التغيرات الطارئة على الشخصيات الموجودة في حياتنا من الأمور التي لا يمكن التعامل معها بسهولة أبدًا، التعامل مع البشر بشكل عام دائمًا ما يكون مرهقًا للعديد من الأفراد، لأنه مهما ظننت أنك تفهم من حولك، فالأمر لا يسير بهذه البساطة على الدوام، فما بالك بالتعامل مع التغيرات الطارئة التي تحدث معهم، الأمر سوف يزداد صعوبة عليك بالطبع. على كلٍ مهما كانت صعوبة الموضوع، فإننا سوف نحتاج إلى معرفة كيف يمكننا التعامل معه، لا سيما إن كانت هذه التغيرات الطارئة تحدث مع من نحبهم، وهنا سوف نحتاج إلى التأقلم والتعامل مع هذه التغيرات، لذلك نتحدث في هذا المقال عن كيفية التعامل مع هذه التغيرات باختلاف الشخصيات في حياتنا.
دليلك إلى التعامل مع التغيرات الطارئة على البشر
لماذا تحدث هذه التغيرات الطارئة على البشر؟
في الغالب فإن التغيرات الطارئة التي تحدث مع البشر تكون بسبب أشياء خارجة عن الإرادة. تخيل مثلًا شخص يعيش حياة عادية جدًا، وفجأة يسمع خبر يتحدث عن وفاة شخص قريب منه، في هذه الحالة لا بد وأنه سوف يتأثر كثيرًا، وستجد أن هذه التغيرات بدأت بالظهور عليه. المشكلة الأكبر في هذا الموضوع أننا نتعامل مع الظواهر الخارجية فقط، فعندما نسمع خبر وفاة أحدهم، فإننا نتوقع أن الشخص الذي أمامنا سوف يتأثر بهذا الخبر، أو حتى إن لم نكن نعرف حدوث شيء معين، فإن الشخص الذي تصيبه التغيرات الطارئة سوف يخبرنا، وهنا يكون من السهل علينا إدراك الحالة التي يمر بها، ونتعايش معها دون أي مشكلة. لكن ماذا إن كانت التغيرات سببها ظواهر داخلية؟ في هذه الحالة لن نعرف إن كان اعتمادنا فقط على الظواهر الخارجية، وهنا عليك أن تهتم بفهم العوامل الداخلية للشخص كالمشاعر والأفكار، وفي العديد من الأوقات فإن هذه العوامل تكون هي السبب الأكبر في حدوث التغيرات الطارئة بسبب التقلبات البشرية التي تحدث معنا، والتي يمكن أن تحدث في ثانية فقط. وبالتالي فعلينا أن نكون مدركين طوال الوقت أن التغيرات الطارئة تحدث بسبب ظواهر خارجية، وأيضًا بسبب العوامل الداخلية التي تختلف من شخص لآخر.
تحديد نوع الشخصية.
كما ذكرنا في المقدمة أنه يوجد في حياتنا العديد من الأشخاص، وبالتالي فإن التعامل مع التغيرات الطارئة سوف يختلف من شخص لآخر حسب نوع شخصيته. في الغالب إدراكك لنوع الشخصية قد يسهل عليك معرفة سبب التغيرات، وسيجعلك مدركًا لأهمية التفكير في العوامل الداخلية التي تدور داخل كل شخص. أيضًا تحديد نوع الشخصية سيمنحك فرصة لتحديد التصرف المناسب، فمثلًا فهمك أن الشخص الموجود أمامك شخص عصبي، سوف يجعلك تتقبل ثورته ولا ترد عليها بالمثل. وإدراكك أن الشخص عاطفي سوف يجعلك تتقبل دموعه مثلًا، أو ستفهم ضرورة التركيز على ألا تجرح مشاعره مهما كان كلامه غريبًا بالنسبة لك، وأن التغيرات الطارئة تؤثر على كل شخص بناءً على شخصيته.
هناك مشكلة تواجهنا في بعض الأحيان، وهي أننا نظن بأن كل الحلول يمكنها أن تصلح مع الجميع. هذه الفكرة خاطئة جدًا للأسف، لأن الحلول مهما بلغت جودتها، فإنها قد لا تصلح مع الكل. وبالتالي فإن معرفة نوع الشخصية سيجعلك تعرف أي الحلول تعتمد عليه.
الطريقة الصحيحة للتعامل مع التغيرات الطارئة باختلاف الشخصيات.
تحديد نوع الشخصية هي الخطوة الأولى نحو التعامل مع مسألة التغيرات الطارئة باختلاف الشخصية. بعد ذلك يمكنك الانتقال إلى الخطوات التالية، وتبدأ من جلوسك معه والاستماع إليه، وهذه الخطوة هامة جدًا، لأن شعور الشخص بأنك تستمع إليه سوف يجعله يشعر باهتمامك، وبالتالي فإن مساعدتك له في هذه الحالة ستكون ممكنة. لذلك يجب أن تكون مهتمًا حقًا بالكلام الذي يقوله، ولا تجعله يشعر بأنه كلام لا فائدة منه مثلًا، أو تظهر له شعورك بالملل من الحديث. كذلك حاول أن تظهر له دعمك، سواءً من خلال الكلمات، أو من خلال استخدام الإشارات المناسبة التي توحي بالدعم.
عندما تظهر التغيرات الطارئة على أي شخص، فإن البعض يشعر في هذه الحالة أن من حولهم لن يكونوا قادرين على فهمهم، وبالتالي فإن كل ما تحدثنا عنه في هذه الفقرة يمكن تلخيصه في التأكيد على أهمية محاولتك لأن تفهم الشخص بشكل جيد. هذا الأمر سوف يمنحه الأمان الكامل، وسوف يستكمل حديثه معك وهو مطمئن. تذكر أن طريقة التعامل مع الشخص تعتمد على نوع شخصيته، وبالتالي فإنه ليس صحيحًا أن تتعامل معه بنفس الأسلوب الذي تتعامل به مع غيره، والأفضل أن تختار الطريقة التي يفضلها الشخص لا التي تفضلها أنت، لأنك في النهاية تريد مساعدته بما يتوافق معه.
أفضل الطرق للتعامل مع التغيرات الطارئة تظهر بالنسبة لي في مثل أجنبي قرأته سابقًا عن أن تضع نفسك في حذاء الآخرين لتتأكد من فهمهم، للدلالة على أن فهمك له هنا قوي جدًا لدرجة أنك ترى العالم من موقعه.
الكلمة الطيبة أو الصمت
هناك حديث عن سيدنا محمد يقول فيه “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت.” وهو حديث نحتاج إلى تطبيقه في حياتنا على الدوام، ليس فقط في هذه الحالة، والكلام يطول في ذكر الكلمة والتأثير الذي تصنعه في الناس. لكن في هذه الحالة فإن التغيرات الطارئة فعلًا تحتاج منا إلى تطبيق الحديث، فالشخص الذي يصاب بهذه الحالة فإنه يحتاج إلى الكلمة الطيبة، فإن لم تكن كلمة طيبة فعلى الأقل لا نخبره بما يضايقه، ويجعل حالته تصبح أكثر سوءًا!
والكلمة الطيبة في هذه الحالة تعتمد على اختيارك ما يناسب طبيعة الموقف، مثلًا قد يكون الشخص الموجود أمامك لا يبحث عن حل بحديثه معك، إنما فقط يحتاج إلى الحديث. وبالتالي فأنت لا تحتاج إلى طرح الحلول عليه في وقتها، بل عليك أن تمنحه ما يريده من الاهتمام. وإن كنت تنوي منحه حلولًا لمعالجة التغيرات الطارئة التي حدثت معه، يجب أن تكون متأكدًا من قدرته على تقبل النقاش حول هذه الحلول، لإن النقاش في هذه المسائل أحيانًا يكون بمثابة حمل ثقيل على الشخص. تذكر دائمًا أن وجود هذه التغيرات قد يجعل الشخص في حالة غير حالته التقليدية، وبالتالي فإنه قد لا يتعامل مع الأمور بالمنطقية المطلوبة لها.
أما الصمت فإنك تلجأ إليه عندما لا يكون الشخص راغبًا في الحديث من الأساس، ويشعر أن أي حوار سوف يزيد من حالته سوءًا. يجب كذلك أن تجعل دعمك له ظاهرًا سواءً اخترت الكلمة الطيبة أو الصمت، المهم أن يشعر الشخص أنك بجانبه وترافقه في الحالة التي يشعر بها. التغيرات الطارئة لا تكون دائمًا شيء سيء على الإنسان، فأحيانًا تكون سببًا في تحسين حالته أو تغييرها للأفضل. وهنا دورك أيضًا في التعامل مع هذا النوع من التغيرات، بأن تمنح الشخص الدفعة التي يحتاج إليها للتحسين، مع حرصك أن تجعله متحمسًا ليفعل ما يريد، بحيث تضمن أنه سوف يتابع في الطريق ولن يتوقف بعد فترة قليلة.
احترام هذه التغيرات
عندما تظهر التغيرات الطارئة على أي شخص، فإنه يتوقع من الأفراد من حوله تقبل واحترام للحالة التي يصبح عليها، سواءً كانت تغيرات سلبية أو تغيرات إيجابية. فإذا كانت هذه التغيرات سلبية، فإن إظهار الاحترام سوف يجعلنا قادرين على مساعدة الشخص بالشكل الفعّال، لأن الأمر هنا لا يعتمد على طرح الحلول فقط، بل يعتمد كذلك على طريقة التعامل، ونحن ذكرنا في الفقرات الماضية أن الشخص قد لا يهتم بالحلول، قدر تركيزه على اهتمامك به من الأساس. فإن حدثت له التغيرات الطارئة السلبية، محاولاتك معه واحترامك لحالته هو الفارق في تقبله لما سيأتي منك بعد ذلك.
أما التغيرات الإيجابية فالمفترض أنها شيء جيد، لكن في حالة التغيرات الطارئة فإنها أحيانًا تكون غير منطقية، وبالتالي فإننا قد نلجأ دون قصد إلى التقليل من هذه التغيرات، أو رفض الأفكار التي يطرحها الشخص نتيجة لقناعتنا بأنه لا يمكن تحويل هذه الأفكار إلى الواقع مثلًا، لكن مع ذلك فإنه من الضروري تمامًا ألا نجعل كلامنا يبدو عليه التقليل من الشخص أبدًا أو من أفكاره، لكن إن كان يريد النقاش فالأمر يجب أن يحدث بمنطقية. وهذا الكلام لا يعني أنه علينا تنفيذ هذه الأفكار، أو أنه يجب قبولها دون الاقتناع بها، فالأمور لا تسير هكذا، لكن على الأقل فإن التعامل مع التغيرات الطارئة على الشخص يجب أن يحمل قدرًا كبيرًا من الاحترام، وهذا هو المطلوب.
المرونة مع عدم النفاق
للأسف فإن التعاملات البشرية معقدة جدًا، ولا يمكن لك أن تضع منهجًا ثابتًا تسير عليه في التعامل، بل الأمر يرجع إلى نوع الشخصية ونوع الموقف وكذلك قدراتك أنت في التعامل. لهذا السبب فإنه يجب أن يكون لديك المرونة الكافية للتعامل مع التقلبات المفاجئة، فمسألة التقلبات في التعامل هي من أكثر الأشياء التي تجعل التعاملات البشرية مرهقة، لذلك فالأمر يعتمد على مقدرتك أنت لتسهيل الأمور. وحتى يحدث ذلك الأمر فإن مرونتك ستكون فيصل كبير جدًا، حيث أن التغيرات الطارئة لا يمكن توقعها، وقد تأتي في أوقات غير مناسبة تمامًا، مما قد يزيد من صعوبة الأمر إن لم تتمكن من التعامل معها، وهنا تظهر أهمية المرونة في هذا الموقف.
لكن نؤكد تمامًا أن المرونة لا تعني النفاق في التعامل مع الشخص، فهناك العديد من الأفراد عندما يرى من حوله قد أصابتهم التغيرات الطارئة في تعاملهم، فإنه يلجأ إلى النفاق ويوافقهم على كل شيء حتى لو كان يؤمن بأن هذا الأمر خاطيء جدًا ولا يجب تنفيذه، لكنه يفعل ذلك حتى يتخلص من المشكلة. فإن فعل ذلك فهو سوف يفتح الباب لمشاكل أكبر يمكن أن تأتي لاحقًا، سواء بسبب القرارات الخاطئة التي سوف يتخذها الشخص في هذه الحالة، أو أي أشياء أخرى قد تقع مستقبلًا لم يتم الاستعداد إليها، فعندما تنتهي الحالة التي تصنعها التغيرات الطارئة فإن الشخص يستعيد طريقة تفكيره الأصلية، ويتعامل مع الأمور بالصورة الصحيحة.
وحتى يمكنك الموازنة بين كلًا من المرونة دون الوقوع في خانة النفاق، فإنك سوف تحتاج إلى أن تكون صادقًا حقًا في كل كلمة أو فعل تقوم بهما لمساعدة من حولك، وبالتالي فإنك ستكون مرن طوال الوقت، لكن بعيد كل البعد عن النفاق.
التعامل بين البشر مسألة صعبة وتحتاج إلى مجهود دائمًا، لكن ما دمنا نعيش سويًا، فإننا سوف نحاول أن نكون عونًا لبعضنا البعض، نتقبل كل ما يحدث مع من حولنا حتى وإن كنا لا نفهمه جيدًا، لا نضايقهم ولا نترك في داخلهم آثارًا سلبية بسبب طريقتنا في التعامل، ونسعى إلى مساعدتهم بكل ما يتاح لنا من إمكانيات خارجية وداخلية. لذلك إن كنت حريصًا على علاقاتك الشخصية، فتأكد من أنك تطبق ما ذكرناه هنا -في التعامل مع التغيرات الطارئة على من حولك– طوال الوقت.
أضف تعليق