تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » لقاحات الأمراض : ماهي الأمراض التي يمكن استخدام اللقاحات لها ؟

لقاحات الأمراض : ماهي الأمراض التي يمكن استخدام اللقاحات لها ؟

لقاحات الأمراض هي طريقة لمنع المرض من الدخول إلى الجسم وإصابته بالمرض، لذلك تعتبر لقاحات الأمراض من ضمن مجالات الطب الوقائي، فما هي لقاحات الأمراض ؟

لقاحات الأمراض

لقاحات الأمراض واحدة من الوسائل شديدة الأهمية للحفاظ على الجسد آمنًا من الأمراض والأوبئة، فقد خلق لنا الله الداء والدواء وأعطانا السبب والمسبب ورزقنا من العلم ما إن أفنينا أعمارنا في البحث عنه وتحصيله لن نكون قادرين على الإحاطة به كله ومع ذلك ما أوتينا من العلم إلا قليلًا، عندما ابتلانا الله بالأمراض والأوبئة أعطانا معها البيئة والطبيعة من حولنا والقدرة على التفكير والإبداع والبحث والتمحيص وإيجاد الحلول واستخراج الأدوية والعقاقير من النباتات والحيوانات وكل موارد الأدوية التي عرفتها البشرية حتى الآن.

لكن مع الوقت لم يكن ذلك كافيًا للعقل البشري أم هي الصدفة وحدها هي التي دفعتنا لاكتشاف اللقاحات؟ لربما تكون صدفةً لكن الحقيقة ستظل قائمةً بتعطش العقل البشري للمزيد وبحثه عن حالٍ أفضل وسرٍ أكبر ولغزٍ آخر يحله عندما تساءل عن سبب انتظاره حدوث المرض الذي يتوقع حدوثه ليعطي الدواء ويعالجه، تساءل عن سبب المرور بالمعاناة إن كان قادرًا على اختصار الطريق ومنع المرض من الحدوث من البداية، ثم جاءت الأمراض الوبائية المنتشرة التي تقضي على مجتمعاتٍ بأسرها فأصاب ذلك الإنسان بالذعر وجعله مصرًا أكثر على أهمية الوقاية وكونها خير من العلاج، اليوم لم نعد مضطرين للمرور بالتجارب المرضية المختلفة بفضل إيجاد التحصينات واللقاحات، وصارت نسبة وفيات الأطفال أقل بكثيرٍ مما كانت عليه قديمًا بفضل التحصينات واللقاحات التي يتلقونها خلال طفولتهم فتحميهم من أمراضٍ تفتك بمناعتهم الضعيفة وأجسادهم الصغيرة وتحملهم في رحلةٍ سريعةٍ نحو الموت قبل أن يجربوا الحياة.

لقاحات الأمراض وما هي الأمراض التي من الممكن استخدام اللقاحات لها

لكل معجزةٍ بداية

لا عجب في ذلك فعندما ظهرت اللقاحات كانت ببساطةٍ معجزة الطب في ذلك الوقت بل إنها جعلت الناس ينظرون للطب والأطباء نظرة رهبةٍ وتكبيرٍ وإجلال ويعتبرونهم سحرةً بأيديهم عصيّ يحركونها لتحدث المعجزة، وكون ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة لا يهم البعض كثيرًا طالما أن الشفاء سيكون النتيجة، بالعودة إلى موضوعنا بدأت الفكرة تتبلور عن لقاحات الأمراض بالتأمل والتدبر والمراقبة فلاحظ الناس أن بعض الأمراض مثل الحصبة على سبيل المثال أو الجدري عندما تصيب شخصًا ويتعافى منها لا تصيبه ثانيةً بقية حياته وحتى يموت! كان ذلك في وقتهم أمرًا عجيبًا لا يمكن أن يمر بسلامٍ دون تدقيقٍ ودراسات ومن حسن حظنا أنهم انتبهوا لتلك النقطة وبدأ العلماء في دراستها، لم يتمكن أحدٌ قبل عام 1796 من وضع نظريةٍ علميةٍ دقيقةٍ لما يحدث لكن الملاحظات قبل ذلك العام بمئات السنين أدت إلى عمليةٍ من التحصين البدائي كان يتم فيها تعريض الأشخاص الأصحاء لبعض الأنسجة أو الأعضاء المصابة ما يؤدي لإصابتهم بالمرض بشكلٍ ضعيف ثم التعافي منه ليصبحوا محصنين ضده، لكن ذلك لم يمنع إصابة البعض بعدوى قوية كانت تودي بحياتهم في النهاية كمن سبقوهم، بدأت القصة في الصين ثم انتشرت بعدها لأنحاء أوروبا كلها التي كانت تخسر سكانها بأعدادٍ كبيرة بسبب انتشار الجدري القاتل بينهم لا يفرق بين صغيرٍ وكبير ولا غني وفقير، وظلت تلك هي الحال حتى جاء إدوارد جينر.

إدوارد جينر

هو طبيبٌ فرنسي في عام 1796 تمكن من اكتشاف لقاحات الأمراض بشكلٍ رسميٍ وكشف عن سرها الغطاء ووضع لها الأسس والنظريات العلمية المجربة والمبرهنة بالأدلة القاطعة، وجعلها حجر أساسٍ للأطباء والعلماء من بعده ما زال يُستخدم حتى اليوم لصنع الأمصال واللقاحات لكل الأمراض، اعتمد جينر على تجارب من سبقوه ونظرياتهم البسيطة والأولية عن المرض واللقاح له بل وبعض تجاربهم أيضًا، ومع الوقت قام بتطوير تلك النظريات وانتهى به المطاف يطبق نظريته الكبرى والأخيرة على طفلٍ ذو ثمانية أعوامٍ قيل أنه ابن المزارع الذي يعمل في أرضه، جلب الطفل وعرضه للعدوى بفيروس يشبه فيروس الجدري لكنه أقل قوةً وشراسة فأظهر الطفل حمى بسيطة لكنها أضعف بكثيرٍ من المرض نفسه ثم بالتجربة بعد ذلك ثبت أن الطفل صار منيعًا وحصينًا ضد الجدري.

في عام 1880 جاءت قفزةٌ جديدة في عالم لقاحات الأمراض على يد لويس باستير الذي بدأ يشرح للعالم أكثر عن كيفية إصابة الجسم بالمرض وكيف يقاوم الجسد وطبيعة المرض وطبيعة المقاومة وخلال ذلك أوجد باستير للعالم لقاحًا لمرضٍ جديد وهو السعار الذي كان يصيب الناس عندما يتم عضهم بحيوانٍ مسعورٍ كالكلب مثلًا ويموت الشخص بسببه خلال فترةٍ قصيرة، تتابع ظهور لقاحات الأمراض بعد ذلك وازداد فهم الإنسان لطبيعة الأمراض وتقسيماتها وأنواعها وكيفية الإصابة بها.

كيف نمرض؟

يحمل الكثير من الناس أفكارًا خاطئةً عن لقاحات الأمراض وكيفية عملها وفي الوقت الذي يعتبرها البعض فيه شيئًا أشبه بالدواء يعتبرها البعض الآخر شيئًا أشبه بالمرض ويحملون العداوة لها، في الحقيقة إن اللقاح ماهو إلا اعتمادٌ كاملٌ على آلية عمل الجسم والجهاز المناعي وكيفية الإصابة بالمرض وعمل الميكروبات سواءً فيروسات أو بكتيريا، يبدأ المرض بدخول ميكروبات إليه وبعضها يكون خطيرًا ومتخصصًا ومسئولًا عن مرضٍ معين فيصيب ذلك الجسم الميكروبي المكان الذي يقصده ثم يقضي فترةً تسمى بفترة الحضانة وهي الفترة التي تكون بين دخول الميكروب للجسم وبداية ظهور أعراض المرض، يقضي الميكروب تلك الفترة في التكاثر وزيادة عدده وتمكين موقعه وتعزيز وجوده وإفراز السموم والمواد الضارة وعندما يصل لحجمٍ معين يبدأ المرض، خلال تلك الأثناء تبدأ الحرب المضادة ويبدأ جهازك المناعي عمله بإنتاج كل أنواع كرات الدم البيضاء واستخدام الميكانيزمات الدفاعية للقضاء على ذلك الجسم الغريب الذي يؤثر على نسيج الجسد ويضرها ويدمرها ويسبب موتها، واحدٌ من تلك الميكانيزمات الدفاعية وأقواها على الإطلاق هو إنتاج الأجسام المضادة وتلك الأجسام تعمل على الارتباط بجسم الميكروب ومحاصرته وإعاقته عن تنفيذ عمله والقضاء عليه، كلما ازداد الميكروب شراسةً ازداد المرض حدةً وفشل الجهاز المناعي الطبيعي في السيطرة عليه سيطرةً تامةً دون مساعداتٍ طبيةٍ خارجية، فما بالك بأصحاب الأجهزة المناعية الضعيفة كيف يكون حالهم خاصةً أن بعض الأمراض تستهدف جهاز المناعة بشكلٍ رئيسي لتقضي عليه وتؤدي للموت في النهاية.

كيفية عمل لقاحات الأمراض ؟

فهمنا طريقة الإصابة بالمرض وطريقة الدفاع التي يتبعها الجسد لكن ما علاقة ذلك كله بالأمصال ولقاحات الأمراض من البداية؟! لقاحات الأمراض ببساطة تعتمد اعتمادًا كليًا على ذلك الميكانيزم الدفاعي الذي حدث من الجسد أمام المرض، لنسأل السؤال بشكلٍ آخر يجعل الإجابة أكثر وضوحًا، من هو الشخص الذي أصيب بالمرض وتعافى منه؟ هو شخصٌ كان جهازه المناعي قادرًا على هزيمة المرض والتخلص من الميكروب حتى لو بمساعدة الدواء، لكن السؤال الحقيقي هو لماذا لا يمكن أن يُصاب ذلك الشخص بالمرض ثانيةً؟! يجرع ذلك لطبيعة أجهزتنا المناعية فالمناعة عندنا عبارةٌ عن خطوطٍ من الدفاعات مثل جماعاتٍ من الحراس الخط الأول منهم هم حراسٌ عاديون لكن ميزتهم الوحيدة كونهم متواجدين في أي لحظة قادرين على تثبيط أي شغب، لكن لو زاد الشغب عن حده أو ظهر شغبٌ جديدٌ لا يستطيعون التعامل معه ينهزمون أمامه ويضطرون لاستدعاء حراسٍ أكفأ منهم وأكثر قوةً وتخصصًا لكن أولئك الحراس لا يأتون إلا باستدعاءٍ خاصٍ يحتاج وقتًا وخلال ذلك الوقت قد يكون الشغب قضى على النظام واقتحم أسوار الحصن، بالمثل لدينا مناعةٌ جاهزةٌ دائمًا تقضي بشكلٍ يومي على كل الميكروبات التي تهاجمنا بدون أن نشعر لكن إن جاء ميكروب قوي وشرس وغريب تعجز عن القضاء عليه وتستدعي الخط الأعلى من المناعة والذي يحتاج فترةً تتجاوز الأسبوع ليستعد للمواجهة يكون الجسد فيها أحيانًا ينهار تحت المرض، عندما يواجه الجهاز المناعي مرضًا لأول مرة ويتغلب عليه فهو يطبع المرض في ذاكرته ويبدأ في إنتاجٍ نوعٍ جديدٍ من الأجساد المضادة ضد ذلك المرض يسري في دمك لبقية عمرك ويكون مع خط الدفاع الأول، فإن أصابك الميكروب ثانيةً لن يجد الوقت ليتضاعف ويبدأ المرض لأنه سيتم القضاء عليه في الحال.

أنواع لقاحات الأمراض

تختلف أنواع اللقاحات وطريقة صنعها وإنتاجها في المختبرات بعض اللقاحات يكون طويل المدى والبعض الآخر قصير المدى فما فكرة عمل الاثنين؟ اللقاح طويل المدى هو لقاحٌ يعتمد على الميكانيزم الطويل السابق فيتم حقن الشخص بأجزاء من الميكروب أو بميكروبٍ مشابهٍ ضعيف استثارة جهاز المناعة وجعله يقاوم الميكروب ويطبع معلوماته في ذاكرته ليحصن الجسد منه إن أصابه المرض وتلك عمليةٌ طويلة تحتاج للوقت وحالاتٍ غير حرجة لكن نتيجتها تصل مع الجسد بقية العمر.

النوع الآخر هو قصير المدى وهو الذي يتم حقن الجسد فيه بأجسامٍ مضادةٍ جاهزة تم استخلاصها من بلازما حيوان تجارب كالحصان مثلًا فتدخل الجسد وتقضي على الميكروب في الحال دون الاستعانة بجهاز مناعة الجسد نفسه في الحالات الحرجة مثل إصابة تيتانوس أو سعار للحيلولة دون المرض، لكنها مناعةٌ وقتية لمدة 6 أشهر لا غير بعدها يعود الجسد غير محصن، وغالبًا ما يتم حقن الشخص بنوعي لقاحات الأمراض معًا لحمايته لحظيًا ومستقبليًا.

لقاحاتٌ لازمةٌ في حياة الإنسان

إن شهدت ولادة طفلٍ قريبٍ لك خلال حياتك ستلاحظ شيئًا مهمًا جدًا في حياة الطفل الأولى وهي عمليات التحصين وحقنه بلقاحاتٍ لأمراضٍ مختلفة فلماذا؟ الأطفال هم أكثر المخلوقات ضعفًا وهشاشة وخلال الشهور الأولى من حياتهم تكون بعض أجهزتهم وأعضائهم غير كاملة النمو وغير قادرة على القيام بعملياتها الحيوية بطبيعية ومن ضمنها جهاز المناعة، يكون الطفل هشًا أمام الأمراض والميكروبات وأي ميكروبٍ بسيط قادرٌ على قتله في لمحة بصر فما بالك بالميكروبات القاتلة في الأساس؟ قديمًا كان عددٌ كبيرٌ من الأطفال يهلك خلاله شهوره الأولى لكن اليوم بفضل التحصينات صرنا قادرين على تجنب ذلك، عند ولادة الطفل يتم تلقيحه ضد السل وشلل الأطفال والالتهاب الكبدي ب، وعند عمر الشهرين يعطى التلقيح الثلاثي وتكرر التلقيحات عند عمر الأربعة والستة أشهر، عند السنة يحصل الطفل على لقاح الجدري والحصبة والإنفلونزا والنكاف، ويتكرر تلقيحه عند الست سنوات والإثني عشر سنة، يحتاج الإنسان البالغ أيضًا للقاحات في عدة حالات مثل الأمراض المتفشية والوبائية في بلده أو مرض تفشى في العالم فجأة أو سفره إلى بلد آخر يُعرف تفشي مرضٍ وبائيٍ معينٍ فيه.

أمراض لها لقاحات وأخرى ليس لها

برغم كل ذلك التقدم والتطور اللذان وصلنا إليهم وبرغم قدرتنا علاج علاج الناس ووقايتهم من كثيرٍ من الأمراض التي كانت كابوسًا قديمًا بأبسط الطرق لكن عالم الميكروبات واسعٌ ومتشعب وكل يومٍ نجد ميكروبًا قاتلًا جديدًا يظهر لنا على قائمة اللائحة، رغم دفاعاتنا ضد الأمراض القديمة فهناك أمراضٌ جديدةٌ تظهر فجأة لتعيث الفساد في الأرض وأقربها هما زيكا وإيبولا اللذان غزوا العالم فجأة في الفترة الأخيرة، بعضها نستطيع إيجاد العلاج والتحصين له لكن البعض الآخر يوقفنا عاجزين نراقب شبح الموت يجثم على المرضى به ويذكرنا أننا مهما عرفنا وتفحصنا وتعمقنا نظل صغارًا وأصحاب جهلٍ بجانب أسرار هذا الكون الواسع.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

6 − 1 =