الذكاء الذاتي من أنواع الذكاء التي نحتاج إليها في حياتنا، ويعرف أيضًا باسم الذكاء الشخصي، حيث أنه في هذا النوع من الذكاء يكون الشخص قادرًا على فهم ذاته بشكل كبير جدًا، وكذلك لديه القدرة على فهم الآخرين وطريقة تفكيرهم في الأمور المختلفة. وبالتالي فإن الشخص الذي يملك الذكاء الذاتي تكون لديه قدرة عالية على التخطيط، واتّخاذ القرارات دون مشكلة. لذلك سوف نتحدث في هذا المقال عن الذكاء الذاتي والوظائف التي تعتمد على هذا النوع من الذكاء، وختامًا سوف نتطرق بالحديث إلى كيفية اكتسابه في الحياة.
دليلك إلى فهم الذكاء الذاتي بشكلٍ صحيح
ما هو الذكاء الذاتي بالتحديد؟
الذكاء الذاتي يعني قدرة الشخص على فهم ذاته، ومن ثم وجود حالة كبيرة من الوعي بالقرارات الواجب عليه أن يأخذها في حياته. يميل الأشخاص الذين يملكون هذا النوع من الذكاء إلى التخطيط الجيد لحياتهم، وتجد أنهم دائمًا يعرفون ما يريدونه، والاختيارات التي يفضلونها لأنفسهم. تجد الشخص الذي يملك الذكاء الذاتي على درجة عالية من الثقة بالنفس، لأنه يعرف ما الذي يفعله بالضبط، وبالتالي فالأمور لا تسير بعشوائية بالنسبة له.
كذلك فإن الذكاء الذاتي يعني قدرة الشخص على فهم الآخرين وطريقة تفكيرهم في الأمور المختلفة، ومن ثم يمكنه التعامل معهم بسهولة، ومساعدتهم في أي شيء يريدونه. وأيضًا فإن الذكاء الذاتي يعني أن صاحبه يملك قدرة عالية على التفكير النقدي، وتناول الأشياء المختلفة بالتحليل والنقد.
لماذا نحب الحديث مع الأشخاص الذين يملكون الذكاء الذاتي دونًا عن غيرهم؟
في الغالب فإننا نحب الحديث مع الأشخاص الذين يمتلكون الذكاء الذاتي أكثر من غيرهم، وذلك بسبب أنهم يملكون لنا إجابات على العديد من الأشياء التي نطرحها. فهم مع قدرتهم على التفكير والتخطيط، يمكنهم مساعدتنا في الأشياء التي نريدها، أو إيجاد حلول للمشكلات التي تواجهنا.
لذلك عندما نتحدث معهم عن أي شيء، فنحن ندرك أنهم قادرين على مساعدتنا، لما يملكونه من قدرات على التفكير النقدي، ويبدؤون في تحليل الأمور طبقًا لأسس معينة واضحة، تجعلنا قادرين على الوصول إلى حلول لمشاكلنا في النهاية.
وعلى الرغم من أنه قد يظنهم البعض أشخاص غامضين، لكنهم في واقع الأمر بسبب الذكاء الذاتي الموجود لديهم، فإنهم يملكون قدرًا من الفهم العالي والإدراك، يجعل نظرتهم للأمور مختلفة عن الآخرين، وهذا ما قد يضيف عليهم صفة الغموض.
كذلك من الأشياء الجيدة أن هؤلاء الأشخاص في العديد من الأوقات يملكون قدرًا عاليًا من التحفيز، والذي يمكنهم نقله إلينا مما يجعلنا نستفيد منهم بأفضل شكل ممكن. وهذا ما يجعلنا ببساطة، نحب الحديث مع الأشخاص الذين يملكون الذكاء الذاتي بسبب الأشياء التي ذكرناها هنا، ويجعلنا نسعى دائمًا إلى اكتساب هذا النوع من الذكاء في حياتنا.
أبرز الوظائف التي تعتمد على الذكاء الذاتي
الذكاء الذاتي من أنواع الذكاء التي تمنح الشخص قدرات عالية على التخطيط كما ذكرنا، ولذلك فإنه يوجد بعض الوظائف التي تعتمد على الذكاء الذاتي من أجل النجاح في تنفيذها بأفضل قدر ممكن. نظرًا لقدرة أصحاب الذكاء الذاتي على التخطيط العميق، فإنه يُسند لهم مسئولية اتّخاذ القرارات، أو على أقل تقدير فإنهم يقومون بتوصية القرارات التي يمكن اتّخاذها في العمل. والآن يمكننا أن نذكر بعض من هذه الوظائف.
قسم الموارد البشرية
يجب أن يتمتع شخص الموارد البشرية بقدر من الذكاء الذاتي في العمل، وذلك لأنه يتعامل دائمًا مع الموظفين المختلفين، ويكون مطالبًا بتأدية العديد من المهام بالتعاون معهم. وبالتالي فهو مطالب بأن يكون قادرًا على فهم تفكيرهم، حتى يكون قادر على تقديم المساعدة لهم. وعندما يقرر القيام بتقييم لهم، فإنه يجب أن يفعل ذلك بناءً على معلومات محددة يقوم بتجميعها من الأشخاص من حوله، أو يفعل ذلك بنفسه.
لذلك يجب أن يملك قدرًا عاليًا من التفكير النقدي، مما يسمح له بتناول هذه المعلومات بالشكل الصحيح، وبعد ذلك يحدد قائمة التدريبات التي يحتاج إليها أعضاء المؤسسة من أجل تطوير المستوى الخاص بهم. أيضًا فإن الذكاء الذاتي يساعد صاحبه على فهم الآخرين، وهو شيء مطلوب أثناء عقد المقابلات الشخصية، حتى يمكن للشخص فهم الموجودين ومن ثم اختيار الشخص المناسب للعمل.
قسم التخطيط
الوظيفة الثانية التي سنتحدث عنها هنا هي وظيفة قسم التخطيط، وفي رأيي فهي من أكثر الوظائف التي تعتمد على الذكاء الذاتي في تنفيذها. فنحن نطلب من قسم التخطيط وضع خطة كاملة لعمل المؤسسة، وصياغة الأهداف التي نريد تحقيقها في برنامج يمكن للمؤسسة العمل عليه. وبالتالي طبقًا لإمكانيات أفراد قسم التخطيط، فإنهم سيقوموا بتحديد إمكانيات الفريق، وحصر كل المعلومات الخاصة بالمؤسسة، ومن ثم البدء في التخطيط.
هذه المهمة ليست سهلة على الإطلاق، لكنها تحتاج إلى قدر كبير من المهارة، لأن هذه المهمة سيرتبط بها مستقبل المؤسسة. وهذا ما يجعل الدور الذي يؤديه قسم التخطيط هام جدًا، ويجب أن يتم اختيار أفراده بعناية شديدة.
التخطيط الشخصي
نظرًا لقدرة أصحاب الذكاء الذاتي على التخطيط، فإننا نجد أحيانًا أن هناك بعض الأشخاص يمارسون وظيفة التخطيط الشخصي. حيث يسعى الشخص الذي يمارس وظيفة التخطيط الشخصي إلى الجلوس مع الأفراد، والاستمتاع لهم ولرغباتهم التي يريدونها، والحديث معهم حول المهارات التي يملكونها. بناءً على هذه المعلومات سيكون الشخص قادرًا على مساعدة الأفراد على تحديد المجال المناسب بالنسبة لهم، طبقًا لرغباتهم ومهاراتهم.
ولا ينتهي الأمر عند ذلك فقط، بل إنه دائمًا ما يكون هناك متابعة مع الأفراد، للتأكد من أنهم يسيرون في طريقهم الصحيح بواسطة هذا التخطيط. لذلك فإن الذكاء الذاتي من الأشياء الضرورية التي يجب أن يمتلكها فرد التخطيط الشخصي، حتى وإن كان سيفعل ذلك لذاته فقط.
إدارة المؤسسة
من الأشياء الضرورية التي يجب توافرها لدى إدارة المؤسسة، هي تمتع الأفراد بدرجة عالية من الذكاء الذاتي في العمل، مما يسمح لهم بالتعامل مع أهداف المؤسسة، وكذلك الموظفين الذين يعملون بها. فحتى مع وجود قسم للتخطيط، يجب أن تكون إدارة المؤسسة قادرة على مراجعة هذا التخطيط، ومن ثم تحديد إن كانت الأهداف الموضوعة مناسبة لهم أو لا.
وفي بعض الأحيان فإن التخطيط قد تكون مسئولية الإدارة، لذلك يجب أن يكون لدى أفراد الإدارة القدرة على التخطيط في حالة الاحتياج لذلك. أما بخصوص التعامل مع الأشخاص، فإن الإدارة تتعرض للاحتكاك مع الموظفين، ويجب أن يكون لديهم القدرة على مساعدتهم للخروج بأفضل ناتج من العمل.
القائد
في رأيي، فإن القائد من أكثر الأشخاص الذين يحتاجون دائمًا إلى وجود الذكاء الذاتي في حياتهم. وذلك بسبب أنه يعمل مع مجموعة من الأشخاص الذين يثقون به وبقدرته على العمل. وبالتالي فهو يحتاج لأن يكون مدركًا لما يفكرون به، والمشاعر المختلفة التي تأتي لهم، حتى يكون قادرًا على توجيه الدعم لهم.
كذلك فإن القائد مطالب بأن يقوم بتحفيز الموظفين أثناء العمل، وذلك حتى يساعدهم على إخراج ناتج متميز من العمل. وفي كثير من الأحيان، فإن القائد يلعب دور المخطط مع الأفراد، سواءً الأهداف الخاصة بالمؤسسة، أو الأهداف الخاصة بهم. لذلك فإن الذكاء الذاتي من متطلبات القائد، حتى ينجح في تحقيق رؤيته من العمل مع الأفراد الموجودين معه.
كيف يمكنك اكتساب الذكاء الذاتي في حياتك؟
يظن بعض الأشخاص أن الذكاء الذاتي شيء يُولد به الإنسان، ومن الصعب عليه أن يكتسبه. وهذا الأمر خاطيء، فعلى الرغم من أنه يوجد بعض الأشخاص يُولدون بهذا النوع من الذكاء، إلا أنه مع العمل المستمر، يمكن لنا أن نكتسب الذكاء الذاتي في حياتنا.
مثلًا بالمحاولات المتكررة يمكنك أن تكتسب القدرة على التخطيط لحياتك، من خلال النماذج الموجودة من حولك للتخطيط الشخصي، والتي يمكنك الاعتماد عليها في حالة أردت أن تفعل ذلك. وفي هذه الفقرة سوف نتحدث أكثر عن كيف يمكن لنا العمل على اكتساب الذكاء الذاتي في حياتنا.
التأمل
ممارسة التأمل من أكثر الأشياء التي تساعد الإنسان على اكتشاف ذاته، ومعرفة المميزات والسلبيات التي يتمتع بها، فإن قمت بممارسة التأمل بشكل مستمر، سوف تجد نفسك تبدأ في اكتساب الذكاء الذاتي بالتدريج.
ممارسة التأمل تحتاج إلى ظروف خاصة، مثل توفر جو من الهدوء، ومكان خاص يساعدك على الاسترخاء، ولا مانع أحيانًا من تشغيل بعض الموسيقى. قد تجد نفسك تشعر بالتشتيت في البداية، وأن ذهنك يذهب تدريجيًا إلى أشياء أخرى غير التي تريدها، لكن مع المحاولات المستمرة، سوف تجد أنك تمارس الأمر بالشكل الذي تريده.
القراءة
من أكثر الأشياء التي يمكنها أن تساعدك على اكتساب الذكاء الذاتي هي القراءة. سواءً القراءة عن أشياء تخص التخطيط بغرض التعلم، أو القراءة عن أشخاص يمتلكون هذا النوع من الذكاء، ومن ثم تبحث عن معلومات عنهم وعن حياتهم.
يمكنك أيضًا أن تبحث عن كتب تتحدث عن التخطيط الشخصي، وتسجل أكبر قدر من النماذج التي تساعد الإنسان على التخطيط لحياته. أيضًا يمكنك أن تقرأ الكتب التي تساعدك على فهم مشاعرك بالشكل الصحيح.
تدوين الأحلام والخطط
من الأشياء التي تساعدك أيضًا على اكتساب الذكاء الذاتي في حياتك هي التدوين. سواءً كان تدوينك لأحلامك التي ترغب في تحقيقها، أو للخطط التي تريد العمل على تنفيذها في حياتك. بالطبع هذا التدوين يجب أن يتضمن محاولاتك الشخصية لفهم ذاتك، وأنه عندما تقرر التدوين، ينبغي عليك أن تسجل كل نقاط القوة والضعف الموجودة لديك، وكذلك تسجيل المهارات التي تملكها، حتى يمكنك أن تصنع خطة تناسبك.
وكلما يمر الوقت، يمكنك أن تبدأ في تقييم الخطط التي وضعتها لنفسك، وتحدد إن كان هناك أي تطور يحدث معك، أو إن كنت عاجزًا عن فعل أي تقدم، ومن ثم تبدأ في إصلاح الخلل الموجود.
زيارة شخص يعمل في التخطيط الشخصي
يمكن اكتساب الذكاء الذاتي من خلال زيارة شخص يعمل أساسًا في التخطيط الشخصي، وتبدأ في تسجيل خطتك التي ترغب في تنفيذها معه، وتعقد معه جلسات بشكل مستمر لمتابعة التطورات في خطتك. هذا الأمر سوف يمنحك الاحتكاك بالشخص بشكل كبير، وتتبادل الخبرات معه، وبالتالي فإن بعض قدرات الشخص سوف تنتقل لك، بحيث يمكنك فهم ذاتك بشكل أفضل في المستقبل. هذا الأمر يساعدك في اكتساب الذكاء الذاتي لأن عاملي الاحتكاك والخبرة يؤثران إيجابًا على أي شخص، وكذلك فإن التجربة تكون مفيدة جدًا.
الذكاء الذاتي سيظل من أهم أنواع الذكاء التي نحتاج إليها في حياتنا، ويجب علينا أن نعمل دائمًا على اكتسابه، لأنه سوف يمنحنا القدرة على التخطيط لشئون حياتنا المختلفة، وهو شيء نحتاج إليه جميعًا. لذلك يمكنك أن تعمل من الآن على محاولاتك لاكتساب الذكاء الذاتي وأن تجعله جزءًا ثابتًا من حياتك.
أضف تعليق