إمكانية تحسين حياة ذوي الاحتياجات عندما تكون بأيدينا، فإن علينا أن لا نستهين بها أبدا وأن لا نتهاون في فعل أقصى ما يمكننا فعله من أجل جعل حياة هؤلاء الأشخاص أفضل ولو قليلا. فكما يُقال، الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء ولا يقدرها سوى المرضى، فما بالكم وهؤلاء الأشخاص ليسوا مرضى وإنما حُرموا من إحدى الأساسيات التي قد يتمتع بها المريض ولكنه يكون محروما منها لبعض الوقت فقط؟! الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ليسوا أقل منا في شيء وليسوا بحاجة إلى التعاطف المفرط أو غير المنطقي، إنهم أقوياء وشجعان حيث أنهم يخوضون كل يوم معركة مع الحياة ولم يسقطوا بعد. وما نحاول طلبه من تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة في هذا المقال ليس عن طريق تقديم الشفقة والتعاطف لهم، وإنما لمحاولة جعل معاركهم اليومية أبسط ولو قليلا وتقديم يد العون إذا ما أمكننا ذلك. هذه المساعدات قد تكون مبادرة شديدة البساطة منك ولكنها قد تترك أثرا عميقا في حياة هؤلاء الشجعان.
استكشف هذه المقالة
المبادرات البسيطة نحو تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة
هناك العديد من المقومات والتي نحتاجها من أجل تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة والتي يقوم المجتمع أو الحكومات بتوفيرها والعمل على صحتها وكفاءتها. هذه هي المبادرات الكبيرة التي تعتبر أحد حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وواجب على من يقوم برعاية البلدة أو الدولة أن يوفرها لهم. أما بالنسبة لما يمكن أن نقدمه نحن كأفراد في المجتمع من أجل تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة فهي مبادرات بسيطة قد تكون فردية أو جماعية تطوعية وجميها يصب في مساعدة غيرنا عندما يحتاج إلى تلك المساعدة. هذه المبادرات يمكن تفصيلها فيما يلي
تحسين البيئة المحيطة بالشخص ذي الاحتياج الخاص
هناك الكثير من الطرق من أجل تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن في هذه النقطة سنتحدث أكثر عن تحسين البيئة المحيطة لهذا الشخص وعن تلبية احتياجاته الأساسية البسيطة من أساسيات الحياة قبل أن ندخل في الحديث عن تحسين حالته النفسية وما إلى ذلك. من أجل التأكد من تحقق كفاءة البيئة المحيطة للشخص ذي الاحتياج الخاص، فبإمكانك أن تسأل نفسك هذه الأسئلة القادمة لتعرف الإجابة على هذا السؤال.
هل الاحتياجات الأساسية لهذا الشخص متوفرة؟
هناك الكثير من العمليات اليومية البسيطة التي تحدث تلقائيا دون أن نلقي لها بالا ولكنها تكون شديدة الصعوبة على من فقد القدرة على فعل شيء ما كالمشي أو التحدث أو غير ذلك. هذه الاحتياجات تتضمن الأكل والشرب وارتداء الملابس والقدرة على الاستحمام ودفع الفواتير والقيام بمكالمات هاتفية …الخ. هذه الأشياء بإمكانك أن تسأل الشخص المقصود عن مدى فعاليته في أدائها والاستفسار حول ما يمكنك مساعدته حيالها. أما إذا كان الشخص ذي الاحتياج الخاص يعيش معك في نفس المنزل، فستكون بادرة لطيفة في تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة حينها أن تكون متقدما بخطوة فتعرف الأشياء التي يعاني فيها هذا الشخص وتقوم بتوفيرها مسبقا قبل أن يحتاج إلى طلبها من أحد حتى لا يجرح هذا الطلب كرامته. فيمكنك مثلا أن تقوم بتحضير الملابس التي سيرتديها بجوار سريره وإحضار طعام الإفطار إذا كان يجد صعوبة بالغة في هذه الأمور.
هل تحتاج إلى المزيد من المساعدة؟
إذا كانت احتياجات الفرد تتخطى قدرتك على مساعدته معظم الوقت وكان الأمر يتطلب أيدي إضافية، فربما تلجأ إلى بعض أفراد العائلة والأصدقاء لمعرفة مقدار المساعدة التي يقدمونها –دون أن تشعر الشخص ذي الاحتياج الحرج- من أجل تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة. إذا لم يكن وقت العائلة والأصدقاء كافيا فربما تقوم بتعيين ممرضة ترعى احتياجاته الأساسية تلك ولا تنس دورك في الدعم والمساندة النفسية. فالشخص ذي الاحتياج سيشعر بالامتنان لأنه لن يصبح محتاجا للقلق حول متطلباته الأساسية بعد الآن، ولكنه سيشعر بالحب والأمان أكثر عندما يعلم أنك تقوم بإمداده بالدعم المعنوي عوضا عن الاكتفاء بالدعم الجسدي فقط.
هل المنزل مهيأ من أجل تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة؟
بالإضافة إلى المساعدة الشخصية التي يمكنك أن تقدمها، فهناك بعض التعديلات التي يمكن أن تقوم بوضعها في منزلكم لكي تهيأ المعيشة في هذا المنزل لذلك الشخص وتجعل حياته أسهل. فمثلا إذا اكن الشخص لديه مشكلة في الحركة وكان يسير بمقعد متحرك، فهل توجد منحدرات للخروج والدخول من المنزل عليها؟ وهل الانتقال من دور إلى آخر في المنزل هو أمر سهل أم صعب؟ إذا كانت هذه أشياء صعبة بالنسبة لهذا الشخص، فإن تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة قد يكون بتوفير بعض تلك المساعدات كتوفير منحدرات خارج المنزل ومصعد كهربائي بين الأدوار داخل المنزل وبتوفير بعض العواميد في الجدران داخل الحمام مثلا ليستندوا عليها في تحركاتهم. هناك أيضا أمر هام لأخذه في الاعتبار وهو احتمالية أن يكون الشخص متعرضا للسقوط كثيرا ولا يمكنه الوصول إلى الهاتف أو طلب النجدة فإن وجود زر طوارئ بالقرب منه أو أسورة طوارئ تقوم برفع تقرير عن الحالة الصحية الخاصة بهذا الشخص إلى أحد منكم هي فكرة جيدا جدا.
هل تستفيد من التطور التكنولوجي؟
هناك بعض الأشياء البسيطة التي توفرها لنا التكنولوجيا والتي بإمكانها أن تساهم في تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة. فمثلا، إذا كان التبضع وشراء لوازم المنزل هو أحد الأمور المستعصية على الشخص المقابل. فإن هناك الكثير من التطبيقات والمحلات التي تسمح بعملية توصيل الطلبات من أي مكان إلى منزل الشخص المتصل في مقابل مادي متعارف عليه. أو مثلا هناك بعض الأعمال الصغيرة التي تقوم بطبخ وجبات غذاء متكاملة ومتقوم بتوصيلها إلى المنازل طازجة، وجبة كهذه ستكون مفيدة ومضمونة وستأخذ عناء تحضير وجبة الغداء من رأس الشخص ذي الاحتياج الخاص. حاول أن تستفيد من التكنولوجيا إذا في مختلف المجالات من أجل مساعدتك أنت ومن تحب.
هل أنت بحاجة إلى نقله إلى مكان رعاية خاص به؟
في بعض الأحيان يكون الأمر أكبر من قدرتنا على التعامل أو أن الشخص ذي الاحتياج الخاص يكون بحاجة إلى 24 ساعة من الرعاية خلال اليوم ويكون أيضا بحاجة إلى كافة الاحتياجات في البيئة المحيطة والتي ليس من السهل أن تتوافر في منزل عادي. هذه الحالات الحرجة والمتقدمة قد تتطلب اللجوء إلى دار رعاية يعمل عليها أشخاص مختصين في التصرف في مثل هذه المواقف والتعامل معها. فإذا وجدت أنك في أحد هذه المواقف كأنك لم تعد قادرا على تلبية احتياجات هذا الشخص رغم محاولاتك المتتالية أو أن حالته الصحية أصبحت تتدهور وأنت لست خبيرا في الأمور الطبية، ربما حينها ستحتاج إلى أخذ اختيار دار الرعاية في اعتبارك والتفكير في أفضل وأنسب مكان له لتضمن له الرعاية والاهتمام اللائقين به.
تحسين الحياة الاجتماعية للشخص ذي الاحتياج الخاص
الجانب الآخر والذي لا يقل أهمية عن البيئة المحيطة من أجل تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة هو الجانب الاجتماعي لهذا الشخص. فالشخص الذي فقد شيئا أساسيا كقدرته على الحركة مثلا غالبا ما تكون حالته النفسية أسوأ بكثير. ولهذا، فهو يحتاج إلى الاهتمام والرعاية في هذا الجانب وتوفير ما يمكننا توفيره من أجله، فمثلا
قم بالتخطيط لبعض الرحلات المختلفة أو الزيارات الودودة
إذا كان الشخص ذي الاحتياج الخاص هو فرد من العائلة أو شخص عزيز لديك، فإن أفضل طريقة قد تشعره فيها بالحب والاهتمام هي بالمرور عليه وقضاء بعض الوقت معه. بالطبع، قد تكون الحياة مليئة بالالتزامات والزحام اليومي من لقاءات وعمل وما إلى ذلك، ولكن إذا تمكنت من اقتطاع بعض الوقت للقيام بزيارة لهذا الشخص فإنها ستكون مبادرة لطيفة وسيقدرها أكثر من أي شيء آخر في الغالب. قم بإظهار حبك لأن الأشخاص يحتاجون دائما لرؤية الحب عوضا عن معرفة مجرد أنه موجود بدون أية دلالات.
بإمكانك أيضا أن تقوم بالتخطيط لقضاء بعض الوقت بمفردكما أو مع العائلة أو الأصدقاء وتوفير بعض المناخ الداعم نفسيا لهم أو حتى مجرد أن تخرجوا سويا لأنكم تحبون فعل هذا وليس لأنه مسئولية أو أمرا يجب فعله على أحد. فقط كن نفسك وأظهر حبك ورعايتك بالطريقة العفوية المناسبة.
قم بتحفيزهم للخروج في رحلات بمفردهم
ربما تقوم بالتخطيط لرحلة ما ولكن ليس لتذهب فيها معهم أو ليذهب أحد أصدقائكم معه. ربما تقوم بالتخطيط لرحلة من أجل أن يذهب هو وحده فقط في مغامرة جديدة ورحلة للتعرف على أشخاص آخرين. وربما تكون هذه الرحلة مع أشخاص يمرون بنفس ما يمر به فتوفر له البيئة الداعمة التي تفهم تماما ما يدور في خلده. بإمكانك أن تسأل دور الرعاية عن تواجد رحلات قريبة وجيدة وبإمكانك التحدث مع هذا الشخص أيضا وسؤال عن تفضيلاته أو حثه على التجربة أو الوصول سويا إلى أفضل نشاط قد يود القيام به من أجل المساهمة في تحسين حياته الاجتماعية.
أحضر له حيوانا أليفا!
إذا كان الشخص ذي الاحتياج الخاص من محبي الحيوانات الأليفة كالكلاب أو القطط أو العصافير أو غير ذلك. فإن وسيلة من تحسين حياة ذوي الاحتياجات قد تكون بإحضار أحد هذه الكائنات اللطيفة لتشاركه حياته وتلاعبه عندما يشعر بالإرهاق أو التعب. الحيوانات الأليفة بإمكانها أن تكون رفيقا جيدا جدا كما أن وجودهم في حياة الفرد تقوم بإعطائه إحساسا بالمسئولية والسعادة. فقط تأكد من أن الحيوان الذي ستحضره سيكون مناسبا من أجل الشخص الآخر وقادرا على الاعتناء به. بل ربما تقوم بإحضار حيوان أليف من الذي يتم تدريبهم على التعامل مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة فتكون المنفعة متبادلة بينهم هم الاثنين.
تحسين حياة ذوي الاحتياجات من خلال الأنشطة والهوايات المختلفة
الأمر لا يتوقف عند البيئة المحيطة أو الدعم المعنوي عن طريق تحسين الحياة الاجتماعية فقط. علينا أن نعرف أن الشخص الذي فقد بعض القدرات الجسدية لا يعني أنه غير قادر على فعل ما يريد فيه حياته. الشخص ذي الاحتياج الخاص يسمى بهذا لأنه فقد جزءا بسيطا من احتياجاته بينما باقي أجزاء عقله وجسده لا تزال تعمل في كفاءة، وهذه الأجزاء ستحتاج إلى من يهتم بها ويحاول إنعاشها وتقويتها لكي تضمن حصول هذا الشخص على الحياة الثرية الجيدة التي يرغب فيها. من أمثلة الاهتمام بالنشاطات والهويات المختلفة يمكن أن تأني كما يلي
اسألهم إذا كانوا مهتمين في الاشتراك ببعض الكورسات؟
الإعاقة الجسدية لا تعني أبدا توقف العقل كما أوضحنا، والشخص الذي يعاني من بعض الإعاقات في حياته العادية لن يكون راغبا في الركود وعدم الحصول على الحياة المثقفة الغنية التي يستحقها. قم بإشراك الشخص ذي الاحتياج الخاص في البرامج التعليمية المختلفة وساعده على استخراج الإبداع والأفكار النيرة داخل عقله. اسأل الشخص عن رغبته في دراسة شيء معين أو تعلم شيء معين وربما تقوم بتوفير هذه المواد عن طريق الإنترنت إذا كان غير قادر على التحرك والسفر بأريحية. فقط كن داعما ومساندا لقراراته ولا تجعل المصاعب تجتمع عليه من أكثر من مكان.
قم بتقديمهم إلى مؤسسات رياضية متخصصة
الرياضة ليست حكرا على الأصحاء واللياقة البدينة هي من حق أي شخص. وكون أن الشخص يعاني بعض المشاكل في جانب معين من حياته لا يعني أن عليه البقاء في السرير طوال الوقت والابتعاد عن أي مجهود جسدي. هناك النوادي والمؤسسات المتخصصة في المعالجة الفيزيائية للأشخاص ذوي الاحتياجات ولديهم العديد من الرياضات التي تتراوح من البسيطة والتي تقوم بتليين الجسد فقط إلى الرياضات الأعقد والتي تحتاج إلى التزام وتدريب وبالطبع سيكون هذا الأمر تحت إشراف مدربين مختصين من أجل ضمان السلامة والرعاية اللازمة لهذا الشخص. تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة تكمن في إعطائهم نفس جودة الحياة التي ينالها غيرهم من الأصحاء دون أن نجور عليهم في حقوقهم.
ساعدهم في تقديم المساعدة للآخرين
تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة قد تتم بشكل بسيط جدا كأن تقدمهم للمؤسسات التي يستطيعون من خلالها تقديم المساعدة إلى غيرهم والشعور بأن لديهم ما يقدمونه لغيرهم وليسوا مجرد عبء أو عالة على أحد. مساعدة الآخرين تقوم بإعطاء حس بالمسئولية والثقة ورفع روح الفرد عندما يقوم بمساعدة من هم أقل منه حظا أو من هم في حاجة إلى مساعدته. تحسين حياة ذوي الاحتياجات عن طريق مساعدة الآخرين هي أيضا ميزة هامة حيث أنها ستقدم لهم شعورا بالرضا عندما يدركون أنه لا زال بإمكانهم الكثير ليقدمونه وشعور بالشكر على كل حال.
بعض الأنشطة الخيرية التي قد يشترك فيها بعضهم وتساهم في تحسين ذوي الاحتياجات الخاصة تكمن في حياكة الملابس أو الأغطية الثقيلة للمشردين الذي لا يجدون غطاء يسترهم أو يدفئهم، أو حتى الاستعانة بخبراتهم ومهاراتهم لتقديمها لمن يحتاجها كتعليم الآخرين أو غير ذلك.
حاول إعادة المعنى إلى حياتهم
في كثير من الأحيان وخصوصا عندما تأتي الإعاقة نتيجة حادث وبعد أن كان الشخص معتادا على القيام باحتياجاته الأساسية ورغباته، فإن الشخص يتملكه شعور من الأسى والحزن والعبثية ويدخل في دائرة من فقدان الهدف والمعني لحياته. سيكون من الضروري جدا إذا كان الغرض هو تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة هو أن تحاول تقديم أو إعادة بعض الهدف والمعنى إلى حياة هذا الشخص. هناك الكثير من الطرق كأن تحاول قدر الإمكان إبقاءه متفاعلا مع المنظمات والمؤسسات المختلفة وربما العودة إلى حياته المهنية السابقة إذا كانت وظيفة لا تعتمد على الحركة واستعمال الجسد بشكل أساسي. بإمكانك أن تحاول تقديمه إلى مجموعات الدعم ومحاولة تذكيره بأن كل شيء يحدث لحكمة من الله وأن الله الذي خلنا هو أرفق بنا من غيرنا. هناك الكثير والكثير من الطريق التي تحاول بها الحفاظ على معنى وحياة شخص تعرض لصدمة كبيرة في حياته ولكن هذا الأمر سيحتاج إلى مقال آخر. فكل ما يمكنني أن أقوله لك الآن هو أن تحسين حياة ذوي الاحتياجات الخاصة ليست بالمعضلة العسيرة عليك أو على الشخص الآخر ذاته. كل ما عليكم فعله هو أن تنظروا للإعاقة على أنها معاناة مختلفة من مصاعب الحياة المختلفة والتي تتطلب منكم منظورا جديدا فقط من أجل التعامل معها عوضا عن جعلها مشكلة مستعصية لا حل لها.
أضف تعليق