ألم التجاهل هو من ضمن الجروح النفسية العميقة التي تؤذي أي شخص مهما كان قوي من الداخل ولا سيما لو كان هذا التجاهل يأتي من شخص حبيب أو قريب أو شخص يتمنى الشخص الأخر القرب منه، فالموضوع شعوري بحت ويغير نفسية الشخص 180 درجة إن كان هذا التجاهل مقصود ويظهر أنه مقصود، هنا الشخص المُتجاهِل يرسل برسالة عدم أهمية بصورة صامتة لا يتكلم فيها ولا يعاتب ولا يعطي أي رد فعل مما يؤدي أن الشخص المُتجاهَل يكون في أوج الحيرة ويبدأ الصراع النفسي داخله في السبب وراء هذا التجاهل، وتبدأ الكرامة والكبرياء الإنساني يظهران ويحدث صراع داخلي بين الكبرياء والمحبة، والفوز هنا حسب الشخصية بمعنى أنه هناك بعض الناس التي ستنحي الكرامة على جانب في سبيل أن يكون هذا الموقف هو الأخير، وهناك آخرين يبدئون في مواجهة التجاهل بتجاهل ويبدأ عداء نفسي تجاه هذا الشخص ويمكن أن طاقة الحب التي كانت بداخلهما تتحول بالكامل إلى طاقة كراهية نقية، وهذه هي مشكلة المحبة عندما تنجرح تستحيل بسهولة إلى كراهية وغضب جم ومن هنا عزيزي القارئ نريد إفادتك في كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف ومثل هؤلاء الناس بطريقة لا تخطئ فيها لا في حق نفسك ولا في حق الآخرين حيث تكون شخص ناضج جداً في التعامل مع ألم التجاهل.
تعرف على طريقة التخلص من ألم التجاهل بسهولة
النسيان المقصود
وهو من ضمن أساطير علاجات ألم التجاهل وهو عبارة عن نصيحة “يجب أن تنسى.” وفي الحقيقة أن النسيان هو فعل غير إرادي بالمرة والموضوع ليس في يد المتألم من هذا الفعل، ولكن الفكرة كلها أنه يحاول أن ينسى فيكتشف في كل مرة عندما يحاول أن ينسى، يتذكر أكثر وهذا طبيعي لأن ما يحاول أن ينساه هو أكثر شيء يفكر فيه. ومن هنا لابد أن نتفق أن موضوع النسيان المقصود هذا هو فاشل جداً ووهمي، ويجب على المرء أن يعلم هذا جيداً لأنه مهما فعل لن يستطيع أبداً أن ينسى شيء بإرادته لأن النسيان كما قلنا لا إرادي. إذاً ما العمل هل لا مفر من نسيان ألم التجاهل؟ في الحقيقة هذا الأمر يعتمد عليك كشخص، إن كنت تريد أن تنسى فالأمر الأكثر عملية هو ألا تفكر في “أنك تريد أن تنسى” وربما هذا يبدوا غريباً ولكني أحبذ مواجهة الذات دائماً وأراها هي الحل الحقيقي. واجه الواقع وصارح نفسك بألم التجاهل وتألم، ولكن الأهم ألا تدع كل هذا يعوقك عن ممارسة حياتك وعندما تمارس حياتك مع قبول الألم، ستعتاد عليه لدرجة النسيان، فالألم النفسي يختلف عن الألم الجسدي. مواجهة الألم النفسي والاعتياد عليه هو خطوة علاجية كبيرة ليس مثل الألم الجسدي الذي يؤثر على النفسية، فالألم الجسدي يعجز الإنسان حركياً من الخارج ولكن الألم النفسي يعجز الداخل، ولكن مع بعض التحلي بالنضوج والاعتياد عليه ستهزمه وتنساه.
جرح الكرامة
ربما يكون سر ألم التجاهل الأساسي هو جرح الكبرياء الإنساني أو الكرامة حيث يفكر الإنسان أن التجاهل الذي قدمه فلان له مقصود، ويقصد به أنه لا يريد أن يتعامل معه ومن هنا يبدأ العصف الذهني ولكن دعني أقول لك شيء عزيزي القارئ يجب أن لا تكون حساس جداً تجاه تجاهل الآخرين لك، لأسباب كثيرة منها أنه من الممكن أن يكون هذا التجاهل غير مقصود فعلاً وأن فلان الذي لم يسلم عليك أو لم يذكر اسمك أو أي شيء أخر تعتبره أنت تجاهل، هو في الحقيقة لا يقصد ذلك وأنه بالفعل كان مشغول وأنت لم تأت على باله والكثير من الأحيان أنت نفسك من الممكن أن تفعل هذا دون قصد. لذلك تأكد مبدئياً أن هذا التجاهل مقصود ومن ثم دعنا نتكلم. أما في حالة المقصود فهنا يجب أن يكون لديك مخزون جيد من الثقة بالنفس حيث يجب ألا تغضب ولا تتشنج ولا تظهر للآخرين أن هذا التجاهل استفزك لأن هذا سيشبع غرور الذي قرر أن يتجاهلك لأن الغرض الأساس من تجاهله لك هو أنه يريد أن يؤذيك نفسياً، لذلك لا تسمح له بأن يرى ما يرنوا إليه فيك، بل كن جلود وتعامل مع تجاهل الآخرين كأنه شيئاً عادياً بمعنى أوضح “تجاهل التجاهل”.
تجاهل التجاهل
وهو من ضمن أفضل الردود على تجاهل الآخرين لك وربما سيسبب لهم الشعور بألم التجاهل الذي كانوا يريدون أن يسببوه لك، وهذا ليس انتقام ولكنه رد فعل لفعلهم الرديء الذي كانوا يحاولون أن يوصلوه لك. ويتطلب تجاهل التجاهل قدر كبير من الحكمة حيث يجب أن تكون هادئ جداً ولا تعر أي من المتجاهلين اهتمام وأكمل عملك أو حياتك طبيعي جداً، وفي أول احتكاك مباشر يتطلب منك الاهتمام بمثل هؤلاء أو السلام عليهم أمام الآخرين لا تبدأ أنت بالخطأ بل استمر في تجاهل تجاهلهم وسلم عليهم طبيعي أمام الناس لئلا يكون عليك اللوم. صدقني هذه الردود الصامتة الصغيرة مفيدة جداً لك وستجعلك ترى مثل هؤلاء الناس على غير طبيعتهم. حيث أن التجاهل هو زيادة اهتمام مفرط لدرجة أنه يقصد أن يتجاهلك من بين الناس، فمعنى هذا أنك أهم شيء تشغل بال هؤلاء المتجاهلين فافهم هذا أن أهميتك كبيرة وجلية وتسبب لهم الذعر لذلك لا تغضب بل كن فقط واثق في نفسك وهادئ وقابل ألم التجاهل بكبرياء.
قطع الربط
يجب أن نتكلم بصراحة، ألم التجاهل يسبب تشوه في الحياة عموماً وعدم استقرار نفسي إذا استمر التجاهل من قبل الناس لك فهذا الموضوع سيء على المدى الطويل وحتى إن عرفت أن توجهه مرة فأن تواجهه كل مرة هذا صعب جداً، لذلك يجب عليك أن تقتنع تماماً بفكرة قطع الربط بينك وبين الذين يريدون أن يتجاهلونك عن قصد وهذا حفظاً لنفسيتك وكرامتك أمام نفسك حتى إن كان هؤلاء الذين يتجاهلونك هم أهلك وناسك، فالحقيقة المرة التي يجب أن تعلمها أن قطع الربط بينك وبين الذي يتجاهلك هو مفيد لك جداً ومؤذي له لأنك ستستمر في حياتك طبيعي جداً بل ومن الممكن أن تنموا وتفرض نفسك في المجال الذي تحب أن تكون عظيماً فيه وهذا سيثير غضب المتجاهلين لك. حين تقطع بهم الربط سيظلون يسألون عنك في الخباء ويتابعون أخبارك في حين أنك أنت ستكون في مهمة حياتية لتطوير ذاتك وهذا ربما هو الانتقام الأكثر فاعلية وأرشحه لك، حيث تنتقم من المتجاهلين لك بالنجاح بعيداً عنهم لتقول لهم رسالة واضحة أنكم لستم سوى بيئة فاسدة.
لا تستبدل شخص بشخص
كثير من الأحيان وغالباً في حالات التجاهل العاطفي حيث يتجاهل أحدهم أخر كان تربطهم قديماً علاقة حب قوية وقضوا مع بعض أيام كثيرة وساعات كثيرة واعتادوا على الحديث سوياً وفعل الأشياء سوياً، ولكن في الأخير تجد أحدهم انسحب وبدأ في تجاهل الأخر فنجد أن الطرف المتروك يشعر بألم رهيب إثر هذا التجاهل المفاجئ وهو ما يسبب في الغالب نكسة عاطفية قد يأخذ الشخص في تفاديها شهور أو سنين حتى يتأقلم مع عدم وجود شخص كان تقريباً يلازمه طوال اليوم، فيكون الحل عند البعض هو جعل شخص أخر موجود في الحياة حتى يزيل أثر تجاهل القديم. ولكن الحقيقة أن هذا خاطئ جداً وظالم جداً للشخص الجديد الذي سترتبط به لأنك هنا تستغله حرفياً ولا ترتبط به من أجله هو وهذا في حد ذاته مهين وأناني وسيقع على الجميع بالخراب، ولن يجعلك تنسى الشخص الذي تجاهلك وتركك بل بالعكس ستظل تضع الشخص الجديد بالمقارنات مع الشخص القديم في عقلك لذلك أنا لا أشجع هذه الفكرة أبداً.
استبدل الشخص بشيء
كمالة لعلاج الفكرة السابقة فيجب عليك أن تستبدل الأشخاص الذين يتجاهلونك بأشياء وليس بأشخاص آخرين ويفضل أن تكون هذه الأشياء تشعر ناحيتها بشغف كبير حتى تستطيع أن تلهي عقلك عن المشاعر التي يسببها لك الآخرون من تجاهل وترك مفاجئ دون أي سبب منك، بل لمجرد أنهم أشخاص سيئون وأنت قد وضعت ثقتك بهم فهذا أشعرك بالحزن كثيراً. لذلك يجب أن تتوجه فوراً لشيء تحبه أو عمل تحبه وتقضي الأوقات التي كنت تقضيها مع مثل هؤلاء الأشخاص في عمل أشياء مفيدة أن تحبها مثل ممارسة الرياضة أو الرسم أو الكتابة أو التمثيل أو العمل أو الدراسة، استبدل دائماً الأشخاص بأشياء حتى تشعر أنك قد تناسيت فعلاً القديم وبعدها فكر في بناء علاقات جديدة نظيفة بنفسية معتدلة ومنصوبة غير متأثرة بألم التجاهل حتى تكون تعاملاتك مع الناس تعاملات متزنة وليست نابعة من تجارب مؤلمة داخلك.
مواصلة الحياة
يجب عليك عزيزي القارئ أن تعر ألم التجاهل اهتماماً وأعرف أن ربما هذه الجملة تكون غير عملية حيث أن الألم يفرض نفسه على المتألم وليس بمزاج الشخص أن يتألم، ولكن الحقيقة أن الحياة تمشي على كل حال ولا تقف على أحد. خذ هذه القاعدة في حياتك أنك طالما لك عمر متبقي على الأرض فالحياة ستسير ولن يمنعها من السير أي أحد مهما كان، لذلك لا تجعل لمثل هؤلاء الذين يسببون لك الألم ذو قيمة وتقتات يومياً على ذكراهم ووضع مكانة لهم في ذاكرتك بل تعدى الموقف وتخطاه وأكمل حياتك، ولا تقل إن هؤلاء كانوا يعنون لي شيء كبير فيجب أن تفهم عزيزي أن لا أحد سيعني لك شيئاً سوى نفسك في الحياة العملية، لذلك اعتمد على نفسك اعتماد كلي ولا تعطي للآخرين فرصة أن يؤذونك بها عندما تعطيهم أنت من حياتك أكبر من قدرهم الطبيعي. لذلك إن تجاهلك أحدهم وتسبب ذلك في ألم لك فلتتذكر دوماً أن الحياة من دونه ستمشي على خير ما يرام.
في النهاية عزيزي القارئ أنا اعلم جيداً أن ألم التجاهل هذا تجربة قاسية وليست جيدة على الإطلاق ولا سيما أنها تعتبر نوعاً ما خيانة بالنسبة للشخص المتروك أو المُتجاهَل ولكن هذه هي الحياة ويجب عليك أن تفهم أن هناك أشخاص سيئين وكل ما يفعلونه في الحياة هو إيذاء الآخرين، وذلك يكون جزء لا يتجزأ منهم. لذلك لا تعر الأمر الكثير من الاهتمام وصدقني مع الوقت ستعتاد هذه الأشياء وتصير أقوى في مواجهة هذه المواقف الخبيثة. ودعني أذكرك أن الهروب ليس حل بل واجه نفسك ولا تتهرب من المواقف وتقل في كل مرة أنه ربما لا يقصد أو يجب أن أصبر عليه أو أي شيء مثل هذا، فصدقني عزيزي إن الذي لن يقدرك مرة سيظل كذلك طوال حياته مهما حققت أنت نجاحات ولن تكسب اهتمامه لسبب أنه هو السيئ، هو ليس أنت، لذلك واجه نفسك بهذا وخذ الإجراء الأفضل لك.