من ضمن أكثر الأمور المعنوية التي يمكن أن تقدمها لمن تحبهم، هو دعم متأخري الإنجاب . وهم الأزواج الذين تأخروا في الإنجاب، إجبارًا واضطرارًا، وليس رغبة منهم. إنه شعور بالعجز والنقص، شعور من فقد ابنه رغم كونه لم يشاهده يومًا. ولذلك عليك كشخص ترغب في تقديم المحبة والدعم الصحيح، بأن تقرأ هذا المقال. هنا سنحاول توضيح المشاعر النفسية لمتأخري الإنجاب، وبالتالي سيكون دعم متأخري الإنجاب الذي سنقدمه في مكانه المضبوط. وسنقدم تصرفات حكيمة يجب أن تمارسها، والفرق الصغير بين أن تدعمه حقًا وبين أن تؤذيه بهذا الدعم الزائف. وما يجب أو لا يجب اتباعه من تصرفات وأحاديث لدعم متأخري الإنجاب.
ما هي عملية دعم متأخري الإنجاب نفسيًا؟
مشاعر متأخري الإنجاب
لا تترك هذا الجزء لتذهب نحو النصائح فورًا، عليك معرفة الحقيقة داخلهم حتى تتعلم التعامل معهم. وأول الخطوات الصحيحة من أجل دعم متأخري الإنجاب هي أن تصدق وتحترم مشاعرهم.
العجز
إنه شعور رهيب، وخاصة بالنسبة للرجل. لأنه يشعر بالعجز عن الإنجاب، والمجتمع لا يتركه ويرمي إليه النظرات التي تتساءل عن رجولته. ومن أصعب الأحكام على الرجل، تلك التي تشكك في رجولته. ففي عالمنا الشرقي قد يتزوج الرجل من امرأتين، فقط من أجل أن ينجب ويؤكد أنه قادر على الإنجاب. أما حين لا يستطيع فإنها كارثة تهدد إحساسه بقوته وقدراته في أي مجال أخر، وليس الإنجاب فقط. يصبح شخصية هشه وسريعة الغضب، ولا يتحمل أي كلمة قد تُقال له. إنه كمن يشعر أن هناك من يقتل حبيبه وهو لا يستطيع الدفاع عنه. ومن فقد شيء عزيز ولا يستطيع أن يجده. وعلينا نحن ألا ندعم هذا العجز، ولا نزيد على كاهله الإحساس به. وكفاه ما يشعر به.
الفقد
في الحقيقة، لا يفتقد الإنسان كل ما كان يملكه يومًا. إنه يفتقد أيضًا أشياء لم تكن له. فالرجل والمرأة في تلك الحالة يفتقدون إحساس الأمومة والأبوة. يفتقدون إحساس ضحكة ابنهم، يفتقدون حتى صراخه الذي يعلمهم أنه مازال هنا. إنهم يفتقدون ابنًا لم يروه قبلًا. وكلما نظروا إلى أحد الأطفال الصغار سيمتلكهم هذا الإحساس أكثر.
الحنين
وهناك فرق عزيزي القارئ بين الفقد والحنين. الحنين هو ذلك الإحساس الذي يتملك المرأة بالأخص عندما تنظر إلى أي طفل. فطبيعة الأنثى أن تنظر ببراءة إلى كل طفل وتقترب لتلعب له. إنها تحب لكونها أم مع كل طفل يمر بجانبها. وصدقني عزيزي، قد ترفض مجموعة كبيرة من الإناث عدم الإنجاب في بداية حياتها، لأنها تريد تحقيق طموحها مثلًا. إلا إنهن جميعًا يتراجعون عن القرار في لحظة حنين كبيرة مثل هذه عاجلًا أو أجلًا. لأن غريزة الأمومة أقوى بكثير من أي إحساس أخر، حتى إنها أكبر من إحساس الأبوة.
الظلم
يشعر متأخري الإنجاب بالظلم دومًا. ظلم القدر، ظلم الحياة. ودائمًا يتساءلون: لماذا نحن؟ قد يأتي شخص بغشم ليقول: “ربما هذا للأفضل، فربما يعلم الله أنكم لن تكونوا أبوين صالحين”. من يقول تلك الجملة مريض نفسي، ولا يصلح لكونه إنسان يشعر بالحزن الآخرين. وأنا أعرف أن هؤلاء البشر كثر، ويعتقدون أنهم بتلك الكلمة يخففون من كاهل الزوجين، بأن يظنوا أن السبب فيهم. على الرغم من أن متأخري الإنجاب عادةً، يكونون من أفضل الآباء. لأنهم عرفوا ما يعني وجود ابن، ولن يفرطوا في تربيته بأفضل طريقة. حتى لو افترضنا أنهم لم ينجبوا أبدًا، فهل هذا يفسر المقولة السابقة؟ أبدًا يا عزيزي، لأن هذا التفسير في علم الغيب ولا يعلمه سوى الله، فمن أنت لتتكلم بتلك الطريقة الغشيمة وتؤذي بها مشاعرهم!
عدم الجدوى من أي عمل
في الطب الحديث يوجد الكثير مما يستطيع العلم تقديمه من أجل دعم متأخري الإنجاب صحيًا. إلا إنه يقف عاجزًا في الكثير من الحالات أيضًا. وبعض الأشخاص يرفضون من ناحية أخرى تجربة بعض الأشياء، لاعتقادات شخصية أو دينية. عندما يجرب متأخري الإنجاب الكثير من الأدوية الطبية، ويصلون في الأخير إلى نفس النتيجة السلبية الأليمة. يبدأ الإحباط واليأس في التغلغل إلى نفوسهم، ولا أحد يستطيع أن يلومهم، فللبشر طاقة احتمال. يشعرون أنه لا جدوى من أي دواء، أو أي ممارسة طبية جديدة. ومن الممكن أن هذا اليأس يضعهم في مرحلة أنهم لا يريدون تجربة شيء جديد. وخاصة أن للأدوية دائمًا أعراض جانبية، وغالبًا تنصب على المرأة، وغضب وتعب المرأة ينصب على الرجل في الأخير. رغم كل تلم المحاولات يمكن أن تكون الإجابة من أتفه الأمور، وهذا يحدث في العديد من الحالات. تمامًا كحالة السكر الحمل الذي لا يلتفت له الأطباء سوى في أخر المطاف، رغم أنه الإجابة البسيطة لتأخر الحمل أو الإجهاض المستمر. ويظلون يتابعون الأمور الأكبر وينسون تلك الحقيقة الصغيرة. فيظن الزوجين أنه لا أمل، حتى ولو الإجابة أمام أعينهم.
التصرفات الصحيحة لدعم متأخري الإنجاب
في هذا الجزء، سنصل إلى النصائح. ما يجب وما لا يجب أن تفعله كدعم متأخري الإنجاب. ولتعلم عزيزي، أن بين الدعم والأذى النفسي شعرة صغيرة تفصل بينهم. ويجب أن تكون حساس جدًا في كلامك معهم، لا يجب أن تعاملهم كأنهم زجاج سينكسر بسهولة، وإنما كن حذرًا عند كلامك في هذا الموضوع من أي ناحية. حتى تقدم الدعم المطلوب بطريقة صحيحة.
كثرة الأسئلة
يتمتع الشعب العربي، خاصة النساء الكبيرة، بحب الفضول بطريقة غير عادية أبدًا. يريدون معرفة كل شيء في كل وقت، حتى وإن كانت معرفتهم هذه ستؤذي مشاعر البشر الغير راغبين في البوح بسرهم. ومن هنا تبدأ النساء، أو الرجال أيضًا، في إلقاء العديد من الأسئلة المباشرة للزوجين. ولا تتوقف الحموات إلا حين تعرف سبب تأخر الإنجاب، حتى إنهن يجبرون الزوجين على عمل الفحوصات لمعرفة من السبب. حتى تستطيع كل واحدة أن تقول أمام المجتمع أن ابنها أو ابنتها ليس به عيب. أما الباقيين بخلاف الأهل، سيبدئون بصنع مسرحية أبطالها الزوجين المعذبين. وتدور أحداث المسرحية حول الشفقة عليهم ومحاولة مساعدتهم بطرق تصلح لكونها غير أدمية.
إنها مهزلة يا عزيزي، وتشكل كل النقيض لما قد تقدمه من دعم متأخري الإنجاب . كثرة الأسئلة والكلام على الزوجين، تزيد همهم وتعبهم، وتزيد من تفكيرهم بالموضوع. أنت لا تقدم أي نوع من الاهتمام حين تسأل عن أخبار ما إذا كان هناك حمل أم لا. في الحقيقة إن الأمر لا يخصك لا من قريب أو من بعيد. إنه أمر يخص الزوجين فقط لا غير، حتى إن كنت من أقرب الأهل. إن رغبوا هم بالكلام فكن شخص مصغي ومحترم للألم الذي يشعرون به. ولكن لم يأتي ذكر الموضوع من الأساس فلا تفتحه أنت أبدًا. وذلك أدبًا واحترامًا لحساسية الموضوع. فلا تسأل عن الأخبار الجديدة، ولا تبغي حتى معرفة تمكنهم من الحمل أم لا.
في الحقيقة، إن الإنجاب ليس نهاية الحياة، لا بالنسبة لهم، وخاصة ليس بالنسبة لك. فلا تحاول حشر أنفك فيما لن يوقف حياتك. واجعل اهتمامك بصديقك أو قريبك، وليس الاهتمام بتأخر أو قرب إنجابهم.
كثرة الشفقة والدعاء لدعم متأخري الإنجاب
الدعاء من أجل متأخري الإنجاب هو أمر واجب ومساعدة حقيقة، طالما لم يكن هناك غيرها في يدك. ولكن حين يكون هذا الدعاء صادق ونحو ربك وحده في الخفاء. أما الدعاء في وجه الزوجين كلما مررت عليهم، أو كلما ذكر أمر الأطفال في الأحاديث، فهذا ليس بدعاء، بل إنه إحراج لهم وإعادة تذكير بأنهم يفتقدون لشيء مهم. هذا سيعد شفقة، وليس دعم. والشفقة الزائدة مضرة للإنسان، لأنها تشعرهم بأنهم أقل من غيرهم وأقل من أصدقائهم الذين يملكون أطفال. مع إنهم ليسوا كذلك.
ما عليك فعله لدعم متأخري الإنجاب، بالإضافة إلى الدعاء سرًا، هو ألا تذكر الأمر أمامهم بأي شكل، طالما لم يفتحوه هم معك. لا تقول لهم، أن الله سيعطيكم ما تريدون، فأنت لا تعرف ذلك حقًا. لا تقل، أنهم سيكنون آباء صالحين، فمن الممكن ألا يتحقق هذا أبدًا. لا تدعي لهم باستمرار كلما رأيتهم، وكأن حياتهم كلها توقفت عند هذه النقطة ولا يوجد أي موضوع أخر تتكلمون عنهم. قدم المواساة وتطيب الخاطر في وقتهم، قدم حتى الدعاء أمامهم ولكن بقلة وفي وقته المناسب حين يُذكر الموضوع. قدم اهتمام بأي شيء قد يطلبونه وأنت قادر على المساعدة فيه. قدم حتى معلومة مهمة حقيقة عن تأخر الإنجاب إن تأكدت منها. ولكن إياك أن تقدم شيء لم يطلب منك تقديمه بشكل مفرط. لا تجعل حياتهم تتمحور حول عجزهم في كل أحاديثك معهم، حتى لو كان نابع من نية صافية منك. إنه فقط لا يصلح بل يضر.
كثرة الإلحاح على إجراء الفحوصات والاختبارات
تلك النقطة تأتي أكثر من عند الأهل المقربين، وبعض الأصدقاء. ولكنها نقطة سيئة إن تم الإفراط فيها، ولا تقدم بشكل حقيقة دعم متأخري الإنجاب، وإنما تزيد همهم وشعورهم بالذنب، وكأنهم لن يفعلوا ما قد يعطيهم فرصة ممكنة. وذلك عن طريق طلبك المستمر الذي لا ينقطع منهم، أن يذهبوا لأي طبيب جديد، ويعملوا الفحوصات المطلوبة، ويكملوا طريقة العلاج إلى الأخر، وما إلى ذلك. أتعتقد حقًا أنك تخاف عليهم، وتريد أن ينجبوا أكثر منهم؟ حتى وإن كنت أب أو أم للزوجين، أتعتقد أنك ستفرح أكثر منهم عند وجود طريقة ممكنة للإنجاب؟ إن حقًا تصدق ذلك فأنت على خطأ. لا يشعر بألم تأخر الإنجاب إلا من يعانون منه حقًا. فلا يجب عليك كثرة الإلحاح بعمل فحوصات، وكثرة الإلحاح بتقديم المساعدة. فبعض الأهل يتعمدون فرط مساعدتهم لأبنائهم، كمثل محاولتهم لتقديم مبلغ من المال لإتمام فحصوات أو شراء دواء، لا يريد الزوجين شراءه، وليس لأنهم لا يريدون الإنفاق.
متأخري الإنجاب لن يتوانوا بتقديم أي تضحية من أجل الحصول على فرصة للإنجاب. إلا إن كثرة الفحوصات والأدوية بدون نتيجة، تضعهم في موقف يأس وإحباط. ومن الأفضل قوتها أن يتوقفون عن كل تلك الأمور طبية، ليعودوا شحن أنفسهم بالأمل والرغبة والطاقة مرة أخرى. فيجب أن يأخذوا هدنة من الأمر برمته، ومن الواجب أن تعطوهم أنتم أيضًا هذا المجال، على الأقل من أجل تجديد حبهم ودعهم لبعض بدون ضغوطات. فكما قلنا قبلًا لن تتوقف الحياة عند عدم القدرة على الإنجاب، وإنما تتوقف الحياة حين تنهي الضغوط كل الحب والأمل بداخلهما. فحين يطلبان منكما التوقف عن الإلحاح بالفحوصات وتقديم الأفكار والحلول الجديدة، احترموا رغبتهم دون إعادة الكلام، أو محاولة تغير رأيهم. لأنه أمر صحي ومفيد.
كثرة التشجيع المستمر لدعم متأخري الإنجاب
إكمالًا للنقطة السابقة في كثرة الإلحاح لدعم متأخري الإنجاب، نذكر نقطة التشجيع المستمر. فلا يمكنك أن تجعل كل حياتهم تتمحور حول الإنجاب وتشجيعهم عليه. فلا يمكنك أن تظل تذكر محاسن الإنجاب كنوع من التشجيع. أنت بذلك تتسبب في ألم كبير. ولا يمكنك أن تحاول أن تشجع فيهم باستمرار لإعادة المحاولة، إنها ليست مساعدة فأنت لست طبيب نفسي متمرس. التشجيع يذهب لمن بيده أن يتمم الأمر، ولكنهم لا يمتلكون ما يقدرون على فعله في الحقيقة. الأمر خارج إرادة أي شخص، مهما حاولوا الاستعانة بأمور طبية. فلا تفرط بالتشجيع، واجعله في وقته فقط. أي في الوقت الذي سيخضعون فيه تجربة جديدة. حينها فقط يمكنك أن تشجعهما على الاستمرار فيها رغم تعبها والمصاريف التي تنفق فيها. أما دونًا عن ذلك فليس هناك داعي حقيقي للتشجيع.
بالتأكيد لا تشجعهم على التقرب أكثر من بعضهما البعض بشكل يدخلك في تفاصيل حميمة لا تعنيك. فعليك أن تعلم أن الزوجين قد يشعرون بالابتعاد والنفور من بعضهما البعض في بعض الأوقات، بسبب كل ما يطلبه منهم الأطباء. والرومانسية وقتها تصبح في طي النسيان. يمكنك بالتأكيد تشجعهم على أخذ إجازة خارج كل تلك الضغوطات، ليركزوا على أنفسهم مع بعض فقط. ويقضون وقت يسترجعون فيه حبهم. ستكون حينها نصيحة مفيدة حقًا. ومن الممكن أن تكون فرصة لإعادة الرغبة والنشاط إلى روحهم.
كثرة ذكر إيجابيات تأخر الإنجاب
في محاولة من بعض الناس والأصدقاء لدعم متأخري الإنجاب، يبدئون في ذكر إيجابيات تأخر الإنجاب. مثل قولهم، بأن حياتهم هكذا أفضل بدون صراخ لأطفال. أو حسدهم بأنهم يتمكنون من فعل ما يريدون، والذهاب بحرية إلى أي مكان. أو قدرتهم على أخذ إجازة من العمل في أي وقت. أو القدرة على شراء ما يحتاجون لأنفسهم فليس لديهم ضغوط مادية. بالطبع الأمر يخرج منك بنية صافية، وقلب نقي لتخفيف من آلام تأخر الإنجاب، بذكر ما يبدو أنه إيجابيات. ولكن صدقني، هذه الإيجابيات حقيقة لمن لديهم أطفال بالفعل، أو من لا يريدون الإنجاب برغبة منهم. أما بالنسبة إلى متأخري الإنجاب، فهذا تقطيع للقلب. إنهم لا يهتمون بإيجابيات زائفة، إنهم يرغبون بالأطفال. يرغبون بطفل يملأ عليهم الدنيا ويجبرهم على الاهتمام به. إحساس النقص والعجز أقوى بكثير من إحساس الحرية في ذلك الوقت.
إذًا، لتقدم دعم حقيقي فعليك بالتحدث في أي موضوع خارج الإنجاب ككل. لن تجعل من نفسك شخص عطوف وأنت تتمنى ما هم فيه. فأنت حقًا لا تعني ما تقول. ولن تحسن من حالتهم النفسية بتذكيرهم أنهم لا يستطيعون الإنجاب وعليهم الاستسلام للأمر والاستمتاع بالحياة. لبعض الناس، الحياة بدون معنى بدون أطفال. عليك احترام وتقدير هذه المشاعر الرقيقة.
ذكر سلبيات الأطفال كنوع من دعم متأخري الإنجاب
إكمالًا للنقطة السابقة، نجد من يبدأ بذكر سلبيات الأطفال. وكأنه يريد أن يقنع متأخري الإنجاب أن حياة الأطفال صعبة وشاقة. وعلى الرغم من كونها صعبة بالفعل، إلا أن متأخري الإنجاب لن يقتنعوا بذلك. وليس لأنهم لم يجربوا، بل لأنهم يريدون. هم يردون هذا الصراخ المزعج، يرغبون في الإنفاق على ابن يأخذ كل أموالهم، يريدون أن يأخذ طفل كل وقتهم. إحساس الفقد يجعلوهم يرون الجزء الجميل من الإنجاب، لا الجزء السيئ. ومهما حاولت أنت، ستكون كمن يحاول أن يخفف ألم من يحتضر. لا فائدة من محاولة تخفيف ألم لا يمكنك تخفيفه. المزاح في الأمر لا يجدي أبدًا. ضع هذا السؤال أمام عينك كلما فكرت في قول سلبيات الأطفال: لو كانت هناك فرصة لأخذ أطفالك وإعطائهم لهذين الزوجين، وبذلك نريحك من هذا الهم القاسي، أسترضى بهذا؟
أتعتقد أن الإجابة بلا. لأن الابن غالي جدًا على أبويه مهما كانت تربيته صعبة. لذلك لا تذكر أمرًا أنت لا تستطيع تحمله بنفسك. لا تحاول إقناعهم بما لن تستطيع الاقتناع به بنفسك. وسنرجع لنقول، الأفضل ألا تذكر الأمر بأي طريقة. إنه المفتاح الأساسي بالنهاية من أجل دعم متأخري الإنجاب . فأنت لست بخبير في التعامل مع الأمور النفسية، فاترك الأمر لمن له الخبرة. كن مختلفًا عن المجتمع بأكمله الذي يكرر عليهم الرغبة في الإنجاب بعدة طرق كثيرة. كن شخصًا يراهم على حقيقتهم، كشخصين متزوجين لن تتوقف حياتهم على محور الإنجاب.
إبعاد أبنائك عن متأخري الإنجاب
هذا ليس فقط عمل غير إنساني، بل إنه قلة ذوق وأدب. فإن لم يكن الزوجين وحوش يقتلون الأطفال بسبب الغيرة من عدم الإنجاب، فلا تبعد عنهم أطفالك. متأخري الإنجاب لن يضروا بأطفالك، مع العكس إنهم يتعاملون بحنية زائدة مع الأطفال. فإن كان هناك ود بينك وبينهم، ورغبوا في تقديم هدية لطفلك، أو حتى الاهتمام به وحمله لفترة، فلا داعي لرفضك. سيكون الرفض بمثابة رؤيتهم كالوحوش، مع إنهم رقيقي المشاعر. هناك بعض الأشخاص يرفضون تقديم دعوى لحفلة تخص أطفالهم لمتأخري الإنجاب. مثل حفل عيد ميلاد الطفل. قائلين بأنهم بذلك يحترمون إحساس الزوجين بالفقد ولا يريدوا أن يجرحوهم. أنه جرح أكبر بكثير أن يتم نبذهم لمجرد أنهم لا يمتلكون أطفالًا.
نصيحة أخيرة في هذه النقطة. إن كنت تعرف معلمة في مدرسة أطفالك، متزوجة ولم تنجب بعد. سيكون من المفيد جدًا كدعم لها، أن يقدم ابنك لها هدية بسيطة في عيد الأم من كل عام. الأمر لن يضرك أو ابنك، ولكنه سيكون بمثابة لفتة إنسانية جميلة جدًا، ورقة منك وإحساسًا حقيقًا بألم هذه السيدة، خاصة بذلك اليوم من كل عام. فالمشاعر الرقيقة البسيطة التي تخرج من الطفل مع تلك الهدية ستعني لها الكثير. اترك براءة الأطفال تتعامل مع حزنها، لأنها قادرة على لمس قلبها بدون إحراج أو مبالغة. ومن الممكن أن تكون تلك الهدية دافع لها من أجل تكملة تجربتها مع محاولة الإنجاب. وأمل ورغبة جديدة في كونها أم، وبهذا تقدم دعم متأخري الإنجاب بطريقة غير مباشرة.
خلاصة دعم متأخري الإنجاب
بعد قراءة كل النقط الماضية عن دعم متأخري الإنجاب ، أعتقد أنك استنتجت الخلاصة المهمة. ألا وهي عدم التهويل من المشكلة. احترام الحزن يأتي في عدة صور، من أهمها الصمت. عدم كثرة الأحاديث في ذلك الموضوع، سواء معهم أو من خلفهم. عدم المحاولة المستمرة للمساعدة التي لم يتم طلبها منك من الأساس. التهويل من القضية لا يصلح. فإن معك حل حقيقي مفيد، قدمه. وإن لم تكن خبير فلا تذكره. وأنا أعلم أنها نصيحة غريبة ولكنهم الحل الوحيد العملي. ادعوا لهم في السر. وإن كان هناك من تأخر بالإنجاب والآن أنجب بالفعل، سيكون هو الشخص الأقرب إليهم. فإن كان يمكنك صنع تواصل بينهم، وأنت تبتعد خارجًا، ستكون قد قدمت مساعدة ودعم حقيقي. لا تتعامل مع الموضوع على إنه كبير ومهم وحيوي بالنسبة لك، لأنه ليس كذلك حقًا. وبالتأكيد لا تظن أنك طبيب ومتابع بالأمور الجديدة العلمية أكثر منهم. إن لم تتأكد من معلومة طبية حقيقة، فلا تقولها أبدًا. وأخيرًا أخرج القدر وعلم الغيب من الموضوع، لأنك لا تمتلكه أبدًا، ولا تعلمه. فلا تزيد هم الزوجين بكلام عن القدر.
بالنهاية عزيزي القارئ، دعم متأخري الإنجاب أمر واجب وإنساني لكل من تعرفهم من أصدقائك أو جيرانك. ولكن إن قررت أن تقدمه، فقدم دعم متأخري الإنجاب بالطريقة الصحيحة، ولا تجعل محاولتك تزيد التعب والعناء على النقيض. كن حكيمًا حين يتعلق الأمر بالمشاعر الإنسانية الحساسة.
أضف تعليق