تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » أمور الاسرة » الطموح والأسرة : كيف تحقق طموحك دون أن تقصر في حق أسرتك ؟

الطموح والأسرة : كيف تحقق طموحك دون أن تقصر في حق أسرتك ؟

هل من الواجب أن يصطدم الطموح بالأسرة؟ في الواقع يمكن تحقيق الطموحات مع المحافظة على العلاقة بالأسرة، هيا بنا لنعرف كيفية التوفيق بين الطموح والأسرة .

الطموح والأسرة

الطموح والأسرة ليسا أمران متضادان في كل الحالات، هذا الموضوع من ضمن أكثر المواضيع التي تشغل بال أي شخص يقرر أن يتزوج، سواء امرأة أو رجل. لأن بعد الزواج يصبح الأمر شبه مستحيل أن تحقق طموحك بصورة مطلقة. وهناك تقارير عالمية أجريت على العديد من العينات في بقاع العالم المختلفة من رجل ونساء، وغالباً بنسبة 95% من الأسر تخلوا عن طموحهم في سبيل الحياة الأسرية. والباقي غالباً كان طموح أحد الشريكين فيه هو سبب الطلاق الرئيسي بينهم. وبالتالي النسبة ضئيلة جداً لهؤلاء الذين يتزوجون ويحققون طموحهم. فالطموح والأسرة غالباً يكونان نقيضان بسبب الحِمل الذي يحمله أرباب الأسرة سواء رجل أو سيدة، فالرجل يكون مشحون جداً في العمل والتعب والإرهاق اليومي، والأم إذا كانت تعمل فالحِمل يكون مضاعفاً عليها لأنها تهتم بزوجها ومهمات البيت وفي نفس الوقت تهتم بعملها. ولذلك تحقيق طموح مختلف فعلاً يعد شبه مستحيل خصوصاً للسيدات. ولكن هل هذه هي النهاية؟ بالطبع لا، فهناك طريقة لتحقيق لطموح وإنتاج أسرة متكاملة. فالكمال ليس بدعة وموجود والمجتهدون فقط هم من سيصلون لحالة الكمال المرجوة لتحقيق الطموح والأسرة المتكاملة.

الطموح والأسرة : كيفية الجمع بينهما

طموح الأب والأم

غالباً في بداية الزواج يكون للزوج وللزوجة بعض الطموحات معاً. والأمر طبيعي، فهم شريكان ويحلمان بالنجاح سوياً، ولكن الذي يحدث هو أن الزوجة تحمل في طفل والأمور تبدأ صعوبتها من هنا بصورة واقعية. فيحدث تدريجياً أن الأم تبدأ بتأجيل طموحها إلى ما بعد الولادة، ثم بعد أن يأتي الطفل غالباً يكون هو الشغل الشاغل للأب والأم لفترة تتعدى السنة حتى يبدأ في المشي ويعتمد على نفسه في بدائيات حياته. وفي خلال هذه السنة كل الطموحات تتوقف نتيجة وجود هذا الطفل، وعندما يذهب الأب حتى يحقق طموحة فالأم تبدأ في الغيرة وتقول له أنه يتركها تهتم هي بالطفل ويرمي عليها المسئولية. مما يجعل الرجل يتراجع كلياً عن تحقيق أهدافه ويصبح الهدف الرئيسي في حياة الاثنين هو تربية الطفل. ولكن السيئ أن الأمر يتدرج وحلمهم يهرب منهم، وبعد سنتين من ولادة الطفل من الممكن أن تحمل المرأة مرة أخرى وتبدأ الدائرة والضغط في الزيادة. ولذلك يجب علينا أن نسأل سؤال مهم، هل إنجاب الأطفال هو سبب عدم تحقيق طموح الأب والأم؟

تأخير الإنجاب كحل لمعضلة الطموح والأسرة

هذا الحل ليس سيء وأنا أعلم أن الكثير ربما سينفرون منه. ولكن دعنا نكون واقعين، فلو كان لديك طموح أنت وزوجتك فما الضرر من أن تعمل على تحقيق طموحك حتى تستقر ومن ثم تفكر في الإنجاب. فالأمر متاح في أي وقت لكما، وهناك عدة وسائل أمنة لمنع الحمل لا تكون خطيرة وتمكنك من الإنجاب في الوقت الذي تريده بطريقة طبيعية. أيضاً هناك ميزة أخرى لتأخير الإنجاب بالنسبة للطموح والأسرة وهي أن الزوجين يصبحان أكثر اتحاداً وفهماً بعضهما لبعض دون طفل في البداية. حيث أن احتكاكهم المباشر ببعض سيكون أكبر مما سيجعل علاقتهم ناضجة أكثر وأعلى من حيث التفاهم مقارنة بالذين يتسرعون في الإنجاب. حيث في خلال التسعة شهور سيكون الشغل الشاغل للإثنين ليس أنفسهم بل الطفل، وستكون كل الأرضية المشتركة بينهم هو شخص ثالث، وليس كما هو المفترض بأن يتعرفوا على بعض أكثر ونظام الحياة بينهما، وفي الحقيقة ذلك يؤثر على تفاهمهم معاً على المدى الطويل. وبالنسبة للوقت المناسب لتأخير الإنجاب هو من سنتين لخمس سنوات، حيث يكون لدى الزوجين الفرصة لتحقيق ما يريدون خلال هذه السنوات وفي نفس الوقت يكون لديهم الشباب اللازم للاستمتاع بالطفل وبأنفسهم.

هل هناك حلول أخرى غير تأخير الإنجاب؟ بالطبع يوجد حلول أخرى لو لم تكن لديك الرغبة في تأخير الإنجاب. ولكن سيلزمك فيها أن تكون شخص مسئول لأنها حلول شاقة ولكنها مثمرة جداً على المدى الطويل وستجعل الطموح والأسرة ليسوا مجرد أسطورة بل حقيقة متكاملة.

تنظيم الوقت

عندما نتكلم عن تنظيم الوقت فيجب ألا تتعدى هذه النقطة لمجرد أنك تقول لنفسك أني لم أت بجديد. فالحقيقة أن الجديد هو أن تنظيم الوقت هو الشيء الأصعب تحقيقه على الإطلاق، ولذلك الغالبية تشعر باليأس من هذه النقطة وتتعداها لأنها لم تنجح بها. ولكني قلت لك إن كنت تريد حلول عملية حتى توفق بين الطموح والأسرة فيجب عليك بذل مجهود محترم. الأمر ليس بمستحيل أن يكون لكل شيء في يومك ميعاد وكل مواعيدك في أسبوعك موضوعة بجدول. وحتى الوقت الحر الذي تريد أن تقضيه بحيث تكون خالي من الضغوط ستجده، ولكن الأفضل أن تتحكم أنت في الوقت لا أن تجعل الوقت يتحكم فيك ويأخذ منك طموحك ومن ثم تأتي باللوم على حياتك الأسرية وأطفالك. فبكل بساطة لديك ساعات عمل ولديك ساعات راحة وهؤلاء هما أساس يومك. ساعات عملك لا يمكن التحكم فيها، فأي كان عددها فلتكن. ولكن ساعات ما بعد العمل يجب أن تستغلها جيداً عن طريق جدولة المواقيت وتقسيم المهمات بينك وبين زوجتك بحيث يكون لديك الحرية لفعل بعض الأشياء التي تحقق طموحك.

مساعدة الجد والجدة

وأقصد بهما أجداد أطفالك، والدين الأب ووالدين الأم، وهما حل مقنع جداً في حالات التخفيف من حمل الأطفال ولا سيما لو كان طفلك الأول. فلو كانت علاقتك جيدة بأهلك ووجدت ترحيباً منهم بالاهتمام بالأطفال بعدد ساعات معين أثناء الأسبوع، لما لا تأخذ هذا الوقت لنفسك! ومن هنا ستجد أن التوفيق بين الطموح والأسرة أصبح طريقه موجود على خريطة حياتك. فلو تخيلنا أن أهل الرجل سيهتمون بالطفل لمدة نصف يوم على مدار يومين وأهل السيدة كذلك. سيتوفر لديك يومين كاملين في الأسبوع بعدد 48 ساعة تستطيع فيها أن تنجز فيه ما تريد من أجل تحقيق طموحك، وفي نفس الوقت سيستمتع الأهل بالطفل ولا سيما الأجداد الذي يحبون الأطفال لأنهم يذكرونهم بالحياة القديمة أثناء تربيتكم. وهذا ما نحاول أن نقوله لك في هذا المقال أن تستغل كل الطرق المتاحة لمساعدة نفسك في تحقيق أحلامك بطريقة ممكنة.

الروضة لتحقيق التوازن بين الطموح والأسرة

ربما لا يعيش بعض الأزواج بجوار أهاليهم، ولذلك عملية الاهتمام بالأطفال تكون مسئولية كاملة على الوالدين. ومن هنا نعرض عليك فكرة روضة الأطفال وهو مكان تضع فيه طفلك للاهتمام به وتعليمه بعض الحروف، والاحتكاك مع الأطفال الآخرين. وهنا لا أقول لك تخلص من طفلك، بالعكس لو أن الزوجة تريد أن تجلس بجوار طفلها طوال الوقت للاطمئنان عليه وتربيته وعدم فعل شيء أخر فحظ هذه الأسرة جيد. لأن الأم غالباً هي التي ستكون عمود المنزل من أوله لأخره. ولكن افترضنا أن الزوجة تعمل وفي ظل الظروف الحياتية التي نتواجد فيها فصعب جداً أن يترك أحد عمله. ولذلك يوجد أماكن كروضة للأطفال محترمة من الممكن أن تلحقي طفلك بهم مقابل مبلغ مادي معين، وسيوفر لكِ وقتاً ومجهوداً أنت وزوجك وعملك تحتاجون إليه كثيراً دون مبالغة. ليخدمك كل هذا في تحقيق توافق محترم بين الطموح والأسرة بصورة لا يشعر فيها الأبوين بالذنب تجاه طفلهم أو أنفسهم.

عدم إهمال الأسرة

ومن هنا سأتكلم في شق أخر من فكرة التوفيق بين الطموح والأسرة وهو الأسرة نفسها. في أوقات كثيرة يحدث أن يكون أحد الوالدين أناني بعض الشيء، فيكون كل همه هو تحقيق طموحه ويصل الأمر أحياناً إلى أن يكون على حساب الأسرة. وغالباً تحقيق الطموح يؤدي إلى الإهمال، والإهمال يؤدي إلى الانفصال ويتحول الأمر من أسرة محكمة إلى أسرة مفككة وضحيتها الأولى هي الأطفال الذين سيعيشون بين أب وأم منفصلين. ولذلك أحب أن أشدد على أن الأولوية دائماً يجب أن تكون للأسرة. وإن كنت شريك ساعد دائماً شريكك الأخر على تحقيق طموحه، وفي نفس الوقت لو كان طموحك يأخذ كل وقتك فأنا لا أقول لك حاول، بل أقول لك لزاماً عليك أن تجد حل.

فأسرتك هي الأهم على الإطلاق ووقتك هم يحتاجونه أكثر من أي شيء أخر. لذلك أيها الآباء لا تنسوا أنفسكم، فالزوجات يجب عليها ألا تهمل زوجها ويكون السبب هو الأطفال والعمل، الزوج فوراً سيشعر بشيء خاطئ. ويجب على الزوج ألا يبخل على زوجته بالاهتمام والكلام. والزوج والزوجة لا يجب عليهم أن يتركوا الأطفال أمام التلفاز لمجرد أنهم يريدون أن يريحوا أدمغتهم لا أكثر ولا أقل. الاهتمام هو مفتاح تكوين أسرة سعيدة وأسرة سعيدة ستعطيك المساحة لأن تحقق طموحك.

طموح المرأة

من ضمن المشكلات الكبيرة الذي يواجها المجتمع الشرقي هي طموح المرأة. حيث أن الكثير يحمل المرأة عبئ كل شيء من حوله، فالمرأة هي المسئولة عن الزوج ومسئولة عن الأطفال ومسئولة عن البيت ومسئولة عن التنظيف وعن توفير بيئة صحية للأسرة، وكل هذا تفعله بمفردها. ومع ذلك يحدث أن بعض الناس يعتبرون أن ليس من حق المرأة أن يكون لها طموحها الخاص لتحقيق ذاتها هي. فالأمر ليس بمستحيل أن الطموح والأسرة يجتمعان في امرأة واحدة ولا سيما لو كانت امرأة شخصيتها قوية. وأنا أعتقد أن المرأة عموماً قوية لأنها الأكثر احتمالاً على المدى الطويل، والقوة الحقيقة تقاس بالقدرة على الاحتمال وليس القدرة على التدمير. ومن هذا المنطلق يجب على المجتمع أن يترك حرية بسيطة للمرأة ويجب أيضاً على الرجل أن يشارك في بعض المسئوليات البيتية مع المرأة. فمثلما المرأة أحياناً تعمل وتساعد الرجل مادياً براتبها الشهري، يجب على الرجل ألا يقسوا عليها ويساعدها في الاهتمام بالأطفال لفترات قصيرة ليريحها ويدعها تفعل ما تريد بحرية. وهذا يكون بالنسبة للسيدات عموماً شيء عظيم ولن يقل الرجل في نظرها، بالعكس هي ستشعر أن زوجها رجل حكيم وذكي ويساعدها في أن تكون شخصية مستقلة مما سيجعل المرأة تعشق زوجها وتراه أنه هو الشخص الوحيد الذي يحبها بالعمل والمساعدة الحقيقية وليس مجرد كلمات.

العمل بجهد من أجل تحقيق التوازن بين الطموح والأسرة

هذه النقطة مهمة جداً فهناك أزواج لا يريدون أن يعملوا بجهد بل كل ما يريدوه أن يكونوا سلبيين ومرتاحين بعد وقت العمل. ونحن لا ندين هذا ولكن بالنسبة للأزواج الذين لديهم طموح هذا سيء جداً. فالأسرة لن تكون عائق لو كنت أنت مجتهد بالفعل، وهناك قصص نجاح كثيرة جداً تشهد على نجاح الطموح والأسرة. بل إن هناك أشخاص ينجحون بسبب أسرهم، ورجال يلمعون بفضل زوجاتهم وزوجات تثبت ذاتها بسبب تحمل زوجها لها. إذاً الأسرة السعيدة ليست عائق بل هي دافع قوي للنجاح فلا ينقصك سوى أن تجتهد حتى تحقق طموحك.

أخيراً عزيزي القارئ، الطموح والأسرة هما أهداف سامية، فطموحك حقك الشخصي وأسرتك هي حياتك. ولذلك لا تنظر أبداً للأسرة بنظرة سلبية، بل يمكنك لو كنت رجل مجتهد فعلاً أن تنظم أسرتك وتقودها لتحقيق طموح مشترك محترم، ولو كنتِ امرأة قوية فأنتِ عمود لأهم هدف حيوي في تاريخ البشرية وهو الأسرة.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

20 − 5 =