الصداقة بعد الحب من الأمور التي تكاد تكون مستحيلة، ولا يمكن تخيلها على الإطلاق ففي الوقت الذي ينفصل الناس عن بعضهم بمشكلات وأزمات ومشادات وما يشبه الحروب، ولا يصبح حتى التعامل الحسن هو الباقي بينهما، كيف ينفصل إذن الأحباء عن بعضهما البعض ويصبحا صديقين؟ وكيف إذن يُقبل من كل منهما أن يرى الآخر مع شخص آخر ويتعامل باعتيادية ويأخذ الأمر ببساطة، وهل بما أنهما أصبحا صديقين، هل سيصبحان صديقًين بالفعل ويحكي لها عن مشاكله العاطفية وتحكي له عن مشاكلها العاطفية؟ وهل سيلتزم كلا منهما الحياد ويتحدث بدافع من المصلحة؟ حقًا من المستحيلات أن تتحقق الصداقة بعد الحب، ولكن إليك الحالات الخاصة والشروط التي تجعل الصداقة ممكنة بعد الحب.
استكشف هذه المقالة
أن تكونا أصدقاء من قبل
لا يمكن لحبيبين أن يصبحا أصدقاء بعد العلاقة ما لم يكونا صديقين قبل العلاقة أصلاً أي أنه كانت بينهما علاقة صداقة تطورت إلى حب وبعد أن انتهت العلاقة بينهما استطاعا العودة بمشاعرهما إلى أطوار الصداقة، أما أن يكونا حبيبين من البداية وكل مشاعرهما تجاه بعضهما مشاعر عاطفية ولم يكونا صديقين من قبل أبدًا فإنهما سيفشلا فشلاً ذريعًا في اقتلاع مشاعر الحب من أعماقهما وحتى إن تظاهرا أمام بعضهما البعض بأنهما مجرد أصدقاء فإن هذا لن يفيد على الإطلاق وسيصبح كل منهما في مرمى اهتمام الآخر، لذلك من شروط الصداقة بعد الحب أن يكونا الحبيبين أصدقاء من قبل العلاقة وبالتالي ليس جديدًا عليهما أن يصبحا صديقين من بعد العلاقة.
الوقت كفيل بالتئام الجراح
في كل الحالات فإن الوقت كفيل بالتئام الجراح وكفيل بإنهاء الخلافات، من الأفضل أخذ فترة وجيزة من عدم التواصل بعد العلاقة لأنه يكون هناك عادة مشاعر مضطربة غير محسوبة قد تدفع الإنسان إلى القيام بتصرفات غير مسئولة فيما بعد، أما بعد مرور فترة من الوقت نجد أن الرؤية قد اتضحت أكثر والمشاعر قد صفيت أكثر من الشوائب التي ألمت بها، وقد تتفهم أكثر وتستوعب أن هذا الشخص لم ولن يعد معك بعد الآن وأنه سيذهب ليمضي في طريقه بينما ستذهب أنت وتمضي في طريقك لأن هذه هي سنة الحياة، وما من وسيلة لأن نجعل الحياة تمشي كما نريد، بل نمشي كما تريد الحياة، وهنا يمكن أن تأتي الصداقة بعد الحب كبديل طبيعي للعلاقة.
الانفصال تم بالاتفاق
في كثير من الأحيان يحدث معارك ومشكلات كبيرة تؤدي إلى الانفصال ولا يتم الانفصال بعد أن يكون كل طرف استنفذ كل ما لديه من محاولات ودخلنا في مرحلة إطلاق اللعنات وتبادل الاتهامات وتحميل كل واحد للآخر مسئولية فشل العلاقة وتنتهي العلاقة بالفعل ولكن بخصومة وقلب متقد من جهة الآخر وبذلك تستحيل الصداقة بعد الحب في هذه الحالة، أما إن كان كل شيء قد تم بالاتفاق، شخصان مرتبطان في علاقة وبالتالي يريان أن علاقتهما غير مفيدة وأنهما غير مناسبين لبعضهما البعض وبالتالي يتفقان ويكون كل طرف نفس القدر في الانفصال وفي استيعاب عدم التفاهم المشترك هذا وبالتالي استحالة استمرار العلاقة.
الإبقاء على مشاعر الاحترام سويًا
بعد انتهاء العلاقة يتخيل كل شخص أنه أضاع حياته وأضاع عمره في تواجده مع هذا الشخص في علاقة، القليل والقليل النادر جدًا من الأشخاص من تجدهم يذكرون شركاءهم السابقين بخير، أو يأتون بسيرتهم بطريقة تدل على الاحترام بدون لعنات أو شتائم، بالتالي من المستحيل أن تنشأ الصداقة بعد الحب في هذه اللحظة، لأن الاحترام انتفى، وأي علاقة في الدنيا ينتفي عنها الاحترام تصبح في خبر كان، ووجودها مثل عدمه، أما في حالة الإبقاء على الاحترام فيما بينكما فإنه من السهل نشوء علاقة الصداقة، لأن الاحترام سيفرض نفسه وربما سيجعل من العلاقة هذه ذكريات تثير الابتسامات.
ما من أحد لديه رغبة في الرجوع والحل هو الصداقة بعد الحب
أحيانًا قد نوهم أنفسنا بنشوء الصداقة بعد الحب وذلك استغلال لهذه الصداقة للرجوع مرة أخرى للعلاقة والاستحواذ على الطرف الآخر ومراقبة تحركاته وعدم السماح له بالتملص هنا أو هناك حيث يستقر في عقلك أنكما لبعضكما مهما حدث وبالتالي مسألة وقت ستأخذان استراحة تتظاهران فيها بالصداقة وبعد ذلك تعودان مرة أخرى إلى العلاقة، وبالتالي تتهافت الصداقة وتسقط من تلقاء نفسها لأن هنا مفهوم الصداقة انتهى وغايتها لم يوجد من الأساس، أما الصداقة الحقيقية أن تتمنى لصديقك أن يجد ما يرضيه وما يسعده في حياته بغض النظر عن إن كان هذا يسعدك أم لا، هذه هي الصداقة الحقيقية، لا الصداقة التي تستغل كجسر للوصول لشيء آخر.
إيمان كل منكما أنكما غير مناسبين كحبيبين
تبدأ الصداقة بعد الحب تأخذ مفهومًا رائقًا ولطيفًا ومحببًا عندما يتفهم كلاً من طرفي العلاقة أنهما غير مناسبين لبعضهما كطرفي علاقة عاطفية وأنهما مناسبين أكثر كأصدقاء وطالما وضع أحدهما أو كلاهما في رأسه عكس هذا فإنه من المستحيل أن تنجح علاقة الصداقة بعد الحب، بل ستتهاوى عند أول منعطف، مناسبين كصديقين أكثر بمعنى أنه لا غيرة ولا رغبة في الاستحواذ وإذا رأيتها مع شخص آخر فإنك لا تنتابك مشاعر سلبية لا يوجد أي مشكلة فأنت مؤمن أن هذا هو الطبيعي وأنت أيضًا لا مشكلة إذا رأتك مع شخص آخر وطالما وجدت نفسك تفعل ذلك من تلقاء نفسك فأنت بالفعل وصلت لهذه الفكرة وآمنت بها.
عدم التفتيش فيما مضى
من مساوئ العلاقة العاطفية رغبة كل شخص في التفتيش فيما ذهب والحديث عنه وربما تبادل الاتهامات مرة أخرى وهذه للأسف من مساوئها بالفعل وبالتالي الصداقة بعد الحب في هذه الحالة تصبح مستحيلة وبالتالي من أهم شروط نشوء علاقة صداقة بعد العلاقة العاطفية هو ترك الماضي بكل ما فيه من حلو ومر، لا بأس من تذكر الذكريات الطيبة ولكن دون غرض باطني، وبالتالي من أهم شروط استمرار الصداقة بعد الحب ترك الماضي كله ونسيان أنه كان هناك علاقة عاطفية وأن هناك علاقة صداقة الآن، لذلك يجب ترك كل ما يختص بالماضي وكل ما له علاقة بالعلاقة العاطفية مطلقًا.
تفهم أن الصداقة قيمة في ذاتها أهم من أي شيء
الصداقة قيمة كبيرة جدًا قد تكون موازية للعلاقة العاطفية وقد تكون أهم منها أيضًا وقيمة الصداقة هامة جدًا وقوية والمحبة طالما كانت خالصة ليست لغرض آخر فإنها تكون قوية كالموت مثلما ورد في الأثر، ولا ريب أنه ما من أحد قد يبخس الصداقة قيمتها، لذلك يجب أن تفهم أن الصداقة ليست بالهينة حتى تدنيها في مرتبة أقل من العلاقة العاطفية.
خاتمة
الصداقة بعد الحب من الأمور التي من الصعب أن تحدث، ولكن يمكن أن تحدث إن كانا هناك طرفين واعيين وناضجين يمكنهما تفهم أسس العلاقات الإنسانية بواقعية وبدون انفعالات متطرفة غير محسوبة أو مراهقة غير ناضجة.
أضف تعليق