تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » خدعة الانبهار : كيف نأخذ قرارات مهمة تحت تأثير مزيف ؟

خدعة الانبهار : كيف نأخذ قرارات مهمة تحت تأثير مزيف ؟

نقع كلنا في أحيان كثيرة في فخ اتخاذ قرارات هامة لأننا انخدعنا بأمر من الأمور، خدعة الانبهار تحدث في غفلة تامة منا كما سنرى في السطور المقبلة.

خدعة الانبهار

خدعة الانبهار دائماً صعبة لأنها تعتبر نوع من أنواع السذاجة بالنسبة لمن يرتكبها عندما يكتشف حقيقة شيء كان منبهر به تماماً كأنه أفضل شيء في الوجود ويكتشف بعد وقت عيوبه وسلبياته ليشعر في الأخر أنه كان شخص تافه أو شخص غير ناضج في انبهاره بهذا الشيء. ولكن في الحقيقة هناك خدعة انبهار أسوء وهي الانبهار بالأشخاص وهذا يحدث كثيراً بين الشباب والشابات في عمر معين حيث يكون الإعجاب والحب مفهومين غير معلومين الملامح لدى هؤلاء الشباب فيخلطون الإعجاب بالشكل بالحب بالزواج وبعض من هؤلاء الشباب يكونون سيئين فيستغلون قلوب الآخرين وانبهارهم بهم ليجعلوهم يقعون في مشاكل كبيرة. وهناك الكثير من حالات الزواج العرفي تقع بين الشباب الصغير الذي لم يفهم بعد خدعة الانبهار جيداً حيث أنهم يضعون أنفسهم في مأزق كبير جداً بسبب الانبهار بشخص غير صالح بالمرة في هذه المرحلة الحياتية. وهكذا هناك مشاكل أخرى بسبب خدعة الانبهار بالمظاهر والشكل الخارجي أو الشخصية أو الأشياء لذلك عزيزي القارئ هذا المقال لابد لك أن تتابعه بصورة جدية لأن كثير من مواقفك الحياتية وقراراتك تعتمد على رؤيتك الأولية للأشياء، وفي المقابل أيضاً أنا لن أقول لك لا تنبهر بأي شيء بل بالعكس الانبهار شعور جميل فعلاً ولكن سننصحك هنا بتوظيف فكرة الانبهار بصورة عقلانية في حياتك.

خدعة الانبهار وكيف تجعلنا نتخذ القرارات الخاطئة

التسرع في الأحكام

هناك مشكلة كبيرة في هؤلاء الناس الذين ينبهرون بسرعة على أي شيء وهذه المشكلة تتمثل في الحكم على الأشياء بصورة خاطئة غالباً وغير كاملة لأنك في الانبهار يعني الإعجاب من النظرة الأولى على الأشياء، ولذلك يجد الشخص نفسه معلقاً في حب شيء أو شخص لا يعرف تفاصيله. وهذا أمر طفولي ونجده جلياً في الأطفال عندما ينبهرون بالألعاب والألوان فيصرخون حتى يأتي لهم الوالد بمثل هذه اللعبة، ويبدأ الأب في إقناعه أن هذه لا تناسبهم وبالفعل الأب يكون لديه كل الحق لأنه يعرف انه سيرميها بمجرد أن يمتلكها، تخيل معي أن هناك شخص كبير وعاقل يتعامل مع الحياة بنفس هذه الطريقة وإنه يحكم على الأشياء أنها جيدة بمجرد أنه أعجب بشكلها الخارجي فهذه كارثة لأنه عندما سيشتري الأشياء سيشتريها بناءً على المظهر وليس بناءً على ما يناسبه، وعندما يصادق الأشخاص سيصادقهم بناءً على المظهر وكل هذا بالتراكم سيجعل حياة هذا الشخص سيئة للغاية لأنه سيجد أن كل اختياراته تقريباً خطأ وسينتج عن ذلك عدم ثقة في النفس والقرارات القادمة التي سيتخذها طوال حياته. ولك عزيزي القارئ هذه النصيحة، لا تنبهر بالأشياء بمجرد رؤيتها وحتى إن انبهرت فعلاً وأعجبت بشيء لدرجة كبيرة فعليك مبدئياً أن تختبره وتختبر نفسك وخصوصاً في فكرة الأشخاص حيث أنهم الأسهل في الخداع والأصعب في تأثيرهم عليك.

ظلم أشياء أخرى

ضروري لك أن تعلم أن خدعة الانبهار هذه ستكون سلبية جداً في فكرة أنك ستضحي بالجيد لأجل أنك قررت أن تختار السيء لمجرد أنك انبهرت بالظاهر الخاص به. مثالاً ويحدث كثيراً بين بعض الشباب عندما تسألهم ماذا يريدون أن يكونوا في المستقبل وأغلبهم يقول إنه يريد أن يصبح طبيب وهذا لمجرد أنه يرى أن الطبيب مهنة مربحة وتعطي صاحبها قدراً وجلالاً اجتماعياً كبيراً، في حين أن مثل هذا الشاب وانبهاره بهذه الأشياء لن تناسبه مهنة الطبيب حتى ولو وصل وصار طبيباً سيجد نفسه أنه غير سعيد وهنا سيكون اكتشف أنه كان طوال عمره يمشي وراء شيء لا يريده حقاً، بل هو كان يريد الوجاهة الاجتماعية ليس إلا وجميعنا نعلم مصير مثل هؤلاء الناس يبدئوا يتعاملون مع وظيفتهم بعد هذا الشعور كأنه عمل ليس إلا وهذا يأتي بالضرر على صحة المرضى الذين يحتاجون إلى طبيب يشعر بحالتهم قبل أن يعالجهم وليس طبيباً يعمل عدد ساعات معين حتى يقبض مرتبه. والخطأ من الأول هنا هو خدعة الانبهار التي من خلالها يظلم الجميع لذلك عزيزي الشاب قبل أن تختار أي شيء تريد أن تصبح فيه عظيماً فكر جدياً وملياً أنك هل تريد الشيء هذا حباً فيه ولا استغلالاً له؟ إن كانت الإجابة استغلالاً إذا لا تكمل في هذا الطريق رجاءً لأنك ستكتشف في الأخير أنك ضيعت جزءاً كبيراً من عمرك هباءً لمجرد أنك انبهرت بشيء لا يصلح لك.

النصب والسرقة

أولى مبادئ عمليات النصب والسرقة هي الانبهار ويحدث هذا عن طريق أن يجعلك أحدهم تنشغل بشيء أو تنبهر بشيء يكون في الأساس مزيف. ويحدث كثيراً في عمليات البيع والشراء عندما تذهب لتشتري قميصاً على سبيل المثال يكون له نفس الشكل لقميص أنت منبهر به مسبقاً من مجلة أو إعلان، فتقع أنت في شرك خدعة الانبهار هذه لتشتري القميص الذي يوهمك صاحبه أنه يبيعه لك أرخص من أي منفذ بيع أخر في حين أنه يبيع لك قميص مزيف وليس حقيقي أو مجرد نسخة رديئة من نفس الماركة ويبيعها هو لك بنفس السعر الأصلي وهكذا. لذلك عزيزي القارئ عندما تذهب لشراء أي شيء لا تنبهر كثيراً بالأسعار والخصومات بل تأكد تماماً أن ما تشتريه له خلفية أصلية وضمان وله منفذ بيع ثابت حتى إن وجد عطل أو خلل في السلعة التي تشتريها تستطيع أن ترجعها أو تستبدلها بسهولة وليس مجرد أن تشتري شيء غير أصلي بثمن رخيص وعندما يحدث به خلل فإنك لن تجد من يصلحه لك. لذلك كن حكيماً وصبوراً جداً في عمليات الشراء ولا تستأمن أحد لأن هناك بعض المحلات التي تبيع شيء جيد في البداية حتى تكسبك كزبون دائم ومن ثم يبدئون في استغلال هذه الثقة ليجعلوك تشتري أشياء سيئة بثمن غالي لتصير أنت في الأخير مجرد زبون مغيب يسرقون منك نقودك عن طريق استغلال ثقتك بهم.

الشخصية السطحية وخدعة الانبهار

من ضمن سلبيات الشخصية السطحية المعروفة هي أنها سهلة الانخداع بالمظاهر حيث مثل هذه الشخصيات لا تهتم بعمق الأشياء أو الناس بل كل ما يجذبها هو الشكل الجميل أو الشيء الثمين والغالي أو المركز الاجتماعي أو أي شيء يعطيها مظهر جذاب لتكون خدعة الانبهار في حياتها عبارة عن روتين يومي. تنخدع يومياً في أشخاص وأشياء ليست مناسبة تماماً ويبدأ الناس من حولهم يطلقون عليهم أنهم سطحيين ويتجنبوهم لأنهم بالفعل لا يهتمون سوى بالمظهر ويبدأ مثل هؤلاء الأشخاص في صنع عالمهم الخاص ويتمادون في إهانة الناس لمجرد أن يثبتون لأنفسهم أنهم غير سطحيون بل إنهم يقدرون الجمال في حين أنهم فعلاً لا يقدرون الجمال الداخلي للأشياء وللناس فيسقطون دوماً في فخ متكرر من الخيانات والعلاقات السطحية التي تنتهي في وقت قصير. وخير دليل على هذه الحيوات هي حياة الفنانين والممثلين والمشاهير عموماً الذين يقعون في فخ المظاهر غصباً لأن هذا هو سر نجاحهم.

في الأخير عزيزي القارئ يجب عليك أن تعلم تماماً أن خدعة الانبهار هذه ليست خطيئة إنما هي مكلفة لك في كل مرة فيها تنخدع في أشخاص معينين أو أشياء معينة. لذلك كن صبوراً على الإعجاب بالجمال واستمتع بالشيء من بعيد لفترة وراقبه حتى يتسنى لك الحكم المناسب على الأشياء بصورة سليمة وناضجة.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

ثلاثة + 14 =