جدري الماء، الحماق، العنقز، كلها مرادفات لمرض سببه العدوى بالفيروس النطاقي الحماقي والتي تكثر فترة الإصابة بها في مرحلة الطفولة. بعد تقدم الطب الحديث، بدأ تطعيم الأطفال بلقاحات مضادة تزيد من مناعتهم ضد مرض جدري الماء، ولكنه لقاح غير ملزم لكل الأطفال، مما يتسبب في إصابة بعضهم بعدوى جدري الماء. وعلى الرغم من ذلك، فإن جدري الماء يمكن أيضاً أن يصيب البالغين، وخاصة من يتعاملون مع طفل مصاب بفيروس جدري الماء.
استكشف هذه المقالة
أسباب جدري الماء
تأتي عدوى جدري الماء بعد الإصابة بالفيروس النطاقي الحماقي، والذي ينتقل من الشخص المصاب بجدري الماء عند طريق التعامل المباشر أو تطاير بذور جدري الماء الجافة من جلد المريض. وعند انتقال الفيروس يبقى الفيروس داخل جسم العائل ولا تظهر عليه أي أعراض قبل مرور ثلاثة أيام، بعدها يبدأ الطفح الجلدي في الظهور ويزداد حجمه خلال 10 أيام ويكون طفحاً منتفخاً مائلاً للاحمرار ممتلئاً بسائل قيحي شفاف. خلال 10 أيام أخرى تبدأ البقع الطفحية في الجفاف ويظهر عليها قشور. تنتشر بقطع الطفح الجلدي في معظم البشرة وخاصة منطقة البطن والوجه كما يمكن أن تظهر في داخل الفم وحول العينين والأذنين.
تسبب تلك البقع الطفحية بارتفاع درجة حرارة المصاب، الشعور بالصداع والإعياء. وفي مرحلة جفافها تتسبب في الشعور بالحكة، ذلك الأمر الذي ينبغي على الأم أن تمنع طفلها من فعله حتى لا يتسبب في التهاب الجلد وانتشار العدوى. يلاحظ أن عدوى المصاب للآخرين تتمثل في مرحلتين، مرحلة التقيح ومرحلة القشور وكلا المرحلتين قد يتسبب في انتشار المرض للمحيطين بالمصاب ومن بينهم البالغين.
من هم المعرضون للإصابة
الفئة العمرية الأكثر تعرضاً للإصابة بجدري الماء هم الأطفال من سن الرابعة حتى البلوغ، وكذلك يمكننا القول بأنه كلما انخفضت مناعة الطفل كلما كانت الفرصة أكبر لإصابته بعدوى جدري الماء. ينصح أيضاً من يعانون من مرض السكري أو من يتناولون أدوية مثبطة للمناعة بعدم التواجد في نطاق عدوى المصابين بجدري الماء. ينبغي معرفة أن ملامسة القيح أو القشور التي تظهر بعد جفاف التقيحات على جلد المصاب تشكل مصدراً قوياً للعدوى بجدري الماء.
توجد في معظم بلدان العالم لقاحات ضد الإصابة بجدري الماء، تلك اللقاحات تعطى إلزامياً في بعض البلدان مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والمملكة المتحدة. أما في البلدان الأخرى فالأمر يترك لتقدير طبيب الأطفال والوالدين. يعطى اللقاح المضاد لجدري الماء على جرعتين، الجرعة الأولى بعد بلوغ الطفل العام الأول حتى 18 شهر من الولادة، الجرعة الثانية وهي الجرعة المنشطة ويجب أن تعطى للطفل ما بين سن الرابعة والسادسة، وهو السن الذي يبدأ فيه الطفل بالاختلاط بأطفال آخرين حيث تجمعات الحضانات والمدارس تعتبر مصدراً للإصابة بعدوى جدري الماء.
أعراض الإصابة بجدري الماء
عندما يشكو الطفل من شعور بالإرهاق أو الضعف، الصداع، ارتفاع درجة حرارته بشكل ملحوظ، تبدأ الأم في البحث عن تلك الأسباب، وعليها في هذا الإطار ملاحظة جلد طفلها حيث تبدأ بعض البقع الحمراء في الظهور وهذا أول أعراض الإصابة بجدري الماء. وحيث أن تلك البقع لا تبدأ بالظهور إلا بعد يومين أو ثلاثة من إصابته بفيروس جدري الماء، فعلى الأم عند ملاحظتها لتلك البقع التوجه فوراً للطبيب المعالج لبدء تلقي الطفل العلاج المناسب.
كيف تتعاملين مع طفلك المصاب بجدري الماء؟
ما يقع عبئه على الأم التي يصاب بطفلها بجدري الماء هو إتباع الخطوات العلاجية التي ينصحها بها الطبيب، وعندما تبدأ بثور جدري الماء في الجفاف، تبدأ حرارة الطفل في الانخفاض ويزول الشعور بالتعب والإعياء. لكن لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فعند انفجار البثور وخروج السائل القيحي ستبدأ البثور في الجفاف وتكوين قشور، تلك القشور التي تدفع بالطفل إلى حكها وقد يصل الأمر إلى تجريح بشرته، على الأم في هذا الوقت محاولة إلهاء طفلها عن فعل هذا، ويمكن الاستعانة بالمس المضاد للحكة مثل كلامين والمتوافر في الصيدليات. على الأم منع طفلها من الذهاب إلى المدرسة، لمنع انتشار العدوى بين الأطفال الآخرين. وعليها كذلك تخصيص أدوات شخصية لطفلها لحين شفاءه بشكل كامل من مرض جدري الماء. يمكن للأم إعطاء طفلها بعض الأدوية المسكنة لتخفيف الشعور بالصداع والألم. ويعتبر الباراسيتامول من الأدوية الشائعة التي يمكن إعطاءها للطفل بأمان.
على الأم التخفيف من ملابس الطفل ومحاولة إلباسه الملابس الصحية القطنية مما يقلل من شعوره المزعج بالحكة ويعمل كذلك على تهوية الجلد بشكل صحي. من المعلومات الشائعة الغير صحيحة عدم استحمام الطفل المصاب بجدري الماء، ولكن هذا الأمر ليس صحيحاً فالنظافة الشخصية من الأمور المطلوبة للشفاء من جدري الماء، كما أن الاستحمام بالماء المائل للبرودة يمكن أن يخفف كثيراً من الأعراض المصاحبة لجدري الماء.
على الأم أيضاً إمداد طفلها بالسوائل والمغذيات بشكل دوري، حيث أن ارتفاع درجة حرارة الطفل وإحساسه بالألم قد يتسبب في عدم إقباله على الشرب أو تناول طعامه. في حالة إصابة الطفل بجدري الماء وظهور البثور داخل فمه على الأم تجنب الأغذية الساخنة والحمضية حتى لا يزيد من شعوره بالألم ويتسبب في التهاب البثور. أما بالنسبة للرضع فلا يجب أن تتوقف الأم عن إرضاع طفلها طبيعياً فهذا سوف يمده بكمية السوائل والمغذيات اللازمة له في تلك الفترة.
خاتمة
مرض جدري الماء يمكن وصفه بمرض الطفولة الشائع، فهو مرض يمكن أن يزول تلقائياً وليس له علاج محدد للقضاء على فيروس جدري الماء. في معظم الحالات فإن التزام الراحة والاهتمام بالنظافة الشخصية مع إعطاء الطفل مسكنات الألم واستخدام الكريمات الطبية المرطبة يخفف بشكل كبير من أعراض مرض جدري الماء ويؤدي أيضاً إلى سرعة شفاء الطفل. في حالة ما ازداد انتشار الطفح الجلدي وكان الجلد متورماً ومصحوباً بارتفاع في درجة حرارة الطفل، على الأم المسارعة بالذهاب للطبيب.
ليس لمرض جدري الماء مضاعفات خطيرة، لكنه قد يترك آثاراً وندبات على جلد الطفل تزول تدريجياً كلما تقدم به العمر. من الأمور التي يجب علينا معرفتها أن الإصابة بجدري الماء تكسب الطفل مناعة مستقبلية من تكرار العدوى. ولأجل هذا فإن 90 % من الأشخاص البالغين يمكن اعتبارهم محصنين من الإصابة بجدري الماء حيث أنهم قد أصيبوا به في طفولتهم دون العاشرة، أما النسبة الباقية، 10%، فإنهم من المعرضين للإصابة به بعد البلوغ. مع انتشار اللقاحات التي يتم إعطاءها للأطفال في السنوات الأولى من حياتهم، تراجعت الإصابة بجدري الماء بشكل كبير في العالم، واتجهت الكثير من البلدان إلى جعل التطعيم ضد جدري الماء من التطعيمات الإلزامية، ولهذا فقد اختفى مرض جدري الأطفال من تلك البلدان بشكل نهائي.
أضف تعليق