا أحد يعلم متى يأتي أجله، نرجو من الله حسن الخاتمة، وأن يتوفانا وهو راضٍ عنا جميعًا، و صلاة الجنازة من العبادات التي تشعرنا بعظم الموقف الذي سنكون عليه في يومٍ من الأيام، فعندما يأتي موعدنا، لا تنفعنا سوى صحائف أعمالنا، فعسى أن نكون ممن ثقلت موازينهم يوم الحساب، أو أن نطمع في كرم الله –عز وجل-، فندخل الجنة من غير حساب. فـ صلاة الجنازة هي التي نصليها ما إن يتوفى الله أحدهم، وهي ليست من الصلوات الخمس المفروضة علينا.
حكمها
تعد الجنازة فرض كفاية، بمعنى إن قام به البعض، سقط عن الباقين، ولقد جاء حكمها بالفرضية؛ لأهميتها، وعلى قدر الأهمية يأتي الفضل، والثواب. فلقد ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه وعد بالثواب الكثير من الله –سبحانه، وتعالى- لمن شهد الجنازة، وضعفه لمن شهدها حتى الدفن، وقد قُدر الثواب بالقيراط، أو الجبل العظيم.
شروطها
لا تختلف صلاة الجنازة عن غيرها من الصلوات في الشروط، حيث يشترط لها النظافة، وطهارة الثوب والبدن والمكان، واستقبال القبلة، والنية.
صلاة الجنازة كم ركعة؟
تختلف صلاة الجنازة عن غيرها من باقي الصلوات، فلا يوجد بها ركوع، أو سجود، ويقتدي المأموم بالإمام إن وجد، وسنتكلم عن كيفيتها هنا.
أركان صلاة الجنازة
توجد العديد من الأركان في صلاة الجنازة، والتي تتفق مع الصلوات الأخرى في: النية، القيام، سورة الفاتحة، والتكبيرات. إلا أنها تنفرد بالدعاء للميت، وتسليم مرة واحدة، والصلاة على النبي –عليه أفضل الصلاة والسلام-، وقيل أن سنن صلاة الجنازة هي: الاستعاذة قبل قراءة القرآن الكريم، ورفع اليدين عند كل تكبيرة، وأن يدعو لوالديه، ولنفسه, وللمسلمين، وأن يقرأ في سره، وعند التسليم يلتفت على يمينه، وأن يقف قليلًا بعد التكبيرة الرابعة.
أركان صلاة الجنازة عند الفقهاء
تختلف الجنازة عند الفقهاء الأربعة، ففي كل مذهب أركانه، فمثلًا عند الحنابلة فلها ستة أركان، وهم: النية، والأربع تكبيرات، والفاتحة، والصلاة على النبي –عليه أفضل الصلاة والسلام-، والدعاء للميت، والتسليم.
صلاة الجنازة عند المالكية
أما في مذهب المالكية، فهم خمسة أركان لا تتم صلاة الجنازة إلا بهم، وهم: النية، والقيام، والتكبيرات الأربع، والدعاء بعد كل التكبيرات، حتى التكبيرة الرابعة، والتسليم مرة واحدة. والقيام عندهم شرط إلا في الضرورة مثل وجود عذر لا يتأتى معه القيام.
صلاة الجنازة عند الأحناف
أما عند الحنفية، فهي عبارة عن أربعة أركان: أربع تكبيرات بعد التكبيرة الأولى، والصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم-، والدعاء، ثم التسليم، إلا أن ركن التسليم عندهم عبارة عن اثنين، بعكس المالكية، الذين يرون أن التسليم مرة واحدة.
صلاة الجنازة عند الشافعية
لقد وافقت صلاة الجنازة عند الشافعية، أصحاب المنهج الحنبلي القائل بأن صلاة الجنازة عبارة عن ستة أركان، ولكنهم أضافوا عليها ركنًا سابعًا وهو: القيام، وهناك أيضًا من الحنابلة من يوافق الشافعية بوجوبه.
من يُصلى عليه صلاة الجنازة؟
لا فرق في الصلاة على الميت المسلم سواء كان ذكرًا، أو أنثى، صبيًا، أو بالغًا، كما يصلى على الحمل إن تم إجهاضه بعد أربعة أشهر، ولا فرق بينه وبين غيره، حيث يكفن ويغسل، ولكن إن تم إجهاضه قبل الأربعة أشهر فلا يصلى عليه، لأنه لم تُنفخ به الروح، فلا يغسل، ولا يكفن، ولكن يدفن.
كيف نصلي صلاة الجنازة؟
في البداية، يقف الإمام على رأس الميت في حالة كونه ذكرًا، وعلى وسط الميت إن كان أنثى، ويقف الناس خلفه، ثم يقوم الإمام بالتكبير أربع مرات، حيث يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويقرأ سورة الفاتحة بعد البسملة في التكبيرة الأولى، ثم يقوم بالصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- بعد التكبيرة الثانية، ثم يقوم بالدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة، ثم التكبيرة الرابعة، حيث يقف فيها قليلًا ثم يقوم بالتسليم.
ما يقال في صلاة الجنازة
إن ما يُقال في صلاة الجنازة هو عبارة عن الاستعاذة بالله من الشيطان، ثم البسملة، وقراءة سورة الفاتحة، وهذا يكون في التكبيرة الأولى، ثم الصلاة على النبي، وهذا في التكبيرة الثانية، ثم الدعاء للميت في التكبيرة الثالثة، كأن يدعو له بالرحمة، والمغفرة، وغيرها من الأدعية للميت، وللمسلمين.
صلاة الجنازة في المقبرة
يختلف حكم الصلاة على المقابر في حالة الصلاة العادية، عنها في صلاة الجنازة، فتمنع الصلاة في المقبرة في الصلاة العادية، والتي تتضمن الركوع والسجود، حيث نهى رسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم- عن هذا الأمر، أما صلاة الجنازة في المقبرة، فلا بأس بها، ولا حرج في ذلك، لما ورد من أحاديث نبوية تصرح بهذا الأمر.
صلاة الجنازة للنساء
لا توجد نصوص شرعية تمنع المرأة من صلاة الجنازة، فهي مطالبة بالأحكام الشرعية كالرجل، فلا فرق بينهم في هذا الأمر، إلا أن تشييع المرأة للجنازة فهذا هو الأمر المنهي عنه.
الموت من أكثر الحقائق التي لا خلاف عليها، ولا ينكرها أحد، كما أنه قد يحدث لأي شخصٍ في أي وقت، لذا فإن معرفة كيفية صلاة الجنازة يُعد ضرورة، كتعلم غيرها من العبادات، رزقنا الله جميعًا حسن الخاتمة، وأدخلنا فسيح جناته.
أضف تعليق