يعتبر قياس النبض من أسهل وأفضل الوسائل التي تمكن الشخص من تحديد حالته الصحية؛ وذلك لأن قياس النبض لا يحتاج إلى وجود جهاز خاص لمعرفته كما أنه يوفر معلومات كثيرة عن حالة القلب ومدى نشاطه، ولذلك يجب على كل شخص أن يتعلم جيداً كيف يقيس النبض لنفسه أو للآخرين.
من المعروف أن القلب يضخ الدم عبر الشرايين إلى كل أعضاء الجسم ومن ثم يعاود الدم التجمع في الأوردة ليشق طريقه إلى القلب مرة أخرى؛ ولذلك فيعتبر النبض علامة معبرة بدقة عن حالة القلب والجهاز الدوري بشكل عام سواء من حيث معدل النبض أو قوة النبضة الواحدة أو انتظام النبض خلال الدقيقة الواحدة. يتم قياس النبض في الشرايين وليس في الأوردة وذلك لأن الشرايين تتميز بجدران ذات طبقة من العضلات توفر لها القابلية للتمدد وزيادة قطرها والعودة مرة أخرى للحجم الطبيعي لها مراراً وتكراراً وبالتالي فإن أي تغير سيحدث في ضخ القلب للدم سواء من حيث الكم أو الكيف سيؤثر تباعاً على حركة تمدد الشرايين واتساعها على عكس الأوردة التي تفتقد تلك الخاصية ولذلك تستخدم الشرايين في تحديد النبض.
تعلم قياس النبض بنفسك في المنزل
الأصابع المستخدمة في قياس النبض
أفضل الأصابع التي يتم بها قياس النبض هي السبابة والوسطى ولا يجب قياسه أبداً باستخدام الإبهام وذلك لأن الإبهام يعتبر من الأصابع القوية التي ستضغط بشكل كبير على الشريان وبالتالي ستغلق تجويفه فيتوقف مرور الدم خلاله وعندها لن تشعر بأي نبض ولن تتمكن من قياسه.
أماكن قياس النبض
يتم قياس النبض في مكانين مختلفين (أو ثلاثة في حالة الأطفال الصغار) وهما المكانين الوحيدين الذي تقوم الشرايين فيهما بالسير مباشرة تحت الجلد (عادة ما تسير الشرايين داخل عضلات الجسم حتى توفر طبقة من الحماية لها ضد الصدمات والجروح) وتلك الأماكن هي:
- الشريان الحلقي عند مفصل الرسغ أسفل إصبع الإبهام مباشرة: وسمي بالحلقي لأنه يدور في شكل حلقة غير كاملة في تلك المنطقة بعدها يعاود السير أسفل عضلات اليد لينقسم إلى عدة فروع صغيرة.
- الشريان السباتي: وهو أحد الشرايين الرئيسية في الجسم والذي يتجه إلى الأعلى لتغذية مناطق عديدة من الوجه والمخ، وهنالك منطقة وحيدة يكون فيها الشريان السباتي سطحياً تحت الجلد مباشرة وبالتالي يسهل قياس نبضه وهي في منطقة الرقبة مباشرة أسفل الزاوية الخلفية لعظمة الفك.
- الحالة الثالثة: هي حالة استثنائية تستخدم مع الأطفال حديثي العمر حيث يصعب الوصول إلى الشرايين في المواضع السابقة وبالتالي يتم قياس النبض لديهم عن طريق العثور على القلب ذاته في النصف الأيسر من الصدر أسفل الحلمة قليلاً، لكن يفضل ترك تلك الوسيلة إلى الأطباء المختصين والاقتصار على الطرق السابقة فقط.
ملحوظة هامة: في بعض الأحيان قد نلجأ إلى قياس النبض في كلتا جهتي الجسم في آن واحد للمقارنة بين معدل ضخ الدم بينهما، لكن تلك الطريقة تصلح فقط مع الشريان الحلقي لكن يجب تجنبها تماماً مع الشريان السباتي في الرقبة؛ وذلك لأن الضغط على كلا الشريانين في نفس الوقت يسبب توقف وصول الدم إلى المخ وبالتالي إصابة الشخص بحالة من الإغماء الفوري.
قد تحتاج في بعض الأحيان إلى تحريك أصابعك عدة مرات حتى تعثر على الشريان خاصة مع الشريان الحلقي عند مفصل الرسغ نظراً لصعوبة الوصول إليه؛ لذلك يفضل استعمال أصبعين أو ثلاثة معاً للقياس حتى يزيد ذلك من احتمالية عثورك على مكان النبض بشكل أسرع. أما عند الرقبة فيكون قياس النبض أسهل قليلاً عن نظيره.
استخدام ساعة يد أثناء قياس النبض
عند قياس النبض يتم فحصه لمدة دقيقة كاملة، خلال تلك الدقيقة يتم حساب عدد النبضات التي تشعر بها ومدى انتظامها (هل الفترة بين كل نبضة وأخرى متساوية أم أن هناك خللاً في معدل مرور النبضات)؛ فقياس النبض يشمل الكمية والكيفية في آن واحد وهو ما قد تجده صعباً بعض الشيء في البداية إلا أنه وبالتدريب المستمر سيصبح الأمر أسهل بكثير من ذي قبل. لذلك يجب عليك أثناء قياس النبض أن ترتدي ساعة في يدك أو تركز بصرك على ساعة معلقة على الحائط حتى تقوم بحساب عدد النبضات المارة في الشريان خلال دقيقة واحدة، يمكنك الاقتصار على نصف دقيقة فقط أو حتى على ربع دقيقة ومضاعفة العدد لكن لن يكون الناتج بالدقة التي ستحصل عليها مقارنة بقياسه في دقيقة كاملة.
معرفة معدل النبض الطبيعي
معدل النبض الطبيعي للشخص البالغ هو ما بين 60 و100 نبضة في الدقيقة الواحدة، أما في الأطفال فقد يكون المتوسط الطبيعي لعدد النبضات أعلى قليلاً فيصل إلى 120 نبضة في الدقيقة الواحدة. تلك الأرقام تنطبق على الأشخاص الطبيعيين الغير مصابين بأي اعتلال أو مرض في القلب قد يؤثر على معدل النبض بالزيادة أو النقصان وكذلك الأشخاص في وضعية الراحة؛ وذلك لأن أي نشاط يقوم به الجسم سواء أكان نشاطاً جسدياً كالركض أو الحركة السريعة أو نشاطاً عقلياً كالخوف أو الإثارة يزيد من معدل النبض لكن بمجرد الإقلاع عن السبب يختفي الأثر ويعود النبض للمعدل الطبيعي.
فحص قوة النبض
كما وضحنا من قبل فإن قياس النبض عملية تشتمل على تحديد الكم (عدد النبضات في الدقيقة الواحدة) والكيف (قوة النبضة)، وما يتعلق بالشق الثاني من عملية قياس النبض ليس لها معيار محدد يمكن التعبير عنه بدقة إنما يتم التعبير عنه بالرأي الشخصي حيث تشعر في بعض الأحيان بقوة النبضة فتقول أنها قوية أو تشعر بأنها خافتة تكاد تكون غير محسوسة فتقرر أن النبض ضعيف عند هذا الشخص. كلها أمور بالتكرار والتدريب ستعتاد عليها وتتمكن من معرفتها.
ماذا أفعل إن لم أتمكن من قياس النبض لشخص؟
إذا حاولت قياس النبض لشخص ولم تتمكن من تحديد مكانه يمكنك تكرار المحاولة لكن مع استخدام أطراف الأصابع فقد بدلاً من العقلة كاملة فذلك يوفر دقة أعلى في تحديد مكان النبض وإمكانية سماعه، كذلك حاول التنويع في قوة ضغط أصابعك على مكان الشريان وذلك لأن وصول الضغط إلى قوة عالية جداً أو منخفضة جداً يؤثر بالسلب على تحديد مكان النبض خاصة ما إذا كان الشخص يعاني من إصابة ما أثرت على عمل جهازه الدوري. يمكنك أيضاً إمالة يد المريض للأسفل بحيث تزيد من معدل تدفق الدم إلى اليد وبالتالي زيادة قوة النبضات ولو قليلاً حتى تتمكن من تحديد مكان الشريان.
إن فشلت كل المحاولات السابقة في قياس النبض فستلجأ حينها إلى قياس النبض عن طريق الحالة الاستثنائية التي تستعمل مع الأطفال وهي قياس النبض من القلب مباشرة، لكن مع الأشخاص البالغين أو الأطفال البدناء يجب استخدام السماعة الطبية مع تعرية النصف العلوي من الجسم وخاصة الصدر حتى تتمكن من وضع السماعة في أقرب زاوية منها للقلب وبالتالي تحديد النبض بكل سهولة. أما آخر طريقة والتي لن تصلح سوى مع الأشخاص الأصحاء الذين لا يعانون من حادث أو شيء وهي أن تجعل الشخص يقوم بأي نشاط رياضي ولو كان بسيطاً- كالركض في المكان مثلاُ- حتى تزيد من معدل تدفق الدم مما سيساعدك على تحديد النبض.
أضف تعليق