تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » برج إيفل : كيف أصبح برج إيفل رمزًا لباريس وفرنسا قاطبة ؟

برج إيفل : كيف أصبح برج إيفل رمزًا لباريس وفرنسا قاطبة ؟

يُعد برج إيفل واحدًا من أشهر المعالم السياحية في العالم، وقد كان ولا يزال رمز باريس العاصمة المميز، ورمزًا لفرنسا أيضًا، تعرف معنا على تاريخ برج إيفل هنا.

برج إيفل

برج إيفل هو رمز العاصمة الفرنسية باريس ومن أشهر المزارات السياحية على مستوى العالم؛ حيث يتوافد السياح إليه من شتى بقاع الأرض لزيارته والتقاط الصور التذكارية أمامه وقضاء أوقات مميزة داخل طوابقه المتعددة ومطاعمه الرائعة. برج إيفل هو عبارة عن برج حديدي يصل ارتفاعه إلى حوالي 324 متراً يوجد في مدينة باريس عاصمة فرنسا ويقع في أقصى الشمال الغربي لحديقة كبرى بالمدينة تعرف بحديقة شامب دي مارس.

تعرف على كل ما يخص برج إيفل

التصميم الأولي للمشروع

كانت فكرة تصميم برج إيفل من نصيب اثنين من المهندسين الذين يعملان داخل مؤسسة الإنشاءات الفرنسية الخاصة وهما موريس كوشلين وإيميل نوجيير وبعد أن انتهيا من تصميم البرج (بالطبع لم يكن طبق الأصل الصورة التي هو عليها الآن) قاما بعرض فكرة المشروع وتصميم البرج على وزارة الصناعة والإنشاءات الفرنسية آنذاك حيث كان من المخطط الانتهاء من المشروع وافتتاحه لأول مرة للزوار في المعرض الفرنسي السنوي الذي يقام كل عام تخليداً لذكرى الثورة الفرنسية التي قام بها الشعب ضد استبداد حكامه ونجح فيها.

فكرة وتصميم برج إيفل استوحي من مرصد لايتينج الموجود في نيويورك والذي تم تشييده عام 1853- أي قبل إنشاء برج إيفل بحوالي 36 عام تقريباً- حيث أعجب المصممين الفرنسيين بتصميم ذلك المرصد الذي كان يقوم على أربعة ركائز رئيسية مصنوعة من الحديد الصلب (الفولاذ) ويستندون من الأسفل على قاعدة حديدية متينة تحمي المرصد من السقوط أو الميلان ثم ترتفع الركائز الأربعة الرئيسية بشكل مائل للداخل بحيث تجتمع جميعها في قمة المرصد لتشكل نهاية مدببة له كل ذلك مدعوم بوجود دعامات عرضية من الفولاذ أيضاً على أبعاد متساوية تربط بين الركائز معاً طيلة مسافة صعودها للأعلى حتى تمنع انفصالها عن بعضها البعض.

بالإضافة للمجهود الذي لا ينكر لكلا المصممين موريس وإيميل هناك فضل خاص لا يمكن إنكاره ينسب إلى مدير إحدى شركات التصميم المعماري ويدعى ستيفن سوفستر والذي بعد عرض التصميم عليه قام بإضافة بعض اللمسات الديكورية الجمالية التي زادت من تصميم برج إيفل جمالاً، حيث أن التصميم المستوحى من المرصد الأمريكي وضع في الأصل ليس لغرض سياحي وإنما لغرض معماري بحت يخدم أغراض الملاحة أما برج إيفل فالغرض منه سياحي من الدرجة الأولى ولذلك كان من الضروري إضافة تلك اللمسات الجمالية إليه.

إنشاء برج إيفل

قامت الحكومة الفرنسية بالموافقة بشكل رسمي على مشروع إنشاء برج إيفل وطرحت التصميم خلال مناقصة يتقدم إليها مختلف المهندسين وملاك شركات الإنشاء المعماري في فرنسا، وكانت المناقصة من نصيب شركة تنفيذ معماري يرئسها جوستاف إيفل- وهو من سمي البرج باسمه فيما بعد- أوضح إيفل رغبته في أن يكون البرج مثالاً ليس فقط على التطور الهندسي المعماري وإنما أيضاً على التقدم الصناعي والعلمي الهائل الذي امتاز به ذلك العصر وأيضاً تخليدا لذكرى الثورة الفرنسية العظيمة التي قامت عام 1789.

كان من المقرر أن تمنح الحكومة الفرنسية إلى إيفل بصفته رئيساً للشركة المنفذة لمشروع برج إيفل الميزانية المطلوبة للانتهاء من تنفيذ المشروع والتي قدرت وقتها بحوالي 6 ملايين فرنك ونصف المليون ولكن مع تعيين وزيراً للتجارة جديداً لفرنسا وهو إدواردو لوكروي تبنت الحكومة الفرنسية نهجاً من سياسة التعنت مع الشركة المنفذة للبرج. أول بنود تلك السياسة كانت رفض الميزانية الموضوعة للمشروع وإعادة تعيين ميزانية جديدة وبالطبع ستكون أقل بكثير عن الرقم السابق وبعد مفاوضات عدة بين شركة إيفل والحكومة الفرنسية متمثلة في وزير تجارتها توصل الطرفان إلى اتفاق شبه مرضي وهو تخفيض ميزانية البرج المدفوعة من قبل الحكومة لتصل إلى مليون ونصف المليون فرنك فقط- أي أقل من ربع الميزانية المتفق عليها من قبل- ولكن مع وجود امتياز خاص بالمهندس إيفل بصفته الشخصية وليس بصفته رئيساً لشركة التشييد المسئولة عن البرج حيث يحصل إيفل على الأرباح العائدة من برج إيفل من رسوم للدخول والتقاط الصور والدعاية وكذلك المطاعم الموجودة على متن البرج كاملة ولمدة تصل إلى 20 عاماً مما استدعى إيفل لأن ينشئ شركة خاصة مستقلة تتولى إدارة أعمال البرج حتى انقضاء مدة العشرين عاماً وبعدها تتسلم الحكومة الفرنسية مسئولية الإدارة وبالفعل تم الاتفاق بشكل رسمي في الثامن من يناير عام 1887.

اعتراضات على المشروع

بالطبع مشروع عظيم مثل برج إيفل كان لابد من أن يقابل بالعديد من الاعتراضات سواء من أولئك الذين يمتهنون الصحافة والذين رأوا في المشروع مضيعة للوقت والمجهود والأموال على حد سواء ولم يعتقدوا بأن مشروعاً كهذا سيؤتي بالثمار المرجوة منه، وكذلك من العديد من خبراء الهندسة والمعمار الذين اعترضوا على تصميم المشروع ورأوا في تنفيذه استحالة أكيدة للدرجة التي دفعتهم بمجرد البدء في إنشاء البرج إلى تشكيل جمعية خاصة أسموها جمعية المعترضين على برج إيفل وتكونت من 300 عضو وهو الرقم المساوي لارتفاع البرج بالأمتار، أصدرت الجمعية بياناً ترفض فيه إهدار أموال الدولة على مثل تلك المشاريع الغير مجدية على حد ذكرهم وقاموا بإرسال ذلك البيان الشاجب إلى الحكومة الفرنسية لتسجيل موقفهم بشكل رسمي في 14 فبراير 1887.

بدء التنفيذ

بدأ تنفيذ برج إيفل بشكل رسمي في 28 يناير 1887 أي بمجرد التوصل لاتفاق بين الحكومة الفرنسية وجوستاف إيفل وكانت بداية التنفيذ من خلال إنشاء الساقين الشرقية والجنوبية على حد سواء حيث ارتكزت كل ساق منهما على أربعة قواعد خرسانية يبلغ طول القاعدة الواحدة ما يفوق المترين مما يجعل محصلة دعم كل ساق منهما أكثر من 8 أمتار وهو ما يشكل جانباً من التثبيت والتدعيم والتقوية لها.

أما الساق الشمالية والغربية فقد كان وضعهما معقداً بعض الشيء وذلك بسبب قرب مكانهما من نهر السين في فرنسا ولذلك كان يجب تدعيمهما بشكل أكبر عبر دعائم خرسانية ومزودة بأعمدة فولاذية تحتوي على نسبة من الهواء المضغوط.

في بادئ الأمر كان تشييد السيقان الأربعة المكونة لبرج إيفل على طريقة الكابول المعمارية (أي أن كل ساق ترتكز على طرف واحد فقط يربطها بالأرض ثم ترتفع منفردة دون وجود دعائم أخرى طيلة رحلة صعودها) مما أثار حالة من الهلع والخوف لدى كل من سمع بتلك الفكرة، وهنا استغل أعداء إيفل تلك الحالة ووجدوا فيها فرصة سانحة لهم للهجوم على منفذي البرج وإيقاف المشروع وذلك عبر إطلاق حملة شعبية من خلال الصحافة تقوم فيها بالهجوم الشرس على شركة إيفل وكل من تثبت صلته بتشييد البرج حيث تصدرت الصحف عناوين عديدة تنتقد إيفل مثل (إيفل رمز الجنون) و(برج إيفل أم برج الانتحار!). كل تلك الانتقادات دفعت الشركة المنفذة إلى إيقاف أعمال التشييد والبناء والبحث عن مخرج لتلك الأزمة لإيقاف حملة الهجوم التي تتعرض لها وبالفعل وجودوا الحل في استخدام رافعات تقوم بتثبيت دعائم عرضية تربط بين كل ساق وأخرى كلما ارتفعت للأعلى مما يضمن تثبيتها بجوار بعضها وانتهت أول عملية تثبيت لتلك الدعائم العرضية في مارس من نفس العام، وبعد ذلك التاريخ بعامين كاملين تم الانتهاء بشكل كامل من تشييد برج إيفل وتم افتتاحه لأول مرة خلال المعرض الفرنسي العالمي عام 1889.

عمرو عطية

طالب بكلية الطب، يهوى كتابة المقالات و القصص القصيرة و الروايات.

أضف تعليق

16 + 8 =