الاستماع الجيد من الأمور التي يجب أن تتوافر لدينا إن أردنا حقًا التعايش مع من حولنا بالشكل الصحيح، فعندما تستمع لهم فإن هذا يجعل علاقتك معهم تأخذ دائمًا أفضل الأشكال الممكنة، وتعتبر مهارات الاستماع من الأمور الضرورية لنجاح عملية التواصل بين الأفراد، ولن نبالغ إذا اعتبرنا بأن مهارات الاستماع هي الأساس لأي عملية تواصل يرغب الإنسان في القيام بها، وبدون توفر هذه المهارات لدى الإنسان فإن العديد من الأمور مهددة في حياته، سواءً كانت عملية التواصل في العمل، أو مع الأفراد في الحياة العادية، ولذلك نتحدث في هذا المقال عن الاستماع الجيد وكيف يمكننا أن نتعلم مهارات الاستماع.
تعلم مهارة الاستماع الجيد في خطوات مبسطة
لماذا نحتاج إلى الاستماع الجيد في حياتنا؟
بجانب ما تحدثنا عنه في المقدمة، فإننا يمكن أن نقول أن الاستماع الجيد أمر ضروري جدًا في العمل، من أهمية هذا الاستماع أن هناك شركات تهتم بعمل تدريبات لموظفيها تمكنهم من تعلم مهارات الاستماع، وهذا ليس أمرًا غريبًا، فيمكن بواسطة مهارات الاستماع الجيد تحقيق العديد من الأشياء مثل:
- إرضاء أكثر للعميل: فكلما استمعت إلى رغبات العميل ستدرك ما الذي يحتاج إليه، وبالتالي تعمل على توفير هذا الاحتياج له.
- إنتاج أفضل بأخطاء أقل: فعندما تستمع إلى الناس يمكنك أن تحصل على تقييمهم بخصوص ما تقدمه، وبالتالي يمكن تجنب الأخطاء الحادثة معك.
- الحصول على معلومات أكثر: مما يسمح بتنفيذ أفكار أكثر إبداع في العمل.
وكل هذا يتحقق فقط بفضل الاستماع الجيد لأنه يسمح للمتلقي بأن يحصل على المعلومات التي تمكنه من تحقيق الأغراض السابقة التي ذكرناها. الاستماع الجيد لا نرى أثره فقط في العمل، ولكنه له تأثير أكبر على حياتنا الشخصية، فالناس تحب الشخص الذي يستمع إلى ما يقولون، ولذلك تجد أن الشخص الذي يملك مهارات الاستماع يحصل على صداقات أكثر ودائرة معارف كبيرة، وكذلك تزداد ثقة الشخص في نفسه، يتمكن من الحصول على معلومات أفضل من غيره، سواءً كان ذلك في المدرسة أو الجامعة أو في أي مكان.
ومن هنا نلفت الانتباه إلى الفارق بين الاستماع والسمع، فالسمع يشير إلى الأصوات التي تسمعها من حولك، أما الاستماع الجيد فيتطلب منك أكثر من هذا، يتطلب التركيز على ما يُقال، وكذلك إظهار الاهتمام بالمتحدث، السمع يركز على الكلام الذي يقال فقط، بينما الاستماع يركز على الطريقة التي يُقال بها الكلام، وكيف يستخدم الشخص لغة الجسد، ونبرة الصوت، أي الاهتمام بكل شيء يخص التواصل غير اللفظي، ومقدرتك على الاستماع تعتمد بالطبع على فهمك للرسائل التي يبعثها إليك الطرف الآخر.
ما هي مباديء الاستماع؟
نجاحك في الاستماع الجيد يعتمد على معرفتك بالمباديء الأساسية التي يقوم عليها الاستماع، والتي يجب أن تلتزم بها جميعًا حتى تصل إلى ما تريد، هذه المباديء نعرضها في هذه الفقرة:
توقف عن التحدث
توقف عن التحدث واهتم بأن تستمع إلى ما يقوله الآخرون، لا تقاطعهم ولا تفكر في أن تكمل الكلام بدلًا منهم، فكل ما تحتاجه هنا أن تركز على أن تستمع إلى كلامهم فقط بدون أي تدخل، وعندما ينتهي الطرف الآخر من الحديث، يمكنك أن تتكلم لتتأكد فقط من أنك فهمت رسالته بشكل صحيح دون أي أخطاء، وإذا هناك أي تعديل يمكن أن يقوم به.
جهز نفسك للاستماع
حتى تصل لحالة الاستماع الجيد يجب أن تجهز نفسك لذلك بشكل صحيح، استرخي وضع كل الأشياء الأخرى جانبًا، فالإنسان عمومًا يمكن أن ينشغل ذهنه بالعديد من الأشياء، وعندما تتحدث مع الشخص يمكن أن تجد نفسك تفكر في أشياء أخرى مثل مشاكل في العمل، أو ما الذي يمكنك أن تفعله اليوم، أو أنك جائع مثلًا وتحتاج إلى تناول الطعام، ولذلك يجب أن تبعد كل هذه الأفكار الجانبية، وتبدأ في التركيز على الحديث، حتى يمكنك أن تفهم الرسائل بشكل جيد.
اجعل المتحدث يشعر بالراحة
يجب أن تساعد المتحدث بأن يشعر بالراحة أثناء الحديث معك، اظهر له حالة الاستماع الجيد التي تقوم بها، وأنك مهتم بما يقول، ويمكنك أن تستخدم لغة الجسد في فعل ذلك، الإيماءات وهز الرأس سيكون حلًا جيدًا عندما يتحدث لتشجعه على المتابعة، كذلك حافظ على التواصل معه بالعين، لكن دون تحديق مبالغ يجعله يشعر بالضيق أو التوتر.
قم بإزالة المعوقات
حاول ألا تفعل أي شيء أثناء حديث الشخص، كأن تقوم بتقليب أوراق موجودة معك مثلًا، النظر خارج المكان، وحاول أن تتجنب أي مقاطعات غير هامة، لأن هذه التصرفات تجعل الشخص يشعر بأنك في حالة ملل ولا تريد الاستماع إليه، ولذلك ركز قدر الإمكان على ما يُقال دون إتاحة الفرصة لأي معوقات.
التعاطف
يعتمد الاستماع الجيد على محاولتك فعلًا أن تفهم ما يقوله الشخص الآخر، فحتى لو قمت بتنفيذ كل المباديء، لكن بدون محاولة فهم لوجهة نظره فإن كل ذلك قد يكون بلا معنى، فحتى لو كان ما يقوله الشخص شيء لا تتفق معه، انتظر حتى ينهي كلامه، وقم بطرح حججك للنقاش، فإن لم تصلا سويًا إلى نقطة اتفاق، يجب عليك أن تكون حريص على إبداء احترامك لوجهات النظر والآراء الخاصة به.
كن صبورًا
إذا توقف الشخص عن الحديث فهذا لا يعني أنه أنهى ما لديه، حتى لو كان التوقف لفترة طويلة، ولذلك يجب عليك أن تكون صبور حتى تصل إلى حالة الاستماع الجيد مع الآخرين، وتتركهم يأخذون الوقت المناسب لتكوين جملهم وآرائهم، وكذلك لا تكمل الجمل بدلًا منهم أبدًا.
تجنب التحيز الشخصي
يجب أن يكون تركيزك الأساسي على الكلام الذي يتم عرضه، بغض النظر عن أي معطيات أخرى في الأمر، سواءً كانت معتقدات الشخص، أو أفكاره، أو حتى طريقة الحديث التي يعتمد عليها، ولذلك يجب أن تكون محايدًا طوال الوقت، ويكون محور اهتمامك هو الكلام دون النظر لأي عناصر أخرى.
استمع إلى نبرة الصوت
من الأمور الهامة أن تكون قادرًا على تمييز نبرة صوت المتحدث، وأسلوب الحديث الذي يعتمد عليه، لأن هذا سيساعدك في الوصول إلى مرحلة الاستماع الجيد بسبب اعتماد بعض الناس على صوتهم كوسيلة مساعدة في توصيل الآراء، ليس فقط الكلمات.
استمع إلى الأفكار
عندما يتحدث الشخص فإنه لا يتحدث فقط عن مجموعة من الكلمات، بل إن هذه الكلمات تصل بنا إلى الأفكار التي يريد الشخص التعبير عنها، وبالتالي عندما تركز على هذه الأفكار فإنك ستكون قادرًا على الوصول إلى الصورة الكاملة لما يُقال من الطرف الآخر ليس فقط أجزاء صغيرة من الكلام.
اهتم بالتواصل غير اللفظي
يرى علماء النفس أن التواصل غير اللفظي يمثل 55 % من وصول رسالة الطرف الآخر بنجاح، ولذلك فإن الاستماع الجيد لا يكون فقط بالتركيز على الحديث، بل يجب أن تركز على لغة الجسد الخاصة بالشخص كحركاته، وتعبيرات الوجه، وحركة العين، وبالتالي تفهم الرسالة التي يريد توصيلها لك بشكل صحيح.
الاستماع الجيد من الأمور الضرورية في حياتنا، والتي يمكن أن تساعدنا في النجاح دائمًا، ولذلك يجب علينا أن نسعى طوال الوقت إلى إدراك هذه الحالة، وكذلك استخدام مهارات الاستماع الجيد في جميع أحاديثنا في الحياة.
أضف تعليق