في حين أن الوالدين لا يمكنهم التحكم بشكل كامل فيما يقابله أطفالهم في الخارج وما يتأثرون به وهل هو يساعد في تدعيم نشأتهم أم لا إلا أنه يمكن للآباء أن يتحكموا في نشر الطاقة الإيجابية في المنزل قدر الإمكان وذلك حتى يضمنوا أن ينمو أطفالهم بشكل سليم من الناحية الجسدية والعاطفية والنفسية. وخلق الطاقة الإيجابية في المنزل يكون بعدة أمور أهمها الاهتمام بتصرفات الكبار أم أطفالهم والمحافظة على علاقات قويمة مع أفراد العائلة وزرع بذور الأخلاق والفضائل في نفوسهم.
طرق تساعد في نشر الطاقة الإيجابية في المنزل
تدرب على الكلام أمام الأطفال
من أكثر وأسهل ما يلتقطه الأطفال من آبائهم هو الكلام وطريقة التحدث ونوعية الألفاظ المختارة للكلام وطرق التعبير عنها. بل وربما لا يتأثر الأطفال بما يفعله آبائهم بقدر تأثرهم بما يقولونه؛ ولذلك قد تجد الكثير من الأطفال إن لم يكن جميعهم يرددون المقولات والجمل التي يسمعونها في منزلهم على مسامع الغير في الخارج.
صحيح أن الأطفال سيسمعون في الخارج الكثير من الألفاظ والتي قد تكون غير محبوبة ولا يرغب الآباء في أن يرددها أبناؤهم لكن أكثر ما سيلتقطه الطفل في مقتبل عمره من ألفاظ هو ما سيسمعه على لسان والديه ومن يعيش معه في نفس المنزل وذلك لسببين هامين أولهما أن الطفل في بداية عمره لا يغادر المنزل كثيراً إلا بصحبة والديه وثانيهما أن الطفل دائماً ما ينظر للكبار من عائلته على أنهم القدوة والمثل الأعلى الذي يجب أن يحتذي بها؛ ولذلك فإن من أهم أسس نشر الطاقة الإيجابية في المنزل هو أن تتدرب جيداً على طريقة تحدثك أمام الأطفال من حيث نوع الألفاظ وطريقة التعبير عنها حتى لا تنطق بالخطأ كلمات لا تريد لأطفالك أن يستمعوا إليها. كذلك بعض الآباء يتدربون عند ولادة أطفالهم على مناداة بعضهم بلقب (بابا وماما) حتى يتعود الأطفال على سماع تلك الكلمات وبالتالي بمجرد بداية نطقهم للكلام يتحدثون بها.
الاهتمام بالصحة والغذاء
من أهم دعائم نشر الطاقة الإيجابية في المنزل هو الاهتمام بما يخص الصحة والغذاء. فإن أردت التمتع بعقل نشيط ومتوقد يجب عليك الاهتمام بجسمك والعناية بنوعية الأغذية التي تتناولها ففي أول عامين من عمر الطفل يعتمد غذاؤه بشكل كامل على لبن الرضاعة وبعض الأغذية والوصفات المبسطة التي تعد في المنزل ولا تحتوي على الكثير من الدهون أو السعرات الحرارية. لكن بمجرد أن ينمو الطفل قليلاً ويبدأ في تناول طعام الكبار تجده يعتاد على الوصفات التي يحضرونها في المنزل لأنفسهم والتي تحتوي على كم هائل من الدهون والدسم بشكل يعكر صفو العقل ومن شب على شيء شاب عليه فعندما يعتاد الطفل على أنماط معينة من الغذاء يصعب عليه الاعتياد على أنماط مختلفة تماماً؛ لذلك فمنذ نعومة أظافر أطفالك اهتم بنوعية الغذاء الموجودة في المنزل وحاول أن تكون جميعها أغذية صحية طازجة وتعتمد بشكل أساسي على الخضروات والفاكهة أكثر من اعتمادها على الملح والتوابل. وحتى وإن لم يكن الطفل قد بدأ في تناول تلك الأغذية بعد فإن مجرد مشاهدته لمن يكبرونه سناً يحرصون على تناول أطعمة معينة كل يوم ستجعل عينه تعتاد عليها وبالتالي يعتاد على تناولها هو الآخر.
كذلك فيما يتعلق بالأدوية يفضل وضعها في مكان بعيد تماماً عن متناول الطفل وعن مرمى بصره ليس فقط حتى لا يقوم بتناولها عن طريق الخطأ بل أيضاً حتى لا يعتاد الطفل على وجود مثل تلك الأشياء في المنزل.
تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم
من أهم ما يميز الطاقة الإيجابية في المنزل هي أنها توفر للطفل إحساساً كبيراً بالثقة بالنفس وقدرته على مواجهة ما يواجهه من مشاكل وأزمات بمنتهى السهولة وبدون الحاجة إلى طلب المساعدة من الكبار؛ ولذلك حاول دائماً تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم وذلك عبر تشجيعهم دوماً على حل المشكلات التي تواجههم بأنفسهم حتى وإن كانت مشاكل صغيرة تافهة وأيضاً عبر الثناء عليهم بشكل واضح عندما تجدهم يقومون بفعل صائب وتجنب التوبيخ أو اللوم الزائد عند الوقوع في الخطأ.
البحث عن هواياتهم المفضلة
عندما ينشأ الأطفال في جو تملؤه الطاقة الإيجابية في المنزل فذلك ينمي حس الإبداع لديهم فيطلق العنان لخيالهم ليحلق بعيداً باحثاً عن شغفهم في الحياة. حاول أن تستلهم من أطفالك هذا الشغف عبر ملاحظة تصرفاتهم وأفعالهم وما يفضلون القراءة عنه أو مشاهدته في التلفاز حتى تعلم بالضبط ما يفضلونه وتحاول تحويله إلى هواية يمارسونها؛ فعلى سبيل المثال إن كان الطفل يفضل مشاهدة السباقات فهذا يعني أنه يهوى ركوب الدراجات أو إن كان يفضل مشاهدة الأفلام والمسلسلات فهذا يعني أنه يهوى التأليف وكتابة القصص. كل تلك الميول قد لا تجدها واضحة في البداية لكن بقليل من التركيز على تصرفات طفلك وميوله الخاصة سوف تتعرف عليها.
التركيز على الروابط الأسرية
يحتاج الطفل دوماً إلى النشأة في روابط أسرية متينة حتى يعتاد على أن تكون الأسرة أهم أولوياته. فعندما لا يجد الطفل ما يحتاجه داخل أسرته من حنان وترابط ومودة وعلاقات قوية متصلة طيلة الوقت سيحاول تكوين أسرة خاصة به إما بمجموعة من أصدقائه أو حتى في خياله فينشأ طفلاً انطوائياً منعزلاً يفضل دوماً الجلوس بمفرده على التواجد مع أحد آخر. كلك عندما ينشأ الطفل في أسرة مترابطة سيحاول قدر الإمكان أن تكون كافة علاقاته خارج المنزل على تلك الشاكلة وبالتالي سينجح الطفل في تكوين علاقات صحية وسليمة اجتماعياً.
قضاء وقت خاص مع طفلك
على الرغم من أن الطاقة الإيجابية في المنزل لا تتحقق إلا بوجود علاقات وروابط أسرية متماسكة إلا أن قضاء القليل من الوقت مع طفلك بين الحين والآخر بمفردكما يفيده كثيراً في تقوية علاقتك به وجعلك تتمكن من تكوين علاقة أشبه بالصداقة معه بدلاً من أن يظل التعامل بينكما في الإطار الوالد أو الوالدة والابن فقط. حاول بين الوقت والآخر أن تقوم بتخصيص بعض الساعات لتقضيها مع طفلك بمفردكما حيث تستغلون ذلك الوقت في القيام بأنشطة متنوعة كلعب الكرة أو ممارسة هوايته المفضلة أو السفر أو التنزه أو أي نشاط يفضله الطفل على أن تهتم بتنويع تلك الأنشطة من فترة لأخرى.
تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم
عود أطفالك دوماً على أنه ليس من العيب ولا ينتقصهم في شيء أن يعبروا عما بداخلهم من مشاعر وأحاسيس سواء أكانت مشاعر سعيدة أو حزينة. ومهما كنت مشغولاً بمجرد أن تجد طفلك قادماً للتحدث معك في أمر حتى وإن لم يبدو ذو قيمة لك إلا أنه يهمه كثيراً لذلك يتوجب عليك أن تتفرغ تماماً للاستماع إليه لأن انشغالك عن حديثه سيعطيه الانطباع بأنك لا تهتم به وبالتالي سيتوجه إما للحديث عما بداخله مع أشخاص آخرين خارج المنزل تماماً أو سيعتاد على كتمان مشاعره بداخله طيلة الوقت فينشأ شخصاً جمودياً بلا أحاسيس أو مشاعر.
أضف تعليق