الحب الطفولي هو أول حب يشعر به الإنسان، وهو يكون حب برئ جداً مبني على العاطفة الناتجة من العلاقات فقط وليس له أي علاقة بإعجاب الشكل أو الشخصية أو كل هذه الأشياء المعقدة التي تعجب الكبار والناضجين. فالطفل فقط يحب، وحتى طريقة محبته تكون طفولية. ولذلك نجد هذا المشهد يتكرر كثيراً في كل أسرة عندما يكون طفل لديه خمسة أو ستة سنوات ويتكلم عن الحب، فتجد الكبار يسمعون وهم يضحكون في حين أن الطفل يكون جاد جداً. وعندما يسألونه هل تحب فلانة، فيقول الطفل نعم وسنتزوج عندما نكبر، وهو لا يعلم أي شيء عن الزواج أو الحب بل فقط من الممكن أن تكون الفتاة صديقته في العمارة في نفس عمره وقد تكون أكبر منه بعام أو أكثر. ولكن الأطفال لا يدركون كل هذا بل هم يحبون بعضهم البعض بكل براءة حتى تفرقهم المواقف والأزمان.
الحب الطفولي : كيف يحب الأطفال ؟
بنت الجيران
وهي أشهر قصة حب على مدار التاريخ متكررة بنفس التفاصيل تقريباً. حيث يكون الطفل والطفلة في عمر بعض ويلعبون وهم صغار سوياً حتى تصبح حياتهم عبارة عن استيقاظ من النوم، يفكروا كيف يتقابلوا حتى يكملون ما كانوا يفعلون البارحة سواء كانوا يلعبون في الطين أو أي شيء. ومن هنا يبدأ الطفلين في التعلق ببعضهما جداً حيث يكونان صداقة حقيقية بريئة جداً. ولهذا السبب يكون مفهوم الحب بينهما هو أن يظلان بجوار بعضهما يلعبان سوياً إلى الأبد، ومن هنا تنتج علاقة الحب. وبعد مرور الوقت يكبر الولد والبنت ويصلون حتى سن الثانية عشر، وبطبيعة فسيولوجية ينضج جسم الفتاة أسرع من الشاب ولذلك يلاحظ على الطفلة ظهور علامات الأنوثة. ولذلك غالباً تنقطع الصداقة بصورة متقاربة في هذا العمر، ولكن ما يحملونه لبعضهم من عاطفة بريئة يظل موجوداً ويظل كلاً منهم يتذكر ما كانوا يفعلونه سوياً وينتج قبول تلقائي. حتى يكبر كل واحد ويرى شخصاً أخر وتبدأ العلاقة في الانحدار، وهذا ما يحدث غالباً في 85% من علاقات حب بنت الجيران.
المدرسين
وهو نوع أخر من الحب الطفولي حيث تجد الطفل مثلاً يغرم بمدرسته وهو مازال في الصف الأول الابتدائي، ويذهب إلى أبيه ويقول له أنه يحب المدرسة الفلانية. وهذا يحدث أيضاً مع الفتيات وخصوصاً في عمر أكبر مثل الصف الثالث أو الرابع. وهناك قصص طريفة جداً حول العالم تحكي قصص حب الأطفال للمدرسين في كل البلاد. على سبيل المثال، هناك طفل في أمريكا أحب مدرسته وهو في الصف الثاني فذهب لها أمام كل الفصل وقرر أن يعترف لها بحبه، والغريب أن الأطفال وضعوا أيديهم على فمهم كعلامة للخجل مما يقول، المدرسة ضحكت بشدة من هذا الموقف. وتستمر هذه المشاعر غالباً بين الأطفال سواء أولاد أو بنات حتى نهاية الفصل الابتدائي، لأن قبل هذا العمر تكون الفتيات لا زالت لم تبلغ بعد ولم تظهر عليهن علامات الأنوثة وكذلك الأولاد. ولذلك تكون الصورة الكاملة للرجل أو المرأة غالباً هم الأب والأم والمدرس والمدرسة، ولذلك يقع الأطفال غالباً في حب المدرسين.
الأقارب
الكثير من أطفال الأقارب يكونون قريبين جداً من بعض، وخصوصاً في المجتمع الشرقي الذي قد يسكن فيه أكثر من أخ في بيت واحد يدعى بيت العائلة. حيث لكل شخص شقته وأسرته ولكن الجميع بجوار بعضهم، ومن هنا عادة تجد نوع من الحب تكون بين الأطفال القريبين من سن بعضهم. وأحياناً من باب الدعابة يدعمون الأهل هذا النوع من الحب. فيكون لأحد الأخوة بنت صغيرة لديها أربعة سنوات مثلاً وهنا أخ أخر لديه ولد يمتلك من العمر ستة سنوات، فينتج حب طفولي بين الطفل والطفلة بصورة حقيقية، ويزيد هذا عندما يسأل الكبار أطفالهم من يحبون أكثر هذا أم هذا؟، فيجيب الأطفال بأن هذه هي من يحبها أكثر. وثم يكملون الكبار ويسألون الفتاة الصغيرة هل ستتزوجينه؟ فترد الفتاة سواء بنعم أو لا ليضحك البالغين على الحب الطفولي البريء بين هؤلاء الأطفال. ولكن دعني أنبهكم لنصيحة مهمة وهي أن كل ما يتكلم عنه الكبار أمام الصغار يعلق في أذهانهم، ونوعاً ما يعد ظلم أن يحدد الآباء ويوجهون مشاعر أطفالهم من الصغر بهذه الطريقة. لأنهم من الممكن عندما يكبرون يتعلقون ببعض وهم لا يناسبون بعض، فينتج عن هذا زواج فعلي وعدم استقرار وزواج غير ناجح.
حب العرائس والأبطال الخارقين
الكثير من الآباء يحبون أن يحضروا لأطفالهم الصغار لعب وعرائس حتى تسليهم في عمرهم الصغير ما بين الولادة وحتى عمر دخول المدرسة. ففي هذا العمر يكون للطفل اليوم بالكامل ويجب له أن يمارس طفولته باللعب وفعل الأشياء الطفولية العادية. ولكن الحب الطفولي هنا يكون ناحية شيء غريب جداً، وأحياناً كثيرة يستمر هذا لسن كبير نسبياً. فالحب الطفولي ينتج بين الطفل والعروسة أو اللعبة، حيث أن الفتاة من الممكن أن تحب عروستها بشكل غريب وتقول كلمات مثل “أنا أريد أن أتزوجها”، “هي حبيبتي”. وبالنسبة للأطفال من الممكن أن يحبون الأبطال الخارقين في الكارتون، بل وأحياناً يعشقون شخصية فتاة في الكارتون الذي يتابعونه ويظل هذا الحب يرافقهم طوال مدة طفولتهم. ومن مشاكل هذا الحب أنه يكون مُستتر وغير واضح للأب والأم، فبالنسبة لهم الأمر يكون عادي جداً أن يتعلق طفلهم بلعبة أو كارتون. لذلك دعوني احذر الآباء هنا أن يأخذوا حذرهم من هذا الموضوع ولو لاحظوا هذه المحبة الفائقة الغير طبيعية بصورة ليست صحيحة، تعاملوا مع الموضوع بحكمة ووعي للطفل حتى يفهم الموضوع ببساطة.
حب المراهقة يعتبر طفولي
الكثير يفصل بين حب المراهقة والحب الناضج وعن الحب الطفولي. ولكن الحقيقة أن حب المراهقة يعتبر مزيج بين الاثنين. ففي حب المراهقة الفتى والفتاة يفهمون كل شيء تقريباً عن الإعجاب وعن طرق الاهتمام وعن كلمات الحب التي تعجب الطرف الأخر، ولكن في المقابل كل هذه المشاعر تكون طفولية جداً. والدليل على هذا هو تقلب المزاج في هذا العمر، حيث المشاعر تكون مندفعة جداً بحكم التغير الفسيولوجي الذي يحدث لكل منهم. فالهرمونات تؤثر جداً على الحالة العاطفية للشخص، وأكثر وقت يحدث فيه تغير هرموني للإنسان هو سن البلوغ أو سن المراهقة. ولكن أيضاً يجب أن تعلموا أن المراهقة ليست فقط في مرحلة البلوغ بل المراهقة من الممكن أن تحدث في أي وقت في حياة الإنسان، وما يميز هذه المرحلة أياً كان عمر الإنسان فيها، هي سطحية الأفكار والأهداف والحماسة الزائدة والمشاعر المتقلبة.
استمرار الحب الطفولي
الحب الطفولي قليلاً ما يستمر بين الشخصين، وأحياناً تكون العلاقة بين الشاب والشابة ناضجة جداً بسبب معرفتهم لبعض من الصغر. فهم تربيا سوياً مدة عمرهم بالكامل، ولذلك فالزواج بالنسبة لهم لن يكون سوى خطوة حميمة أكثر. ولكن طرق التعامل والتفاهم بينهما وما يحبانه وما يكرهانه سيكون بينهما واضح وسهل بفضل حب الطفولة.
أخيراً عزيزي القارئ الحب الطفولي وبراءته جميل جداً، ويجب نحن كناضجين أن نتعلم كثيراً منه. نتعلم البراءة المطلقة وأن الصداقة عامل كبير في علاقة الحب لأن الطفل يرى أن الصداقة هي الحب، فهو لا يعلم شيء عن المتزوجين سوى أنهم أصدقاء يعيشون سوياً لمدة طويلة.
أضف تعليق