تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » ضرر الهواتف المحمولة : هل الهواتف المحمولة ضارة حقا بصحتنا ؟

ضرر الهواتف المحمولة : هل الهواتف المحمولة ضارة حقا بصحتنا ؟

ضرر الهواتف المحمولة من الأمور التي يختلف عليها العلماء والأطباء، فهناك قسم منهم يعدها ضارة، وهناك قسم يعدها غير ضارة، فأين الحقيقة؟

أضرار القمع

ضرر الهواتف المحمولة من الموضوعات الشائكة التي يعترف الجميع بضررها لمجرد سماعه عنها من الآخرين، وأيضا انتشار الدراسات التي توجهنا إلى التقليل والتحكم في استخداماتنا له، فنستنتج نحن أن استخدام الهواتف المحمولة له ضرر كبير، مع العلم أن الضرر يعتمد على الاستخدام الشخصي. ولكنه في نفس الوقت يخبرك بأنه لا غنى عنه، وربما هنا تكمن المشكلة أكثر من مشكلة أضراره كجهاز نحتاج إليه فعلا. كيف تحول الهاتف المحمول إلى حاجة لا سبيل إلى مناقشة امتلاكها؟ والأمر لا يتعلق هنا بفئة معينة أو طبقة اجتماعية معينة وإنما الجميع. جميع فئات المجتمع يستخدمون الهواتف المحمولة، على اختلاف أنواعها، ولكن في النهاية لا أحد لا يستخدمه، ومن خلال المقال سوف نحاول التعرف على الهواتف المحمولة وطريقه عملها وكذلك المميزات والأضرار مع التركيز على الأضرار الصحية، وأيضا المشكلة الحديثة المتعلقة باستخدام الأطفال له وكذلك الأضرار على الحوامل والأجنة، وفي النهاية الجانب النفسي الذي ربما يفسر لنا الهوس باستخدام الهواتف المحمولة.

تعرف على حقيقة ضرر الهواتف المحمولة

ماهي الهواتف المحمولة وكيف تعمل؟

هي أجهزة تستخدم لنقل الصوت من مكان لآخر، وتنقل أيضا الرسائل النصية. كان ظهور الهواتف المحمولة تطوير للتليفونات المنزلية وأجهزة الراديو، حيث كان الراديو يستخدم لنقل الرسائل الصوتية المختلفة في مساحات محددة، ولكن كيف يعمل هذا الجهاز؟ يقوم المحمول بتحويل صوتك إلى إشارة كهربائية ومن ثم تتحول إلى موجة راديو حتى تصل إلى الطرف الآخر فتتحول إلى صوت مرة أخرى، ويتم ذلك من خلال شبكات المحمول المختلفة الموجودة بالمنطقة القريبة منك وتنقل رسائلك لمسافات بعيدة لأناس يبعدون عنك كثيرا، وهذه العملية تعتمد على شبكات المحمول التي تعد من ضمن الأسباب الرئيسية في ضرر الهواتف المحمولة لما ينبعث منها من أشعة ضارة.

الهواتف المحمولة إيجابيات وسلبيات

من الطبيعي أن أي جهاز يكون له جانبان، أحدهما إيجابي ويتمثل في الاستخدامات المفيدة له والخدمات التي يؤديها لنا وهو الاستخدام المفيد للأجهزة المحمولة، والآخر سلبي ويتمثل في الأضرار الناجمة عن استخدامه وهو ما نطلق عليه ضرر الهواتف المحمولة، ولذلك سوف نحاول عرض الإيجابيات والسلبيات بشكل ملخص:

الإيجابيات

التواصل، وهو من الإيجابيات التي لا ينكرها أحد حيث أنه يمثل وسيلة ممتازة للتواصل بيننا وبين الآخرين، التواصل بين الأهل والأقرباء والأشخاص المهاجرين خارج البلاد يحتاج إلى مجهود ومال كثير، ولكن مع الهواتف المحمولة أصبح الموضوع سهل للغاية، فما عليك إلا أن تدخل الرقم الخاص بالشخص الذي تريد أيا يكن مكانه وسوف يجيبك بصوته في ثواني، وربما لو قلنا هذا الكلام قبل اختراع المحمول لتم اعتباره نوع من أنواع السحر والشعوذة.

المنقذ في الطوارئ، ينقذنا المحمول كثيرا في الأوقات الصعبة مثل الحوادث والسرقات والظروف العصيبة التي ربما يتعرض لها البعض ويحتاج إلى مساعدة، فمن خلاله سوف نخبر من نريد ويأتي لإنقاذنا ويساعدنا، وليس هذا وحسب وإنما للتقنيات الحديثة الآن هو البحث عن الشخص من خلال هاتفه المحمول والعثور عليه، مثل أجهزة تأمين السيارات ضد السرقات.

توفير الوقت والجهد والمال، وهذا واضح جدا من خلال معاملاتنا اليومية، فبدلا من أن تذهب إلى شخص ما في مكان ما ويستغرق معك الأمر ساعات لتخبره بشيء ما ـ يمكنك الآن في ثواني أن تهاتفه وتوضح له ما تريد وأنت في مكانك، وهذه الميزة تظهر بشكل واضح لدى رجال الأعمال لتوفير الأموال لأن مكالمات المحمول غير مكلفة بالشكل الذي تتطلبه الوسائل الأخرى.

القيام بالأعمال المختلفة، في عصرنا الحالي أصبحت الأنظمة الحديثة التي تعمل بها أجهزة المحمول توفر لها الكثير من المميزات التي يمكنك الاستفادة منها في إنهاء المهام المختلفة، حيث أصبح الهاتف بمثابة كمبيوتر مصغر يقوم لك بالكثير من الأعمال بالإضافة إلى الاتصالات.

الاتصال بالإنترنت، معظم الأجهزة الحديثة تتيح لمرتاديها استخدام الإنترنت مما فتح باب لا يغلق لاستخدم المحمول في كل شؤوننا تقريبا، فتجد مثلا بالنسبة للطلاب يمكنهم من خلاله مراجعة دروسهم وترتيبها وإعداد الخطط الدراسية وغيره من خلال تطبيقات معينة متاحة على الإنترنت، كذلك البريد الإلكتروني وقد أصبح شيء أساسي وضروري مراجعته بشكل يومي كبريد المنزل، ولكن الأمر أصبح سهل جدا من خلال المحمول حيث يمكنك في دقائق مراجعة رسائلك والرد عليها بالإضافة إلى أنه يخبرك بقدوم الرسائل أولا بأول دون أن تفتحه أنت، وغيره من الخدمات الرائعة التي يقدمها لكل الفئات المختلفة.

السلبيات

التأثير السلبي على السمع، الكثير من الشباب اليوم يضع سماعات الهاتف ويستمع إلى شيء ما يعزله عن الضوضاء الخارجية أو يسليه إن كان وحيدا، وفي أثناء ذلك يرفع درجة الصوت، وبتكرار هذه التجربة تعتاد الأذن على الصوت العالي والقريب مما يؤثر عليها بالسلب في المعاملات الواقعية.

إهدار الوقت، رغم تأكيدنا على ما يقدمه لنا المحمول من توفير للوقت والجهد إلا أن الاستخدام المفرط الغير مبرر أصبح مضيعة للوقت، كأن يفتح أحدهم صفحته على الفيس بوك من أجل متابعته باستمرار لا لهدف معين وإنما فقط لتضيع الوقت، فلا هو يفعل شيء مفيد ولا هو يستثمر وقته في أعمال مفيدة.

البعد الاجتماعي، على الرغم من أن المحمول وسيلة للتواصل وقد سهل الكثير من وسائل الاتصال بين الأهل والأقرباء والأصدقاء إلا أنه سرعان ما انقلب الأمر للعكس تماما، وهو الانشغال بمتابعته طوال الوقت والتعلق الشديد بالهاتف وعدم تركه من اليد، مما قطع الروابط الأسرية والروابط الاجتماعية بين الناس.

إهدار المال، رغم أن الهاتف المحمول يوفر لنا المال للانتقال من مكان لآخر لإنهاء أعمال معينة، إلا أن شركات الهواتف المحمولة تضع الخطط التسويقية التي تسهل إجراء المكالمات الطويلة بتقليل تكلفتها عن طريق الاشتراك في أنظمة معينة بثابت شهري مدفوع، مما جعل الكثير يقوم بالاشتراك لا لكونه يريدها أكثر منها بالإحساس بعدم القيود لإجراء المكالمات، وبالإضافة إلى ذلك يتم فرض ضرائب من وقت لآخر، بالإضافة إلى اشتراكات الإنترنت مما يصل بك في نهاية الشهر إلى فاتورة ثقيلة.

المشكلات الصحية، وهذا هو الجزء الذي يجب أن نهتم له كثيرا، تترد الكثير من الأبحاث والدراسات على مسامعنا طوال الوقت عن الآثار السلبية على الدماغ من جراء انبعاث الموجات الكهرومغناطيسية من الأجهزة المحمولة للدماغ مباشرا واستمراره لأوقات طويلة لمن يتحدث كثيرا، وكذلك مشكلات في الجهاز العصبي وفي اليدين لأنك تثبت أحدهما بالمحمول لفترة، والأذن واللمس والعينين وغيره، لكن لو نظرت للأمر بعين مدققة سوف ترى أن أغلب الأبحاث التي قدمت تعتمد على الاستخدام الطويل والمفرط للمحمول.

كيف تتجنب ضرر الهواتف المحمولة

لكي تتجنب ضرر الهواتف المحمولة في العموم فإليك القاعدة الأساسية: عدم الإفراط، واستخدامه فقط للضرورة، هذه هي القاعدة الأمثل التي يجب علينا اتباعها، ولكن سوف نوضح أيضا بعض الاحتياطات الأخرى التي ربما تساعد مثل:

  • استخدام سماعات الأذن، إن كنت من المفرطين في استخدام المحمول ولا سبيل لك للتقليل بسبب ظروف العمل أو شيء ما مشابه فربما تقلل السماعات قليلا من ضرره على السمع فيما بعد، وليس معنى هذا أن تلصق السماعة بأذنك طوال الوقت، ولكن عليك نزعها حين الانتهاء، دع أذنك تسمع ما يدور حولها وتقوم بدورها الطبيعي، دعها تتنفس.
  • استخدام واقي للأشعة، متوفر الآن واقي معدني يتم تثبيته على الأجهزة المحمولة لتمتص الموجات الكهرومغناطيسية أثناء التحدث والتي تنتشر من خلال اليد للجسم كله -فتقل الأضرار قليلا عن توجيهها مباشرا للدماغ.
  • ضبط الوقت، راقب وقتك وحدد مواعيدك جيدا واجعل وقت العمل للعمل ووقت الأسرة للأسرة واغلق خدمة الإنترنت إن كنت لا تنتظر شيئا هاما.
  • استخدام السماعات الخارجية، وإن كان هذا الحل ليس مجديا طوال الوقت لانعدام الخصوصية معه ولكنك يمكنك الاستعانة به إن كنت تجلس في مكان خاص بمفردك، فسوف يساعد في التقليل.
  • لا تستخدم الجوال أثناء القيادة وفي الأماكن التي تضعف فيها الشبكة وذلك لأن الهاتف المحمول يخرج موجات كهرومغناطيسية أكثر بحثا عن تغطية مناسبة، هذا بالإضافة إلى أن التحدث في الهاتف يقلل التركيز ومن مسببات الحوادث.
  • كتب الإرشادات، يجب قراءة كتاب الإرشادات الخاص بهاتفك جيدا عند شرائه، وذلك لأنه يحتوي على بند للسلامة العامة وبعض النصائح التي سوف تساعدك في تقليل المخاطر.
  • وللمرة الثانية، لا تستخدم الهاتف المحمول إلا لسبب ما، ولا تتحدث كثيرا إلا بمبرر معين، وحدد استخدامك لأنه جهاز مثل باقي الأجهزة إن لم نستخدمه بشكل مناسب سوف يتحول إلى مصدر ضرر لنا.

تأثير الهواتف المحمولة على الأطفال والحوامل

الأطفال يستخدمون الهواتف المحمول في سن مبكرة جدا مع أن الدراسات تشير إلى أن هناك سن معينة للطفل يسمح له فيها فقط باستخدام الأجهزة الإلكترونية كالمحمول أو اللاب توب وذلك لأنه في مرحلة نمو فيحتاج إلى بيئة طبيعية يتفاعل معها لتنمو حواسه وليس إلى أجهزة وعوالم افتراضية هذا من جانب، وعلى جانب آخر نجد أن من ضرر الهواتف المحمولة هو تأثير الموجات المنبعثة من المحمول والتي تكون أكثر ضررا على الأطفال من الكبار، لذلك يجب أن ننتظر لبعض الوقت حتى يستخدموها بشكل أكثر وعيا.

استخدام الهواتف المحمولة للحوامل له أضرار عديدة على الأجنة بسبب الأشعة المنبعثة منه؛ لذلك فالموضوع هنا لا يتوقف على الضرر الشخصي وأنه ينبغي أن تكون هناك مسؤولية أخلاقية تجاه كائن ضعيف في مرحلة تكوين يحتاج إلى عناية خاصة، لذلك علينا أن نضبط سلوكياتنا جيدا.

الاضطرابات النفسية

يؤكد الأطباء النفسيين على ضرر الهواتف المحمولة في حالة عدم وجود دافع أساسي لاستخدامها، ويؤكدون أيضا على وجود الكثير من الحالات التي لا تستطيع الاستغناء عن المحمول أو تركه من يده لفتره، ويحذرون أيضا من أن الأشخاص الذين يمرون بأزمات معينة كالوحدة -من الممكن أن يسلكوا سلوكيات غير أخلاقية مثل معاكسة الآخرين ومحادثتهم بغير سابق سياق، ونظرا لتطورات الهواتف المحمولة والتعلق الشديد بها ظهر ما يعرف في علم النفس الآن باضطرابات نفسية خاصة بالهوس بمتابعة الموديلات الحديثة في الموبيل وأدمن مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، حتى أصبحت أمراض تحتاج إلى علاج لعدم القدرة على التحكم في النفس.

وفي النهاية، جميعنا يعلم أهمية الهواتف المحمولة كضرورة يفرضها العصر، ولكن عليك أن تقف وتفكر قليلا وتقيم تصرفاتك، هل تستخدم الهاتف بسب أم لا؟ هل استخداماتك متكافئة مع شؤونك؟ هل تقضي عليه الوقت من أجل أن يمر فقط؟ هل يمكنك ترك هاتفك ولو لمدة يوم واحد؟ من خلال الأسئلة السابقة تستطيع تقييم نفسك لمعرفة في أي مرحلة تقف، توقف عن الاستخدام العشوائي، توقف عن متابعة الإنترنت بشكل مستمر وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي التي تجعلك متاح طوال اليوم للآخرين ليتحدثوا معك ومن ثم تصاب بالإجهاد وتكتئب لانفصالك عن واقعك.

ليزا سعيد

باحثة أكاديمية بجامعة القاهرة، تخصص فلسفة، التخصص الدقيق دراسات المرأة والنوع.

أضف تعليق

4 + تسعة عشر =