تسعة
الرئيسية » معتقدات وظواهر » الأسلحة القديمة : كيف كان القدماء يخوضون الحروب التقليدية ؟

الأسلحة القديمة : كيف كان القدماء يخوضون الحروب التقليدية ؟

تختلف الأسلحة باختلاف الأزمان، فلكل زمن التكنولوجيا الخاصة به، نتعرف سويًا على أهم الأسلحة القديمة التي استخدمها القدماء في حروبهم.

الأسلحة القديمة

الحروب بالماضي كانت تستعمل أسلحة قديمة لم نعد نستعملها الآن بالطبع فلم يكن لديهم قنابل ولكن كان لديهم سيوف ورماح، الأفلام التي تتكلم عن الحروب بالماضي جعلتنا ندرك أفكار خاطئة عن حقيقة تلك الحروب الفعلية، فكلنا لدينا ذلك المشهد الذي يكون فيه الجنود مصطفين تماماً أمام بعضهم البعض على مسافة ليست بعيدة ثم يندفع واحد منهم إلى الأخر بصورة درامية وصرخات عالية، حاملي الرماح أولاً ثم الرماة ثم الفرسان وأخيراً المشاة. وزاد الأمر لغطاً حين جاءت ألعاب الفيديو العنيفة التي تجعل الفرد يتخيل الأسلحة القديمة بطريقة مغلوطة، أما مقالي هذا سأفسر بعض الأمور المغلوطة وأصور لك الأسلحة القديمة على حقيقتها وطرق استخدامها.

تعرف على أهم الأسلحة القديمة المستخدمة في الحروب

المطارق

المطارق من الأسلحة القديمة التي كانت تستعمل في الحروب بكثرة وخاصة على يد أكثر الناس وحشية وهمجية فهي تناسب ذلك الذوق الخشن وليس لها أسلوب نبيل وتلاعب معين مثل السيوف، ولكن بسبب ألعاب الفيديو يتخيل الجميع أن المطرقة كانت كبيرة الحجة جداً حد أنها يمكن أن تسحق الدماغ البشري مرة واحدة بضربة قوية، وأن مضبتها طويل جداً وثقيلة بسبب كونها من الحديد. ولكن الحقيقة والتي تبينها الأدوات التي يجدها الباحثون هي إن المطرقة لم تكن تختلف عن تلك المستخدمة حالياً في أعمال النجارة فلم تكن كبيرة جداً ولم يكن مقبضها طويل ونهايتها من الطرف الأخر كانت حادة وثاقبة وليست مفلطحة، لأن مثل ذلك التصور لن يجعلها عملية بشكل كافي للمقاتل وإنما بساطتها هي من جعلتها مشهورة لقلة المال المدفوع لصنعها، وإن الأمر يحتاج قوة من المحارب حتى تكون سلاح فعال بالنسبة له، وكذلك قبل أن يعرف الإنسان المعادن كانت تصنع من الخشب فلم يكن لها الصيت والقوة الكافية، ولكنها تظل سلاح مهم.

السيوف مقابل الرماح

كل وسائل الإعلام والأفلام جعلتنا نعشق السيوف كأسلحة قديمة لأنها تأخذ طابعاً رومانسياً كسلاح الفارس النبيل الذي يقود فرسه الأبيض. ولكن طبيعة الحروب القديمة لم تكن رومانسية أبداً والسيف فيها للنبلاء والقادة وأعيان الجيش، في المقابل الرماح هي الأداة التي تأخذ نصيب الأسد كأداة في الحروب، فهي رخيصة الصنع أكثر من السيوف لقلة الحاجة إلى المعدن، وكذلك لطولها فيمكن استخدامها عن مسافة بعيدة من العدو، ويمكنها أيضاً في اليد المناسبة أن تطير ألاف الأمتار إلى قلب التشكيل في صفوف العدو وبدقة. فهي السلاح الأمثل والأكثر فعالية في القتال الحقيقي، حتى أنها كانت لعبة وما زالت في الألعاب الأولمبية بسبب أهمية من يستعملها بمهارة في الحروب القديمة.

المدافع كأسلحة قديمة

البعض يعتقد أن التقدم في اختراع المدافع والمسدسات جاء ببساطة مثل أي تقدم في التكنولوجيا، ولكن في الحروب الأمر يختلف، لأن المدافع يمتد تاريخها إلى العصور الوسطى، حين اخترع الصينيون البارود، كان العالم كله متحمس لاستخدامه ولكن عدم التقدم التكنولوجي الكافي لم يوفر ذلك الأمر بسهولة. والمدافع كانت عبارة عن مقلاع توضع فيه الحجارة ويتم إرسالها مباشرة على القلعة لهدم الحصون، والإضافة جاءت بالتدريج مع إضافة البارود لزيادة اندفاع الحجر. وبعدها زادت التكنولوجيا وتقدمت البنادق باستخدام الرصاص والبارود لتحتل المرتبة الأولى في الاختيار العسكري لها في الحروب.

بندقية مع سكين

حين ظهرت ألعاب الفيديو كان من أهم أسلحتها شكل البندقية التي يتم تثبيت سكين عليها من الأمام، حتى إن اقترب العدو بدلاً من ضياع رصاصة عليه يمكن للمقاتل أن يطعنه، وبعدها استعملت الأفلام ذلك السلاح كنوع من الأسلحة القديمة المستخدمة في القرون الماضية، ولكن هل هذا السلاح حقاً كان موجود ويستخدم؟ أعني لماذا التركيب ألا يكفي حمل بندقية وسكين صغير؟ في رأي المؤرخين هذا السلاح بالفعل حقيقي وكان يسهل على المقاتل على حمل الاثنين مرة واحدة مع إن بعض الجيوش كانت تفضل حمل الاثنين منفصلين حتى ما إذا فُقد أحدهم يُستخدم الأخر.

السهام من الأسلحة القديمة

في موضوع السهم والقوس يوجد لدى مشاهدي الأفلام فكرتين خاطئتين، أولاً يجب أن تعرف أن السهم كان من أكثر الأسلحة فعالية من المسافات البعيدة وكلما زاد إتقان المحارب له وزادت دقته، استطاع أن يصيب الهدف بدقة من بعيد خاصة لو هو الذي كان محاصر داخل قلعته بالتالي الاهتمام بصناعته وتعليم مهارة استخدامه كان شيئاً مهماً في تجهيز الجيوش القديمة، ومن برع فيه كان يترقى في المراكز بالجيش ويكون بطلاً شعبياً، أما الخطأ الأول فهو في كونهم يشغلون بالهم في تركيب ريشة على ظهر السهم. هذا التجميل لا يكون ذو أهمية فقط بل إنه إضاعة للوقت والمجهود أيضاً، والفكرة الأساسية في السهم هو بساطته بمعني لو أن شخص فقط سنن قطعة من الخشب ستصبح سهم والأفلام التي أوحت لنا أن الأسهم كانت مزينة بالريش هو محض خيال ورونق للمشاهد ليس إلا.

ثانياً فكرة الجعبة فوق الظهر التي كان يحمل فيها المقاتل عدد كبير من السهم حتى يستطيع بحركة خفيفة إطلاق الأسهم المتتالية، تماماً كما نرى في أفلام روبن هود وسيد الخواتم. في الحقيقة حسب فن الحروب القديمة والصور الأثرية التي تصور المقاتلين أو من حكايات المؤرخين في العصور القديمة عن الأبطال، هذا التصور خاطئ لأنه غير عملي ولن يجعل المقاتل يأخذ السهم ببساطة حتى في الأفلام نفسها يعاني الممثل في تمثيل ذلك المشهد مرة واحدة لأنه يعجز عن إمساك السهم بسرعة، في الأفلام يستطيع إعادة المشهد أما في الحروب الحقيقية لن تكون هناك إعادة أبداً. لذلك التصور الحقيقي هو أن الجعبة تكون مربوطة على الخصر من الأمام ومتدلية من الحزام، أو أنه لا يرتدي أي جعبة من الأساس لو كان واقفاً على سور قلعته التي يدافع عنها وفقط يضع الأسهم أمامه أو يجعل فرداً أخر يلقم له السهم سريعاً، تلك هي الطريقة العملية الحقيقية.

السوط وسط الأسلحة القديمة

أفلام الغرب الأمريكي مثل أفلام إنديانا جونز وغيرها جعلت المشاهدين يعتقدون في أن السوط كان سلاحاً فعالاً في المعارك والحروب، فالممثل بحركته الخفيفة يضرب السوط على العدو يجرحه في منطقة خطيرة أو أنه يخنقه بلف السوط على رقبته. هذا التصور سخيف نوعاً ما فالسوط لا يستعمل سوى في السيرك ومع ألعاب الجمباز هناك وهو خطر جداً لأنه من الممكن أن يعود نحو الممسك ويضربه هو بل ويقتله لو كانت الإصابة في مكان خطير. التاريخ لا يعترف بالسوط كسلاح فعلي في الحروب وإنما فقط في الاحتفال في أيدي كبار المسؤولين. ولم يكن يستعمل سوى في أمرين: ضرب الحيوانات للسير حسب رأي الفارس أو ضرب العبيد والمجرمين لعقابهم أو لجعلهم يعملون. ولكن استعماله كسلاح ذو تأثير مميت وسريع في الحروب هو محض خيال وتشويق للجماهير في الأفلام.

الفؤوس بين الأسلحة القديمة

يتخيل الناس الفؤوس كأسلحة حربية فعالة بسبب حدة سنها ومعدنها القوي، والأمر في مخيلة المهتمين بالأمر هو فأس مزدوج الشفرات وقبضته طويلة ويكون مزخرف لو كان يخص شخص غني أو شخص مهم بالجيش. بغض النظر عن فعالية هذا السلاح وأنه قوي بالفعل يمكن لضربة واحدة قوية أن تفتك بالعدو تماماً إلا إن فكرة كونه سلاح حربي مصمم للجيش هي فكرة بعيدة نوعاً ما خاصة كونه السلاح الأول للفايكنج تبدو كأفكار غير حقيقية. إنما حقيقة الأمر هي كالآتي: في العصور الوسطى خاصة تحت حكم الملكة إليزابيث كانت الحرب على الأبواب والفقر يعم البلاد فطلب من الفلاحين أن يخرجوا للحرب جنباً إلى جنب مع المقاتلين بكل ما يستطيعون لأن تجهيز الجيش أمر صعب ومكلف والأعداد قليلة ويجب الدفاع عن البلاد بأي ثمن لأنهم لو لم يفعلوا فالهلاك سيأتي على الكل، وقتها لم يجد الفلاحين أسلحة سوى الأدوات التي بيديهم وكان أقوى أداة هي الفؤوس الزراعية فخرجوا بها وكانت بالفعل مساعدة لهم ومنذ ذلك الحين ظلوا يستعملوها كلما استدعى الأمر.

الصولجان

الصولجان هو عبارة عن قضيب خشبي أو معدني منتفخ من فوق ويربط على هذا الجزء أسلاك شائكة، وهو سلاح فعال لثقب وجرح أو قتل العدو وسفك الدماء خاصة لو استعمل بقوة. ارتباط الصولجان بالأساقفة هو تخليد للتاريخ ليس إلا لأنه يُروى أن الأساقفة كانت تدافع عن نفسها في الحروب باستخدام الصولجان لأنه سهل وفعال، حين يقرر الأعداء الهجوم على الكنائس دون حماية من الجيش، ومن هنا ارتبط بهم هذا السلاح لرؤية قدرة الأسقف للدفاع عن الكنيسة ووقفه في وجه الأعداء ووقته في المعركة.

الأسلحة البيولوجية القديمة

يعتقد معظم البشر أن الأسلحة البيولوجية لم تستعمل سوى في أخر قرنين أو ثلاثة من الزمن ولم يكونوا يعرفوها أصلاً حتى يستعملوها. الأسلحة البيولوجية الكيمياوية التي تسبب أخطار على صحة البشر أكثر صعوبة من مجرد الموت وإنهاء الحياة ويبقى أثرها باقياً على من عاش بعد الحرب لا ينجو منها أحد فتسبب أضرار على الصحة وأضرار جينية كبيرة على الأفراد ويمتد أثرها لسنوات وعقود. صحيح أن الأسلحة الحديثة بمختلف إمكانيتاها لم يعرفها البشر سوى من قريب ولكن الأسلحة البيولوجية بمفهومها العام كان تستخدم بالتأكيد في العصور القديمة والوسطى، لم تكن هناك قنابل ولكن كانت هناك جثث ومجانيق، فكانت الجيوش تلقي على بعضها جثث بشر أو حيوانات ميتة بالمجانيق لتملأ مدنهم بها فتكون سبب تسمم وعفن على كل الأرض ويصاب الأفراد بالأمراض إن لم يدفنوهم سريعاً. كذلك كانوا يرمون الجثث في مجاري المياه الداخلة لتلك المدن والسكان يشربون دون أن يعوا أنها مليئة بالأمراض والعطن فيمرضون ولا يعرفون السبب ويموتون ظانين أن آلهتهم تركتهم في الحرب، أو يموتوا عطشى لو اكتشفوا الأمر بالأخير. من أمثلة من استعملوا تلك التقنيات الحربية هم: الحثيون، والإغريق حين هاجموا على مدينة طروادة حسب ملحمة الإلياذة والأوديسة. كذلك استخدم البشر في العصور القديمة السهام المسممة ببعض أنواع السموم المستخرجة من النباتات سواء في الحروب أو في اصطياد الحيوانات المفترسة والتأكد من قتلها، واستخدموا أيضاً أنواع من البارود والبنزين لإشعال الحرائق الكبيرة في صفوف العدو.

الأسلحة القديمة والمدرس

المدرس هو الذي يستخدم في درس القمح وهو عصا طويلة ذات ثلاثة سنون من فوق أو أنها تحتوي على صولجان بأسلاك شائكة من الأمام، استخدام ذلك السلاح للحرب هو خطير جداً ولا يستطيع أحد أن يتحكم فيه كنوع من الأسلحة السريعة الفعالة أمام العدو، وإنما المؤرخين يعتقدون أنه لم يوجد كسلاح حربي وإنما فقط في الاحتفالات بعد الحرب لشكله المخيف الذي يدل على قوة من يمسكه. كذلك نراها في يد تماثيل الإله الإغريقي زوس وبأنه يحتوي على صاعقة حين يستعمله، وكلها خرافات لا تشير إلى استخدمه حقيقة ضمن الأسلحة القديمة في الحروب.

والخلاصة عزيزي القارئ أن الأسلحة القديمة هي جزء من التاريخ قد يكون لدينا عنه أفكار حقيقية وقد لا نعرف عنه القدر الكافي والاكتشافات مع المؤرخين تكشف لنا صحة أو بطلان الأمر.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

14 + 12 =