تعاني مجتمعاتنا العربية من نظم التعليم العقيمة التي تعتمد على الحشو في المناهج ومن ثم تكديسها في عقول الطلبة منذ الصغر، مما يبطئ العقول ويؤخر الذكاء والإبداع لدى الأطفال لذا لا نرى المخترعين والمبتكرين مقارنة بالدول الغربية المتقدمة، والتي تتبع العديد من النظريات التعليم الحديثة التي تعتني بتنمية مواهب الطفل منذ سنواته الأولى وتعمل على الاستفادة منها في تعليم ما يناسب ميوله مما يساعد في تخريج جيل مبدع مبتكر، ومن أشهر نظم التعليم التي لاقت إقبالا ونجاحا كبيرا في العالم طريقة مونتيسوري في التربية والتعليم، وقد تم تطبيقها في دول عديدة في العالم بعد افتتاح أول فصولها عام 1907، وهي منهج تعليمي يعتمد على مراقبة النظام البيولوجي لنمو الطفل وطريقة تفاعله من الطبيعة لوضع المنهج التعليمي الذي ينمي إمكانياته العقلية والجسدية والتي تختلف من طفل لآخر، أي أن طريقة مونتيسوري تتبنى نظرية النظام الخارجي يساعد في بناء النظام الداخلي للطفل، ومن هنا يمكن اعتبار طريقة مونتيسوري تطبيقا للتنمية البشرية مقترنا بمنهج تعليمي يمكن من تطوير إبداع الطفل وينمي فيه قدرته على حل المشاكل ويعلمه كيفية تنظيم الوقت وكيفية استغلاله.
طريقة مونتيسوري أفضل طرق التربية والتعليم التي حققت نجاحًا باهراً
من هي ماريا مونتيسوري؟
ماريا مونتيسوري هي أول طبيبة إيطالية قامت بوضع العديد من النظريات العلمية والتربوية والتي كان أولها عام 1897، كما حرصت على حضور العديد من الدورات في التربية بالإضافة لدراستها لكل ما نشر من نظريات تربوية سابقة خلال 200 عام، وهو ما أهلها لوضع نظرية مونتيسوري أو ما يعرف باسم طريقة مونتيسوري التعليمية والتي قامت بتطبيقها بعد أن أسست مونتيسوري مدرسة للمعاقين عملت خلالها على تطبيق أفكار نظريتها والتي نجحت نجاحا مدهش، وهو ما أكد لها نجاح هذه الطريقة مع الأطفال الأسوياء أيضا.
أهم أساسيات طريقة مونتيسوري
- الاهتمام بتوفير الحرية والاستقلال للطفل بحدود معينة لحمايته.
- احترام نمو الطفل النفسي للطفل مواكبة مع التطور التكنولوجي للمجتمع الذي يعيش فيه.
- اختلاط الطفل خلال مراحل التعليم بأعمار مختلفة تتراوح بين ثلاث إلى تسع سنوات في الفصل الواحد.
- ترك الحرية للطفل لاختيار النشاط المفضل له.
- الميول البشرية في طريقة مونتيسوري.
- تحديد دور المعلم في القيادة والتوجيه الحر.
- توفير الوسائل التعليمية التي تتيح للطفل التفاعل مع العلوم والبيئة التي يكتشفها عن طريق حواسه.
- الاهتمام بتشجيع الطفل دائما وإمداده بالمعلومات ليتمكن من استغلالها وتطويرها.
طريقة منتسوري في التعليم
عند تطبيق طريقة مونتيسوري في الفصول التعليمية يراعى توفير الأدوات التعليمية المساعدة والمناسبة لكل منهج، بالإضافة لتنظيم هذه الأدوات والوسائل بشكل متدرج من السهل إلى الصعب فالأصعب، ومن الرموز إلى الواقعي، وهو ما يجعل طريقة مونتيسوري فعالة وموجهة دائما لدعم التركيبة النفسية والعقلية للطفل بطرق بسيطة ومناهج تعليمية تخلو من الحشو وتراكم المعلومات والحفظ بل تعتمد على الفهم والممارسة، مع الاهتمام بترك الطفل يتعرف على ما يحيط به بحواسه وفطرته والتي تتطور مع تقدمه بالعمر.
يمكننا تفسير طريقة مونتيسوري ومنهجها التعليمي بأنها تعتمد على فلسفة في التربية تنمي وتستفيد من كل ما يمتلكه الطفل في تركيبته النفسية والعقلية ليستفيد منها في مستقبله، حيث تهتم تربية الطفل بمنهج مونتيسوري بتنمية الطفل بصورة كاملة للنواحي النفسية والجسدية والعقلية والحركية، مما يؤدي لتطوير وتنمية قدرته على الإبداع والتفكير النقدي والقدرة على حل الصعاب ومواجهة المشاكل بمفرده مع تعلمه أهمية الوقت واحترامه وكيفية استغلاله.
مراحل طريقة مونتيسوري في التنمية
قامت ماريا مونتيسوري بتقسيم تنمية الطفل البشرية في أربع مراحل عمرية أساسية تبدأ منذ الولادة وحتى الثامنة عشر وقد تزيد بعد تخطيه العشرون من عمره، وقد حددت لكل مرحلة طريقة للتعلم، مميزات، أنشطة هامة، ومن هنا نستعرض تدريجيا هذه المراحل المنهجية في عمر الطفل بطريقة مونتيسوري والتي تبدأ بالتالي:
مرحلة تبدأ منذ الولادة وتستمر حتى 6 سنوات
وقد أفادت مونتيسوري بملاحظتها أن الأطفال في هذه السنوات يقومون باكتشاف وتنمية القدرات النفسية والجسدية التي يمتلكونها مما يوجب التركيز على تطوير عدة نقاط وهي:
- مهارات اللغة: والتي تبدأ من بعد الولادة وحتى 6 سنوات.
- النظام: ويبدأ تعلمه عند بلوغ الطفل عامه الأول وحتى ثلاث سنوات.
- تنمية الحواس: وهي أيضا تبدأ من العام الأول وحتى 4 سنوات.
- التركيز على أهداف صغيرة: تبدأ من 18 شهر وحتى 4 سنوات.
- السلوك الاجتماعي: تبدأ من سنتان ونصف وحتى 4 سنوات
- المرحلة من 6 سنوت وحتى 12 سنة
تذكر مونتيسوري في كتاباتها عن هذه المرحلة أنها مرحلة مليئة بالتغيرات النفسية والجسدية والتي تطرأ على الطفل في هذه السنوات، مما جعلها تؤكد على أهمية تطوير الفصول، المناهج الدراسية، والمواد الطبيعية بما يلاءم التغيرات التي يمر بها الطفل، والتي ترتبط بتطور وتغير صفات الطفل في هذه المرحلة العمرية حيث وجدت أن الطفل يميل إلى العمل في مجموعات من أقرانه، كما يبدأ خياله وقدرته الإبداعية على التطور، إلى جانب الأخلاق والتنظيم الاجتماعي ليبدأ بامتلاك تفكير عقلاني مستقل.
مرحلة تبدأ من 12 – 18 سنة
والتي تعرف بمرحلة المراهقة ومن المعروف أنها مرحلة صعبة تطرأ على الطفل خلالها العديد من التغيرات الجسدية والنفسية، لذا تنصح مونتيسوري بالاهتمام والتركيز على الأنشطة التي تدعم الاستقرار النفسي وعدم التركيز في هذه المرحلة، مع الشعور بالاعتزاز بالنفس والحساسية المفرطة لدى المراهقين، وقد اعتبرت مونتيسوري هذه المرحلة هي مرحلة بناء الشخصية.
مرحلة النضوج من 18-24 سنة
تعد هذه المرحلة بداية سن النضوج، لذا لا يعتمد منهج مونتيسوري فيها على تطوير الأنشطة التعليمية بل على تطوير وتنمية الذات.
فصول التدريس بطريقة مونتيسوري
تعتمد طريقة مونتيسوري التعليمية على تهيئة فصول هادئة منظمة وبسيطة جدا، تحتوي على ما يتناسب مع المرحلة العمرية للطفل، مع التأكيد على أهمية المتعلم لذا لا نجد كتب أو سبورة مع ترك الحرية الكاملة للطفل للتعبير عن نفسه وممارسة النشاطات والهوايات المحببة له، لنجد أن الطفل يبدأ في عمر الثالثة تعلم الكتابة والقراءة مع قليل من العلوم والرياضيات بما يتناسب مع عمره ودرجة استيعابه حيث أن منهج مونتيسوري تعتمد على التعليم بما يناسب عمر الطفل العقلي وليس البيولوجي.
تتوفر العديد من الوسائل التعليمية المساعدة في فصول مونتيسوري والتي تترك للطفل حرية الاختيار منها بما يميل إليه ويتناسب معه وهي وسائل متنوعة مثل:
- العديد من الأشكال الهندسية المختلفة.
- العديد من العلب الخشبية بأحجام مختلفة يحمل كل منها عددا من 110.
- مجموعة من الألواح الخشبية بأوزان مختلفة أشكال هندسية مختلفة.
- أدوات موسيقية بأصوات مختلفة.
- أقمشة مختلفة الملمس واللون.
- أوراق ملونة.
- بطاقات لتعليم الكتابة والقراءة تحمل أرقام وحروف وصور وكلمات.
- تطبيق طريقة منتسوري في المنزل
تحتوي طريقة مونتيسوري للعديد من الأفكار التي يمكن تطبيقها في سن ما قبل المدرسة والاستمرار خلال تردده على المدرسة أيضا وذلك بخطوات بسيطة مثل:
- علمي طفلك الأنشطة المختلفة داخل المنزل بالاعتماد على نفسه.
- يمكن تعليم الطفل تلك الأنشطة بشكل تدريجي ليبدأ بالسهل حتى يتقنه وينتقل للأصعب.
- يمكن للطفل التعليم بمراقبة وتقليد الوالدين.
- حاولي طلب المساعدة من الطفل في ترتيب ألعابه عند بلوغه العام الثاني ومن ثم ترتيب غرفته.
- تعليم الطفل النظام والترتيب ليصبح لكل نوعية من الأغراض مكانها المحدد.
- علمي الطفل مساعدة الكبار والصغار.
- تعليم الطفل الألوان والتلوين بالصور والأشكال.
- تعليمه السلوكيات الاجتماعية ليصبح إنسانا اجتماعيا لا يميل للانطواء والخجل والخوف.
تعليمه المبادئ الدينية منذ تعلمه الكلام والحرص على المواظبة على الصلاة فالدين المرجعية الأخلاقية التي تحفظه وتحميه من الأخطار التي قد يواجها في الحياة.
خاتمة
وأخيرا يمكننا القول، بعد استعراض لطريقة مونتيسوري ومنهجها التعليمي للمراحل العمرية المختلفة، بأنها الأفضل لتربية نموذجية لتنمية مواهب وذكاء الطفل وتنمية قدرته على الإبداع، كما أنها طريقة تربوية لا يحتاج تطبيقها لمدرسة بل يمكن للأم تعلمها والقراءة المتعمقة لمبادئها ومن ثم تطبيقها في تربية وتعليم الطفل داخل المنزل كما ذكرنا في فقرتنا السابقة.
أضف تعليق