تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » الظلم الاجتماعي : كيف يمكن للفئات الضعيفة مواجهته والوقف ضده ؟

الظلم الاجتماعي : كيف يمكن للفئات الضعيفة مواجهته والوقف ضده ؟

مشكلة الظلم الاجتماعي تتعرض لها العديد من الفئات في المجتمع، فكيف تواجه هذه الفئات الضعيفة الظلم الاجتماعي ؟ هذا ما نجيب عليه هنا بالتفصيل.

الظلم الاجتماعي

الظلم الاجتماعي هو أحد أنواع الظلم عموما، والظلم بشكل عام يعني وضع الشيء أو الشخص في غير موضعه، أو حرمان شخص معين من شيء ما يستحقه فيشعر بالظلم. الحياة ظالمة ومليئة بالظلم أيضا، إنما الظلم الاجتماعي يركز على ما يلاقيه الفرد من ظلم مجتمعي. يُظلم الإنسان من خلال مجتمعه في عوامل شتى: كالحياة اليومية، فرص العمل، العيش بكرامة، الأمن والأمان، وهكذا؛ لذلك قامت المؤسسات الدولية بسن قوانين لمحاربة الظلم الذي يقع على الإنسان متمثل في قوانين حقوق الإنسان، ومن خلال المقال سوف نتناول أنواع الظلم الاجتماعي وأشكاله، والأسباب التي أدت إلى انتشاره، التحليل الواقعي للعالم المعاصر، قوانين حقوق الإنسان عالميا ومحليا وهل يتم تفعليها حقا، أم مجرد كلام على ورق؟ كيف تتحقق العدالة الاجتماعية؟ وما هو دور الفرد والمجتمع لتحقيقها؟

التعامل مع مشكلة الظلم الاجتماعي

أشكال الظلم الاجتماعي

بداية، الظلم هو فعل قاسي يقع على الفرد، والظالم هو إنسان أو مجتمع يقوم بجريمة بشعة يتألم من جرائها إنسان بريء. ظلم الفرد للفرد أبسط قليلا من ظلم المجتمع للفرد، فالمجتمع أكثر قسوة ومتعدد الجوانب، في حين أن ظلم الفرد سوف يشمل جانب واحد، وسوف يكون التركيز هنا على ما يحدث لدينا في مصر لأنه واقع معاش ولدينا تحليل لمعطياته. تتعدد وتتنوع أشكال الظلم الاجتماعي فنجد مثلا:

الحرية

يعد سلب الحرية من الأفراد لأسباب تعسفية أحد أنواع الظلم الاجتماعي أيضا، فعلى سبيل المثال وجود بعض القوانين التعسفية التي تفتح المجال لأغراض شخصية لأشخاص معينون يستغلونها مثل قانون الاشتباه، حيث يتم حبس الفرد وتقييد حريته لفترة من الزمن بدون سبب كافي، وإنما لمجرد الاشتباه به أو تشابه الأسماء وربما لا هذا ولا ذاك ويكون مجرد طلب شخصي لفرد آخر مهم وذو نفوذ، فيشعر الفرد بعدم الأمان والحياة الهادئة رغم كون هذه الأمور من أبسط حقوقه، فيعيش في خوف وتهديد طوال الوقت وربما يعد هذا من أكثر أشكال الظلم الاجتماعي قسوة.

الفقر

يعد الفقر أيضا أحد أشكال الظلم الاجتماعي، والحياة دون المستوى المطلوب، وإن كان الوضع الاجتماعي للفرد يحدده هو، إلا أن لدينا الكثير من الظلم الذي يقع على الأفراد ليصب في مصلحة أحدهما، فيحاول الكثيرون التحسين من ظروفهم الاقتصادية، إلا أن العقبات تتوالى أمامهم حتى يفقدون الأمل، أو ربما تمتلك أو تتعلم بعض الصفات اللاأخلاقية لتستطيع التعامل مع الفئات المتحكمة في الموضوع، ومن ثم تتحول إلى عقبة في طريق فرد آخر مظلوم. ينتشر الفقر في بلادي بضراوة رغم كثرة جمعيات المجتمع المدني والأنشطة التي يقومون بها والمساعدات التي يقدموها، إلا أن الموضوع أكبر وأعمق من سد احتياجات أساسية.

العمل

يتعرض الفرد للظلم الاجتماعي من خلال العمل على عده مستويات: لا تستطيع الحكومة توفير فرص العمل إلا قليلا جداً، وفي مصر في الغالب ستحتاج إلى واسطة حتى تحصل عليها، وإن كنت لا تمتلك واسطة فسوف يتم ظلمك ولن تحصل عليها رغم توفر المتطلبات الوظيفية فيك، على سبيل المثال: تجد في الجامعات المصرية ـوهذا تم نشره أكثر من مرة في الجرائد والصحف الرسميةـ تجد الطالب الذي يحصل على أعلى الدرجات من خلال جهده طوال العام من الاستذكار وتحصيل المحاضرات لا يتم تعينه معيدا بالجامعة، لا لشيء إلا لأنه يوجد ابن لأستاذ جامعي في نفس الدفعة فيتم تعيين ابن الأستاذ ولا يتم تعيين الآخر. ومثال آخر في أي مؤسسة حكومية قبل أن يتم الإعلان عن الوظائف الخالية لديهم يكون قد تم شغلها من خلال أبناء العاملين في المكان وذويهم وأقربائهم وأصدقائهم وهكذا. ويمكنك اعتبار المؤسسات الحكومية لدينا تعمل بنفس النظام وبالطبع لن يعترف أحد بهذا، ولكن هذا ظلم بين لأفراد كثيرين لديهم الإمكانيات ولا يجدون من يساعدهم. مشكلة أخرى ربما ليست ظاهرة كسابقتها وهي حينما يتجه الفرد إلى القطاع الخاص فيتم في حالات كثير استغلاله لغياب دور الحكومة ومكاتب العمل، كأن يعمل لعدد ساعات طويلة بأجر زهيد، وأعتقد هذا منتشر بشدة بين الشباب الآن وهذا يعد نوع من أنواع الظلم الاجتماعي.

العلاج

توفير العلاج لغير القادرين وتوفير مستوى تأميني صحي مناسب يقع على كاهل الدول وبالأخص مؤسسة الصحة، ولكن هل حقا يتم توفير العلاج لغير القادرين؟ بالطبع لا، فالإهمال منتشر بشكل كبير والجميع على علم به، ولكن أحد لا يحرك ساكنا، كم من المرضى فقدوا حياتهم جراء أدوات لم تكن معقمة؟ وكم من المرضى يتم وضع أسماءهم في قوائم الانتظار حتى تعطف عليهم العناية الإلهية لتخليصهم مما يلاقوه؟ الوضع الصحي والعلاجي لدينا يعد مأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

أسباب انتشار الظلم الاجتماعي

الأسباب متعددة، ولكن ليس هناك سبب واضح بعينه يمكننا أن نقول عنه أنه المسبب الرئيسي لانتشار الظلم الاجتماعي في مجتمع ما، إنما هو تكاتف مجموعة من العوامل مثل: غياب سلطة القانون، ولا أقول هنا القانون كنصوص موضوعة وإنما كنصوص مفعلة على أرض الواقع. انتشار الفساد والرشوة والمحسوبية في كل الفئات المجتمعية، سيادة ثقافة الغاب والبقاء للأقوى، ضعف الجانب الإنساني والقيمي، تحول الإنسان إلى آلة تصارع من أجل لقمة العيش أفقده المتعة والإحساس بالحياة والإحساس بالجمال مما حوله إلى مجرد آلة تعمل فقط. المشاعر الإنسانية الجميلة، كالصدق، التعاون، حب الخير ومساعدة الضعيف، كلها تحولت إلى تراث في الحكايات القديمة التي تروى على الأطفال، وإنما نحن في عالم الصراع والحرب واللاعدالة وشعار البقاء للأقوى.

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة، صدر عام 1948 ليوضح القوانين الخاصة بحقوق البشر كافة، وضع هذا القانون لينهي الظلم الواقع على الأفراد ويكفل حياة كريمة للجميع، ومن المفترض أنه ملزم لكل الدول. كانت المادة الأولى منه هي الحرية والمساواة بين جميع البشر، فالجميع يولدون متساويين؛ لذا فهم متساويين أيضا أمام المجتمع والقانون ومن حق أي فرد أن يلجأ إلى القانون ليحميه وينصفه. إلغاء التمييز بين البشر على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الثروة، ضمان الحياة الكريمة والأمان الشخصي، حمايته من التعرض إلى التعذيب أو المعاملة بوحشية والحفاظ على كرامته، حق حماية القانون للفرد وممتلكاته وأسرته وسمعته، حرية السفر والتنقل والتملك لمكان والإقامة والاستقرار، حرية التفكير والتعبير واختيار الدين، المساواة في الأجور وتوفير فرص العمل، من حق كل فرد أن يحصل على، حياة كريمة، منزل، تكوين أسرة، فرصة عمل، وعلى المجتمعات توفير ذلك وتحقيق الحماية والأمان لأفراده. كل هذا جميل جدا ومن المفترض أنه ملزم لجميع الدول ولكن هل هم حقا ملتزمون؟ بشكل أكثر تحديدا هل في مصر يتم العمل بهذه القوانين فعليا؟

كيف نواجه الظلم الاجتماعي؟

هناك شقين: الأول، وهو الخاص بالمجتمع كمنظومة قوانين ينبغي تفعيلها كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان أين هو في مصر، أين الأمان الشخصي؟ أين العمل، الراحة، السكينة، تكوين الأسرة؟ وغيره الكثير لذلك يجب من وضع حل لتفعيل هذا القانون، كيف يتم ذلك بالمطالبة الفردية وخاصة جمعيات حقوق الإنسان المصرية التي من المفترض أن وجودها لتأكيد تفعيل القوانين الحقوقية.

الشق الثاني، وهو الفرد، توعية الأفراد لمعرفة حقوقهم والمطالبة بها، رفع درجة الوعي سوف يعمل على حل المشكلة بنسبة كبيرة، إحياء القيم الإنسانية من جديد، استعادة الإنسان من خلال الاهتمام بالفن والموسيقى لينمو الإحساس من جديد، مواجهه الظلم الاجتماعي ومحاربته من خلال الأفراد وعدم السكوت أو الخضوع للمتسلطين.

ليزا سعيد

باحثة أكاديمية بجامعة القاهرة، تخصص فلسفة، التخصص الدقيق دراسات المرأة والنوع.

أضف تعليق

11 − خمسة =