هل ضاق بنا كوكبنا أخيرًا أم نحن اللذين ضقنا به ذرعًا؟ أم ليس بعد؟! وما زال الأمر مبكرًا على التفكير في الحياة خارج الأرض ! لكن بالنظر للعالم من حولنا وللأرض وهي تعاني الأمرين من عمل بني آدم فيها فالأمر ليس ببعيدٍ لتلك الدرجة التي لا ننظر إليه فيها بعينٍ جادةٍ ونأخذ فكرة لفظها لنا ولفظها آخر أنفاسها في وقتٍ قريب، وإن حدث ذلك أين سيكون المفر؟ إلى أين سنذهب وكيف سنعيش وأيّ كوكبٍ آخر سيقبل بنا؟ نتساءل فيما بيننا وبين أنفسنا بخوفٍ ورهبة هل الحياة على كوكبٍ آخر خيارٌ متاحٌ لنا؟ وإن كان متاحًا فلماذا ما زلنا جميعًا مكدسين على الأرض؟ تحمل الأرض مقوماتٍ لا غنى عنها للحياة من هواءٍ وماءٍ ومقوماتٍ لم توجد على تلك الكواكب المهجورة حولنا فهل بإمكاننا تعبئة الحياة معنا في مركبةٍ فضائية ونقلها إلي كوكبٍ آخر؟ ربما ما زال هناك أمل.
الحياة خارج الأرض : هل سيتحقق هذا الحلم يومًا ما ؟
طموح الإنسان وعلمه بدآ بتجاوز الحدود
كان الإنسان بالأمس ينظر للسماء فوقه فيُعجب بها ويَعجب لها ويُخفي عينيه خلف عدسات الميكروسكوبات المختلفة محاولًا الوصول إلى حقيقة تلك الأجسام اللامعة التي يراها في السماء، محاولًا تخيل شكل الحقيقي ومعرفة طبيعتها ونوعها ودراسة حركتها والتفرقة بين جسمٍ وآخر ومعرفة الثابت والمتحرك والتفرقة بين الذي يشع ضوءًا بنفسه والذي يعكس ضوء الشمس أو نجمٍ آخر، إن الإنسان يوم عرف الفضاء وبدأ بالنظر إلى الخارج كان قد أدرك أنه ليس كبيرًا كما كان يظن وأن أرضه ليست مركز الكون وأنها ليست الوحيدة الهامة في الكون، بمعنى آخر أدرك الإنسان الفرق بين الأرض الصغيرة الضئيلة وبين الكون الواسع الشاسع الذي لو قارنا بين حجمه وبين الأرض لاختفت ولم يعد لها وجود في كنف وجوده الضخم، اليوم وللعجب لم يعد الإنسان ينظر إلى الكون بأنه ذلك المجهول البعيد الفسيح الذي نخشى الضياع فيه رغم أن أرضنا معلقةٌ في قلبه، وإنما وصل العلم بنا لمراحل تبدو مرعبةً من التقدم وصرنا قادرين على جمع كوننا بأكمله على خريطةٍ لا أكثر، لم نعد نكتفي بالمشاهدة من أرضنا ومن خلف أسوار كوكبنا وإنما خرجنا للفضاء وأرسلنا الصواريخ والمركبات والآلات والبعثات بل أرسلنا البشر بأنفسهم للخارج، لم يعد الإنسان وجلًا خائفًا مترددًا ولم يعد جاهلًا متخبطًا في الظلمة، وإنما أضاء لنفسه شعاع علمٍ يهتدي على أثره كي لا يضل، كنا بالأمس نُفكر هل يا ترى هناك آخرون يعيشون في الخارج؟ لكننا اليوم أصبحنا نفكر في كيف سنعيش وننقل الحياة خارج الأرض ! كيف سنغزو الفضاء!
المريخ هو الوجهة الأولى
عندما تقدمت العلوم وتعرفنا على الكون وعلى مجموعتنا الشمسية بشكلٍ أقرب وعرفنا ما يدور من حولنا وبدأنا بالتفكير في الحياة خارج الأرض خاصةً أن الأرض أصبحت تواجه من الصعوبات ما لا يمكن لنا أن نتخيله وصرنا حملًا ثقيلًا عليها نهدد وجودها ووجودنا بالهلاك كان أول ما توجه له الإنسان بنظره هو كوكب المريخ، الكوكب الأقرب لنا في المجموعة الشمسية والذي تُروى عنه الحكايات وتُحاك حوله الأساطير، قيل أن كوكب المريخ يحمل آثار حياة أو يحمل بمعنى أدق آثار مقوماتٍ للحياة وأن سطحه كان منذ ملايين السنين أرضًا خصبةً صالحةً للحياة عليها لكنها تغيرت وتبدلت ولم تعد كما كانت وصارت أرض الكوكب المهجور الأحمر الذي نراه الآن، ومن ناحيةٍ أخرى نظر بعض العلماء نظرةً مختلفةً وجديدة حيث قالوا أننا في الأصل كنا مريخيين وعاش الإنسان قديمًا على المريخ قبل أن ينهار بهم الكوكب ويلفظهم فانتقلوا للأرض ومن هنا بدأت حياة البشر الأرضية، قصةٌ قد تبدوا خياليةً محضة لكن العلماء المؤمنين بها لهم من الأدلة والآراء ما يقنعهم ويقنع بعضًا من الناس معهم برغم ميل الإنسان وواقعه وتاريخه لاستبعاد تلك الفكرة، لكن الخلاصة أن كوكب المريخ في كل الأحوال حمل إشاراتٍ بالحياة فكان السؤال إن كان الكوكب حمل الحياة في الماضي فهل نحن عاجزون عن إعادة الحياة إليه مرةً ثانية؟ وبدأت الخطط بالفعل منذ عام 2013 والمُخطط له أنه بحلول عام 2023 سيهبط أول مجموعةٍ من البشر على المريخ ليعيشوا هناك للأبد وبحلول عام 2033 سيصل عدد البشر الذين يستوطنون المريخ 20 شخصًا.
هل اكتفينا بكوكبين؟
الأرض لنا والمريخ في طريقنا لاستعماره فهل اكتفينا بهذين الكوكبين؟ لا يبدو أن الإنسان قادرٌ على الاكتفاء عندما يريد ولا يرده سوى موته ليأتي من بعده شخصٌ بنفس جنونه وشغفه يكمل مسيرته وهلم جر، سنة الحياة وفطرة الإنسان التي فُطر عليها لا يد لنا في ذلك، لكن الإنسان فعلًا لم يكتفِ بالكوكبين الذين في يده صحيحٌ أنه لم يستطع الوصول بقديمه لأبعد من ذلك لكن آلاته الجبارة وعلمه الواسع كانوا قادرين على الخروج لأبعد من ذلك ونقل الحقائق والأخبار لا من خارج مجموعتنا الشمسية فحسب وإنما من خارج المجرة بأكملها، المجرة التي اكتشفنا أنها هي بدورها ليست سوى نقطةٍ في بحر الكون الواسع كله، وجد الإنسان مجراتٍ أخرى وعرف شموسًا جديدةً غير شمسنا بل وأكبر منها تلك التي حسبناها مركز الكون عرفنا أنها مجرد نجمٍ من الحجم المتوسط بل وأقل من المتوسط أيضًا، وأن نجومًا أخرى عملاقة تدور من حولها ملايين الملايين من الكواكب، بدأن بالبحث والنظر والتأمل ووجدنا كواكب أخرى غير كوكبنا الأرض يصلحون للحياة، كواكب تصلح لتكون أرضًا جديدةً لنا إن قررت أرضنا الرحيل، بل ربما نتساءل سؤالًا بيننا وبين أنفسنا.. هل توجد حياةٌ فعلًا سبقتنا على تلك الكواكب؟
كواكبٌ أخرى
كان أكثر كوكبٍ مناسبٍ وجدناه من أجل الحياة خارج الأرض هو كوكب كبلر 186 الذي وجدناه خارج مجموعتنا الشمسية حيث يقع الخامس في مجموعته الشمسية بينما صرح العلماء بأن ظروفه الحياتية مناسبةٌ بشدة للحياة وتشابه ظروف الأرض، يوجد أيضًا كلٌ من كوكبي كبلر 62 إي وكبلر 62 إف اللذان يدوران حول النجم كبلر ووجدت عليهما أسباب الحياة ورجح أنهما صالحان لحياة البشر، لم تكن تلك الكواكب هي الوحيدة التي وجدها الإنسان صالحةً للحياة وللإعمار لكنها ببساطةٍ تحمل مشكلةً واحدة وهي البعد عن كوكبنا بمئات السنين الضوئية ما يجعل فكرة الانتقال إليها الآن أو في وقتٍ قريبٍ فكرةً صعبة المنال، لكنها تظل حلمًا يداعب الخيال ويرفع من سقف الطموحات والآمال.
هل نَستعمر أم نُستعمر أولًا؟
السؤال الذي حير الجميع وأتعب الأدباء وكتاب روايات الخيال العلمي وأضنى العلماء بحثًا وتمحيصًا بلا إجابةٍ واحدةٍ شافية، إننا ببساطة نبحث عن الحياة ولا توجد صورةٌ من صور الحياة تُسمى حياةً خاصةً بالبشر فحسب وإنما هي حياةٌ كاملةٌ لكل كائنٍ حيٍ يتنفس الهواء ويشرب الماء، رغم وجود الخيال القائل بوجود كائناتٍ حيةٍ أخرى تعيش في ظروف قد لا يستطيع البشر الحياة فيها في الفضاء مثل كون السمك يعيش في الماء والإنسان يعيش في اليابس، لكن ذلك لم يتم إثباته حتى الآن فنعود لسؤالنا، إن كنا نبحث عن الحياة فمن البديهي أن نتساءل إن كان هناك كوكبٌ يصلح للحياة ككوكبنا فهل هو فارغ؟ ولماذا لم يسبقنا إليه أحد؟ ولماذا لا يعيش عليه أحدٌ من الأساس؟! أم أن هناك آخرين يعيشون بعيدًا عنا؟ وهل وصلت علومهم للتقدم الكافي ليعرفوا بوجودنا أم لا؟ هل سنهبط يومًا على كوكبٍ نريد غزوه فنجد عليه أحياءً آخرين؟ أم سيهبطون هم على كوكبنا ليفاجئوا بنا؟
أضف تعليق