في ما قبل الميلاد كانت تتم زراعة قصب السكر بشكل رئيسي في مناطق البنغال (المنطقة التي تشمل بنغلاديش وجزء من سواحل الهند) ثم انتشرت الزراعة في مناطق جنوب شرق آسيا كماليزيا وإندونيسيا وجنوب الصين، ثم قام العرب ببدء إنتاج السكر لأول مرة عبر استيراد قصب السكر من مناطق زراعته الأساسية السابق ذكرها واستخلاص السكر منها. لكن في تلك الفترة كان السكر يصنع على هيئة مادة أشبه بالعجين وكان يستخدم بشكل أساسي في الأغراض العلاجية فلم يكن يعرف بعد كمادة لا غنى عنها في تحلية الطعام.
ومع حلول القرن السابع الميلادي بدأت أوروبا في استيراد فكرة إنتاج السكر من العرب حيث كانت أولى الدول في الاستيراد هي صقلية ثم تبعتها أسبانيا وإيطاليا، قام تجار مدينة البندقية في البداية بشراء السكر المصنع مسبقاً من العرب ومع مرور السنوات اعتاد التجار على استيراد المواد الخام فقط اللازمة لإنتاج السكر ومن ثم يقومون بأنفسهم بتصنيعه وبيعه لكافة أنحاء أوروبا وبالتالي كان سعر البيع أقل بكثير من تكلفة استيراده من العرب مما أوجد فرصة سانحة للبندقية في احتكار إنتاج السكر وحدها في أوروبا بداية من القرن الخامس عشر ولكن لم يدم ذلك طويلاً فمع مجيء الفلاح البرتغالي فاسكو دي جاما في عام 1488 من رحلته إلى الهند اصطحب معه العديد من التوابل المختلفة والتي كانت تستخدم هناك لتحلية الطعام مما أصاب تجارة السكر في البندقية بمرحلة كساد كبير وانتقل إنتاج السكر إلى لشبونة لتصبح هي الرائدة في ذلك بدلاً من البندقية ومن ثم بدء انتشار السكر كمكون أساسي في مطابخ الطبقات العليا والمتوسطة على حد سواء.
تعرف على مراحل إنتاج السكر المختلفة
المواد الخام المستخدمة في إنتاج السكر
المادة الخام الرئيسية المستخدمة في إنتاج السكر هي النباتات التي تعتمد على السكر كمصدر لغذائها الأوحد وبالتالي يتم استخلاص السكر منها وتحويله إلى السكر الأبيض وهو النوع الأكثر تصنيعاً على مستوى العالم؛ يتكون السكر الأبيض من مجموعة كريستالات مركبة يتم تكريرها بشكل متتابع حتى تصل إلى طور شفاف خالي من الألوان ونقي خالي من الشوائب.
كلمة السكر في الأصل تستخدم كمصطلح علمي يطلق على مجموعة كبيرة من مواد الكربوهيدرات المستخلصة من النبات وتتميز بدرجات متفاوتة من الطعم المحلى. في كثير من النباتات لا يمكن فصل السكر كمادة منفصلة على عكس نباتات أخرى كقصب السكر أو البنجر- وهي أشهر ما يتم إنتاج السكر منها- يمكن فصل السكر من تلك النباتات في صورة سائلة بالرغم من أن محتوى السكر في قصب السكر يوفق محتوى البنجر بمراحل إلا أن كلا النباتين يعتبران عماد تلك الصناعة.
وقصب السكر لمن لا يعرفه هو عبارة عن نبات مكون من سيقان طويلة وسميكة إلى حد ما يكثر زراعته في المناطق الاستوائية، ويعتمد ذلك النبات على إنتاج السكر كمصدر أساسي لتوفير طاقته وتتم عملية التصنيع في الأوراق ثم ينقل بعدها إلى السيقان حيث مكان التخزين فتصل نسبة السكر في سيقانه إلى حوالي 15% من وزنه مما يوفر كمية كبيرة متاحة للاستخلاص منه.
أما البنجر فهو واحد من مجموعة نباتات تنتمي لفصيلة الشمندر ولكنه الأعلى فيما بينهم في محتوى السكر داخله ولذلك تتم زراعته بشكل رئيسي لذلك الغرض، ويوجد من البنجر نوعين يختلفان في لون القشرة الخارجية فأحدهما لونه أسود والآخر أصفر. وهناك نباتات أخرى يمكن إنتاج السكر منها ولكن لا يشيع استخدامها مثل القصب أو البنجر مثل القيقب والذرة الحلوة. والآن نتعرف علىخطوات إنتاج السكر:
الحصول على المواد الخام
تتطلب زراعة قصب السكر درجة حرارة 24 سليزيوس (75 فهرنهايت) وسقوط أمطار بمعدل 80 إنش في السنة الواحدة، كما يستغرق القصب في أكثر المناطق استوائية 7 أشهر على الأقل ليكتمل نضجه وتطول المدة لتصل إلى عام كامل في المناطق الأقل استوائية، بعد ذلك يتم اختبار نسبة السكر الموجودة في النباتات للتأكد من وفرتها بشكل كافي وفي بعض المناطق يعتمد الزارع على حرق نبات القصب بعد حصاده حتى يتخلص من كافة الأوراق الغير لازمة ويتبقى السيقان السميكة التي يحتاجها المصنع. بالطبع تتم عملية الحصاد إما يدوياً أو باستخدام الآلات الحديثة وبعد ذلك تنقل المادة الخام للمصنع لتستكمل بقية خطوات إنتاج السكر.
مرحلة التهيئة والمعالجة
بعد وصول النبات إلى المصنع يتم تفريغه وإزالة الأحجار الصغيرة وبقايا التربة منه وذلك عبر غمره بالماء حتى تطفو الأجزاء الغير مرغوب فيها على السطح (تماماً مثل اختبار الترسيب) أو عبر تمرير القصب داخل مضخات مياه ضخمة تصخ الماء بشكل قوي لتنظيف القصب، أما بالنسبة لنبات البنجر فعند وصوله لمكان التصنيع يخضع لعملية غسيل محكمة بالماء ومن ثم تقطيع إلى أعواد صغيرة ثم توضع تلك العيدان في أفران ضخمة مع ماء ساخن تصل درجة حرارته إلى 175 فهرنهايت (75 سليزيوس) حتى ينفصل سكر السكروز عن نبات البنجر.
الحصول على المادة السكرية السائلة
يتم تمرير عيدان قصب السكر عبر 3 أو 4 طواحن عملاقة حتى يتم ضغط العيدان داخلها وبالتالي يتساقط منها سائل السكر الموجود داخلها، أما السائل المستخلص فيتكون بشكل رئيسي من السكروز بنسبة تصل إلى 95% ثم يتم تخفيف ذلك السائل بماء ساخن أو بسوائل أخرى مختلفة.
التنقية والتبخير
العصير المستخلص بعد مرحلة إنتاج السكر السابقة يكون أخضر اللون وحمضي ومعكر بدرجة كبيرة نتيجة لوجود أتربة وشوائب مختلفة بعضها قابل للذوبان والبعض الآخر غير قابل ولذلك تدخل المواد في مرحلة التنقية والتي تعتمد على أملاح الجير والحرارة على حد سواء كعوامل تنقية للتخلص من البروتينات والسوائل الحمضية والدهون والمواد الشمعية، وفي نهاية تلك المرحلة يتم تبخير جزء كبير من الماء الموجود في سائل السكر لتركيزه قليلا وذلك بعد الانتهاء من الغرض الذي أضيف الماء لأجله.
عملية البلورة
هي الخطوة التالية في سلسلة إنتاج السكر وتتم على مرحلة واحدة عبر وضع السائل في وعاء كبير وتسخينه لدرجة حرارة كبير حتى تتبخر كافة السوائل العالقة به ويتبقى في قاع الوعاء بلورات السكر. في بعض الأحيان يتم إضافة سوائل خاصة تمتصها تلك البلورات حتى تزيد في الحجم.
الطرد المركزي
هي خطوة لا تتم في كافة مصانع السكر وإنما في معظمها حيث يتم وضع بلورات السكر في آنية دوارة بسرعة تصل إلى 1800 دورة في الدقيقة الواحدة. حيث ينتج من تلك المرحلة نوعاً خاصاً من السكر يكثر استخدامه في حوالي 60 بلداً حول العالم.
التجفيف والتعبئة
في نهاية مراحل إنتاج السكر نحصل على بلورات بيضاء أو شفافة تمر عبر مجففات عملاقة كمرحلة نهائية لامتصاص أي سوائل عالقة بها وتجفيف السكر وإعداده للتغليف النهائي، وخلال مرحلة التجفيف يتم فرز بلورات السكر عبر ممرات تهتز بدرجة معينة فتفصل البلورات كبيرة الحجم عن تلك الصغيرة ليتم تكسير البلورات الكبيرة مرة أخرى حتى تتساوى في الحجم مع قريناتها وبالتالي نحصل على حبات السكر ذات الأحجام الدقيقة والتي اعتدنا استخدامها، وفي النهاية يتم تغليف وتعبئة السكر ونقله إلى أماكن التوزيع ومنافذ البيع.
أضف تعليق