البطالة مسمي يطلق على الأفراد العاطلين عن العمل، وهي تعتبر في الوقتِ الحاضر من أخطر الأزمات انتشاراً بين العديد من فئات الأفراد في المجتمع على الصعيد العربي والعالمي، فالفرد يسعى للحصول على وظيفة أو عمل في مجال ما سواء أكان مرتبط في دراسته أو من خلال الأعمال المهنية العامة؛ لمحاولة الوصول إلى مستوى معيشة أفضل، ولكن يعاني في صعوبة إيجاد العمل المناسب؛ بسبب عدم توافر الفرص الوظيفية المتاحة دائما أو لعدم توافق المؤهلات والخبرات الخاصة به مع الأعمال المطروحة، مما يعمل على عدم حصوله على الوظيفة المناسبة. ونظراً للأهمية الشديدة لهذه المشكلة وتأثيرها في الاقتصاد القومي، وذلك للزيادة الكبيرة في نسب البطالة في الفترات الأخيرة، تعددت الدراسات والنظريات لبحث المشكلة ودراسة أسبابها، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة؛ للعمل على التقليل من نسبتها كخطوة على طريق التخلص منها نهائياً.
تحليل متكامل لظاهرة البطالة وكيفية إيجاد الحلول لها
ما هي البطالة ؟
البطالة هي مصطلح يطلق على فئة من الأفراد في المجتمعات، لم تتوفر لديهم فرص عمل ضمن اختصاصاتهم، فهم طاقة بشرية معطلة، فهم أفراد من المجتمع قادرين على العمل والتنمية، إلا أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية وقفت حائل دون قيامهم بالعمل المناسب لهم. وهي أيضاً توقف الفرد عن العمل والإنتاج في المجتمع مع قدرته على القيام بذلك، ومحاولته لتطبيق طُرق عديدة ووسائل كثيرة للبحث عن العمل، ولكن هذا الفرد لم يجد الفرصة المناسبة للحصول عليه لأسباب كثيرة ومتعددة، مثل قلة فرص العمل في المجتمع. وتقوم الدولة بعمل إحصائيات ودراسات للتعرف على نسبتهم بالمجتمع، ومعرفة المشاكل والعوائق التي قابلتهم والتي تنتشر أكثر بين الطلبة حديثي التخرج؛ بسبب عدم توفر الخبرة اللازمة التي يشترطها أي عمل في المتقدم له، أو عدم ملائمة العمل لنوع التعليم الذي تخرج منه مما يؤدي به إلى البطالة.
ما هي الأسباب التي أدت للبطالة؟
تتعدد الأسباب التي أدت إلى ظهور مثل هذه المشكلة، فمنها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتي سوف نتناولها بالتفصيل هنا:
الأسباب السياسية
وهي كافة أنواع المؤثرات والمتغيرات المتعلقة بسياسة دولة ما، والتي أدت إلى ظهور هذه المشكلة، ومنها:
- انتشار الحروب والصراعات الأهلية الداخلية في الدول.
- عدم قيام الحكومات الدولية بتقديم الدعم الكافي لقطاع الأعمال.
- غياب الأثر الفعال لمجال التنمية البشرية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الدول النامية.
الأسباب الاقتصادية
وتعد أحد أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار البطالة ورفع معدلاتها على المستوى الدولي، ومنها:
- قلة الوظائف المعروضة مقابل الزيادة الشديدة في عدد الموظفين، وهو ما يصنع في قطاع الأعمال ما يسمى بالركود الاقتصادي، فهو نتيجة للزيادة في خريجي الجامعات مع عدم قدرة الحكومة على توفير الوظائف المناسبة لهم.
- يوجد ما يسمى بالبطالة المؤقتة، وهي الاستقالة من العمل ومحاولة البحث عن عمل جديد، ويطلق على الفرد في هذه الحالة عاطل؛ حتى يستطيع الحصول على فرصة عمل مناسبة.
- استبدال الإنسان بالآلة كالكمبيوتر، حيث قامت العديد من الشركات باستبدال العمال بحواسيب لها القدرة على إنجاز المهام في وقت أقل وبكميات أكبر، وهو ما أثر بنسبة كبير في تحول أفراد كثيرة لعاطلين وزاد من حدة البطالة في المجتمع.
- قيام بعض المنظمات والشركات باستقدام خبراء وموظفين من الخارج، وكذلك بعض المصانع تلجأ لتوظيف الأجانب، حيث أنهم أقل في التكلفة من العمال المحليين، مما ساهم في زيادة البطالة.
الأسباب الاجتماعية
هي الأسباب التي يكون المجتمع عنصر أساسي فيها متأثراً بالأسباب السياسية والاقتصادية، ومن أهم الأسباب الاجتماعية:
- التزايد المستمر في معدلات الفقر والزيادة السكانية مع قلة في الوظائف والمهن.
- عدم وجود تنمية اجتماعية محلية للمجتمع، حيث تعتمد في عملها على الاستفادة من كافة المؤثرات الإيجابية، والتي يقوم بتقديمها قطاع الاقتصاد في المنظمات المحلية.
- عدم وجود اهتمام كافي بالتعليم، مما يعمل على غياب الوعي بالمشاكل القومية والاجتماعية المهمة.
- الشعور باليأس والإحباط من قبل الشباب؛ لعدم حصولهم على فرص كافية للتوظيف، والحصول على مورد مادي يساعده على الحياة.
- عدم وجود أفكار جديدة ومتطورة لمشروعات حديثة تستوعب عدد كبير من الموظفين، والتي تساعد على التقليل من نسب البطالة في المجتمع.
ما هي أنواع البطالة في المجتمع؟
تنقسم إلى عدة أنوع، ومن أهم هذه الأنواع ما يلي:
- البطالة الاحتكاكية: هي نوع من أنواع البطالة تظهر في الباحثين عن فرص وظيفية؛ نتيجة لتركهم وظيفة قديمة غير مناسبة، وغير قادرين على الحصول على أي دخل مادي خلال هذه الفترة من الانتقال.
- البطالة الهيكلية: وتكون نتيجة للتطور والتقدم السريع والهائل في التكنولوجيا، وقيام الإنسان باستبدال العمال بالأدوات والتقنيات الحديثة والتي توفر الأيدي العاملة، وهو ما تؤثر بشكل كبير في زيادة أعداد العاطلين عن العمل.
- البطالة الدورية: وهي حالة عامة من الركود الاقتصادي، تصيب مجموعة من المنشآت في فترة زمنية معينة في أماكن محددة، على الرغم من وجود منشآت تشبهها في مناطق أخرى تعمل وتوفر فرص كثيرة من العمل في الأقسام الوظيفية الخاصة بها.
حلول لتقليل من الزيادة المستمرة في نسبة البطالة في المجتمع
توجد العديد من الحلول التي قد تساهم في حل هذه المشكلة، ومنها:
- الاتجاه إلى تشجيع الشباب إلى امتهان عديد من الوظائف اليدوية والحرفية، والتي ينفر منها بسبب النظرة الدونية لها ومحاولة تغيير نظرتهم لهذه الحرف، وتشجيعهم عليها من خلال وسائل الإعلام وعقد الندوات والمؤتمرات؛ لاستيعاب أكبر قدر من الشباب وتوجيههم للعمل بها كحل للتقليل من نسبة البطالة.
- قيام الدولة بتمويل المشروعات الصغيرة والتي تفتح أسواق عمل جديدة للشباب، وتوفر لهم الكثير من الوظائف خاصةً الشباب حديثي التخرج الذين يمتلكون الكثير من المهارات الأكاديمية الحديثة التي تتوافق بشكل كبير مع هذه المشروعات الحديثة.
- التشجيع على الأعمال التطوعية وتخصيص جزء مالي لها مع عمل مكافآت، مما يخلق فرص عمل جديدة، ويفتح الأمل أمام الكثير من الشباب العاطل عن العمل.
خاتمة
البطالة مشكلة لا تقتصر على دولة أو ظروف بعينها، بل هي مشكلة يعاني منها الكثير من دول العالم، فهي ذات ارتباط وثيق بعدة ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية نتج عنها هذا الكم الهائل من الشباب العاطل عن العمل والغير قادر على توفير مورد مادي يساعده على القيام بمتطلبات الحياة، لذا كان على المجتمعات إيجاد الحلول والأساليب للحد من هذه المشكلة، والعمل على توفير وظائف لهم من خلال فتح أسواق عمل حديثة؛ لاستيعاب أكبر قدر منهم، مع محاولة نشر وتوعية الشباب بأهمية الحرف اليدوية وإمكانيتها في توفير أسواق جديدة لهم وتوفير مصدر مادي جيد. كذلك على المجتمعات تغيير السياسات والقوانين التي تعمل كعائق أمام هؤلاء الشباب، وتمكنهم من فتح أسواق عمل جديدة من خلال تشجيع رجال الأعمال على الاستثمار، وتوفير قروض للشباب للقيام بمشاريع صغيرة خاصة بهم تخلق فرص عمل وتستوعب عدد كبير منهم وتوفر لهم النفقة التي تساهم في تغطية احتياجاتهم الأساسية من المصاريف والالتزامات الخاصة بهم، وتساعدهم في أن يكونوا أفراد ناجحين يستطيعون خدمة بلادهم والمساعدة في النهضة بالمجتمعات، من خلال استيعاب هذه الطاقة البشرية الهائلة وتسخيرها في كل ما هو يخدم الوطن ويساعد في التنمية على المستوى المحلي والمستوى الدولي.
أضف تعليق