تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » حياة زوجية » طاعة الزوج : ماهي الحدود التي يجب أن تتوقف عندها الطاعة ؟

طاعة الزوج : ماهي الحدود التي يجب أن تتوقف عندها الطاعة ؟

طاعة الزوج من المواضيع الشائكة، فهناك الكثير من المفاهيم المغلوطة حول هذا الأمر، وهناك الكثير من الأشخاص يخطؤون في تحديد حدود الطاعة الواجبة.

طاعة الزوج

طاعة الزوج هي ثقافة سائدة في مجتمعاتنا العربية وتحديدا الإسلامية، وذلك نظرًا لكونها مجتمعات ذكورية بالأساس فلا تهتم إلا بالرجل، ماذا يريد؟ وكيف تجعله سعيد؟ وعليك سيدتي بالطاعة؟ والجميع يرجع ذلك إلى الأوامر الدينية، ولكن في الواقع الأوامر الدينية موجه للطرفين على حد سواء ولكنهم ينتقون منها ما يتفق ورغباتهم وميولهم الخاصة، فيطالبون الزوجة بالطاعة ولا يطالبون الزوج باحترام زوجته حتى تطيعه، حيث يكون فعل الطاعة هنا نابع من الحب والاحترام المتبادل وليس مجرد أمر موجه بسلطة ما سواء سلطة فردية أو سلطة دينية أو حتى سلطة مجتمعية، ومن خلال المقال سوف نحاول التعرف على مفهوم طاعة الزوج، كيف تطيع الزوجة زوجها والعكس؟ ما هي أسباب عدم الطاعة؟ متى تتوقف الزوجة عن طاعة زوجها؟ والكثير من التساؤلات التي يثيرها الموضوع.

تعرف على مفهوم طاعة الزوج وعلى حدوده

مفهوم الطاعة

طاعة الزوج واجبة، جملة تتردد على مسامع كل السيدات العربيات ليل نهار، طاعة الزوج من طاعة الإله، الزوجة المطيعة هي التي يحترمها ويقدسها المجتمع، كل هذه العبارات نسمعها ونطبقها ونحن في الواقع لم نسأل من الأساس ما هي الطاعة؟ ما معنى أن أطيع زوجي؟ معنى كلمة الطاعة الاستسلام والانقياد والخنوع، وهنا على الزوجة أن تخضع وتنقاد لزوجها، وفي حياتنا المعاصرة مثلا تترجم على الآتي: توافقه الرأي دائما ويكون هو صاحب الرأي الأول، يمتلك هو كل مقاليد السلطة بينما هي تخضع لأحكامه ورؤيته. وجاء مفهوم طاعة الزوجة للزوج من كون الرجل هنا ولي الأمر وكون المرأة كما هو متداول في الثقافة ناقصة عقل ودين، أما الرجل هو العاقل الكامل وهو صاحب النفوذ لأنه العائل للأسرة وهو من لديه السلطة الاقتصادية ويدير زمام الأمور، فطاعته واجبه.

لماذا الطاعة؟

أليس من العجيب حقا أن نظل نسمع عبارة طاعة الزوج وما يتصل بها في عصرنا الحالي، حيث أصبحت فيه المرأة ندا للرجل تدرس وتتفوق عليه في الكثير من المجالات وتعمل وتجلب الأموال وتعيل الأسرة وتحكم البلاد وما زلنا نرى المرأة العربية ناقصه عقل ويتوجب أن تنقاد للرجل حتى يحميها من هذا النقصان بعقله الكامل، ألا نشعر بالعار من مثل هذه الأقاويل التي انتهي عصرها منذ أيام فلاسفة اليونان القدامى الذين كانوا يتساءلون هل المرأة كائن حي! لكنهم تطوروا وتخطوا هذه المراحل وكانت مجرد مراحل تتطور بالأفكار، أما نحن ما زالنا نتمسك بها ونورثها لأبنائنا وهو شيء يدعو للدهشة حقا!

حدود الطاعة

لنخفف من حدة المصطلح الذي أراه مهينا، لن نقول طاعة الزوج وإنما نقول متى تتفقي مع زوجك ومتى تختلفي معه، وما هي حدود الاتفاق والاختلاف بينكما؟ من وجهه نظر تحليلية وانطلاقا من الواقع المعيش علينا أن نعرف أولًا أن لا أحد من الجنسين أفضل من الآخر وأن أسطورة الذكر والأنثى قد انتهت وولى عدها، ولكن نحن أمام كيانين مختلفين لكل منهما خبرة معرفية مختلفة وستأتي النتيجة مرضية في حالة الجمع بين الرأيين، وربما ترجيح أحدهما على الآخر انطلاقا من الموضوع المطروح وليس انطلاقا من نوع الجنس، الرجل يمتلك رؤية مختلفة للأمور والمرأة كذلك، لذلك فأسهل وأكمل السبل هو التفاهم والتعاون بين الطرفين، ولكن هناك حالات فردية يمكنك فيها المعارضة ورفض الاتفاق معه إن كنتِ ترين أن رأيه جاء من خلال انفعال عاطفي أو مخالف للمنطق وإن كانت رؤيتك أنتِ تختلف كثيرًا ورؤيتك أكثر عمومية وشمولًا.

رؤية المجتمع

سوف نتطرق هنا إلى الجزء الأساسي المتحكم في الموضوع بأكمله وهو المجتمع، فالمجتمع هو المُنتج للثقافة وهو الذي رسخ فكرة طاعة الزوج وحافظ على بقائها، لكن بشكل سريع هل المجتمعات التي تتمتع بثقافة طاعة الزوج هي مجتمعات تحقق نسب نجاح عالية في العلاقات الزوجية والأسرية؟ بالطبع الإجابة لا، لماذا؟ لأن هذا النظام غير عادل ويتضح مع زيادة الوعي والثقافة لدى المرأة مما يجعلها تثور وتتمرد على الأوضاع القائمة وتحاول تغييرها بشتى السبل. ولنأخذ السعودية مثلا كمثال ظاهر على هذا الموضوع، ستجد أنه في الآونة الأخيرة قد انطلقت الصيحات منددة بالنظام الاجتماعي الظالم الذي يصور المرأة كأحد ممتلكات الرجل مثل سيارته أو جهازه الجوال، تعرضن للعنف وتعرضن للمساءلة وتمت إهانتهن ولكنهن لم يستسلمن، بل ظهرت أخريات تتضامن معهن ليس في السعودية فقط بل وفي سوريا ومصر وغيرها من البلدان العربية، وهنا علينا أن نعلم أن المجتمع مدان لا محالة.

تغيير الثقافة

تغيير الثقافة ورفع درجة الوعي لدى الجنسين هي الحل، وتبدأ من التربية وهم صغار وحتى دخول المدرسة والمناهج الدراسية التي يتم تدريسها لهم، على الذكر أن يعلم أن الأنثى كائن مستقل مثله وتتمتع بنفس حقوقه وعليه أيضا أن يدرك أن الطريق إلى الحياة الزوجية السعيدة يقوم على الحب والتفاهم والاحترام ومناقشة كل الآراء المطروحة وليست طاعة الزوج، التربية في مرحلة الطفولة مهمة للغاية، حيث يتم زرع القيم الإنسانية لدى الأطفال، فلا ينبغي إطلاقا التمييز بينهم، على المجتمع تشجيع ثقافة الحوار وعلى رجال الدين مراجعة خطابهم الديني ليلائم العصر ويحاولون التجديد والاجتهاد مع تأويل وتفسير النصوص الدينية بشكل سليم ولا يقفون على رأي واحد.

بالحب وحده نستمر

للتمتع بحياة زوجية سعيدة وحياة أسرية مستقرة فالأمر هنا لا يتطلب طاعة الزوج ولا طاعة الزوجة وإنما يتطلب الحب، نعم الحب، فهو وقود الحياة الهادئة وهو مسير الأمور التي لا تسير، فمهما كنت تعاني من المشكلات والشجار بينك وبين زوجتك فلن تجد طريق أسلم من الحب، حيث يشعر الطرفين بدفء العلاقة بينهما مما يجعل الآراء تلين لبعضها البعض، وعليك أيها الزوج وكذلك الزوجة معرفة تفاصيل كل منكما ومعرفة مع أي نوع من الشخصيات تتعامل/ تتعاملي، حتى تستطيعوا أن تتفهموا الاختلافات بينكما وتختارا الطريقة المثلى لمعاملة كل منكما للآخر، لماذا لا نقرأ عن الشخصيات وطرق التعامل معها؟ لماذا لا نحضر الكورسات والدورات التي يتم وضعها لمن يريدون الزواج؟ لماذا دائما نترك العلم جانبا ونتجه إلى سماع النصائح من السابقين أو كبار السن الذين هم حملة الثقافة الموروثة، وننسي تماما أن لهم ظروفهم الخاصة والتي تختلف طبعا عن ظروفنا نحن وما يليق بهم لا يعني بالضرورة أنه يليق بنا نحن، فلكل علاقة ظروف خاصة ترتبط بها وبأفرادها.

وفي النهاية المدان الحقيقي هو المجتمع بكل سلطاته، فغياب الديمقراطية الحقيقية في المجتمعات العربية جعل التسلط والدكتاتورية تتسرب إلى كل قطاعاته بما فيها العلاقات الاجتماعية، وهذا جرم في حق الإنسانية، لا أعرف سبيل إلى تغيير المجتمعات إلا عن طريق رفع درجة وعي أفرادها، ولكن ماذا لو كان هؤلاء الأفراد ليست لديهم الرغبة الحقيقية للتغيير؟ هنا سوف تكمن المشكلة، فالأنظمة الحالية ترسخ للثقافة القائمة وتدعمها وأفراد المجتمع لا يشعرون بالمسؤولية تجاه تغيير الثقافة السائدة، ويعتبرن السيدات اللائي يقمن بالاعتراض خارجات عن التقاليد ويرفضن طاعة الزوج، مما يعني أنها دعوة للتمرد، وهذا التمرد لو تم قبوله سوف يشمل المجتمع كله بكل أنظمته، ولكن المجتمعات ترفض ذلك وهذا هو السبب الحقيقي وراء ترسيخها لهذه الأفكار البالية، فالتغيير يأتي من الفرد ثم ينتقل إلى المجتمع ثم ينعكس على قطاعاته المختلفة وأنظمته.

ليزا سعيد

باحثة أكاديمية بجامعة القاهرة، تخصص فلسفة، التخصص الدقيق دراسات المرأة والنوع.

أضف تعليق

إحدى عشر − إحدى عشر =