كيفية اختيار شريك الحياة سؤال هام جداً، ويشغل حيزاً واسعاً من التفكير لكل فتاة مقبلة على الزواج، أو في عمر الزواج، و اختيار شريك الحياة لابد أن يقوم على أسسٍ سليمة، لضمان حياة مستقرة وسعيدة، وإن لم تكن تلك الأسس قاعدة للاختيار، فلابد أن تعلم الفتاة أن سوء اختيار شريك الحياة ، قد يعرضها لتعيش حياة فاشلة وتعيسة، مما سينعكس بطبيعة الحال عليها وعلى أولادها، إن استمرت علاقتها الزوجية بصورة غير منضبطة، ما لم تنتهي بالطلاق، لذا لابد من التفكير جيداً وفهم كيفية اختيار الفتاة لشريك حياتها، لضمان حياة سعيدة كما تتمنى.
أساسيات اختيار شريك الحياة
إنما الأعمال بالنيات
أبدأ حديثي إليكِ أيتها الفتاة المقبلة على الزواج، بسؤال قد يكون غريباً بعض الشيء على مسامعك، والذي عليكِ التفكر في إجابته جيداً، فهو مفتاح ما تتمنيه إن عقلتيه بالفعل، فأنت تعلمين أن لكل عملٍ بداية، وكل بدايةٍ لابد لها من نية، فما هي نيتك في الزواج؟ لماذا تريدين الزواج؟
- هل لأنك تشعرين بالوحدة ولابد أن تتزوجي لتأنسي بأحدهم؟!
- هل لأنك تعيشين في منزل أهلك حبيسة مقيدة تريدين الفكاك من أسرهم؟!
- هل لأن صديقاتك وقريباتك تزوجن فلابد أن تكوني مثلهم؟!
- هل لمجرد أن ترتدي فستاناً أبيضاً وتعيشي أجواء الاحتفال والفرح بالزواج؟
- هل.. وهل.. وكم من هل! قد تكون سبباً للزواج الاضطراري، وفي اختيار الرجلٍ غير المناسبٍ، والذي به تفشل الحياة ولا تشعرين أبداً بالسعادة التي من أجلها تتزوجين.
وأؤكد لك أختاه.. إن لم يكن الزواج خالصاً لوجه الله عزّ وجلّ، وأن يكون على صواب، فلن تستقيم حياتك به، ولعلك ترين ما يحدث في أيامنا هذه، فهو أبعد ما يكون عن حقيقة الزواج، إلا من رحم الله، فما تهتك الأسر وتعاستها، ولا ارتفاع نسب الطلاق وانحراف الأولاد، إلا لأن الاختيار من الأساس كان فاشلاً وخاطئاً.
فالزواج مثل البيت، لابد أن يُبنى على أساسٍ قوي ومتينٍ ليستقيم، كما ضرب الله عزّ وجلّ في كتابه المثل، فيمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خيرٌ، أم مَن أسس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ فانهار به، وللزواج نيات كثيرة منها على سبيل المثال:
- تحقيق الاستخلاف في الأرض بالتعمير والنسل.
- سنة الرسل والأنبياء.
- الإكثار من الولد كما وصى الرسول صلى الله عليه وسلم فهو يتباهى بكثرة أعدادنا يوم القيامة.
- إشباع للرغبة والعفة والتحصن بالحلال.
- تحقيق للسكن والطمأنينة والاستقرار.
- الانتفاع بشفاعة الولدان لدخول الجنة.
- إنجاب الولد الصالح الذي يدعو لك بعد الممات.
- الحصول على الغنى بعد الفقر.
- من باب التعاون على البر والتقوى والإعانة على الطاعة.
إن تحققت تلك النيات أو إحداها لديك وآمنتِ بها بالفعل، تأكدي تماماً أنه سيكون من السهل عليكِ أن تتقني اختيار شريك الحياة جيداً، بما يحقق لك إحدى تلك النيات إن لم يكن جميعها.
كيف تختارين شريك حياتك إذن؟
هناك من تختار شريك حياتها بفكرٍ ساذج، أو حسب أنماط لا معيار لها في الحقيقة، فمنهن من تريده وسيماً ولبسه أنيقاً تفتتن به الفتيات لرؤيته، لتتباهي به أمام صديقاتها وأقاربها، ومنهن من تريده غنياً ليستطيع تلبية رغباتها وتحقيق أمنياتها فقط، ومنهن من تريده صاحب سلطة وجاه، كما هو السائد في مجتمعنا أن يكون عمله ضابطاً في الجيش أو الشرطة مثلا، وكل تلك الرغبات ما هي إلا فراغة عينٍ وتفاهة عقل، فمعظم الفتيات اللاتي تزوجن بناءً على تلك التفاهات، لا يعشن عيشة سوية هادئة، لذا من باب التبسيط، سأساعدك في كيفية اختيار شريك الحياة ، من خلال بعض المواصفات التي يجب أن تتوافر في الرجل، والتي بها تضمنين حياة سعيدة هانئة مع ذلك الشريك، ومنها:
أن يكون صاحب دين معتدل وخلقٍ حسن
أي يكون هدفه أن يرضي الله عزّ وجلّ في كل أفعاله، دون تشدد أو إفراط، فمثل هذا سيكون أميناً عليكِ، وكذلك سيعاملك بأخلاقٍ راقية، دون سباب أو إهانة في يوم من الأيام، مما يحقق الراحة والهدوء الأسري، كما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم ” من جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ” وهذا لا يعني أن يكون مصلياً ومؤديا للفرائض فقط، بل أن يظهر دينه في تعاملاته وتصرفاته وأخلاقه.
أن يكون من بيتٍ طيب
أي من أسرة كريمةٍ وخلوقة، أسرة اجتماعية تعرف كيف تعامل الناس وتحافظ على الود معهم، فمن المفترض أن يكون الزواج جامعاً لعائلتين غريبتين، ليجعلهما عائلة واحدة، لا أن يفرق بينهما كما نرى هذه الأيام من الفرقة والبعد والضغينة أيضاً، كذلك لأن سلوك السرة وبيت أهله دليلٌ ومؤشرٌ هام على شخصية ذلك الشخص.
أن يكون ذو عقل رشيد
أي صاحب فكر ووعي بكيفية التعامل مع الأمور ومواجهة المشكلات، يغلب العقل عنده على العاطفة، فلا يخضع أي مؤثرات مشاعرية في مواجهة أموره ومشكلاته، ولا أن يكون صاحب غضبٍ سريع أو أن يكون أحمقاً، لأن صاحب العقل سيكون على قدرٍ كبيرٍ من التفاهم معك وسماعك جيداً، مما يقلل نسبة الخلاف بينكما في المستقبل.
أن يكون قادراً مادياً وأن يكون مسئولاً
أي يكون قادراً على تكاليف الزواج، بما لا تحمليه فوق طاقته بالطبع، قادراً على تحمل أعباء الحياة والمعيشة، وإن كان فقيراً، فضعي حداً أدنى للمستوى الذي تقبلين به حتى لا تندمي بعد ذلك أو تكرهيه لقلة حيلته في الرزق. وأن يكون على قدرٍ من تحمل المسئولية، مسئوليتك ومسئولية البيت والأسرة والأبناء بعد ذلك.
أن يكون مكافئاً لكِ
أي يكون على نفس مستواكِ إن لم يكن أعلى، من الناحية العقلية الفكرية والمادية والثقافية والاجتماعية، وألا يكون فارق السن بينكما كبير بقدر الإمكان، بحيث يسمح سنه إن رغبتِ أن تعيشي لحظة شبابية فيشاركك فيها.
وهناك صفات كثيرة وما أوضحته من باب فتح الباب نحو التفكير في تحديد الصفات المناسبة حسب ما تريدين، لذا يجب عليكِ أن تضعي صفات معينة لشريك حياتك وألا تتنازلي عنها أبداً، ولا تخشي مطلقاً تقدم العمر فلن يطول الأمر كثيراً، وأعلم أنه كلما تقدم العمر، تزداد الضغوط من الأهل والأقارب والأصحاب، لكن أود أن تعرفي جيداً أنك حينما كنتِ في بطن أمك، قد كتب الله كل ما يخص شأنك في الدنيا، من العمر والرزق وكل شيء، حتى الرجل الذي ستتزوجين به، فلا تقلقي لرفضك الكثيرين إن لم يكن مناسبين لما ترغبين فيه. ولكن هناك بعض الصفات التي يجب أن تتجنبيها في الرجل، وألا تقبلي بها أبداً، كي تضمني حياة هادئة:
الرجل المدخن
هذا الرجل حياته جحيم، رائحته سيئة جداً طوال الوقت، حتى صحته ليست بالجيدة، وإن لم يؤثر عليكِ بشكل مباشر، سيؤثر على صحة الأولاد وأخلاقهم أيضاً بعد ذلك في المستقبل.
الرجل البخيل
هذا الرجل أبعد ما يكون عن العطاء، سواء العطاء المادي أو عطاء المشاعر والأحاسيس، فالمريض بالبخل من الصعب أن يتخلص من بخله، وستتعبين جداً في حياتك معه، لأن صفة البخل يصاحبها صفات كثيرة أكثر سوءاً.
وأخيراً.. الزواج ليس بالأمر السهل كما تظن الكثيرات، أن السعادة في الإسراع بالزواج بأي أحد، لأن السرعة يعقبها حسرة وندم على سوء الاختيار، لكن السعادة باكتشاف ما بداخلك أولاً، وأن تعلمي ما تريديه تحديداً، لتحددي كيف سيكون مسار حياتك في المستقبل، باكتشاف كيف تحيي تلك الحياة بسعادة وسلام، مع من سيشاركك فيها.
أضف تعليق