تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » الشهب والمذنبات والنيازك : كيف تنجو الأرض من أخطارها ؟

الشهب والمذنبات والنيازك : كيف تنجو الأرض من أخطارها ؟

احتمالات اصطدام الشهب والمذنبات والنيازك بالأرض أصبحت محل بحث ودراسة من علماء الفلك في السنوات الأخيرة، فهل تشكل هذه الأجرام خطورة علينا؟

الشهب والمذنبات والنيازك

تبقى الشهب والمذنبات والنيازك الشغل الشاغل لعلماء الفضاء بالرغم من التطور العلمي الهائل الذي يعيشه الإنسان في العصر الحالي وخاصة في مجال أبحاث الفضاء؛ وذلك بسبب الخوف من مخاطرها الهائلة التي قد تكون سببا في تدمير مظاهر الحياة على سطح الأرض بصورة كاملة، ومن هنا تتابعت أبحاث علماء الفضاء لاستكشاف تلك المذنبات والشهب والنيازك وسبر أغوارها على مدى عشرات السنين في محاولة جادة من هؤلاء العلماء للوقوف على حقيقتها ومصادرها ومكوناتها وأنواعها ومدى خطورتها على كوكب الأرض، ورغم الاكتشافات والجهود المضنية المتتالية لإماطة اللثام عن تلك الحقائق فما زالت هناك الكثير من الأسرار الغامضة والتي عجز العلماء عن اكتشافها أو تفسيرها، ويتناول هذا المقال نبذة مختصرة عن تعريف الشهب والمذنبات والنيازك وكذلك مصادرها، وأيضا أهم المخاطر الناجمة عنها، وفي النهاية كيف تنجو الأرض من مخاطر تلك الشهب والمذنبات والنيازك.

ما هي أخطار الشهب والمذنبات والنيازك على كوكب الأرض؟

تعريف الشهب والمذنبات والنيازك

إن ظاهرة الاهتمام بدراسة الشهب والنيازك والمذنبات لم تلق اهتمام العلماء إلا حديثا خاصة في أوائل القرن التاسع عشر وبالتحديد عندما تعرض شرق الولايات المتحدة الأمريكية إلى عاصفة كبيرة من الشهب المتساقطة على الأرض في شهر نوفمبر من عام 1833م، وقد شاهد الكثير من الناس هناك تلك الشهب عيانا؛ وبالتالي نالت تلك الظاهرة بالغ الاهتمام والدراسة منذ ذلك التاريخ بعد أن كانت ضربا من الخيال والأساطير، وفيما يلي نبذة تعريفية عن كل من الشهب والمذنبات والنيازك:

الشهب

هي المسارات المرئية للنيازك عند دخولها إلى الغلاف الجوي الأرضي والناتج عن احتراق تلك النيازك عند الاحتكاك بالغلاف الجوي حيث تزيد درجة حرارتها إلى حد التوهج فتحدث تلك المسارات الضوئية المرئية والتي يطلق عليها الشهب، ويرى العلماء أن الأرض تستقبل على مدار اليوم بلايين الشهب في صورة جسيمات صغيرة تحترق وتتلاشى قبل وصولها على سطح الأرض، وكثيرا ما يشاهد سكان الأرض الضوء الخافت لتلك الشهب في الليالي حالكة الظلام.

النيازك

وهي أجسام صخرية صلبة أكبر من الشهب في الحجم تسبح في الفضاء، وقد تجذبها جاذبية الأرض عند الاقتراب منها فتخترق الغلاف الجوي للأرض بسرعة هائلة؛ وترتفع درجة حرارتها نتيجة لهذا الاحتكاك السريع فتلمع كالنجوم وكلما كان حجمها كبيرا كانت فرصة اصطدامها بسطح الأرض أكبر، وإذا كانت صغيرة الحجم فتتلاشى قبل الوصول إلى سطح الأرض وتسمى في هذه الحالة شهبا، وتنقسم النيازك إلى ثلاثة أقسام فمنها الصخرية والحديدية والصخرية الحديدية أو الإسفنجية، وتتساقط النيازك بكميات كبيرة على سطح الأرض وتتراوح أوزانها ما بين عدة كيلوغرامات إلى عدة أطنان، وجدير بالذكر أن الشهب والمذنبات والنيازك هي من جند الله يسلطها على مَن يشاء، ومن رحمة الله بعباده فإن النيازك المتساقطة على الأرض أوزانها قليلة ونادرا ما يسقط أحد النيازك كبيرة الحجم كما حدث في جنوب أفريقيا عند سقوط نيزك كان حجمه حوالي خمسين طنا.

المذنبات

تعتبر المذنبات كما يعرفها العلماء بأنها أجسام جليدية شكلها غير منتظم وحجما هائل، وهي تدور حول الشمس في مدارات شديدة الاستطالة، كما أنها تتكون من كرات جليدية متجمدة وبعض الغازات والغبار والقطع الصخرية التي يصل حجمها إلى عشرات الأمتار المكعبة، وعند اقتراب المذنب من الشمس تتبخر بعض الغازات منه وتنطلق بسرعة هائلة على صورة ذنب أو ذيل غازي أو غباري، ومن المذنبات المشهورة التي رصدها علماء الفلك مذنب “هالي” الذي يتم دورته حول الشمس في 76 سنة تقريبا، وقد سمي باسم العالم الإنجليزي إدموند هالي الذي اكتشفه في عام 1682م، ويعد الخطر الذي يمكن أن يسببه اصطدام المذنب بالأرض أكبر بكثير من خطر الشهب والنيازك؛ لذلك فهي قليلة ونادرة جدا ويمكن مشاهدتها من بعيد فقط خارج الغلاف الجوي للأرض.

مصادر الشهب والمذنبات والنيازك

بعد عدة من الدراسات والأبحاث التي استهدفت البحث عن مصادر تلك الشهب والمذنبات والنيازك توصل العلماء إلى عدة نظريات وفرضيات وما زال بعضها تحت الدراسة حتى الوقت الحالي، وقد تمثلت تلك النظريات فيما يلي:

نظرية كيوبر

حيث اقترح عالم الفلك جيرارد كيوبر في عام 1951م أن الشهب أو المذنبات التي تحترق سريعا قبل أن تصل إلى الأرض يكون مصدرها ركام وبقايا للنظام الشمسي في منطقة ما بعد كوكب نبتون، وقد أكد العلماء تلك النظرية في أوائل الثمانينات حيث أثبت الحاسوب أن الكواكب تتكتل داخل محيط المجموعة الشمسية في حين تبقى حطام الكواكب فيما بعد كوكب نبتون كحقل للأجسام المتجمدة والمتبعثرة التي لم تتجمع لتشكل كوكبا، وتم تدعيم تلك النظرية بالدليل في عام 1992م؛ وبالتالي أصبح حزام كيوبر منطقة فضائية بعد كوكب نبتون على هيئة قرص هو مصدر تلك تلك الأجسام ذات الفترة القصيرة.

المريخ أو القمر والكويكبات

يشير بعض العلماء إلى أن النيازك الصخرية أو الحديدية تأتي من بعض كويكبات المجموعة الشمسية مثل القمر أو كوكب المريخ؛ ولذلك يقوم العلماء بتحليل نماذج من تلك النيازك القادمة إلى الأرض للتعرف على مصدرها واكتشاف أسرار هذا الكون الشاسع.

حزام الكويكبات

يؤكد بعض العلماء أن مصدر الشهب والمذنبات والنيازك قد يكون هو حزام الكويكبات الكائن بين المريخ والمشترى؛ حيث تسير تلك النيازك أو النفايات والبقايا الصخرية والمتبقية من تشكيل وتكون كواكب المجموعة الشمسية في مسارات بيضاوية، وإذا حدث الاحتكاك مع الغلاف الجوي للأرض واحترقت وتلاشت سميت شهبا أما إذا ارتطمت بالأرض فتسمى نيازك.

سحابة أورت

يعتقد علماء الفلك أن مصدر المذنبات التي تكون طويلة الأمد هو مجموعة كبيرة من الصخور والغبار التي تحيط بالمجموعة الشمسية والتي يطلق عليها سحابة أورت نسبة إلى مكتشفها.

المخاطر التي قد تسببها الشهب والمذنبات والنيازك

ظل القلق يسيطر على علماء الفلك إلى عهد قريب خوفا من بعض المذنبات أو النيازك الضخمة بالأرض وما ينتج عن ذلك من تدمير شامل بل قد يصل الأمر إلى القضاء على جميع الكائنات الحية على وجه الأرض، وقد سقطت بعض النيازك صغيرة الحجم في أماكن متفرقة من الأرض تاركة خلفها بعض الآثار البسيطة، وفيما يلي أهم الآثار الناتجة عن سقوط تلك الشهب والمذنبات والنيازك نجملها فيما يلي:

القضاء على الكائنات الحية

حيث ذكر العلماء أن سبب انقراض الدينوصورات التي كانت تعيش على سطح الأرض هو سقوط أحد النيازك الضخمة عليها منذ حوالي 65 مليون عام، كما يشير العلماء أن هذا النيزك كان سببا في انقراض حوالي 750 ألف فصيلة من الكائنات الحية التي كانت موجودة على سطح الأرض آنذاك.

الحفر الأرضة العملاقة

إن سقوط الشهب والمذنبات والنيازك على سطح الأرض بسرعة كبيرة يترك أثرا عميقا في الأرض، وذلك كما حدث في منطقة يوكتان بالمكسيك حيث أحدث النيزك الساقط فيها فوهة قطرها حوالي 180 كيلومترا، وفي صحراء أريزونا بأمريكا سقط نيزك كبير وصل حجمه إلى عشرة آلاف طن وأحدث فوهة قطرها 1300 مترا وعمق يصل إلى مائة متر، وغير ذلك من حالات الاصطدام الكثيرة سواء في الصحراء أو في برك المياه.

حرق وتدمير الغابات

لقد أحدث اصطدام أحد النيازك الضخمة في عام 1908م في إحدى غابات سيبيريا بأمريكا تدميرا كبيرا، وأحرق مساحة وصلت إلى ألفي كيلومتر مربع مع قتل جميع الحيوانات الموجودة في المنطقة.

تدمير سفن الفضاء والأقمار الصناعية: قد تكون الشهب والمذنبات والنيازك سببا في تدمير مركبات الفضاء أو الأقمار الصناعية عند الاصطدام بها في الفضاء الخارجي، وقد أثبتت التقارير فقدان الاتصال بعدة أقمار صناعية يعتقد العلماء أنها دمرت بمثل تلك الاصطدامات.

كيف تنجو الأرض من مخاطر الشهب والمذنبات والنيازك؟

لا شك أن الدراسات والأبحاث التي أجراها العلماء حول مصادر ومكونات الشهب والنيازك والمذنبات كان هدفها الأساسي العمل من أجل الحد من مخاطرها وتجنب اصطدامها بالأرض خوفا على سكانها أو تدمير الحياة عليها، وفيما يلي أهم جهود العلماء في هذا المجال:

  • يرى بعض العلماء ضرورة التخطيط لوضع رؤوس نووية جاهزة موجهة نحو الفضاء من أجل تفجير المذنب أو النيزك المتجه إلى الأرض والتخلص من مخاطره.
  • بسبب رحلة مركبة الفضاء “روزيتا” التي أطلقت في عام 2004م واقترابها من المذنب الضخم 67 بي والتقاط صورة ثلاثية الأبعاد له عن قرب فكر العلماء في إمكانية إطلاق روبوت آلي عند الشعور بالخطر من اقتراب أحد النيازك أو المذنبات من الأرض ويقوم هذا الروبوت بالتحليق قرب هذا الجرم الفضائي المتحرك نحو الأرض لتغيير مساره لينحرف بعيدا عن الأرض.

بالرغم من التطور العلمي الهائل الذي حققته البشرية في الآونة الأخيرة تبقى هناك الكثير من الألغاز التي يصعب حلها خاصة في عالم الفضاء الخارجي، ومازال العلماء في عمل دؤوب وبحث مستمر لسبر أغوار هذا المجال الشاسع من الكون الخارجي الذي تعتبر الكرة الأرضية جزءا منه تؤثر فيها وتتأثر به، وما زالت تلك الأجرام السماوية من الشهب والمذنبات والنيازك تحتاج إلى دراسة مستفيضة للاستفادة منها بصورة أكبر مع تلافي مخاطرها.

محمد حسونة

معلم خبير لغة عربية بوزارة التربية والتعليم المصرية، كاتب قصة قصيرة ولدي خبرة في التحرير الصحفي.

أضف تعليق

14 + واحد =