هناك الكثير من ضحايا الحرب حول العالم ولا سيما أن في كل بقعة من العالم حاليًا يطلها شيء من الحرب سواء من خلال الإرهاب أو من خلال الحرب المباشرة، خصوصًا في منطقتنا العربية حيث تدور في الوقت الحالي الكثير من الحروب التي تستنزف البشر والمال في بلادنا العربية العزيزة ولذلك مادام يوجد حرب فمن الأكيد يوجد ضحايا الحرب بالنتيجة، وقد يكون ضحية هذه الحرب رجل كبير أو صغير أو جندي أو امرأة أو أي من هؤلاء الأشخاص فكلهم بشر، ولكن ما لا يعلمه الناس هو أن الحروب تغير نفسيات البشر 180 درجة دون نقاش فما يحدث في ساعة واحدة من هجوم حربي قد يجعل حياة طفل أو امرأة أو أب تتغير فورًا من المشاهد التي سيراها من موت ودماء لأعز من يملك من أقرباء وجيران وأصدقاء وكل هؤلاء الناس الذين كانوا مع هذا الشخص من بضعة دقائق وفجأة يتركون عالمنا من غير نقاش أو تنويه ولذلك الأمر نفسيًا يكون مصيبة كبرى.
ما هي الطرق اللزمة كي تتعامل مع ضحايا الحرب ؟
لا تكثروا من التقاط الصور
أحيانًا كثيرة يخطأ بعض الناس في حق ضحايا الحرب لمجرد أنهم يفعلون أشياء تلقائية ولكنها مؤذية. يجب أن يفهم الناس أن التقاط الصور لضحايا الحرب هو ليس أمرًا ممتع بالمرة فهم يكونون في أسوء صورهم سواء النفسية أو الجمالية، ولذلك الأمر يكون ثقيل عليهم بطريقة سيئة جدًا دون أدنى شك ويصل الأمر أحيانًا إلى دخول الضحية في حالة بكاء وصمت هيستيري من مجرد وجود الناس بجواره لأنه يشعر بأن هؤلاء الناس لا يقدرون ما مر به وما يهتمون به فقط هو مجرد صورة معه. كل ما يدور في عقل ضحايا الحرب هو مشاهد موت وفقدان ورصاص ودماء وأشلاء، ولذلك يجب أن تتفهموا نفسية هذا الشخص وأن تعطوه مساحته بطريقة محترمة جدًا حتى يهدأ ويعيد ترتيب بعضًا من نفسه حتى على الأقل يصل إلى مرحلة التعامل مع الناس ولكن فكرة هجوم الناس عليه لالتقاط الصور معه فور وصوله إلى منطقة الأمان فهذا فعل غير أدمي وغير مسئول بالمرة.
السؤال الكثير عن التفاصيل
ضحايا الحرب غالبًا لا ينسون التفاصيل لأن الأمر علميًا عندما يتعرض الإنسان إلى الخطر فإن جميع حواسه تصير منتبهة لدرجة أن الإنسان يشعر أن الوقت يمر بصورة أبطئ بكثير من المعتاد. لكن ما يحدث هو فقط أن حواس الإنسان تعمل بطريقة شاملة وكثرة التفاصيل التي يراها تجعله أن يرى أكثر من الطبيعي في نفس الزمن العادي، فيشعر أن الوقت توقف به. هذا ما يحدث مع ضحايا الحرب، فالثواني تمر عليهم كأنها سنوات ولا ينسون أي مشهد أو قتل أو دم رأوه. وما يجب أن تفهمه في تعاملك مع ضحايا الحرب هو أنك لا يجب أن تسأله حتى لا تجعله يتذكر هذه التفاصيل المرعبة جدًا التي مر بها في هذا اليوم. أيضًا ليس جيدًا أن يدخل أحد يسأله ويجيبه ثم أخر يسأله ويجيبه فهو ضحية وليس مستجوب ويجب أن تقدروا أن معرفتكم ما حدث له عن طريق سرده للتفاصيل لن يساعده بل سيجعله غير مرتاح بالمرة ويريد الخروج من هذا المكان فورًا.
لا تطلع ضحايا الحرب على التطورات
ما يجب أن تعرفه جيدًا في التعامل مع ضحايا الحرب هو أنك بكل المقاييس يجب أن ترسل له رسالة بأنه لم يعد داخل مضمار الحرب وهو في أمان في هذا الوقت ولذلك عليك أن تحاول تتجنب فكرة أن تطلعه على كل جديد بما يحدث في الحرب. ولا تعتبر أنك لو قلت له أن الحرب في طريقها للانتهاء فهو سيفرح. الحقيقة هي أن صدمة الحرب لا تجعل بعض الضحايا قادرين على التفرقة بين السعادة والحزن يحدث نوعًا من التشويش لديهم ولا يفهمون بعض الأشياء من نتاج صدمتهم ولذلك لا تحاول أن تجعله مطلع على أي شيء سبب له هذا الألم النفسي حتى ولو بالإيجاب إلا لو هو سأل واستفسر أيضًا لا تحاول أن تفتح له التلفاز حتى يرى ما يحدث في الحرب مرة أخرى ويسترجع بالصوت والصورة ما كان يحدث معه فهذا الأمر شديد الخطورة على نفسية هذا الشخص لأنه يكون داخل صدمة ولا يستطيع الخروج منها بسبب رؤيته لمثل هذه المشاهد بصورة مستمرة.
الدعم المادي والمعنوي
جزء كبير من دعم ضحايا الحرب نفسيًا يعتمد على الدعم المادي والصحي والمعنوي حيث أنه غالبًا يكون في سيئة جدًا صحيًا وليس لديه أي أموال للعلاج وأيضًا حياته تكون قد تدمرت ورجعت للصفر دون أي رأس مال أو أي مصوغات وأوراق تثبت انه درس في هذه الجامعة أو تلك الجامعة فالحرب تأكل كل شيء ولذلك عندما تقدر الحكومات ضحايا الحرب ماديا وصحيًا يشعر الضحية بنوع من الأمل ولو بسيط يشعر بنوع من الاهتمام وأن الأمر والحرب ليست هي النهاية يشعر أنه أقوى من الظروف السيئة التي حدثت معه وأن هناك بداية جديدة يستطيع من خلالها أن يعيش بطريقة عادية. كل تلك الأفكار تعمل على علاج نفسية ضحايا الحرب بصورة إيجابية جدًا وخصوصًا من ناحية الأمل والرغبة في أن يكمل المسيرة. ولكن لو كان العكس هو الذي يحدث فهذا يكون بمثابة خنجر يطعن في قلوبهم لأن عدم تقديرهم يجعلهم يشعرون أن الشر في كل مكان وأن ليس هناك رحمة بين البشر وربما يلجئون إلى الانتحار نظرًا لما رأوه من قسوة وعدم رحمة من تعامل البشر معهم.
حالات الهذيان
إن كان لديك أب أو أخ أو زوج كان جندي أو ضابط في الحرب وقد رجع إليكم سالمًا فهو في الحقيقة ضحية من ضحايا الحرب أيضًا ولا تستغربوه لو وجدتموه يفعل أشياء غريبة أحيانًا أو لو كنت زوجته لا تستغربي أنه لا ينام أو يبكي أثناء النوم أو يقوم مذعور من كابوس ما أو يهذي أثناء النوم بأسماء ناس وأصدقاء كانوا معه في الحرب كل هذه الأشياء هي مجرد حالة من حالات ضحايا الحرب العادية جدًا ولذلك لا تتعاملوا معه على أنه مجنون أو أو أنه مريض نفسي بل يجب أن تتفهموا أن نفسيته بالفعل غير متزنة وهذا سيظهر كثيرًا في عصبيته وأوامره وطريقة فعله لبعض الأشياء بطريقة عنيفة بعض الشيء كل هذه الأعراض الغريبة تجعل حتى الجنود من ضحايا الحرب حتى ولو لم يمسهم أذى جسدي.
الأطفال في الحرب
في وقت الحرب أحيانًا كثيرة ينجو بعض الأطفال من الحرب ولكنهم سيظلون عالقين في هذه الحرب مدى الحياة ولا سيما أن ما يحدث في الصغر من حروب وأشياء قاسية فهو يعلق في ذهن الطفل أكثر بكثير من ذهن الكبير ولذلك يجب التعامل مع أطفال ضحايا الحروب بعين الرحمة وتقديرهم بصورة خاصة وتوفير طبيب نفسي ومتابعتهم نفسيًا وماديًا وحياتيًا حتى تتأكدون أنهم يعيشون بطريقة عادية لأن حياتهم بالفعل تكون صعبة بدون رعاية من أحد.
أضف تعليق