أصبحت مسلسلات السيت كوم كثيرة ومتعددة، فنجاح الفكرة بشكل كبير واكتسابها شعبية واسعة وبمجهود وميزانية إنتاج تقل كثيراً عن المسلسلات العادية حمس الكثير من العاملين في مجال الإنتاج الدرامي إلى الاتجاه لتلك الفكرة في محاولة لإثبات أنفسهم، بل وأصبح هناك فئة معينة من المنتجين والقنوات التلفزيونية تختص بشكل حصري في مسلسلات السيت كوم وفقط.
تاريخ مسلسلات السيت كوم وكيفية تحقيقها النجاح الكبير
بداية يجب أن نتعرف جيداً ما هو مسلسل السيت كوم وما الفرق بينه وبين المسلسل العادي؟
مسلسلات السيت كوم هي عبارة عن سلسلة حلقات مدة الحلقة الواحدة فيها لا تتعدى النصف ساعة ومعظمها يقتصر على مدة عشرين دقيقة للحلقة فقط، وليست المدة هي الفرق الوحيد بين السيت كوم والمسلسلات العادية إنما هناك فرقاً جوهرياً وهو ما يميز السيت كوم بشكل رئيسي ألا وهو طبيعة الأحداث؛ حيث تتناول مسلسلات السيت كوم مجموعة من الشخصيات الرئيسية تتمحور حولها الأحداث بصورة كوميدية أشبه إلى حد كبير باليوميات فكل حلقة تمثل حكاية جديدة للشخصيات التي تلعب دور البطولة في الأحداث مع الحفاظ على خط درامي رئيسي للأحداث يجمع كافة الحلقات ويربطها سوياُ.
أول مسلسل سيت كوم كان المسلسل البريطاني Pinwright’s Progress والذي تألف من 10 حلقات فقط وعرض على شاشة بي بي سي البريطانية في عام 1946، ثم انتقلت الفكرة بعدها إلى الولايات المتحدة بشكل رئيسي والتي تعد الآن الرائدة عالمياً في صناعة مسلسلات السيت كوم بشكل خاص.
أسباب اكتساب مسلسلات السيت كوم شهرة واسعة
لطالما تساءل النقاد الفنيون عن تلك الظاهرة وكيف لها أن تجذب ملايين المشاهدين حول العالم، وربما تلخصت الإجابة في النقاط التالية:
- الكوميديا: كثيراً ما يعتبر المشاهد فترة مشاهدته للتلفاز هي فترة ترفيه عن نفسه وقضاء لوقت الفراغ ولذلك يميل بشكل أكبر إلى مشاهدة كل ما يقدم في قالب كوميدي حتى يضحك قليلاً تاركاً هموم وأعباء الحياة خلف ظهره ولو لدقائق معدودة.
- قصر مدة الحلقة: فالحلقة الواحدة تقترب مدتها من ثلث ساعة فقط وهي مدة ليست بالكبيرة مقارنة بما تعرضه القنوات من مباريات أو برامج حوارية أو مسلسلات مطولة أو حتى أفلاماً سينمائية؛ وعلى ذلك فإن جلوس المشاهد لمدة ليست بالطويلة لا يمثل عبئاً عليه بل سيشعر أنه يمكنه مشاهدة الحلقة في أي وقت طوال اليوم.
- طبيعة الأحداث والشخصيات: قد تحقق مسلسلات السيت كوم ما تعجز عن تحقيقه الأفلام السينمائية حتى وإن كانت كوميدية، فتناول حياة مجموعة معينة من الشخصيات- عائلة أو أصدقاء أو جيران- بشكل مفصل وعلى عدة حلقات وربما عدة مواسم يجعل المشاهد يرتبط بشدة بتلك الشخصيات ويتعايش معها كأنها على أرض الواقع.
- التشابه: عندما يتناول كتاب المسلسل مجموعة من الشخصيات فإنهم يميلون إلى رسم طبيعة خاصة لكل شخصية تختلف عن غيرها؛ فتجد شخصية البخيل مع الغبي مع الكريم مع المرح..إلخ مما يخلق حالة من التشابه أقرب إلى درجة التطابق؛ فيشعر كل من يشاهد أنه في حالة مقارنة بين محتوى المسلسل وبين من يعرفهم في الحياة مما يوجد مفارقة طريفة تجذب المشاهدين أكثر إلى تلك النوعية من المسلسلات.
حضور الجمهور لتصوير الحلقات
لم تكن تلك الفكرة حاضرة منذ بداية عهد مسلسلات السيت كوم ومن الصعب تحديد بداية تلك الفكرة لكن ما لا يختلف عليه أحد أنها أضافت نجاحاً فوق نجاح السيت كوم كفكرة في حد ذاتها؛ والفكرة ببساطة هي أن الضحكات التي تسمع طوال حلقة المسلسل لا تكون جميعها اصطناعياً ببرامج الكمبيوتر كما قد يظن البعض وإنما في الحقيقة يصمم أستوديو تصوير السيت كوم بشكل قريب من المسرح أي أنه توضع مجموعة من الكراسي بحيث يسمح لعدد من الجمهور بحضور تصوير الحلقة وبالتالي تكون الضحكات الصادرة منهم هي اللمسة الواقعية للمسلسل، وليست الضحكات فقط بل وتصفيق الجمهور عند حضور ضيف شرف للحلقة أو حتى حين عرض مشهد مؤثر.
تصوير حلقة مسلسل السيت كوم
في الأوقات العادية يستغرق تصوير حلقة واحدة من مسلسلات السيت كوم حوالي 5 ساعات وذلك بسبب وجود وقت فاصل مستقطع بين كل مشهد وآخر لتغيير الديكور أو ملابس الممثلين أو زوايا التصوير، وكذلك وجود وقت فاصل في المشهد الواحد فالمشهد المنفرد في المسلسل لا يتم تصويره دفعة واحدة كما يظن من يشاهده على التلفاز وإنما يصور على مقاطع عدة منفصلة ثم تدمج معاً خلال ما يعرف بمرحلة المونتاج؛ وذلك حتى تتاح الفرصة للممثلين لحفظ الجمل الحوارية جيداً وكذلك لتغيير زوايا التصوير والإضاءة بالقدر الكافي الذي يتطلبه المشهد.
عيوب مسلسلات السيت كوم
بالرغم من أن مسلسلات السيت كوم تمثل فرصة كبيرة لكل من يعمل بها لجني ثروة طائلة من الأموال إلا أن بها قدراً من العيوب أول من يصاب بها هم أبطال المسلسل؛ فمن يعمل كبطل رئيسي في مسلسل سيت كوم يحتاج إلى التفرغ بشكل شبه كامل طيلة فترة تصوير المسلسل التي تمتد إلى عدة أشهر متتالية تتكرر في نفس الموعد كل عام حيث أن تصوير الحلقات يكون بالتزامن مع وقت عرضها على الشاشة فلا يفصل بينهما إلا فارق بسيط بمقدار حلقتين أو ثلاثة فقط، وبالتالي لا يسمح لأي من أبطال العمل أن يغادر التصوير لأي سبب من الأسباب لأن ذلك سيسبب تعطل كافة فريق التصوير.
من عيوب مسلسلات السيت كوم أيضاً هو ارتباط الممثل بشكل كبير في أعين الجمهور بالشخصية التي يؤديها في المسلسل مما يجعل الأمر أصعب وأعقد بمراحل عند محاولة الممثل بطولة عمل جديد بشخصية تختلف كلياً عن شخصيته الأولى في المسلسل والتي اعتاد الجمهور على رؤيته من خلالها، ولعل أشهر مثال على ذلك هو المسلسل الكوميدي (Friends) فبالرغم من أنه يعد أشهر مسلسلات السيت كوم على الإطلاق في التاريخ الحديث إلا أن معظم أبطاله فشلوا في خلق فرص ناجحة لهم في التمثيل بعيداً عن المسلسل سواء في الدراما أو في السينما أو حتى في مجال أصوات الأفلام الكرتونية.
حقوق الملكية وارتباطها بمسلسلات السيت كوم
على عكس المسلسلات العادية والتي قد ينتهي دور أي شخصية في المسلسل في منتصف الحلقات ويتم استكمال الأحداث بدونه بشكل طبيعي تماماً تعتبر فرصة التمثيل في مسلسل سيت كوم بمثابة عقد ضمان دائم للمثل بأن يطل على الشاشة بدوره طالما كان يعرض المسلسل على التلفاز- ما عدا بعض الحالات الاستثنائية- ولذلك فنجاح المسلسل يرتبط بنجاح الممثل ولذلك نشأت فكرة الحفاظ على حقوق الملكية من تلك النقطة. فلم يكن من المعقول أن تعود كافة الأرباح إلى منتجي العمل فقط بينما يكتفي الممثلون بالحصول على أجرهم المتعاقد عليه، نصت حقوق الملكية الفكرية في تقسيم أرباح المسلسل حتى بعد توقف تصويره على كافة الممثلين به بنسب متفاوتة يتم الاتفاق عليها مسبقاُ عند إبرام عقود التمثيل مع الجهة المنتجة؛ وبالتالي يتمتع ممثلو مسلسلات السيت كوم بمصدر دخل ليس بالزهيد طالما كانت هناك قنوات تشتري حقوق بث المسلسل حتى وإن مضت سنوات عديدة على انتهائه.
أضف تعليق