إن بناء علاقات جديدة هو أمر حيوي لأي إنسان، فيقال أن كلمة الإنسان أصلها الأنس والأنس يعني الشعور بالراحة والسعادة والأمان بوجود الآخرين حوله وعلى هذا الأساس قامت علومٌ كاملة فقط لكي تخبرك أنك لا يمكنك أن تصمد على وجه الأرض وحدك! بالطبع نحن لا نتحدث عن القصص النادرة التي نقصها بين جلسات الأنس ونكون ما بين مصدقٍ ومكذبٍ لها لأشخاص تمكنوا من النجاة بأعجوبة من العديد من الظروف الصعبة أغلبها كانت الوحدة عاملًا من العوامل المهمة فيها فنحن بأنفسنا قلنا أنهم تمكنوا من النجاة ما يعني أن آخرين في مكانهم قد يصيبهم الهلاك.
لا نحاول سرد فيلم رعبٍ هنا أو إخافتك فقط نحاول أن نتفق معك على حقيقة أن العلاقات الاجتماعية المحيطة بالشخص هي جزءٌ من وجوده وكيانه ومصدر دعمٍ ضخمٍ له ودليلٌ على أنه كان موجودًا ذات يومٍ على وجه هذه الأرض، تختلف تلك العلاقات ما بين اجتماعية خاصة وعامة وعملية ورسمية وغيرها من الدوائر المحددة حسب التصنيفات المختلفة لكنها تظل علاقةً مهمةً تعطيها وتأخذ منها طوال حياتك لذلك من المهم أن تدرك في طريقك أهمية بناء علاقاتٍ جديدة وكيفية القيام بذلك.
استكشف هذه المقالة
فن تكوين العلاقات
هل سمعت بهذا الفن من قبل؟ قد يكون صعبًا أن نصفه بالفن فهو لا يعرض في المتاحف ولا في الشوارع أو على المسارح إنما هو فنٌ لأنه موهبةٌ ذاتية وفنٌ اجتماعيٌ وكاريزما خاصة للشخص تجعله قادرًا على إثارة دهشة وإعجاب الآخرين والحصول على انتباههم من اللحظات الأولى.
دعنا نبتعد عن أنفسنا ولأسألك هل قابلت شخصًا قط عندما يدخل الغرفة تتجه كل الأنظار إليه ثم تجد الناس من حولك يتفاعلون معه بسلاسة بينما هو يسأل هذا ويجيب ذاك ويبتسم هنا ويضحك هناك وخلال دقيقتين فحسب من دخوله الغرفة صار اهتمام كل من فيها متصلًا بأوتارٍ خفيةٍ في يديه يحركها كيف يشاء بما فيهم أنت!
من المعروف عن هؤلاء الأشخاص أنهم أصحاب كاريزما شديدة ولديهم موهبةٌ فطرية تجعل كل من يتحدث معهم يرغب في الاستمرار في الحديث أكثر وكل من يقابلهم يتعلق بهم ويسعده وجودهم وكأنهم يملكون مفاتيح كل القلوب والشخصيات فيمهدون الطريق لأنفسهم كيفما شاءوا لكن الأمر المبهج أنهم ليسوا الوحيدين القادرين على تكوين شباكٍ ضخمةٍ من العلاقات فبالرغم موهبتهم إلا أن جهدًا وانتباهًا أكثر من شخصٍ بلا كاريزما وموهبة قادرٌ على إعطاء نفس التأثير.
الضحك هو الطريق الأسرع
حسب دراساتٍ أجراها الخبراء في العلاقات الاجتماعية فإن الضحك والابتسام والمزاح يعتبرون الطرق الأسهل والأسرع في بناء العلاقات الجديدة مع الآخرين والدخول إلى قلوبهم من أوسع الأبواب، فبحسب تلك الدراسات فإن الأشخاص الذين يطلقون النكات المقبولة في مكانٍ عامٍ في الوقت المناسب طبعًا يعطون انطباعًا دائمًا بأنهم أكثر الأشخاص ثقةً وتقديرًا لأنفسهم وهو بالتالي ما يجعل الآخرين يشعرون بنفس الأمر تجاههم وينجذبون إليهم.
بل إن الأمر تجاوز مجرد الكاريزما الخاصة فوُجد أن الضحك والابتسام يساعد على كسر الجليد بين الأشخاص الذين لا يعتبرون مقربين بشكلٍ شخصي وعلى أساس ذلك تزيد الإنتاجية والإبداع خاصةً في الاجتماعات وجلسات العصف الذهني لكن يجب التفرقة بين الضحك والمزاح اللذان يهدفان لكسر الجليد وبين تجاوز الحدود الخاصة للآخرين وجعلهم يشعرون بعدم الراحة أو تحويل الاجتماعات المهمة إلى جلسة سمرٍ دون إنجازٍ في النهاية.
بناء العلاقات الإيجابية مع الآخرين
هنالك العديد من الأسباب التي تدفعك إلى بناء علاقات جديدة وإيجابية مع الآخرين فبعض الناس يستنكرون أهمية العلاقات وبعضهم لا يحبون الإزعاج ويفضلون الانطواء والاكتفاء بالدوائر الصغيرة من العائلة وأقرب الأصدقاء لكن هناك أهدافٌ عدة لتكوين شبكة علاقاتٍ واسعة أحيانًا تتجاوز أشخاصًا تقابلهم يوميًا وتصل لأشخاصٍ تفصل بينك وبينهم دولٌ وبحار ولم تقابلهم يومًا لكنك تحرص على العلاقة الطيبة معهم لأن ذلك سيرد إليك ويعود بالنفع عليك يومًا ما.
بناء العلاقات الجديدة في العمل هي من الأشياء التي يمكن لك توقعها بل إنها من أوائل خطوات بدء عملك الخاص على وجه التحديد لكن ذلك لا يستبعد عملك في أي قطاعٍ خاصٍ أو حكومي أي غير خاصٍ بك شخصيًا لأن زيادة علاقاتك قد تصبح هي السبب في ارتفاعك من منزلة موظفٍ عاديٍ تقليدي إلى مالك قطاعٍ كامل فلا تستهون بتلك القدرة السحرية التي تفتح لك أبوابًا مغلقة بمجرد تعرفك على الآخرين.
العلاقات الاجتماعية الناجحة
يحدث خلطٌ كبيرٌ عند البعض فور ذكر الحاجة للبدء في بناء علاقات جديدة وتكوين شبكةٍ واسعة منها فيعتقدون أنهم بحاجةٍ لتقريب كل شخصٍ منهم والحصول على ما يزيد عن الألف صديق واعتبار كل شخصٍ يقابله في طريقه من المقربين الذين يجب مقابلتهم يوميًا والتواصل معهم بشكلٍ دوري لكن الحقيقة خلاف ذلك تمامًا بل بالعكس لو حاول أحدهم تكوين شبكة علاقاتٍ بتلك الطريقة لما تبقى له أحدٌ على الإطلاق.
أن تكون مبتسمًا متعاونًا بشوشًا وتقدم المساعدة لمن يحتاجها ولو مرة سيعني أنك كونت علاقةً جديدة وكل المطلوب منك أن تحافظ عليها ببساطة أي لا تفعل أي شيءٍ يفسدها، إن ألقيت السلام على شخصٍ في طريقك للعمل كل يوم فقد كونت علاقة أخرى وفي بعض العلاقات قد تمر سنوات دون أن يحدث تواصلٌ بينكما لكن تظل العلاقة طيبة وتكون قادرًا على العودة لها متى كنت بحاجةٍ لذلك لأنك تركت أثرًا جيدًا في بداية تكوينها وكنت شخصًا جديرًا بالثقة للطرف الآخر فهكذا يكون بناء علاقات جديدة ناجحة تستمر معك بقية العمر.
خطوات بناء علاقات جديدة
تحدثنا عن الفن والموهبة والقدرة الفطرية عن البعض في جذب الآخرين وإدخالهم بمنتهى السهولة وبدون مجهودٍ يذكر في دائرة العلاقات الاجتماعية التي يسعون لتكوينها بل وأحيانًا لا يكون تكوينها هدفًا من البداية وإنما يأتي الأمر دون غدراكٍ منهم، إذًا هذا الجزء من المقال غير موجهٍ لهم وإنما للعاديين الذين يسعون لتكوين العلاقات للاستفادة منها.
عند التركيز على بناء علاقاتٍ معينة لغرضٍ في ذهنك لا تحاول بناء العديد منها مرةً واحدة في وقتٍ واحد لأن ذلك قد يستنزفك ويجعلك تبدو مقصرًا أو غير مهتمٍ ومراعٍ لبعض الأطراف ما سيجعلك تخسرهم بأسهل مما حاولت جذبهم
كن بشوشًا دائمًا مع الغرباء أو مع من تعرفهم معرفةً سطحية فلا حاجة لأي شخصٍ ليس مقربًا منك بمعرفة تقلباتك الميزاجية اليومية لذلك قدم البسمة والكلمة الطيبة لكل من تقابلهم في طريقك فربما أحدهم كان بحاجةٍ ماسةٍ لهما فساعدته
كن مهتمًا ورحب الصدر وابدأ بفتح حواراتٍ صغيرة مع زملائك أو الأشخاص الذين تقابلهم كثيرًا مثل سؤالهم عن أحوالهم والاستماع لكل ما سيقولونه بهدوءٍ ورفق
كن منفتحًا ودع قناع الغموض والانطواء بعيدًا بالطبع لست مضطرًا لإخبار كل من تقابل عن تفاصيل حياتك لكن اجعل خطوط شخصك واضحةً للجميع حتى يشعروا بالثقة معك
اخرج من قوقعتك وتوقف عن السير في طريقٍ ثابتٍ بين عدة أماكن معتادة بل غامر وجرب وابحث عن الجديد لأنك بالتأكيد مع كل خبرةٍ جديدة ستكتسب شخصًا جديدًا
لا تكن فظًا منتقدًا غليظ الكلام صريحًا أكثر من اللازم فالناس يحبون من يظهر مميزاتهم ويسدل الغطاء على عيوبهم دون نفاق ورياء
تغلب على خوفك من الرفض ترددك من أن تحبط محاولاتك فمن الطبيعي أن يرفض أشخاصٌ مد علاقةٍ معك مثلما سيوافق غيرهم على ذلك فكن رحب الصدر وجريئًا وواثقًا من نفسك فلا أحد يود تكوين علاقة عملٍ أو شخصية مع شخصٍ متردد مهزوز الثقة بالنفس
أضف تعليق