الإساءة إلى الذات تحدث بطرق عديدة، والمشكلة أننا أحيانًا كثيرة نفعل ذلك دون أن ندري، ولا نعرف أن نفرق بين الطبية الزائدة عن الحد وبين الإساءة إلى أنفسنا. فيحدث أن الشخص بعد عدة مواقف يجد نفسه في حالة سيئة أو موقف سيء لم يقصد أن يكون فيه، بل كل ما حدث أنه كان يقصد أن يساعد أحدهم أو يقدم خيراً فيجد في الأخير شراً. وهذا بالتحديد له أثر جانبي سيء جداً، حيث يتطرف الشخص للنحو الأخر من الموضوع ويصير سيء على الدوام ويأخذ حقه بيده ويبدأ في التعامل بهمجية. لسبب بسيط لأنه عندما تعامل باحترام مع المواقف والناس أساء إلى ذاته بطريقة هو لم يفهمها. ولكن الفكرة الأساسية لحل هذا الموضوع ليس ذ واستعمال البلطجة بل أن تفهم الحدود والفروق بين التعاملات، فأحياناً التعاملات بالمحبة الزائدة تجعل منا أشخاص تافهين بالنسبة للآخرين. ولذلك تابعنا حتى تستفيد بطريقة عملية في المحافظة على قيمتك اجتماعياً بطريقة لبقة وبسيطة وتتفادى الإساءة إلى الذات.
الإساءة إلى الذات : كيف نهضم حقوق أنفسنا في بعض الأحيان ؟
التنازل عن الحق
يحدث ذلك كثيراً في تفاصيل بسيطة، بمعنى أن يكون لك حق الجلوس أولاً في مواصلة ما ولكنك تدع المجال لغيرك فتفاجئ بالزحام هجم عليك، وأنك في الأخير لم تحصل على مكان جيد. تخيل معي لو طبقت هذا في كل دور مستحق لك سواء في الركوب في المواصلات أو في قضاء حاجاتك اليومية ستجد نفسك شخص متأخر في كل شيء وهكذا أنت تسيء إلى ذاتك. وما أريد أن أقوله إن نفسك لها حق عليك والإساءة إلى الذات تحدث من عدم معرفة قيمة ذاتك بالنسبة لك. وهذا في الأخير سيتسبب أن تكون شخص بلا هوية بلا شخصية، الجميع يأخذون دوره ولا يحسبون له حساب في أي شيء. ولذلك لو كنت من هؤلاء الناس الطيبين زيادة عن اللزوم يجب أن تفهم أنك يجب أن تكون طيب تجاه نفسك أيضاً ولا تتنازل عن حقك أبدًا مهما كان صغير أو تافه بالنسبة لك، ففي الأخير هو حقك ويجب عليك أن تأخذه لأنك لو لم تأخذه سيأخذه غيرك وهذا ليس عدلاً، لأنك أنت الذي تستحقه وليس غيرك.
الإهمال وعدم التنظيم
بالطبع ودون شك، أنت تقدم الإساءة إلى الذات دون أن تعلم، وأهم هذه الإساءات هي الإهمال. وخاصة عندما يكون هذا الإهمال يخص حياتك الشخصية، وعملك وأسرتك لتستحيل حياتك إلى جحيم بسبب أنك تائه ومتأخر ولا تبالي بأي شيء. في الأخير ستجد نفسك شخص وحيد ليس بجانبك أحد لأن الإهمال قاتل بالفعل وخصوصاً للعلاقات. والعلاقات هي التي تجعل الإنسان نوعاً ما سوي نفسياً. مع كثرة إهمالك ستجد أن حياتك أصبحت مزرية وغير مقبولة بالمرة، وفي المطلق الشخص المهمل يكون شخصاً يائساً ويشعر دائماً بعدم النشاط وإهماله يظهر في ملابسه وفي غرفته وفي أعماله وفي حياته عموماً، وهذا على المستوى الحياتي مدمر وسيء. ولذلك حتى لا تجد نفسك في مكان أقل مما تستطيع أن تكون فيه، فيجب عليك أن تعتزل الإهمال تماماً وتأخذ قراراً صائباً ببدء حياة جديدة ذات هدف وخطة. ولا يجب عليك أن تُحمل نفسك بأعمال مرهقة لأنك ستنكسر سريعاً بل دائماً راعي نفسك واعرف قدراتك وعلى أساس قدرتك اعمل واجتهد ومع الوقت قدراتك سوف تنمو وحياتك سوف تزدهر.
الاعتماد على الآخرين
الإساءة إلى الذات عن طريق الاعتماد على الآخرين هو شيء جميعنا تقريباً اختبرناه بصورة شخصية، لأن لا أحد متفرغ لأجل الأخر في هذا العالم. فالجميع يعمل والجميع يجتهد من أجل نفسه، ولذلك عندما تعتمد دائماً على الآخرين ستتعرض إلى الإحراج. وهذا طبيعي لأنك شخص لا يفعل الأشياء بنفسه بل تذهب لشخص أخر حتى يسهل لك الأمور. الإساءة إلى الذات هنا هي في أنك تهين نفسك بنفسك، لأنك لست طفلاً حتى تعتمد على الآخرين، ولو كنت من هذا النوع يجب فوراً أن تتغير. حتى لو كانت في حياتك لا تحتاج إلى شيء ولكنك يجب أن يكون لك خبرة واحتكاك بالحياة فهذا سيعطي عقلك نضوج ووعي وخبرة شعورية وشركة مع المجتمع. ستكون فعال ومحبوب، وليس عالة على المجتمع عندما يراه الناس يهربون لأنهم يعلمون أنه سيطلب منهم شيء فيتحججون بأي أمر حتى لا يفعلون لك ما تريد، لأنهم يرون أنك تستطيع ولكنك تستسهل الأمور.
الإساءة إلى الذات في النقاش مع الأغبياء
دعونا نتفق دائماً أن الأغبياء دائماً مستفزون، وهذا جزء كبير من نقطة قوتهم أنهم لا يشكون في أنفسهم بل هم واثقين تماماً في أنفسهم أنهم على صواب حتى لو كانوا على خطأ. مما سيجعلك في موقف مهزوم ومحرج ومستفز دائماً لو تكلمت مع شخص غبي. ستجده يرد عليك بصيغة هجومية، وحينما تتكلم معه في موضوع مستقل ستجده جعل الموضوع شخصي وصار يتكلم عليك لا على الموضوع الذي تتناقشون فيه مما سيجعلك تشعر أنك تدنيت في الحديث وندمت على هذا النقاش الغير بناء. ولكن في المقابل أنا لا أقول لك أن تتعامل مع الآخرين بكبرياء بل حاول أن تفهم شخصية الإنسان الذي ستتناقش معه، فلو وجدته صلد الفهم ولا يغير مفاهيمه ويريد أن يتكلم أكثر من أن يستمع، إذا الأفضل لك أن تنسحب من النقاش حتى لو استفزك لأنك ستتدنى في طريقة الكلام. فاستحالة أن يقنع رجل خنزير أن الطين سيء، ولو حاول أن يفعل هذا فالخنزير سيلطخ الرجل بالطين وهذا ما يحدث حين تتناقش مع شخص غبي سيلطخك بغبائه وستجد نفسك شخص أخر.
الإساءة إلى الذات عند الإدمان
الإدمان طريقة سيئة للإساءة إلى الذات حيث عن طريقها تدمر نفسك وجسدك حرفياً. تدفع نفسك نحو الموت والهاوية دون أدنى شعور بالمسئولية تجاه نفسك لتفاجئ في الأخير أنك على وشك الموت وأنت عبد وأسير للإدمان الذي لن يرحمك أبداً. حسب الأبحاث العالمية هناك أكثر من 180 نوع مختلف من الإدمان وليس كما تعتقد أننا نتكلم عن المخدرات أو الكحوليات. فهناك إدمان الأكل وهناك إدمان المشروبات الغازية وإدمان الشوكولاتة التي تسبب السمنة المفرطة. كلها عبارة عن تطرف في الاستخدام لشيء ما أو أكلة ما. وفي الغالب نوع الإدمان يسبب الشعور بإحساس معين داخل العقل، ويسبب السعادة أياً كان نوع هذا الإدمان. ولذلك الأمر يصبح في غاية الصعوبة لأن نفسية الإنسان تكون مرتبطة جداً بهذا الشيء الذي بدونه لن يشعر بالفرح أو السعادة أبداً وسيظل يفكر فيه طويلاً. ولذلك الإساءة إلى الذات هنا تكون أحياناً قاتلة، فهناك أكثر من مئة ألف شخص سنويًا في العالم يموتون جراء جرعات زائدة من المخدرات وهناك الكثير الذين يموتون من السمنة. الأمر جدي جداً ويجب أن تتخذ موقفاً ضد الإدمان لأنك ليس فقط تسيء إلى نفسك بل تدمرها وأنت لا تعلم ذلك.
الإساءة إلى الذات عند التنازل عن أحلامك
هناك أشخاص كثيرون يفعلون هذا الخطأ الكبير تجاه أنفسهم وهو أن يتخلون عن أحلامهم وأهدافهم بمجرد أن تقابلهم بعض المصاعب في الحياة. وهذا يعد من أشد أنواع الإساءة للذات إهانة، لأنك هنا تتنازل عن أهم ما تملك وهو طموحك وهدفك. ولماذا الطموح هو أعز ما تملك! لأن هذا هو السبب الذي تحيا لأجله ولو تنازلت عنه ستكون تنازلت عن حياتك بالكامل، والأمر ليس مبالغة. تخيل معي أنك رسام جيد جداً وأنت تعيش في بلد لا تقدر الفن أو لا تقدرك بمعنى أصح. وكمثال فان جوخ الرسام الشهير جداً الآن فهل تعلم أنه انتحر لمجرد أنه لم يجد من يقدر لوحاته وفنه، وبعدما انتحر التفت الناس إلى لوحاته حتى صارت اللوحة الواحدة الأصلية لفان جوخ تباع في المزادات بأكثر من ثلاثين مليون دولار. لك ما حدث هنا أن هذا الفنان المبدع لم يتنازل فقط عن حلمه بل تنازل عن حياته بالكامل بسبب أراء الآخرين. ولذلك خذ هذه النصيحة إن أردت أن لا تسيء لنفسك ولا تتنازل عن أحلامك فلا تلتفت إلى الناس وما يقولونه، بل اجعل عزة نفسك وطموحك أعلى من أراء الآخرين وربما سيضحكون عليك ويفشلونك في البداية، ولكنهم في النهاية أنت من ستضحك عليهم وأنت ناجح وهم ما زالوا في أماكنهم لا يتحركون.
قبول الإهانة بشكل مستمر
ربما هنا ممكن فبعض الناس يعتقدون أن هذه النقطة جيدة، حيث أن قبول الإهانة بعض الأحيان يعد نوعاً ما حكمة، وأنا أدعم ذلك. فمثلاً لو الأب تعصب على ابنه أو ابنته وقام بإحراجهم، فليس من الجيد للابن أن يرد الإهانة على أبيه فالأمر سيعد بذنب أعلى من ذنب الأب. ولكن ما أقصده هو الإساءة إلى الذات عند قبول الإهانة من الغريب والمتجبر. هذان الاثنان لا تقبل منهم إهانة تحت العديد من الظروف ولا تسمح لأحد أن يهينك لمجرد أنه يريد ذلك. ولا ترد الإهانة بإهانة لأنك هنا سوف تسيء إلى نفسك أكثر وتتدنى لمستوى هؤلاء الناس بشكل رديء. ولذلك هنا يجب أن تكون حكيم جداً في التعامل مع هذا النوع من الابتلاء، حيث أن في الغالب المحترمون هم الفئة الأكثر تعرضاً للإهانة من الأغراب، لأن الناس عادة تخلط ما بين الاحترام والضعف. إن كان لديك الحق في أن تفعل وتأخذ إجراء قانوني حتى لا يتعدى عليك هذا الشخص مرة أخرى فافعل هذا فوراً. حل أخر إذا كان هذا الشخص له قريب أكبر منه يتحكم في أفعاله أو قادر على إيقافه فاذهب وتكلم معه، المهم أن تأخذ إجراء قوي تجاه الإهانة ولكن دون أن تتدنى.
مرافقة أصدقاء السوء
هذه نقطة مهمة أيضاً ونحن نذكرها حتى ننبهم أن الإساءة إلى الذات قد تحدث بطرق أنت لا تدركها في وقتها ولكنها سيئة جداً على حياتك. ومرافقة الأصدقاء ليس شيئاً سيئًا ولكن أصدقاء السوء هم المشكلة، حيث أنك ستجد نفسك غالباً في ورطة أو مصيبة بسبب هؤلاء الأصدقاء. وغالباً أصدقاء السوء لا يكونوا مخلصين بل يجتمعون تحت بند المصلحة والخراب، حيث أنهم يريدون منك شيء لا أكثر ولا أقل. ومقياسك لأصدقائك هو نفسك حين تنظر لنفسك ببساطة وترى ما إذا كنت تتطور أم تتأخر؟ وماذا تعلمت منهم؟ وإن وجدت أن إجابة هذه الأسئلة هي السوء والانحدار فيجب عليك أن تقتنع أنك تسيء إلى نفسك وسمعتك وحياتك بالكامل بسبب وجودك بجوار هؤلاء الأصدقاء، الذين لا يهمهم أبداً نجاحك بل ما يهمهم أكثر هو أنفسهم واستغلالك لا أكثر ولا أقل.
أخيراً الإساءة إلى الذات قد تحدث بطرق أخرى، ولذلك يجب عليك دائماً أن تكون واعي لأفعالك الشخصية. حتى لا تتفاجأ في يوم من الأيام بجني ثمار شيء سيء كنت تزرعه دون قصد لمدة سنين ماضية.
أضف تعليق