لا ريب أن الخوف من أفلام الرعب هو غاية أفلام الرعب، فلا شك في أن الهدف من هذه الأفلام هو إخافة المشاهد أو العمل على إرعاب المشاهد، وإلا ما كانت سميت بأفلام الرعب، وتعتمد أفلام الرعب بالأساس على مجموع الظواهر الخارقة للعادة لوحوش مفترسة تطارد الإنسان وتبغي النيل منه، أو أشباح تعيش على الأرض أو أرواح شريرة أو مخلوقات مشوهة أو مصاصين دماء أو مستذئبين أو أن هناك قاتل مختل نفسيًا يطارد مجموعة من الأشخاص العاديين بهدف قتلهم بأبشع الوسائل ومحاولة هؤلاء الأشخاص الهرب منه، وربما هذه هي أبرز تيمات أفلام الرعب والتي تدور حولها معظم أفلام الرعب.
دليلك للتغلب على الخوف من أفلام الرعب
لماذا نحب أن نشاهد أفلام الرعب
رغم الخوف من أفلام الرعب إلا أن هناك إقبال شديد على مشاهدة هذه الأفلام، والحقيقة لقد اختلف العلماء والمحللين النفسيين والمختصين على جدوى مشاهدة أفلام الرعب والإقبال المتواصل عليها، بدليل أنه لا زال هناك أفلام رعب أنتجت وتنتج ولا زالت تلقى رواجًا كبيرًا بين كافة المشاهدين. وعلى الرغم من كافة التفسيرات الطبية المختلفة إلا أنني لدي تفسير شخصي خاص بي استنتجته من قراءتي في الفلسفة والطب النفسي، ويعتبر خلاصة ما توصلت إليه من الآراء الطبية والنفسية والفلسفية في مشاهدة أفلام الرعب.
إذا كنا قد اتفقنا سلفًا أن مشاهدة الأفلام عمومًا، جانب منها بجانب الاستمتاع بالحدوتة السينمائية ومتعة المؤثرات البصرية وأداء الممثلين، هي استكشاف أنفسنا والتنقيب عن الذات بين المشاهد واكتشاف نقاط التماس بين واقع الأبطال وواقع المشاهد.
ولكن بما أن الإنسان يعيش حياته المستقرة الهادئة التي تمشي بإيقاع بطيء ومألوف، ولكنه لا يأمن المستقبل ولا يطمئن للغد، فإن الخوف من أفلام الرعب صورة مصغرة من الخوف من المستقبل، خصوصًا أن أفلام الرعب جميعها تبدأ بدايات هادئة مستقرة طبيعية وواقعية جدًا.. ما بين بيت جديد يتم الانتقال إليه ويبدو البيت عاديًا وطبيعيًا جدًا ثم يظهر أنه بيت أشباح، أو سيارة تتعطل أمام قصر، وهو يحدث عادة ولكن غير العادي أن يكون هذا القصر مملوك لمصاص دماء، أو نذهب في نزهة ساحلية وهو عادة ما يحدث وجميعنا يذهب في نزهة ساحلية فنفاجأ بانتشار أسماك قرش مفترسة على الشاطئ.
إذن فإن الخوف من المستقبل ومن أحداث المستقبل، ومن الكوارث التي من الممكن أن تحدث في المستقبل نراه بصورة مصغرة من خلال تعرضنا لتجربة الخوف من أفلام الرعب، خاصة وأنها متطرفة تمامًا في نقل كافة التوقعات الفظيعة التي من الممكن أن تحدث لنا، حيث ربما أبشع ما يمكن أن يحدث أن نكون مطاردين من قبل مختل مريض نفسي، أو أن نتعرض للموت على يد مخلوقات مفترسة متوحشة مجهولة الكنه، أو يضعنا الحظ السيئ في قصر شخص غريب الأطوار لا يمكننا توقع مدى الخطر الذي يمكن أن يشكله علينا.
إذن الخوف من أفلام الرعب والحرص على معايشة هذا الخوف كأنه تأهيل نفسي للمجهول الذي من الممكن أن نعيشه ولا ندري ربما يلقينا القدر في مصير مجهول فعلاً، وربما محاولة للاستعانة على مصائرنا والتي نراها سيئة ولكن ربما يحدث لنا ذات مرة ما هو أسوأ من ذلك أو نلقى مصيرًا مثل الذي يلقونه ونعيش تجربة من الرعب المتواصل مثل التي عاشها أبطال الفيلم وهم كانوا أشخاصًا عاديون مثلنا ولم يكونوا مجرمين أو لصوص، ووقتها سنتمنى أن نرجع للوضع العادي (الحالي) والذي يلقى سخطنا وعدم رضانا الآن.
ربما يكون هذا هو أبرز دافع نفسي لمشاهدة أفلام الرعب، غير أن هناك دوافع وأغراض أخرى مثل مشاهدة المؤثرات البصرية المبهرة والشغف بالاطلاع على الأساطير القديمة والأحداث الخارقة للعادة وولع البعض بالأشياء التي تعتبر مما وراء الطبيعة.
أشهر وأفضل أفلام الرعب التي من الممكن أن تشاهدها
The Conjuring
من أشهر رعاة الخوف من أفلام الرعب وهو من إنتاج عام 2013 من إخراج جيمس وان وقام ببطولته باتريك ويلسون وفيرا فارميجا، وتدور أحداثه حول عائلة تعيش في منطقة منعزلة في مزرعة وتستعين باثنين من خبراء الظواهر الخارقة للطبيعة للكشف عن عدة أحداث غامضة تحدث لهم في مزرعتهم. لاقى الفيلم نجاحًا نقديًا وجماهيريًا كبيرًا وقاربت إيراداته نحو 320 مليون دولار، وقد صدر منه جزء ثاني هذا العام.
The shining
تحفة المخرج السينمائي الكبير ستانلي كوبريك وبطولة أسطورة التمثيل العالمي جاك نيكلسون، أنتج عام 1980 عن قصة للكاتب الشهير ستيفن كينج، وتدور أحداثه حول أحد العاملين بفندق مكتظ صيفًا ولكنه قليل النزلاء شتاءً، وبسبب قيام عاصفة ثلجية يصبح خاويًا على عروشه مما يجبر هذا الشخص وأسرته على البقاء في الفندق والذي يكتشف فيما بعد أنه مسكون بالأشباح التي تسيطر عليه وتجعله يقدم على فعل تصرفات مجنونة، لاقى الفيلم نجاحًا نقديًا وجماهيريًا كبيرًا، وازداد شهرة وبريقًا في السنوات الأخيرة، واختاره موقع ريدّيت من أفضل 250 فيلم في تاريخ السينما واحتل المركز التاسع والثلاثين، ويعد إحدى قواعد الخوف من أفلام الرعب الراسخة في قلوب من شاهدوه.
The others
من إنتاج 2001 ومن بطولة نيكول كيدمان وينتمي إلى فئة الرعب النفسي، حيث لا وجود في الفيلم لأشباح أو وحوش أو مخلوقات عجيبة وهذا هو سر تميزه واعتماده على ترسيخ الخوف من أفلام الرعب بطريقة نفسية ومؤثرة أكثر رغم ذلك، وتدور أحداثه في مرحلة أربعينيات القرن الماضي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حول أم تنتمي للطائفة الكاثوليكية تعيش في منزل منعزل نسبيًا وتحاول ألا تعرض أطفالها لأشعة الشمس بأي شكل ذلك وأنهم مصابين بمرضٍ نادر يجعلهم حساسين لضوء الشمس.
تعيش الأم مع أطفالها وعدد من الخدم في المنزل المتسع إلا أن هناك دلائل عدة على وجود أشباح في البيت يراها الجميع إلا جريس البطلة (نيكول كيدمان) تبدأ في البداية محاربة هذا بقوة ومحاولة نفيه عن أذهان أطفالها خصوصًا أن ابنها يرسم صور لأموات من القرن التاسع عشر، إلا أنها تبدأ تراودها الشكوك بعد عدة أحداث غير طبيعية في المنزل. فاز بجوائز في عدة مهرجانات وحقق ما يقارب 200 مليون دولار إيرادات إجمالية.
The sixth sense
من إنتاج عام 1999 وبطولة بروس ويليس والطفل (وقتها) هالي جويل أوزمنت، وتدور أحداثه حول طفل في الثامنة من عمره يزعم أنه يتواصل بشكلٍ مباشر مع الموتى وطبيب نفساني يقوم بدوره بروس ويليس يعالجه، إلا أن الطبيب نفسه يعاني من اضطرابات، نال الفيلم شهرة رهيبة وحقق نحو 675 مليون دولار إيرادات، ولم يكتفي بهذا فحسب بل ترشح أيضًا لستة جوائز أوسكار، وهو من أفلام الرعب النادرة التي تسابقت لنيل جوائز الأوسكار، ولا زال الفيلم يلقى نجاحًا باهرًا ويجد شعبية كبيرة بين محبي السينما في كل أنحاء العالم.
The Exorcist
من إنتاج عام 1973 ونال الفيلم شهرة عالية وقد بالغ البعض ووصف الفيلم بأن هذا أفضل فيلم رعب أنتج في تاريخ السينما، وتدور أحداثه في عالم الأساطير وظواهر ما وراء الطبيعة عن محاولات أم لإخراج الأرواح الشريرة التي تسكن ابنتها المراهقة، وقد بلغت إيرادات الفيلم نحو نصف مليار دولار وقتها أي بحسابات التضخم يعتبر أكثر أفلام الرعب دخلاً وقد رشح الفيلم لعشر جوائز أوسكار وحصد منها جائزتين، وقد صور بعض الأجزاء منه في مدينة سنجار بالعراق، وقد حقق الفيلم الخوف من أفلام الرعب كما ينبغي أن يكون خصوصًا في جزئية الأرواح الشريرة تلك.
Saw
سلسلة أفلام شهيرة لاقت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا على الرغم من ميزانيتها الضئيلة خصوصًا في أول أجزاء السلسلة الذي تم تصويره في مدة زمنية بلغت أربعة عشر يومًا فقط، ولم تتجاوز ميزانية الفيلم سوى مليون دولار ومائتي ألف تقريبًا، وتم تصويره في ثلاث مواقع تصوير فقط، ولكن رغم ذلك حقق إيرادات عالية جعلت من مخرجه ذوي الأصول الصينية جيمس وان أن يصنع منه سلسلة كاملة، ويعد من أشهر أفلام الرعب وأحد ركائز إلقاء الخوف من أفلام الرعب في قلوب محبي السينما ومشاهدي الأفلام.
وبالطبع هذا غيض من فيض، ولكن يعتبر الأفلام السابق الحديث عنها هي أشهر أفلام الرعب وأكثرها نجاحًا بين محبي السينما.
كيف تستطيع مواجهة الخوف من أفلام الرعب
تذكر كل ما تراه أمامك خدعة
ربما الخوف من أفلام الرعب طبيعي وكلما كان الخوف أكثر كلما كان صناع الفيلم ناجحون أكثر وماهرون في صناعتهم، ولكن تذكر جيدًا أنه مهما حدث فهذه خدع منفذة ببراعة وأنها لا تتخطى قاعة السينما أو الشاشة التي تشاهد منها الفيلم وأن الحياة الواقعية تخلو من الأشباح أو المخلوقات الفضائية أو الأرواح الشريرة.
لا تشاهد الفيلم والأضواء مطفأة
لابد أن الظلام يزيد من حدة الخوف من أفلام الرعب، لذلك عليك أن تترك الأضواء مطفأة بشكلٍ عادي واستمتع بالفيلم كما لو كان فيلمًا رومانسيًا عاديًا، وتذكر أن كل ما تراه أمامك خدعة وليس هناك أي شيء سيتجاوز حاجز الشاشة ويأتي للجلوس بجوارك، وطالما الأضواء مشتعلة فلن يخرج لك شيئًا من الظلام أو يستغل عدم وجود ضوء ويتكون فجأة.
حاول تصيد الأخطاء في الأفلام
لا ريب أن الخوف من أفلام الرعب خيار غير متوفر للنقاد السينمائيين، لا لشيء لأنهم لا يرون الأفلام بعين المشاهد العادي الذي يبتغي الاستمتاع فقط بغض النظر عن أي شيء آخر، بل يرونه بعين النقاد السينمائيين الذين يرصدون أبرز نقاط القوة في الفيلم وأيضًا أبرز نقاط الضعف، ولذلك وأنت جالس حاول تصيد نقاط الضعف في الفيلم وشاهد الفيلم كما لو كنت ناقدًا سينمائيًا. شاهد كواليس الفيلم وكيف تصنع الخدع وستجدها بسيطة جدًا
في محاولة منك لتخفيف الاندماج في الفيلم وبالتالي يصيبك الخوف من أفلام الرعب التي تشاهدها عليك بمشاهدة الكواليس وكيف تصنع الخدع التي تخيفك هذه ببساطة شديدة وكيف يطلون وجه الأبطال بالمكياج المرعب وكيف أنه شيء بسيط جدًا وتافه ولا يستحق أن يصيبك بكل هذا الخوف.
حاول ألا تشاهد الفيلم وحدك
لا ريب أن مشاهدة الفيلم وحيدًا سيجعل الخوف أكثر حدة لذلك قدر الإمكان حاول أن ترى الفيلم مع صديق وانظرا للفيلم كمغامرة مرحة أو كفاصل مضحك، ولا تدخلاه وأنتما على يقين أنكما ستخافا.. وكلما زاد العدد كلما قل الخوف وضعف تأثير الفيلم.
يمكنك تمرير المشاهد الفظيعة، والاكتفاء بالمشاهد غير المبالغ فيها
لا عيب مطلقًا أن تقوم بتنقية الفيلم من المشاهد التي تحتوي على كمية عالية من الدماء أو المبالغ فيها في التوحش أو الإرعاب والاكتفاء فقط بالمشاهد المقبولة والتي لا تصيبك بالهلع الكامل، وستنال جانبًا من المتعة أيضًا.
خاتمة
الخوف من الأفلام الرعب ليس بالأمر الشائن أو الذي عليك أن تخجل منه، ولا ريب أن المخرجين يتعمدون تحطيم قلوب أكثر الناس بأسًا وشدة وصلابة، وهي ليست بالضرورة الذي يجعلك تضعها في بالك ولكن عليك أن تتذكر دائمًا أن كل هذه خدع تحدث على الشاشة ولا ينبغي أن تصيبك بكل هذا الهلع.
أضف تعليق