مع اختلاف مراحل نمو الإنسان طوال عمره، نجد كل منا يتخذ في حياته مجموعة من الأشخاص الذين يرى فيهم المثل الأعلى له، وبالتالي حينما يتبادر إلى أذهاننا سؤال؛ هل مثلك الأعلى الآن هو نفس الشخص الذي كنت تتخذه قدوة في صغرك، أو في مراحل عمرك السابقة؟، من المؤكد أن إجابتك على هذا السؤال ستكون بـ لا، والسبب هو مراحل النمو التي يمر بها كل من في حياته، فالنمو ليس في الشكل والحجم فقط، وإنما عقلك وشخصيتك وفكرك كل منهم ينمو أيضاً، وفي كل مرحلة تختلف اختياراتك مع نمو شخصيتك ونضج فكرك، فمثلا إذا سألت طفل في المرحلة الابتدائية عن مثله الأعلى في الغالب سيقول معلمي، وقد يقول أبي، وإذا سألته بعد وصوله للثانوية؛ تأكد أن مثله الأعلى قد اختلف وأنه اختار شخص آخر غير الذي اختاره في السابق، وسيختلف أيضاً عند وصوله للمرحلة الجامعية، حيث يصبح أكثر اتصالا بالمجتمع، وفي تلك المرحلة ميوله وانتماءاته هي التي سيحدد على أساسها مثله الأعلى، وكل منا يختار مثله الأعلى لسبب قد يكون أعجبه في هذا الشخص نجاحه وتميزه في مجال عمله، أو يعجبه سلوكه في تعامله مع الآخرين، أو تدينه وحسن خلقه.
مُحددات اختيار المثل الأعلى
النجاح في العمل والدراسة
هل فكرت في أن تكون مثل أعلى لمن حولك، هل تخيلت أن الجميع يفضلونك، ويتمنى كل منهم أن يتقرب إليك بود لينال صداقتك ويتعلم منك ما لا يجده عند الآخرين؟، الإجابة عن ذلك تكون من خلال نجاحك في اختيار مثلك الأعلى أولًا كي تكون قادرًا على الاقتداء بهم، فكل منا له ميوله وانتماءاته، التي تحدد وجهة نظره في اختياره لمثله الأعلى، وكل إنسان يرى شخصاً ناجحاً في مجاله، ويتمنى لو يصبح مثله، ويسلك نفس الطريق الذي سلكه ليصبح في تلك المكانة التي وصل إليها، وكثيراً ما يُسأل المشاهير في لقاءاتهم وحواراتهم عن المثل الأعلى لكل منهم، فتجد إجابتهم هي اسم لأحد الأشخاص الناجحين في نفس مجالهم، فعلى سبيل المثال، تجد الطبيب مثله الأعلى هو طبيب ناجح ومشهور، ويطمح في أن يحقق مثل نجاحه، والفنان يختار في إجابته فنان سبقه وحقق نجاحات كبيرة في تاريخ عمله في الفن، كما تجد الكاتب ينتقي كاتباً كبيراً كقدوة له في النجاح والتميز، وكذلك كل إنسان، ولكن الأهم من ذلك هو أن يقوم كل هؤلاء الأشخاص بالاقتداء جيدًا بمن وقع اختيارهم عليه، والتعامل على أنه مثل أعلى له بالفعل، ويقلد أفعاله ويسلك سلوكه، ولا يتوقف الأمر عند مجرد الإعجاب بنجاحه وشخصيته فقط.
اختيار الشخص الطموح
عندما يسألك أحد الأشخاص من هو مثلك الأعلى في أحيان كثيرة يطول تفكيرك، وقد لا تجد إجابة على هذا السؤال، ويمكن أن يكون لديك مثل أعلى تقتدي به في أفعالك وتشبهه في طموحاته، دون أن تدري بذلك، وهذا يجعلنا نتمسك كثيرًا بأي شخص طموح في حياتنا لمحاولة الاقتداء به في تصرفاته وأفعاله، فكل منا يواجه كل التحديات من أجل تحقيق أهدافه، لكن ذلك يتطلب تحول كل منا إلى شخص طموح وملازمة الأشخاص الذين يتمتعون بقدر كبير من الطموح في حياتهم المهنية والعلمية.
الثقافة
دائمًا ما نجد حولنا أشخاص على قدر كبير من الشغف بالعلم والمعرفة، وهو ما يجعل نقاشهم مميزاً على الدوام، لهدوئهم ورزانتهم وسرعة استيعابهم للأمور، ولما لا فالمثقف شخص مطلع يجيد قراءة كافة المواقف في غالبية المجالات ما يجعل لديه حصيلة جيدة من الخبرات والمعلومات، ليخوض أي نقاش بمنتهى الذكاء، فيستطيع إقناع أي شخص بوجهة نظره ويجعله في غاية الإعجاب به وبرجاحة عقله، وبالتالي يزيد ذلك من إعجاب أي فرد بهؤلاء الأشخاص ومحاولة الاقتداء بهم.
الأخلاق الطيبة
ومن أهم مواصفات الإنسان الذي ينظر إليه بعض الأفراد نظرة القدوة و المثل الأعلى أن يكون على خُلق، بحيث يكون لديه القدرة على التعامل مع الآخرين بود ويبادلهم الاحترام، ويتقبل النصيحة من أي شخص مهما كان عمره أو مكانته، لأن من أهم صفاته أيضاً أن يكون متواضعًا، ويعلم أن هناك دائماً من هو أعلم منه.
الصدق
من الضروري أن يكون الشخص المثالي على قدر كبير من الصدق، فلن يتخذه أحداً مثلاً أعلى إذا كان كاذباً، ولن يعجب أحد بشخصيته، دون أن يكون صادقاً في وعوده وأقواله، وأفعاله، وهو الأمر الذي من شأنه أن يزيد من قدر ومكانة الشخص في المجتمع ككل، فهناك الكثير والكثير من الصفات الحميدة التي لا حصر لها، والتي تجعل من صاحبها قدوة ومثل أعلى لمن حوله وتجعلهم يتمنون أن يصيروا مثله، فمن الجيد أن تجد شخص بتلك المواصفات لتقتدي به، لكن الصدق يعد واحد من أهم تلك الصفات الواجب توفرها في الشخص المثالي.
عوامل تساعدك على التحول لشخص مثالي
ماذا تفعل إن لم تقتنع بأي من الشخصيات التي تعرفها، أو لم تجد في أي إنسان ما تتمنى أن تكون مثله؟.. نعم يمكنك أن تخلق من نفسك مثل أعلى لك وللآخرين، وذلك بأن تتخيل نفسك في أعلى مكانة تتمنى الوصول إليها، تتخيل أنك تحمل كل مواصفات الإنسان المثالي، الناجح، النافع للمجتمع، ثم تقوم بتقليد ذاتك، التي صنعتها في مخيلتك، فمن الضروري أن تعمل على تطوير نفسك وشخصيتك بإصرار، المثل الأعلى نموذجاً يمكنك صناعته بنفسك من خلال ضع أهدافاً لنفسك والعمل بجهد على تحقيقها تباعاً، بجانب ذلك فمن الضروري أن يحاول كل شخص الخروج من كل تجربة يمر بها أو موقف يصادفه مهما كان ساراً أو مؤلماً؛ وذلك بحكمة جديدة، حتى يكتسب خبرة في الحياة، وليتعلم كيف يواجه نفس الأمر إذا مر به مرة أخرى، ولكن في تلك المرة سيواجهه بسهولة ويتعامل معه بحكمته، فلا تدع الأمور تمر أمامك مرور الكرام، بل حلل كل منها وحاول أن تُخرج منها مواطن الصحة والخطأ، لتبقى دوماً على صواب، وأهم ما يساعدك على النجاح هو أن تجعل وقتك شيء ثمين، فهو العامل الأساسي لتحقيق أهدافك، وبالتالي يمكنك أن تنتقي كل صفة جيدة تجدها في كل إنسان تعرفه وتضعها في ذاتك التي صنعتها، وإذا نجحت فيما سبق فاعلم أنك لا تحتاج لمثل أعلى، فأنت خير القدوة والدليل لنفسك ولمن حولك.
كن الأفضل على الإطلاق
هناك الكثير من الأسماء التي لا حصر لها في تاريخ البشرية، ممن يستحقون بجدارة أن يكونوا أفضل نموذج لمثلك الأعلى، لما قدموه للعالم من نفع، وحققوا العديد من النجاحات التي جعلتنا نتمنى أن نكون مثلهم، فمثلا إن كنت عالماً كيميائي تطمح في الوصول لأعلى النجاحات، عليك أن تتساءل كيف حصل الدكتور “أحمد زويل” على جائزة نوبل، في الكيمياء دون غيره من العلماء في مثل تخصصه، حينها ستعرف كيف تصل إلى ما وصل إليه، وإن كنت طبيباً فابحث في تاريخ عدد من كبار الأطباء لتتعرف على رحلة نجاحهم الطويلة، التي جعلت منهم أطباءً عالميين في مجلهم.
هناك عدد كبير من النماذج لشخصيات مثالية ذات مجموعة حميدة من الصفات التي تدفع لاتخاذها قدوة في حياتك، سواء العملية أو الاجتماعية أو غير ذلك، لكن المهم في كل ذلك هو معايير اختيار الشخصيات التي سنتخذها قدوة لنا في مراحل حياتنا المختلفة، فهناك آلاف النماذج التي يمكنك أن تختار من بينها القدوة الذي تتمنى أن تكون مثلها، والصفات التي لابد أن تكون في ذاتك الناجحة التي تريدها، وبعد اختيار مثلك الأعلى، بحرص وتميز، عليك أن تقتدي وبأفعاله وتسلك سلوكه، وتسير على دربه، لتستطيع تحقيق ما حققه وأكثر.
أضف تعليق