تسعة
الرئيسية » سفر » عادات الصين : كيف يتصرف الصينيون في حياتهم اليومية ؟

عادات الصين : كيف يتصرف الصينيون في حياتهم اليومية ؟

لكل شعب من الشعوب عاداته وتقاليده الخاصة، لكن عادات الصين ربنا تكون من أغرب تلك العادات، نصحبك في رحلة شيقة للتعرف على أهم عادات الصين .

عادات الصين

عادات الصين هي أكثر العادات تنوعاً من كل بلاد العالم، والسبب هو مساحة الصين الهائلة وتنوع أراضيها ومظاهرها وعدد شعبها الضخم، فجعل العادات تتنوع وتختلف من مكان لأخر، خاصة في الأماكن البعيدة عن الحضر وعند القبائل الصغيرة التي ما زالت حتى الآن تسكن الجبال أو الكهوف. فلن تجد بكل العالم تنوع في الثقافات والديانات والمفاهيم الروحية كما في الصين. ذلك في هذا المقال أحاول جمع أغرب عادات الصين وستذهب في جولة معي وكأنك ذهبت إلى الصين بنفسك.

رحلة إلى أغرب عادات الصين

أغرب عادات الصين في الزواج

سأتحدث عن ذلك الأمر أولاً لأن عادات الصين في الزواج هي أغرب الطرق بالعالم وعليك أن تعرف أن أغلبها لا يمارس سوى في مناطق قليلة وعند مجتمعات معينة. وسأبدأ بما يسمى “العرس الباكي”، وهو واضح من اسمه إذ إن ذلك العرس لا يضحكون أو يغنون فيه بل يبكون. ترجع تلك العادة إلى أميرة من ولاية زهايو الذي كانت ستتجوز من ولاية أخرى بعيدة، وعند تجهيز العروس بأيام أخذت أم العروس تبكي بحرقة وتترجى ابنتها أن تأتي كلما سمحت الفرصة باستمرار لأنها لا تستطيع فراقها، ثم تطورت تلك العادة حتى إنها تمارس قبل العرس بشهر تقريباً، بمعدل ساعة كاملة يومياً، ويبدأ الأمر بالعروس وصديقاتها، ثم الأم والأقارب وأخيراً الجدة. وكانت العروس التي لا تستطيع البكاء عيباً عليها وتسير مهزلة المجتمع، حتى إن بعض الأمهات يضربن بناتهن ليبكين. وفي تلك الأوقات تظل النساء الكارهات لأزواجهن يقولن أشياء سيئة عن الزواج فيزيد البكاء وهكذا، ولديهم أغاني حزينة لذلك الحدث خاصة. وتلك العادة تمارس حالياً في إقليم سيشوان بعد أن كانت منتشرة.

أما عادات الصين الغريبة في الزواج حقاً تكمن في اختبارات العروس أو العريس. فمثلاً من اختبارات العريس أن يقوم بمواجهة أفراد العائلة الرجال الذين يضربونه في طريقه إلى الفتاة التي تربط على أعلى شجرة، وإن لم يستطع الوصول لها فهو غير جدير بها. ومن أمثلة اختبارات العروس هي بوضعها في اختبار تقديم الشاي على الطريقة الصينية وضحكها وخجلها الذي يكون مفتعل غالباً. أما عن رؤية العريس للعروس فهناك طريقة لا يوجد أغرب منها بالعالم، حيث تجلس الفتاة خلف ستارة قاتمة وتمد قدمها فقط من تحتها إلى العريس، الذي يمسك قدمها ويرى إن كان ملمسها ناعماً أم لا، وهل تناسبه مقاس قدمها، وإن دغدغها فذلك يعني أنه أعجب بها، قد تقول إن الزواج لا يجب أن يبنى على المظهر وإنما الأخلاق وقرب التفكير، أما في الصين فقط فهو يبنى على مقاس وملمس القدم. وتلبس العروس اللون الأحمر وليس الأبيض.

ولمعرفة ما إذا كان هذا الزواج مقدر وسيكون جيد، تجلب النساء دجاجة وتذبحها ثم تطهي رأسها، فإن خرجت أعين الرأس سليمة ومتقاربة في شكل المقلة كان الزواج جيداً ومقبولاً، وإن لم يحدث ذلك فيلغى الزواج. أما مهر العروس عند بعض القبائل يكون “الذباب” نعم، حشرات الذباب الذي يُطلب من العريس وأهله التقاطها وتعد إلى ألاف حسب قيمة العروس، وذلك تقليداً للمحافظة على البيئة. لا أظن أن هنالك مهر أسهل من ذلك بالعالم كله. ومن ضمن المزاح الذي يحدث بين الأسرتين هم برمي الرماد على الوجه وارتداء المعطف بالمقلوب، أو منع العريس بأخذ العروس وضربه كذا مرة قبل أن يخرج بها، وكل تلك الأمور من المفترض أن تظهر أن أهل العروس مهمين وليسوا بضاعة رخيصة.

عادات الصين عند رأس السنة الصينية من كل عام

من أجمل الأيام في الصين هي التي تقضيها كل العائلات الصينية في الاحتفال برأس السنة الجديدة، فهم مبدعون في الاحتفالات وأنوار الفوانيس المميزة والألوان الحمراء التي تسيطر على الشوارع والتنين الراقص المشهور الذي ينفذ النيران في الشوارع. ولكن سأتحدث عن ما يفعلونه حقاً من معتقدات بعيداً عن الاحتفالات. فأولاً يجب أن يستيقظ أفراد المنزل باكراً ولا يجب أن يلقي أحد التحية وهو على الفراش لأن ذلك يعني الشؤم على السنة الجديدة بكونه راقد مريض على السرير. ومن الأشياء الأخرى المشؤومة التي لا يجب على الفرد أن يفعلها في ذلك اليوم حتى يطيل عمره وعافيته، هي ألا تكنس المرأة تراب البيت بل قبله بيوم وتخفي المكانس بعيداً لأنها بذلك تطرد أرواح بيتها. ولا يستحم أحد أو يغسل شعره لأن ذلك يقلل من حظه في السنة الجديدة، وإذا أكل النودلز وهي طعام يشبه المعكرونة أو الشعرية الطويلة، فيجب أن يشفط الكمية كلها ولا يقطعها بسنانه لأنها تمثل أيام عمره. تفتح كل الأبواب والنوافذ لتخرج منها السنة القديمة بكل ما فيها، ولا يجب أن يخرج كلمة سيئة أو أي شيء له علاقة بالموت، خاصة رقم 4 الذي ينطق بلغتهم بكلمة قريبة إلى الموت، وإذا صرخ لأي أمر فهذا دليل على أنه سيصرخ طوال السنة. كذلك يمنع استخدام السكاكين والمقصات لأنه بذلك يقص عمره، ويلبسون الأحمر لأنه لوناً جميل ويدعو للتفاؤل بالنسبة لهم. وأخيراً إن وقع شيء من المائدة يجب أكله كله حتى لا يقع الحظ من السنة الجديدة.

الأعياد المختلفة من عادات الصين

لو أنك ترى في عيد شم النسيم بمصر بأنه غريب وعادة قديمة، فأنت في الصين محاصر بمختلف أنواع الأعياد الغريبة. أولها أن أعياد رأس السنة متنوعة لأنهم يمشون بالتقويم الشمسي والقمري، وعيد الربيع هو عيد للتجمع العائلات، وعيد يوان شياو هو عيد الفوانيس الجميلة وأكل الأرز المحشو بالسكر. أما عيد تشينغ مينغ هو عيد زيارة أضحية الموتى والشهداء والتواصل مع أرواحهم بشراء فانوس وتعليقه على القبر ثم إنارته وتركه يطفو على وجه مياه بحيرة قريبة. عيد دوان وو هو عيد لذكرى تضحية تشيوي يوان الذي ألقى بنفسه في النهر بعد عدم استطاعته لإنقاذ المدينة من الحرب، عيد تشونغ يانغ هو يوم تقام فيه عادات تدعي إلى احترام المسنين. وهذه قائمة بسيطة لجدول الأعياد التي لا تنتهي.

عادات الصين مع المرأة

في الصين لا تعرف أن تنصف المرأة على أنها تمتلك حقوق كفاية أم لا، فتارة تجد عادات تكرم المرأة ومكانتها وخاصة بالفترة التي حكمة فيها المرأة إمبراطورية الصين، وتارة أخرى تجد أنها مسلوبة الإرادة. ولكن من أسوء عادات الصين التي كانت تنتهك حقوق المرأة هي عادة صغر الأقدام. فكما قلت إن قدم المرأة تعبر عن جمالها ومكانتها خاصة في الزواج وذلك يرجع إلى قصة قديمة تحكي أن ملكاً أحب فتاة فقط بسبب قدمها الصغيرة. فكان يقطع الأبوين أصابع بناتهم الصغار الأربع ويلصق الأخير بالقدم وتلف القدم كلها بأشرطة قطنية منذ الصغر بطريقة متينة، ولا تسير الفتاة أبداً حافية القدمين، حتى تكون قدمها بالأخير صغيرة الحجم جداً. ولم يسمح للمرأة بالخروج للحرب لمساعدة الرجال أبداً ومن تفعل ذلك تصير عار على الأسرة. والفتيات في الأعياد لديهن عادة غريبة وهي الخروج إلى طريق ضيق يفصل بين منطقة وأخرى أو سلالم المعبد أو أي منطقة يريد العبور منها العامة، وثم يقفون بالترتيب ويضعون أمامهم عصى، ولن يعبر أي أحد سوى حين يغني ليضحك الفتيات ويسمحن له بالعبور، والتعدي على واحدة منهن يعتبر جريمة أخلاقية كبيرة.

عادات الصين لتحقيق الأحلام والتنبؤ بالمصير

لو أراد شخص تنمي أمنية معينة فعليه أن يذهب إلى بحيرة مقدسة ويشعل النار في وسط فانوس دائري مكون من القماش، ليطير الفانوس عالياً في السماء بفعل الغاز المتصاعد، ويردد حينها أمنيته وإن احترق الفانوس في طريقة للسماء فذلك يعني استجابة الإله وستتحقق أمنيته. وتوجد طريقة أخرى في المعابد البوذية حيث يقترب الشخص ويحمل تمثال صغير لبوذا ومن ثم يضعه مكانه ويتلو أمنيته، ويرفعه مرة أخرى فإن لم يستطع فذلك دليل على استجابة طلباته، وبالحقيقة الأمر مجرد خدعة من كهنة المعبد لأن التمثال يكون مجهز على أن يلصق بالطاولة في ثاني مرة يرفع فيها. أما البسكوت الصيني الشهير هو طريقة جيدة لاستفسار عن حظك، وهو يقدم في المطاعم بشكل عشوائي مع الطعام، وتفتح أن البسكوت لتجد بداخله ورقة مكتوب بها حظك القريب حدوثه. ويجب أن تعي عزيزي أن فكرة الأبراج وارتباطها بحظ الإنسان هي عادات وأفكار صينية في الأساس.

مسلمون الصين

في الصين تتعدد الديانات والثقافات وذلك يسمح بحرية دينية يمارس في الفرد ما يؤمن به، وأعداد المسلمين في الصين كبيرة جداً وأكثر الأماكن الذين يوجدون فيها هي مدينة كاشغار التي يوجد بها أكبر مسجد بالصين ويلتف حوله الصينيون المسلمون في نهاية شهر رمضان للاحتفال على الطريقة الصينية مندمجة بخليط من أفكار وعادات تركية إسلامية. وبجانب تلك المدينة قرية تشتهر بسكاكينها وصناعتها الرائعة ومن لا يحمل سكيناً دائماً بتلك البلدة فذلك عار عليه، بل إن السكين كلما كبر حجمه وفخامته تزيد معه مكانة الشخص الاجتماعية.

عادات الصين في تناول الطعام

إن الأكل في الصين هو علامة كبيرة ومهمة على الاحترام والتقدير بين العائلات، ولهو عادات معينة في التقديم وترتب الأكل المقدم من المقبلات والمشروبات ووجبات رئيسية، ولا يجب أبداً أن تقلل من احترام الطعام لأي سبب. وبالطبع تعرف عزيزي أن صينيون يستخدمون عيدان للأكل ويطهو الأكل بشكل لين ليمكنك من التحكم به، ويقطع إلى قطع صغيرة قابلة للالتقاط والمضغ بهدوء. وتستخدم 20 مليون شجرة سنوياً لتكفي حاجتهم من العيدان المستخدمة لمرة واحدة، واستهلاكهم للطعام بأنواعه هو الأعلى في العالم، والأشهى بين الوجبات هو لحم الخنزير باستثناء الشعب الإسلامي بالطبع. ولديهم من أنواع اللحوم ما قد تستعجب له وتتقزز منه فقط بسماع اسمه، ولكن القول الشائع هو أنها مجرد أسماء ولكن طعمها في منتهى الروعة. من تلك الأكلات رأس الماعز وحشرات الجراد والذباب وغيرها، بالإضافة إلى القطط. وفي مسكك لعيدان الطعام لا يجب أن تضع إصبعك بين العيدان لأن ذلك يعني أنك غاضب ممن أمامك، ولا يجب أن توضع بشكل عمودي خارج الطبق لأنها تقدم هكذا للميت فقط. ولا يمكنك أن تلعب بها بكلتا يديك أو تحريك الأطباق بها أو حتى استخدامها لتخرج ما دخل من طعام بين أسنانك.

عادات الصين في تشييع الموتى

وفي هذا الأمر تختلف الصين تماماً عن كل بلاد الدنيا، لأن بلاد العالم أجمع تلبس اللون الأسود لدليل على الحزن وتشييع المتوفي، أما الصين فهي الوحيدة التي تلبس الأبيض دليلاً على الحزن. إنهم وعن جدارة يستحقون لقب “مختلفون عن البشر جميعاً”.

بالأخير عزيزي القارئ يجب أن تعرف أنك لن تجد مقال واحد يكفي لحصر عادات الصين لأنها تحتاج إلى موسوعة كاملة من كثرة العادات والتقاليد والمفاهيم الغريبة، فهم شعب يعيشون بعادات قديمة يحتفظون بها ويزيدون عليها منذ ألاف السنين، وتعددت بينهم الديانات الوثنية والغير وثنية وكثرة ما غزوها عسكرياً من أنحاء العالم أجمع، بالإضافة إلى طبيعتها الواسعة المتنوعة وتعداد شعبها.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

2 × واحد =