تسعة
الرئيسية » الحيوانات » حيوانات الشوارع : كيف تساعد على تحسين حياتها ؟

حيوانات الشوارع : كيف تساعد على تحسين حياتها ؟

حيوانات الشوارع هي حيوانات طليقة تعيش في الشارع وتتقوت على مخلفات الإنسان، هذه الحيوانات في الغالب تكون منبوذة وغير مرغوبة، لكنها في النهاية لها حق العيش.

حيوانات الشوارع

حيوانات الشوارع نراها حولنا في كل مكان بلا استثناء. لا يعيش الإنسان وحده في هذا العالم، بل تشاركه فيه مخلوقات أخرى تتكاثر، وتشعر، وترى، وتسمع، وتعبر عما بداخلها بطريقتها، كما أن لها نظامًا مجتمعيًا، وغرائز، وطبائع فطرها الخالق عليها، ولا تعيش هذه المخلوقات جميعها بمنأى عن المناطق التي يعيش فيها الإنسان ويمارس فيها حياته، بل إن كثيرًا منها يعيش في أماكن مأهولة بالبشر، ومن هذه الكائنات والمخلوقات ما يعد تواجده أمرًا أساسيًا لنجاح حياة البشر في تلك المناطق، حيث يعتمد البشر في حياتهم، في كثير من الأحيان، على مجموعة كبيرة من الحيوانات، التي تساعدهم على ممارسة أنشطة قد تبدوا صعبة أو مستحيلةً من دونها، ومنها على سبيل المثال، استخدام الكلاب في الحراسة والتعرف على الجناة والمضبوطات الممنوعة، مثل الأسلحة والمخدرات، وكذلك الجمال كوسيلة مواصلات مثالية في المناطق الصحراوية، والأبقار في حراثة الأراضي الزراعية واستخراج الألبان ومنتجاتها، والحمير في التنقل وحمل الأشياء من مكان لآخر، والتي لا تزال تمثل إلى يومنا هذا وسيلة مواصلات في العديد من المناطق والقرى الريفية، والطيور الداجنة بأنواعها المختلفة، ومنها ما يقتنيه الإنسان كحيوانات أليفة يعتني بها ويرعاها في بيته، وقد يصل الاهتمام بهذه الحيوانات الأليفة إلى درجة التفضيل على الإنسان نفسه، ولكن بالرغم من مما سبق، قد يؤول مصير الكثير من الحيوانات إلى التشرد والعيش طريدةً في الشوارع، والأزقة، ومكبات القمامة، لتصبح فيما بعد بما بات يعرف باسم حيوانات الشوارع ، وهي ظاهرة تمثل مشكلةً للعديد من الدول والمجتمعات، حيث لم يتم بعد تطبيق الحلول المثلى للحد من هذه الظاهرة ومعالجتها.

طرق رعاية حيوانات الشوارع

الحلول السريعة

عندما تتفاقم مشكلة الحيوانات الشاردة، تلجأ بعض الحكومات والبلديات في كثير من الأحيان إلى حلول سريعة وقاسية، لطالما اعتبرها الكثير من الجمعيات، المعنية بمشكلة حيوانات الشوارع، ممارسات بشعةً ووحشيةً، حيث يتمثل بعض هذه الحلول في إلقاء الأطعمة المسممة لكي تتناولها حيوانات الشوارع ثم يتم بعد ذلك التخلص من الحيوانات النافقة، أو عن طريق ملاحقة عناصر أمنية مدربة لهذه الحيوانات الشاردة وقتلها بذخيرة حية، مما يثير دائمًا غضب تلك الجمعيات وكذلك الأفراد المهتمين بهذا الشأن. ولا تقتصر الوحشية والتعذيب على الحكومات والبلديات التي تريد تقليص أعداد حيوانات الشوارع بأية وسيلة ممكنة، ولكن هناك العديد من حالات الإهمال والتعذيب الموثقة لحيوانات الشوارع، والتي قام بها أفراد عاديون لمجرد اللهو والتلذذ بتعذيب الحيوانات، مما ينم عن وحشية وسادية لدى هؤلاء الذين تجردوا من أدنى درجات الرحمة، والرفق، والإنسانية، وكان للكلاب والقطط النصيب الأكبر من هذه الوحشية، إذ أنها تمثل النسبة الأكبر على الإطلاق من حيوانات الشوارع الشاردة، وموقع اليوتيوب الشهير ملئ بمقاطع تعذيب الحيوانات والتعامل معها بكل قسوة ووحشية.

هل هي الطريقة المثلى؟

ولكن ما هي الطريقة الأمثل للتعامل مع حيوانات الشوارع؟ وما هي الحلول التي من شأنها الحد من هذه الظاهرة؟ ماذا تفعل إن صادفت حيوانًا شاردًا في حيّك، أو شارعك، أو منطقتك؟ … قد تقدم لنا إجابات هذه الأسئلة حلولاً من شأنها معالجة ظاهرة حيوانات الشوارع والحد من حالات الإهمال والتعذيب التي تتعرض لها هذه المخلوقات، التي جعلها الله تشعر مثلها مثل الإنسان في ذلك.

رعاية حيوانات الشوارع

لا يغيب على كل ذي عينين أن الطريقة الأمثل للتعامل مع حيوانات الشوارع لا تتمثل في الملاحقة والقتل بالسم أو الأعيرة النارية، بل تحتاج هذه المخلوقات الشاردة إلى الرعاية والاهتمام من قبل الدول والمجتمعات، حكومات، وبلديات، ومؤسسات، وأفراد، فالدول التي تتفاقم فيها هذه الظاهرة تحتاج إلى وضع برنامج فعّال واستراتيجية شاملة للتعامل مع حيوانات الشوارع ورعايتها وتحسين حياتها، ولكن يحتاج تطبيق هذه البرامج والاستراتيجيات إلى دعم على المستوى اللوجستي، والثقافي، والقانوني، فقد لا تتحمل حكومات بعض الدول العبء المادي الذي ينطوي عليه تنفيذ مثل هذه البرامج، ولذلك ينبغي إشراك الجمعيات المحلية الأهلية وكذلك الجمعيات والمؤسسات الدولية المعنية بالرفق بالحيوانات وتحسين حياة حيوانات الشوارع، وقد تكون الثقافات الخاطئة السائدة هي الأخرى عائقًا أمام التطبيق السليم لهذه الاستراتيجيات، وذلك لوجود بعض المجتمعات التي لا تزال تنظر إلى مسألة إنقاذ حيوانات الشوارع ورعايتها، وتحسين حياتها، على أنها درب من دروب الرفاهية غير الضرورية، ولذلك من الأهمية بمكان بذل جهود للتوعية الثقافية التي ترمي إلى التعريف بأهمية الرفق بالحيوانات وتحسين حياتها، ولا سيما حيوانات الشوارع الشاردة. وكذلك من العوائق التي تحول بين تطبيق الاستراتيجيات، التي من شأنها أن تصب في صالح حيوانات الشوارع وترفع من جودة حياتها، استصدار المراسيم وسن القوانين التي يمكن أن تسهل تنفيذ مثل هذه البرامج والاستراتيجيات، وكثيرًا ما تكون أسباب التباطؤ في سن قوانين كهذه مرتبطة بالعائقين السابقين، عدم القدرة على تحمل العبء المادي لتطبيق البرامج والاستراتيجيات اللازمة والأفكار الثقافية التي ترى في الأمر برمته رفاهيةً زائدةً غير ذات نفع، فإن أخذت حكومات الدول، ومؤسساتها، وجمعياتها الأهلية، وأفرادها على عاتقها إزالة جميع هذه العقبات، التي يرتبط بعضها ببعض ارتباطًا وثيقًا، فسنرى تحسنًا كبيرًا في هذا الملف المؤرق.

سن القوانين

من بين الحلول التي من شأنها أن تحسن حياة حيوانات الشوارع، سن القوانين والتشريعات التي تجرم الإهمال في حق هذه المخلوقات الصماء، وتحرم تعذيبها والتعامل معها بقسوة ووحشية، وفرض عقوبات قاسية على من يُقدم على مثل هذه الأعمال المشينة، ولقد أثيرت مؤخرًا ضجات إعلامية كبيرة تستنكر عددًا من حالات تعذيب الحيوانات بقسوة في مصر، ولبنان، وغيرهما من الدول، ولكن لا تزال هذه الحملات الإعلامية مجرد زوابع فناجين، ما لم يتبعها سن قوانين صارمة وفرض عقوبات على من قاموا بهذه الجرائم في حق الحيوانات.

ما يمكنك عمله بنفسك لرعاية حيوانات الشوارع

قد تصادف يومًا ما كلبًا جائعًا ومريضًا في شارعك، أو قد تتعثر قدماك في قطة صغيرة ترتعش من البرد والجوع، ولكنك تقف مكتوف الأيدي أمام هذا الأمر، فليس كل منا لديه المعرفة اللازمة التي تؤهله للتعامل مع حيوانات الشوارع الشاردة، لا سيما إن كانت مريضةً أو صغيرة السن جدًا، أو كبيرة الحجم جدًا، وللأسف يلجأ كثير ممن يتعرضون لمثل هذه المواقف إلى عدم الاكتراث أو المضي في طريقهم وترك الحيوان المسكين دون تقديم أي مساعدة له، وقد لا يكون تبلد المشاعر أو عدم المبالاة هي السبب في ذلك، ولكن يوجد بالفعل من يريدون إنقاذ الحيوانات المسكينة التي تصادفهم في طرقاتهم، ولكن لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا، ويكون التصرف الأمثل في مثل هذه الحالات هو الاتصال بالجمعيات المتخصصة في إنقاذ حيوانات الشوارع ورعايتها، أو بذل القليل من المجهود في التواصل مع شخص ذي خبرة في هذا الشأن، إن لم تتواجد جمعية كهذه بالقرب منك، أما إن كانت لديك المعرفة الكافية للتعامل مع هذه الحيوانات، فلا تتردد في إنقاذها وانتشالها من الظروف القاسية التي تعاني منها، وهنا أود التذكير بحالتين مشهورتين من تراثنا الإسلامي، وهما الرجل الذي دخل الجنة في كلب كان يلهث من شدة العطش فسقاه من بئر في خفه، والمرأة التي دخلت النار في قطة حبستها وعذبتها ومنعت عنها الطعام والشراب.

ينبغي أن تنظر المجتمعات والأفراد إلى حيوانات الشوارع على أنها مخلوقات حية لها مشاعر، وتتألم مثلها مثل البشر في ذلك، ولكنها تعجز عن التعبير عن ألمها أو بث شكواها لغيرها، لذلك ينبغي التعامل معها برأفة ورحمة، وإعطائها الاهتمام الكاف، والعمل على رعايتها وتحسين حياتها، ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف الجهود بين الحكومات، والبلديات، والمؤسسات، والجمعيات الأهلية والمحلية، وكذلك الأفراد من أجل إنقاذ هذه المخلوقات المسكينة، وتقديم الرعاية اللازمة لها، وتوفير ملاجئ مناسبة لها.

مصطفى فؤاد

مصطفى فؤاد برعي، تخرج من كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، يعمل مترجم تقني وقانوني حر، من محافظة سوهاج بصعيد مصر، عمل مدرسًا للغلة العربية والثقافة الإسلامية وعلوم القرآن الكريم في مركزي خالد بن الوليد والسلام الإسلاميين في مدينة كيتو، عاصمة الإكوادور، بأمريكا اللاتينية.

أضف تعليق

أربعة عشر − ثمانية =