تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » الطباعة قديماً : كيف ومتى بدأت فكرة الطباعة الآلية ؟

الطباعة قديماً : كيف ومتى بدأت فكرة الطباعة الآلية ؟

يعتبر الكثير من العلماء أن اختراع الطباعة هو مرحلة فارقة في تاريخ الإنسانية، للفوائد الكثيرة التي قدمتها الطباعة، نتعرف على تطور الطباعة قديماً .

الطباعة قديماً

الطباعة قديماً كانت مكلفة جداً ونادرة وقبلها كانت كل الكتب يجب أن تنسخ باليد حتى يستطيعوا نقلها ووضعها بكذا مكان، وكانت تتكون من مجلدات كبيرة الحجم وهذا يكثر من الغلطات البشرية في نقل الكلمات والجمل مما قد يتسبب في ضياع الكثير من المعلومات، كذلك كانت مكلفة لندرتها ومكتبة مثل بغداد التي احتوت على كنوز فكرية، عندما تم تدميرها ضاع منها الكثير من المجهودات البشرية الفكرية والعلمية وكان على العلماء إعادة اكتشاف ما كان العلماء المسلمين قد اكتشفوه بالفعل. لذلك وجب اختراع الطباعة لسرعة ودقة أكبر في النسخ، فيسهل نشر المعلومة وكذلك عدم ضياعها بسهولة، مما أتاح الفرصة بعد ذلك لتقدم التواصل السريع وإنشاء فكرة الجرائد يبدأ العالم أولى خطواته في التواصل السريع فيما بينه. ومقالي هذا سيعلمك كيف كانت الطباعة القديمة وكيف تطورت لنصل إلى ما نحن عليه اليوم.

كيف كانت الطباعة قديماً ؟

أول أشكال الطباعة قديماً

عرف البابليون والفارسيون والصينيون والمصريون القدماء نوعاً من الطباعة وهي الأختام مصنوعة من الحجر أو العاج أو الطين أو الخشب ومنحوتة بطريقة بارزة، وكانت مميزة لأصحاب الشئون العالية أو التجار وتكون بحفر شكل مميز أو رمز على ظهر ختم أو خاتم باليد، ويغمسه الشخص في الشمع السائل ويثبته على الورقة، بذلك يتم نسخ الصورة كما هي بشكل عكسي، فيمكن اعتبار تلك الحركة نوعاً من الطباعة قديماً.

البداية الحقيقة لطباعة قديماً خاصة في بلادنا العربية

يرتبط دائماً اسم يوهانز جوتنبرج الألماني باختراع آلة الطباعة الحديثة وهذا الكلام صحيح بالنسبة لشكلها المتطور ولكن العالم يغفل عن الدور العربي وبدايات الحقيقية للطباعة خاصة بالأديرة التي كانت تنسخ الكتب الدينية باللغة السريانية والعربية، وفي العموم الطباعة ذكرت بأشكال بدائية في أجزاء كثيرة في أوروبا ولكن الآلة المطورة ليوهانز كانت بداية مشوار الطباعة السريعة بالعالم بمختلف اللغات.

الصين

بداية الطباعة قديماً كانت مع الصين وكانت تعتبر طباعة ميكانيكية لأن الحروف كانت تحفر أولاً بقوالب خشبية ثم تضغط على الورق سنة 200 ميلادياً وأول كتاب بهذا الشكل كان كتاب بوذا المقدس في حدود 970 ميلادياً بألف وثلاثين نسخة، وكذلك أخذوا الكوريون ذلك النمط عنهم ولكن المشكلة كانت في كثرة الحروف المنفصلة فلم تكن طريقة عملية جداً.

أول آلة طباعة

اخترع جوتنبرج أول آلة للطباعة سنة 1436 وكان عبارة عن حروب من المعدن وعليها حبر وتضغط على الورق فكان يجب ترتيب الحروف باليد جنباً إلى جنب فكانت تأخذ مجهود كبير ولكنها بشكل عام كانت تنسخ الورقة الواحدة تلو الأخرى أسرع من النقل اليدوي، ثم يعاد ترتيب الكلمات فتكون ثاني صفحة، وتجمع الصفحات بالأخير لتكوين عدة كتب أو جرائد. ولكن الأمر وقتها اقتصر على الورقات المفردة وأول كتاب كامل لم يطبع سوى بحدود 1450 تقريباً، والجدير بالذكر أن جوتنبرج لم يعرف أبداً الطريقة الصينية وتوقع دائماً أنه أول من فكر بتلك الفكرة في سرعة الطبع والنسخ، وكثيراً ما حاول إخفاء سر آلته ليصبح المتحكم الوحيد وقتها في الطباعة قديماً من منشورات وكتب علمية ودينية ولكن الأمر بالطبع خرج عن سيطرته لينتشر في كل الدول الأوروبية والعربية خاصة عن طريق الدولة العثمانية التي كانت لها المهابة بذلك الوقت.

من بداية 1800 تم اختراع آلات مطورة أكثر فكانت مكونة من الحديد بالكامل، وثم استعملت القوة البخارية في لف الأسطوانات وضغطها بدلاً من القوى البشرية البطيئة، وصحيفة النيويورك تايمز اخترعت مطبعة تعمل بأسطوانتين دوارة وبالقوة البخارية لتطبع أسرع وأسهل وفي كل تلك المحاولات كانت الحروف والكلمات ترتب بطريقة بطيئة ولكن عدد الورق تطور ليصل إلى 20000 نسخة وبالنسبة لذلك الوقت كان الأمر شبه إعجاز.

العرب

بالنسبة إلى العرب فكانوا يروا أن طباعة القرآن الكريم في تلك المطابع الحديثة أمر محرم وفي العموم كانوا يؤمنون بقدسية الحروف العربية، فكانوا يعتمدون على الطريقة الصينية أو طريقة النقل اليدوي، ولكن أول محاولة للطباعة بالحروف العربية كان على يد مارتن روث سنة 1468 عندما ترجم كتاب “برنارد برايدنباخ” عن رحلته إلى الأماكن المقدسة، ومن ثم طبعت في إسبانيا كتاب بعنوان ” وسائل تعلم قراءة اللغة العربية ومعرفتها” سنة 1505، وبعدها طبعت المزامير والتوراة والإنجيل بحروف عربية، وأول مطبعة كانت بتركيا عام 1727 أسسها إبراهيم الهنغاري وانتقلت لحلب ودمشق ولكن الشرط الوحيد هو استخدامها في الجرائد أو الكتب العلمية بعيداً عن القرآن، ولكن الأمر اختلف فيما بعد وسمحوا بطبع القرآن ليكون بمتناول الجميع حول العالم. ويعتبر كتاب “الساعات السواعي” هو أول كتاب كامل باللغة العربية وطبع سنة 1514 تحديداً يوم 12 سبتمبر في فانو الإيطالية.

مصر

لم تدخل الطباعة قديماً إلى مصر سوى مع الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت الذي جلب معه مطبعة حتى تكون بمثابة دعاية له ليحبه المصريون ويطبع عليها منشوراته وإعلاناته، وكانت تعرف بالطابعة الأهلية، وبعد الحملة رجعت إلى فرنسا كما جاءت وظلت مصر بدون مطبعة حتى أيام محمد علي باشا الذي أنشأ مطبعة البولاق عام 1821 ليطبع بها الجريدة الرسمية والكتب العلمية وبداية كتب المدارس والكتب العسكرية وكتب التاريخ والأدب والترجمة من اللغات الأخرى وفي ثمانية أعوام كانت قد طبعت أكثر من 300 كتاب بحوالي نصف مليون نسخة. وأول ما طبعته كان قاموس عربي إيطالي. وفي 1860 أنشئت المطبعة الأهلية القبطية وبعدها بست سنوات أنشأ عبد الله أبو السعود مطبعة وادي النيل الشهيرة.

العراق

في العراق ظهرت الطباعة قديماً بشكل حقيقي سنة 1856 عن طريق الرهبان الدومينيكان ومطبعتهم في الموصل وبعدها ب13 عام أنشأ الوالي مدحت باشا مطبعة الولاية وكانت تطبع باللغة العربية والتركية.
في اليمن تأخرت حتى 1877 عن طريق السلطان عبد الحميد الثاني بهدف طباعة الصحيفة، وكانت تهتم بالأحداث العالمية والأمور السلطانية والاختراعات العلمية فقط.

لبنان

أما في لبنان فالأمر يختلف لأن الطباعة دخلتها مبكراً على يد الرهبان في أديرة مثل دير قزحيا ودير مار يوحنا الصايغ ومطبعة القديس جاورجيوس والمطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين بالإضافة إلى مطبعة بطرس البستاني وهؤلاء كلهم من 1610 إلى 1867 فقط وهذه الكثرة جعلت من شغل المطابع كثير في الإنتاج الأدبي والعلمي وكتب الإنجيل والمزامير وترجمتهم بالعربية والسريانية.

سوريا

سوريا أيضاً كانت الطباعة قديماً بها كثيرة ومتنوعة بين طباعة على يد الرهبان ومطبعة حلب القديمة والمطبعة الحجرية ومطبعة جريدة الفرات. أما فلسطين فدخلتها الطباعة 1830 وكانت تطبع بالعبرية، لكن الأردن تأخرت كثيراً حتى بعد الحرب العالمية الأولى، وكذلك عمان عام 1922 بمطبعة خليل نصر. والمملكة العربية السعودية لم تعرف الطباعة أيضاً حتى عام 1909 وكانت تسمى مكتبة شمس الحقيقة وكانت ترسل إلى مصر بمطبعة البولاق بعثات حتى يتعلموا فن الطباعة السريع.

أخيراً عزيزي القارئ بعد دخول الحاسوب والطباعة الآلية السريعة اختلفت طرق الطباعة قديماً كلياً عن الطرق الميكانيكية أو البخارية إلى استخدام الليزر والحاسوب وسهولة الطبع تصل إلى دقائق بل ثواني، وصغرت حجم المطابع وذاد إنتاجها وجودتها ودخلت مع الوقت طباعة الألوان ثم الصور باستخدام الليزر والمطبعة الحرارية والمطابع الرقمية والحديث منها هو الثلاثي الأبعاد، وتطور الحبر وزها لونه، وأصبح المجهود أقل والجودة أعلى حتى في وضوع الكلمات. والطباعة شيء لا نستغني عنه يومياً في حياتنا ومهما تقدمت الحواسيب والقراءة عليها والنظام الفيديو سيظل للكتاب والورق بين الأيادي يحمل المعنى الحقيقي للكتابة والقراءة.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

18 − 1 =