تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » لحظات الاحتضار : كيف يشعر الإنسان قبل خروج روحه مباشرة ؟

لحظات الاحتضار : كيف يشعر الإنسان قبل خروج روحه مباشرة ؟

بالطبع لم يعش أحد ليخبرنا كيفية الشعور أثناء لحظات الاحتضار ، لكن هناك العديد من الدراسات التي أجريت على بعض المتطوعين لمعرفة كيف يشعر الشخص أثنائها.

لحظات الاحتضار

لحظات الاحتضار هي لحظات خاصة ولها أعراض غريبة جداً ليكون الأشخاص غريبين جداً عن طبيعتهم الأصلية والمعروفة. حيث أن للموت رهبة كبيرة جداً وفكرة النهاية وأن الشخص لن يرى أحبابه مرة أخرى فكرة في حد ذاتها صعبة الفهم على الإنسان. حيث أن الشخص يكون معتاد على أشياء تقدر بمعمره وفجأة يجد جسده لا يستجيب لأي شيء هو يريده بل الجسد يستجيب للاستسلام فقط ليس إلا. وهناك أقاويل كثيرة على الذين يحتضرون وقصص عن أنهم كانوا يعلمون أنهم سيموتون ويقولون أشياء عن أنهم يرون أشخاص موتى مثل أبوهم أو أمهم أو أي الأجداد أو أي شخص يشغل بال المحتضر في هذا الوقت. ولا أحد يعلم ماذا يدور في خلدهم وماذا يحدث في نفسيتهم في هذا الوقت، والموضوع يختلف أيضاً من شخص لشخص أخر ومن مجتمع لمجتمع وكل محتضر يشعر غالباً بالأشياء التي تكون متداولة في عقائده هو. بمعنى أنه لو كان على دين معين فيقول المحتضر أنه رأي النبي الفلاني أو الرسول الفلاني أو المعلم الفلاني على حسب ما يؤمن. ولهذا الأمر غير معروف هل هو مجرد تفاعلات كيميائية في المخ البشري تحدث في هذا الوقت أم أن الموضوع حقيقة وهؤلاء الناس فعلاً يرون أشباح الماضي ويكونون في برزخ بين الحياة والموت وما يصل لنا على أنه هذيان أو خيالات يكون حقيقي فعلاً! فالأمر مريب. ولكن يا عزيزي في هذا المقال لن نشرح الظواهر قدر ما سنبرزها حتى لا قدر الله وشاهدت أحدهم يحتضر لا تستغرب الموضوع بل ستكون على علم ومعرفة مسبقة بما يشعر مثل هؤلاء الذين سيفارقون الحياة قريباً.

تعرف على شعور الإنسان أثناء لحظات الاحتضار

سرد بعض الأسرار

هذا شيء غريب فعلاً في لحظات الاحتضار حيث الكثير من الأسرار التي لم تكن تخطر على بال أي أحد أفشيت في خلال هذه اللحظات، حيث أن المحتضر يكون قد وصل للحالة التي يفهم فيها أنه يجب أن يستسلم فالمقاومة ليست سوى تضييع للوقت. لذلك يبدأ المحتضر في أن يشعر أن هناك ذنب وأن هناك حياة أخرى سيذهب لها ويبدأ يتخيل هذه الحياة، ومن هنا يحدث تداخل بين ماضي المحتضر مستقبله القريب. ولكن من ضمن الماضي يكون هناك أسرار لا أحد يعلمها غيره فتجد هذا الشخص طلب رؤية ناس معينين ليحملوا عنه الأسرار هذه وربما تكون الأسرار عن مال كان مكتنزه في مكان معين أو أرض اشتراها ولا أحد يعلم أو ذنب اقترفه وهو صغير ويريد أن يكفر عنه أو شهادة حق يعرفها ولا يريد أن تموت معه، أسرار غريبة تكون مطوية جداً ولا أحد يعلم عنها شيء. ولذلك يجمع أشخاص هو يثق فيهم يقول لهم هذه الأسرار، غالباً الأمر لو كان مادي سيهم الأحياء ولو كان غير ذلك فهم أيضاً سيصطنعون الاهتمام لأجل أن يشعروه بالراحة وهذا في حد ذاته جيد نوعاً ما. لذلك أي كان ما ستسمعه لو كنت في هذا الموقف حاول أن تحفظه مثلما حفظه هو لأنه فعلاً في هذه اللحظات يكون اختيارك عن ثقة كبيرة وعاطفة جياشة.

العاطفة الجياشة

لحظات الاحتضار تكون هي النهاية والفراق الأبدي الذي يكون غصب عن الجميع سواء الميت أو الأحياء الذين سيفتقدونه، ولذلك غالباً يكون سرير المحتضر زحمة بالناس والأقارب والأحباب والذين لا يريدون مفارقة هذا الشخص، لذلك يرونه أكبر قدر قبل الفراق. والحقيقة هذا هو العزاء الحقيقي في رأيي وكل الناس الذين يعزون أهل الميت بعد وفاته لو كانوا فعلوا هذا للميت نفسه في لحظات الاحتضار لكان هذا سيجعله فعلاً مستريح، لأنه سيشعر أنه محبوب والحب هذا سيؤكد له أنه فعل أشياء جيده في الحياة مما جعلت الناس تحبه وتلتف من حوله، ولذلك فلن يخاف الهاوية أو العذاب أو أي شيء. فالشخص لا يكون متأكد والخوف في هذا الوقت يكون عظيم وهذه اللحظة تكون جليلة جداً في حياة الفقيد. ولذلك قبلها وأثناء لحظات الاحتضار غالباً يبكي كثيراً كلما نظر في وجه أحدهم وسيتذكر سريعاً المواقف التي كانت تجمعه معه وربما سيطلب بعض الناس بالاسم كي يأتون له في التو واللحظة ليراهم. ولذلك إن عرفت أن هناك شخص يريد أن يقابلك وهو في لحظات الاحتضار فيجب عليك سريعاً أن تترك ما في يدك وتذهب لأنك لا تعلم إلى متى سيصمد ولا تحرم مثل هذا الشخص من رؤيتك، لأن هذا قد يكون أخر ما يريده في هذه الحياة وتخيل أن رؤية وجهك فقط هي أخر ما يريده شخص قبل أن يموت، أنه شيء حزين لكنه حب عظيم في نفس الوقت.

تقسيم الميراث

في هذا الوقت من الحياة يكون الشخص وغالباً الأب مهتم بهذا الشيء كثيراً ولا سيما لو كان هناك أكثر من ابن حتى يضمن الأب أن بعد فراقه للحياة لن يتنازع أولاده من بعده أو يتعاركون من أجل ما تركه هو لهم. ولهذا يحدث كثيراً أن في لحظات الاحتضار للأب يذهب إلى أقرب محامي ويكتب وصية فيها كل ما يملك وطريقة التقسيمة بين أولاده سواء بنات أو أولاد وهذا في الغالب شيء جيد جداً. لسبب بسيط لأن هذا الإجراء يضمن أن الجميع يأخذ حقه، غير أن لحظات الاحتضار تجعل الأب يخاف أن يظلم أحد من أولاده ولذلك غالباً يقسم الميراث قسمة الحق دون تفضيل أحد عن أخر خوفاً من الذنب الذي قد يكون ثقل في نفسه نتيجة إحساسه بأنه يظلم أحد أبنائه. هناك نوع أخر من التقسيم والذي يكون شفهي وليس عن طريق الأوراق وهو سيء لأسباب كثيرة ولكنه أفضل من لا شيء، حيث يجمع الأب أولاده في لحظات الاحتضار ويقول لكل واحد فيهم ما هو نصيبه من الميراث وهذا يحدث عادة في حالات التدهور السريعة الذي لم يكن لأحد يحسب لها حساب مثل الجلطات ومثلها من الأشياء المميتة عفانا وعفاكم الله، وسوء هذه التقسيمة ينتج من أن هناك أولاد أحياناً لا يقتنعون بقسمة الأب ويرونها ظالمة. وتبدأ النزاعات بشكل كبير بعد الوفاة ومن هنا نعرف أن قيمة لحظات الاحتضار تكون مهمة جداً أحياناً للآخرين في حياتهم كما هي في حياة المحتضر.

البركة

لحظات الاحتضار قديماً وحتى الآن في بعض الثقافات يوجد بها ما يسمونه “بركة” وهو معروف جداً في الديانة اليهودية ولا يزالون يفعلونه. وتكون البركة عبارة أن يأتي الشخص بأولاده في لحظات احتضاره ويقول كلمة عن كل ولد منهم حسب معزته عنده، وتكون بالنسبة لأولاده فخر كبير ويظل الولد حتى يكبر جداً يعتبر نفسه مثل الذي قاله عنه أبوه. وذلك مكتوب حتى الآن في التوراة في سفر التكوين حينما بارك يعقوب أبنائه الإثني عشر كل منهم بوصف يختلف عن الأخر. ويوجد هذا الكلام في الحضارة المصرية أيضاً والحضارة الفارسية، قبل موت الأب يوصي أبنائه بوصايا يلتزمون بها لأنها خلاصة خبرة حياته، ومن هذه الوصايا ما صارت فيما بعد قوانين.

البرزخ

الكثير يقولون إن المحتضرين يكونون في العالمين عالم الأموات وعالم الأحياء، وهناك أشخاص كثيرون من الذي كانوا قد عانوا من حوادث معينة ودخلوا في غيبوبة طويلة يقولون إنهم رأوا أشياء غريبة، وكل واحد على حسب ما رأي وأشخاص كثيرون يقولون أشياء متشابهة. منهم أنهم يرون أنفسهم بتكرار كثير ومنهم من يقول إنه رأي الجحيم ورأى الفردوس أو الجنة ومنهم من يقول إنه رأى أحد الأموات وأخذه في رحلة فوق العالم. والغريب أنهم يشرحون تفاصيل وكأنهم رأوا هذه الأشياء بالفعل. ولكن في الحقيقة هناك عدة عقاقير مخدرة تجعل العقل البشري يدخل في مثل هذه الحالة العقلية من الرؤى والأحلام بل إن معظم المخدرات تفعل هذا وتنقل المدمن من مكان لأخر في ثواني عن طريق الهذيان والهلوسة التي تحدث للشخص. وهناك مقطع شهير على اليوتيوب يدعى “الفلاكا” وهو يعرض لك الناس وهم يفعلون أشياء غريبة جداً ويقولون أشياء أغرب ويجرون كأنهم مطاردين ويمرغون في الأرض. وما أريد أن أقوله إن البرزخ الذي يعتقد المحتضر أنه ذهب إليه هو في الواقع من الممكن أن يكون مجرد رؤى عقلية ليس إلا ومن الممكن أيضاً أن يكون حقيقة أكيدة ونحن لا نعرف ونطلق عليه الهذيان عن جهل. في المجمل المتفق عليه أن المحتضرون عقلهم يعمل بطريقة تستعد للموت فعلاً وهذا يكون واضح عليهم في أيامهم الأخيرة والجميع عادة يشهد بهذا، لذلك قد يفرز المخ مواد كثيرة جداً تفعل بالوعي الأعاجيب.

طريقة التعامل مع لحظات الاحتضار

وهنا لا أتكلم عن الشخص المحتضر بل أتكلم عمن يقرأ هذا المقال ويكون معافى ولكنه في موقف يكون فيه أمامه شخص يحتضر أو يقضي لحظاته الأخيرة. حيث أن هذه اللحظات يجب عليك أن تتعامل معها بشكل محترم ومؤدب ولا تفعل أبداً شيء خارج عن حدود الاحتمال وخصوصاً لمن هم يحتضرون فكفاهم حزناً، لأن هؤلاء الذين يحتضرون نقول عنهم أنهم يرون الموت بأعينهم، وصدقني عزيزي هذا كفيل جداً أن يجعل نفسيتهم سيئة جداً. ويجب أن تراعي أيضاً أننا كلنا سنؤول إلى هذا الموقف وحتى أنت نفسك سيأتي الوقت لتكون أنت في مكان هذا الشخص. لذلك يجب عليك أن تتعامل بصبر حتى وإن كانت طلبات الشخص غريبة وكثيرة ولكن يجب عليك أن تزعن لهذه الطلبات دون أن تتكلم كثيراً بل افعل، ويستحسن أيضاً ألا تبكي أمام الشخص فلو كنت تريد أن تبكي على حاله فاخرج وافعل ذلك، ولكن أمامه امسك دموعك حتى تعطيه القوة لأن بكائك هذا سيجعله يحزن أكثر أنه سيفارقك لأن المشاعر في هذا الوقت تكون مرتبطة جداً وأهم شيء هو نفسيته، ولا أحد يعلم ربما ما تعتبره احتضار يكون أزمة وستمر ولذلك كن دائماً قوياً. أيضاً لو كان المحتضر أبوك أو أمك فهو غالباً سيكون غير قادر في أيامه الأخير على قضاء حاجته ولذلك واجب عليك أن تتحمل أنت مسئولية التغير والتنظيف باستمرار حتى لا يشعر الشخص بالضيق وأنه ثقيل وعاجز، ولا تنسى أنهما في يوم ما كانوا يفعلون معك نفس الشيء وهم فرحين ويضحكون في وجهك وأنت طفل وليد ولولاهم لما كنت أنت الآن من الأساس.

أخيراً عزيز القارئ لحظات الاحتضار هي لحظات سيئة على الجميع سواء الذي سيفارق الحياة أو الذي سيعيش فقدان هذا الشخص، ولكن يجب أن تعلم أن هذه هي سنة الحياة وليس هناك حل لهذه الحالة ولذلك عامل المحتضر برفق واتقي الله فيه، وعلم أولادك أن يفعلوا بك هذا عندما توافيك المنية عندما يكبرون ويدركون هذا حتى لا يكونون أولاد غير فاهمين بل أولاد فاهمين ومدركين.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

4 × 1 =